هل منحت حماس خدمة مجانية لحكومة الاحتلال لاجتياح رفح الفلسطينية؟

الإثنين، 06 مايو 2024 03:00 م
هل منحت حماس خدمة مجانية لحكومة الاحتلال لاجتياح رفح الفلسطينية؟
محمود علي يكتب:

كل المؤشرات كانت تقول إننا على بعد خطوات قليلة من إعلان التوصل إلى صفقة هدنة بين الفصائل الفلسطينية والإسرائيليين في قطاع غزة، فالأحاديث القادمة من حركة حماس والصحافة الإسرائيلية والمسؤولين المصريين كانت كلها متجهة إلى أننا اقتربنا أكثر من أي وقت مضى للتوصل إلى اتفاق يعيد الهدوء إلى قطاع غزة، إلى أن جاء الهجوم الصاروخي الذي نفذته حركة حماس على معبر كرم أبو سالم.
 
فهجوم حماس الذي أدى إلى مقتل 4 إسرائيليين وفق آخر الإحصائيات، جعل المفاوضات تتعثر؛ ودفع المفاوض الإسرائيلي إلى التحجج به، وربما يؤدى إلى وقف مفاوضات الهدنة بشكل كامل، بل والذهاب إلى أبعد من ذلك والتهديد باجتياح رفح برياً.
 
ففي ظل المحاولات العربية وخاصة المصرية لتقريب وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، جاء القصف على معبر كرم أبو سالم مفاجئ ومستغرب تماماً من حيث التوقيت، فلا خلاف على حق الفلسطينيين في الرد على العدوان الإسرائيلي ومجازره اليومية، ولكن توقيت الرد كشف عن عدم وعي سياسي لحركة حماس.
 
فبعد أن كان المجتمع الدولي رافضاً بشكل واضح لأي اجتياح بري لقطاع غزة بل ويطالب بضرورة وقف إطلاق النار دون شروط مسبقة، والجميع كان يضغط في هذا الاتجاه حتى إن حكومة تل أبيب كانت على بعد خطوات للموافقة على الهدنة، جاء هذا الهجوم ليمنح الإسرائيليين الكثير من الذرائع حتى وأن كانت واهية بالاتجاه نحو تنفيذ الاجتياح البرى لرفح.
 
كما أن هذا الهجوم الحمساوى على معبر كرم أبو سالم، سيدفع المجتمع الدولي إلى النظرة بشكل مختلف للأحداث وربما التعاطف مع الإسرائليين بعد أن تحاول حكومة نتنياهو المتطرفة، أن تستقطب نظرات العطف الدولي لها وأن تستدرج العالم إلى منطقها المزعوم التي تروج له منذ بدء العدوان في حقها بالدفاع عن النفس، فرغم إننا نعلم الصمت والعجز الدولي تجاه الوضع في غزة، بعدم قدرته على وقف الجرائم التي ترتكب يوميا بآلة البطش الإسرائيلية في القطاع، إلا أن هذا المجتمع كان لديه أوراق ضغط كثيرة على الاحتلال تمنعه من تنفيذ الاجتياح البرى لرفح الفلسطينية.
 
"فعملية كرم أبو سالم، قدمت خدمة مجانية وهدية ذهبية لحكومة الاحتلال، لتسقط عنها أشكال "الضغط" العلنية لتأجيل عملية غزو رفح الفلسطينية قدر الممكن، وذهبت لاستدراج غير واضح الهدف المباشر، لكسر تلك الحلقة الضاغطة، التي تشكلت من أطراف عربية ودولية وباتت العنوان الأبرز تحذيرا من عواقبها"، هذا ما قاله وزير المفاوضات الفلسطيني الأسبق حسن عصفور في تصريحاته التي كانت كاشفة وواضحة وعبرت عن مدى الخطأ الذي وقعت فيه حركة حماس في هذا التوقيت.
 
حسن عصفور لم يقف حديثه هنا، ففتح النار على حماس إثر هذا الهجوم، وقال: "كان مفترض من قيادة حماس، بصفتها التفاوضية نيابة عن محورها الفصائلي، ألا تستخف بأقوال حكومة الاحتلال حول رفح الفلسطينية، وألا تضع حسابتها وفق فرضية أن أمريكا لن تسمح له بذلك، أو الضغط العالمي سيمنعه خوفا من جرائم حرب ومجازر إبادة جماعية مضافة، رغم أنه بعد مرور 213 يوما على العدوان الشامل، وما ارتكبه من أفعال لا سابق لها قياسا بالمكان والزمان، دون ان تترك أثرا لكل ما يقال كلاما، في ظل غياب أي وسيلة ردع وتحت حماية أمريكية كاملة".
 
عصفور قال أيضاً إن "عملية كرم أبو سالم جاءت لتكشف أن قيادة حماس تتصرف بعيداً عن القراءة السياسية الدقيقة لتطورات الحرب العدوانية، وبدأ، وكأنها بتلك العملية تستدرج تسريع عملية غزو رفح الفلسطينية، لغايات غير معلنة، ما يضع علامات سوداء على سلوك لن يجلب سوى مزيد من جرائم حرب وإبادة جديدة".
 
وأضاف أن "عملية قصف كرم أبو سالم، حملت كل أشكال "الشبهة السياسية – الأمنية"، خاصة وأن المنطقة من حيث المبدأ لم تكن مسرحا لعمليات عسكرية فلسطينية لمواجهة جيش الاحتلال، لحساسية المنطقة والمكانة، وأثرها على "البوابة" الوحيدة مع مصر خروجا ودخولا سكانا وبضائع، ولذا كانت حالة الغضب علانية وسريعة من أهل رفح وسكان قطاع غزة، وربط بعضهم تلك العملية لحسابات "تجارية"، بعدما انخفضت بشكل كبير أسعار البضائع، ما أدى لخسار المستغلين من أقطاب سلطة حماس، فكان قرار القصف حسابا لصالح فئة دون حساب ضررها الأكبر.
 
ولفت أنه دون الغرق في زاوية الجانب الاستغلالي التجاري، لكنها مثلت رد فعل شعبي سريع على وصف عملية قصف منطقة كرم أبو سالم بالضارة وطنيا، ما سيكون لذلك أثر في رؤية الموقف العام من مسار التطورات اللاحقة للعملية العدوانية على قطاع غزة، وقال إنها عملية عسكرية كشفت أن هناك سلوك عشوائي داخل حركة حماس دون حسابات شاملة، أي كانت الادعاءات المتناثرة، رغم أنها كانت بحاجة لتدقيق أكثر، وحساب السلوك الفردي والعام في ظل توقيت دقيق يتطلب قراءة دقيقة، لكنها أكدت غياب أي رؤية سياسية شمولية لقيادة حماس.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق