شم النسيم.. عيد شاهد على وحدة المصريين

لا يوجد شعب على مستوى العالم لديه عيد عمره آلاف السنين ولا يزال يحفاظ عليه بكل تفاصيله التي كان يفعلها الفراعنة مثل المصريين.

 

هنا أتحدث عن عيد شم النسيم.. تاريخ ثابت منذ آلاف السنين، يحتفل به المصريون كل عام بالطريقة والكيفية نفسها التي احتفل بها أجدادنا القدماء، من السمك المملح (الرنجة والفسيخ) والبيض الملون والبصل، وكلها أطعمة من قلب مصر ومن خير أرضها وبحارها ونهرها، حقا إنها ميزة فريدة لا تتمتع بها إلا مصر الخالدة على مر العصور.

 

والأمر هنا لا يقتصر على الاحتفال فقط، بل إن الأمر يتجاوز ذلك بكثير فهذا العيد يختلف عن أعياد المسلمين والمسيحيين، فهو عيد للجميع تلتئم فيه كافة الطوائف والأطياف لتذوب في شخصية مصر الفريدة، فلا معنى هنا لذكر الدين أو الطائفة، ولا مكان للاختلاف حول موعده، كما أنه لا يعترف بطقوس دينية أو عقائدية ولكن فقط يعترف بوحدة المصريين على يوم يكون شاهدا على تاريخ طويل يمتد لآلاف السنين.

 

شم النسيم عيد حصري على المصريين الذين شربوا من النيل وتعلقوا به في هذا اليوم، لذلك تجد أن أغلب من يخرج في هذا اليوم يلجأ إلى النيل العظيم ليستمد منه ذكريات الأقدمين فيبدو الزمان لا معنى له، فلا تشعر إذا ما كنت لا تزال تعيش في عصر الفراعنة أم في الألفية الثالثة بعد الميلاد.

 

تحسدنا شعوب الأرض كافة على هذه الخصوصية التاريخية، وصدق شاعر النيل حافظ إبراهيم، إذ يقول:

كم ذا يكابد عاشق ويلاقي.. في حب مصر كثيرة العشاق

 

فحقا مصر "كثيرة العشاق" بتاريخها وحضارتها وأصالتها ووحدة شعبها، وقذ ذكر ابن إياس في كتابه الشهير "بدائع الزهور في وقائع الدهور" أن أهم ما تتميز به مصر أن الفتنة لا تعرف أرضها، لذا تجد أهلها في رباط ووحدة إلى يوم الدين.

 

كل عام وأنت بخير ومصر الحبيبة بخير بمناسبة شم النسيم.