الثقة الدولية.. «رأس الحكمة» والانتقال لسعر صرف مرن يجبران مؤسسات التصنيف الدولية على إعادة ترتيب نظرتها لاقتصاد مصر

السبت، 11 مايو 2024 08:00 م
الثقة الدولية.. «رأس الحكمة» والانتقال لسعر صرف مرن يجبران مؤسسات التصنيف الدولية على إعادة ترتيب نظرتها لاقتصاد مصر
هبة جعفر

- «فيتش» وأخواتها: الاقتصاد المصرى يسير فى المسار الصحيح ويعمل على زيادة الاستثمارات الأجنبية وجذب المزيد من المستثمرين

- خبراء: ثقة المؤسسات الدولية أمر يحسب للقيادة السياسية وما تتحلى به من حكمة فى إدارة الملفات الاقتصادية وسط تحديات صعبة
 
دفعت قوة الاقتصاد خلال الأشهر القليلة الماضية، المؤسسات الاقتصادية الدولية العالمية للإشادة بقدرته على التحول السريع، وقلب الأوضاع من التخبط والتراجع إلى إعادة ترتيب الأوراق وتحقيق المكاسب وارتفاع المؤشرات الاقتصادية.
 
منذ شهر يناير الماضى، بدأت المؤسسات الدولية فى تعديل نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصرى من مستقرة إلى إيجابية، وتعديل التصنيف الائتمانى، وأعلنت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتمانى، تعديل النظرة المستقبلية للاقتصاد المصرى من مستقرة إلى إيجابية، وأبقت تصنيف مصر عند «-B»، مشيرة إلى انخفاض مخاطر التمويل الخارجي، وقوة الاستثمار الأجنبى المباشر، مدعومة بتراجع أخطار التمويل الخارجى على المدى القريب بسبب الإجراءات الاقتصادية التى اتخذتها الدولة وصفقة تنمية منطقة «رأس الحكمة»، والانتقال إلى سياسة سعر صرف مرنة، وتشديد السياسة النقدية، وأشارت إلى التمويل الإضافى من المؤسسات المالية الدولية لمصر، وعودة تدفقات غير المقيمين إلى سوق الدين المحلية.
 
وذكرت فيتش أن الاستثمار فى «رأس الحكمة» يؤكد قوة الدعم المالى الذى تقدمه دول مجلس التعاون الخليجى لمصر، ولدى وكالة «فيتش» ثقة أكبر إلى حد ما فى أن مرونة سعر الصرف ستكون أكثر استدامة مما كانت عليه فى الماضى، وإضافة إلى ذلك فإن الخطوات الأولية لاحتواء الإنفاق خارج الموازنة من شأنها أن تساعد فى الحد من أخطار القدرة على تحمل الدين العام فى مصر.
 
وفى مارس الماضى، رفعت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتمانى نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية، مؤكدة أن التوقعات الإيجابية تعكس وجهة النظر بأن تحديد قوى السوق لسعر الصرف سيساعد فى تعزيز الناتج المحلى الإجمالى لمصر.
 
سبقها بأيام إعلان وكالة موديز للتصنيف الائتمانى أنها قررت تعديل النظرة المستقبلية لمصر إلى إيجابية مؤكدة تصنيفها عند CAA1، موضحة أن التغيير فى النظرة المستقبلية للاقتصاد المصرى يعكس الدعم الكبير الذى تم إعلانه والخطوات الملحوظة التى تم اتخاذها على صعيد السياسة النقدية منذ شهرين.
 
وأشاد صندوق النقد الدولى، بأداء الاقتصاد المصرى، وما أظهره من قدرة على الصمود واستيعاب التداعيات السلبية الناجمة عن جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، أخذا فى الاعتبار الرؤية التنموية التى تسعى الدولة المصرية لانتهاجها تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، من أجل مواصلة تحسين المؤشرات الكلية للاقتصاد المصري، ومن ثم تطلع صندوق النقد الدولى إلى مواصلة علاقات التعاون المتميزة مع مصر ودعمه للإصلاحات الاقتصادية بها.
 
وأكد صندوق النقد إنه من المتوقع أن يرتفع حجم الاحتياطى الأجنبى لمصر إلى 61.7 مليار دولار خلال العام المالى 2028 - 2029 ارتفاعا من 45.8 مليار دولار أرصدة متوقعة فى العام المالى 2024 - 2025 لافتا إلى أن حجم أرصدة الاحتياطى الأجنبى لمصر بلغ 32.8 مليار دولار خلال العام المالى الماضى 2022 – 2023، إنه من المتوقع أن يحقق الاقتصاد المصرى نسبة نمو 5.6% خلال العام المالى 2028 - 2029 ارتفاعا من 4.4% متوقعة فى العام المالى 2024 - 2025 لافتا إلى أن الاقتصاد المصرى حقق نسبة نمو فى الناتج المحلى الإجمالى 3.8% خلال العام المالى الماضى 2022 - 2023.
 
وأكدت كل الإشادات الدولية وتحسين التصنيف الائتمانى على أن الاقتصاد المصرى يسير فى المسار الصحيح ويعمل على زيادة الاستثمارات الأجنبية وجذب المزيد من المستثمرين، والتعاون وعقد الشراكات مع المجتمع الدولى والمؤسسات المالية العالمية، حيث تم تأكيد الثقة فى كل الإجراءات الاقتصادية المتعلقة بتوحيد سعر الصرف وتسهيل كل العقبات أمام المستثمرين لدعم الاستثمار والنمو.
 
وقال الدكتور عز حسانين، أستاذ التمويل، أن تقرير وكالة «فيتش» العالمية الأخير والذى أشاد بأداء الاقتصاد المصرى وقدرة الحكومة المصرية على احتواء الصدمات والأزمات العالمية وتعديل النظرة المستقبلية للاقتصاد المصرى من سلبية إلى إيجابية، أمر يحسب للاقتصاد المصرى فى ظل القيادة السياسية وما تتحلى به من حكمة فى إدارة الملفات الاقتصادية فى ظل التحديات الراهنة، مشيرا إلى إشادة صندوق النقد الدولى بالبرنامج الإصلاحى الاقتصادى وما حققه من نتائج ملموسة على أرض الواقع، كما اشار إلى الإصلاحات التشريعية لمناخ الاستثمار فى مصر لتشجيع الاستثمار الأجنبي، وقال إن المؤسسات الدولية أكدت فى أحدث تقارير لها أن مشروع تطوير رأس الحكمة يمكنه تغطية الفجوات التمويلية على مدار 4 سنوات مقبلة، ومن ثم تتحول المؤشرات الاقتصادية لصالح مصر، موضحا أن الصفقة تضمنت تنازل الإمارات عن الودائع الخاصة بها لدى البنك المركزى والبالغة 11 مليار دولار، ما يؤدى إلى انخفاض الدين الخارجى لمصر ويقلل الضغوط على الحكومة، ويسهم فى ارتفاع التصنيف الائتمانى للديون السيادية، ما يعمل على إصدار سندات خزانة بعائد أقل، على مدار الفترة القليلة القادمة.
 
وأكد «حسانين» لـ«صوت الأمة»، أن الأمر لم يتوقف عند بنك جولدن ساكس، لكن امتد إلى ارتفاع السندات السيادية المصرية بالدولار لأكثر من 1.3 سنت، ما يعطى لمصر القوة للرجوع مرة أخرى للسندات الدولية، موضحا أن مصر تستطيع إعادة تمويل لبعض السندات مستحقة السداد بتمويلات أخرى وفوائد أقل وفترات زمنية مريحة، كما أن مصر خلال الفترة الماضية كان مؤشر الاقتصاد لا يمكّنها من اختراق الأسواق الدولية والحصول على تمويلات مختلفة من مصادر مختلفة، خاصة فى الأسواق المتخصصة فى السندات، وإن تعديل النظرة المستقبلية لمصر من قبل وكالة «فيتش» خطوة قوية تعزز من تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى مصر، كما أن تخفيض الإنفاق الاستثمارى العام للدولة ووضع سقف له بتريليون جنيه خلال العام المالى المقبل، يساعد فى جذب المزيد من الاستثمارات الخاصة، متوقعا أن تحذو مؤسسات التصنيف الائتمانى العالمية الأخرى نفس الاتجاه بعد الإصلاحات القوية التى تشهدها مصر.
 
وقال الدكتور أحمد معطى، الخبير باسواق المال إن الإصلاحات الاقتصادية عززت خطوة «فيتش»، وهى خطوة مدعومة بفضل الجهود التى بذلتها الدولة خلال الفترة الماضية لجذب المليارات من الدولارات حتى نجحت فى حل أزمة العملة، الأمر الذى أدى إلى استقرار سعر الصرف، والقضاء على السوق الموازية، مشددا على أن نجاح مصر مؤخرا فى التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولى، بمثابة شهادة ثقة فى قدرة الاقتصاد المصرى على التعافى، ورسالة لمؤسسات التصنيف العالمية لتغير نظرتها تجاه اقتصاد مصر.
 
وأكد معطى لـ«صوت الأمة» أن تعديل النظرة المستقبلية يمثل خطوة مهمة لتعزيز تدفق الاستثمارات الأجنبية، كما يسهم فى قوة الاستثمار الأجنبى المباشر، كما أن القرارات التى اتخذتها الحكومة فى الآونة الأخيرة بالتعاون مع البنك المركزى ساهمت بشكل كبير فى تغيير نظرة كثير من المؤسسات الدولية لمصر، وتوقعها المزيد من التحسن فى الوضع الاقتصادية ورسالة قوية للعالم بأن مصر ليس لديها أى مشاكل فى سداد التزاماتها سواء فى الأجل القصير، أو المتوسط، موضحا أن حالة الاستقرار التى تشهدها مصر حاليا وسط عالم متغير، انعكس على جذب استثمارات أجنبية مباشرة، مشيرا إلى صفقة استثمارات رأس الحكمة والتى أعقبها العديد من الاستثمارات المباشرة التى أثرت بقوة على نمو الاقتصاد المصري، منوها بأن كل ذلك يعد انعكاسا للخطوات الاقتصادية التى اتخذتها الحكومة خلال الأيام الماضية الداعمة للاقتصاد الكلي.
 
وقبل أيام أعلنت الحكومة المصرية تعديل توقعاتها لعجز الموازنة الكلى خلال العام المالى الحالى 2023-2024 إلى 3.95% من توقعات سابقة عند مستوى 7.7 %، بعد تحصيل 12 مليار دولار لصالح الخزانة العامة من صفقة «رأس الحكمة»، ورفعت توقعاتها لتحقيق فائض أولى بواقع 5.75 فى المئة خلال العام المالى 2023/2024 من توقعات سابقة عند 2.5%.
 
فى تعليقه على قرار وكالة «فيتش»، أكد وزير المالية الدكتور محمد معيط أن الاقتصاد المصرى بدأ بصورة تدرجية استعادة ثقة مؤسسات التصنيف الدولية، بمسار أكثر تحفيزا للانطلاق لآفاق أكثر إيجابية واستقرارا، من خلال انتهاج السياسات الاقتصادية الإصلاحية والمتطورة والمتكاملة والمستدامة، وأوضح أن تخفيض الإنفاق الاستثمارى العام للدولة ووضع سقف له بنحو تريليون جنيه «20.833 مليار دولار» خلال العام المالى المقبل، يساعد فى جذب مزيد من الاستثمارات الخاصة. وأشار معيط إلى أنه عقب تغيير «فيتش» نظرتها لمستقبل الاقتصاد المصرى من «مستقرة» إلى «إيجابية» وتثبيت التصنيف الائتمانى عند مستوى – B، فإن الحكومة المصرية تتطلع إلى استمرار العمل بقوة لتحسين التصنيف الائتمانى للبلاد للأفضل خلال المراجعات المقبلة قبل نهاية العام الجارى.
 
وقال وزير المالية إن الاقتصاد المصرى بات يملك قدرة أكبر على تلبية الحاجات التمويلية المستقبلية وسط التحديات العالمية والإقليمية الصعبة، المترتبة على الحرب فى أوروبا، والحرب فى غزة، والتوترات بمنطقة البحر الأحمر، وأكد أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والحزم الداعمة من مؤسسات التمويل وشركاء التنمية الدوليين وتدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر الأخيرة والمتوقعة خلال الفترة المقبلة، تعزز الاستقرار والتقدم الاقتصادى، إذ تسهم فى تخفيف حدة الضغوط التمويلية على المديين القصير والمتوسط، مشددا على استمرار الحكومة المصرية فى مسار تحقيق الانضباط المالى، إذ تستهدف فى الموازنة الجديدة للعام المالى المقبل تسجيل فائض أولى بنسبة 3.5 فى المئة، وخفض معدل الدين إلى 88.2 فى المئة من الناتج المحلى الإجمالى، فى ظل وجود سقف ملزم للدين العام، والنزول به إلى أقل من 80 فى المئة من الناتج المحلى بحلول يونيو 2027.
 
وقال الدكتور سمير صبرى، مقرر لجنة الإستثمار المحلى والخاص بالحوار الوطني، إن وكالة «فيتش» للتصنيف الائتمانى رفعت نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية، وأكدت فى تقريرها أن لديها ثقة أكبر فى أن مرونة سعر الصرف ستدوم أكثر مما مضى، إلى جانب انخفاض مخاطر التمويل الخارجى، وقوة الاستثمار الأجنبى المباشر، وذلك يعكس مدى تقدم الاقتصاد المصرى عالميا، واستعادته لثقة المستثمرين الأجانب وفقا لشهادة الوكالة الدولية، مشيرا إلى أن قرار وكالة فيتش للتصنيف الائتمانى يؤكد أن الاقتصاد المصرى يسير فى الطريق الصحيح، مضيفا أن تحسن التصنيف الائتمانى لمصر بسب عدة عوامل استندت إليها الوكالة، ومنها مشروع رأس الحكمة مع الإمارات، والانتقال إلى سياسة سعر صرف مرنة، وتشديد السياسة النقدية، فضلا عن التمويل الإضافى من المؤسسات المالية الدولية، إلى جانب عودة تدفقات غير المقيمين إلى سوق الدين المحلية.
 
وأكد الدكتور سمير صبري، على أن قرار وكالة فيتش للتصنيف الائتمانى يشير إلى شهادات تعطى رسائل طمأنة لكل المؤسسات الاخرى للاستثمار داخل مصر وماذا سيحدث خلال الفترة المقبلة، وهى رسالة قوية أن الاقتصاد المصرى يسير نحو الأفضل، موضحا أن فى ظل تحديات اقتصادية كبيرة تمر به الدولة المصرية، وذلك متأثرة من الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة شأنها فى ذلك شأن جميع دول العالم، مشيرا إلى أن القرار يدعو للتفاؤل وبمثابة دعاية للاقتصاد المصرى بصورة مجانية، لأن تغيير التصنيف يساعد على جذب وفتح آفاق استثمارية جديدة داخل مصر.
 
واستطرد الدكتور سمير صبرى: «الثلاث سنوات الماضية كانت صعبة، لكن القادم أفضل لأن الحكومة قامت ببذل مجهود ضخم فى آخر 10 سنوات لتهيئة مناخ الاستثمار، وخلال الفترة المقبلة من 6 أشهر حتى سنة سيتم تعديل نظرة التقرير تجاه الاقتصاد المصرى لدرجة أعلى، وهذا معناه تقليل تكلفة التمويل الأجنبى والاستثمار الأجنبى فى الأذون والسندات الدولارية المصرية، ما يقلل التكلفة على مصر فى حالة اللجوء لأسواق الدين العالمى وهذا سيشجع المستثمرين الأجانب للاستثمار فى مصر خلال الفترة المقبلة»، موضحا أن هذا مؤشر أكثر من ممتاز، ويعطى دلالة لكل المستثمرين الأجانب فى العالم ولكل المؤسسات الدولية بأن الاقتصاد المصرى يسير فى اتجاه نمو، وأن اقتصادنا واعد ويتمتع بمرونة وقوة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق