أخرستوس أنستي إليثوس أنستي..

الكنائس المصرية تحتفل بعيد القيامة المجيد ونهاية أسبوع الآلام والصوم الكبير

السبت، 04 مايو 2024 06:00 م
الكنائس المصرية تحتفل بعيد القيامة المجيد ونهاية أسبوع الآلام والصوم الكبير
محمد الشرقاوي

اليوم السبت الرابع من مايو، ينتهي أسبوع الآلام، ونهاية الصوم الكبير عند الأخوة المسيحيين، والذي استمر لـ 55 يوما، وغدا الأحد يحتفل الأخوة المسيحيون بعيد القيامة المجيد، إذ يعتبر الصوم الكبير في الكنيسة من أقدس أنواع الصوم، فقد بدأته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الإثنين الموافق 11 مارس 2024، ويختتم اليوم ليلة السبت المعروف بسبت النور أو ليلة العيد، ويحظر في الصوم الكبير تناول جميع المنتجات الحيوانية ومشتقات الألبان أو الأسماك، على عكس صوم الميلاد، ويتكون الصوم الكبير من ثمانية أسابيع.
 
ودُعى صوم الأقباط بالصوم الكبير لأنه يحتوي على 3 أصوام، هى أسبوع الاستعداد والأربعين يوما المقدسة التى صامها السيد المسيح صوما انقطاعيا، وأسبوع الآلام ويمتد إلى 55 يوما، وهو صوم من الدرجة الأولى لا يتناول فيه السمك مثل صوم الميلاد، ووفقا لطقوس الكنيسة الأرثوذكسية فإن موعد هذا الصوم يختلف من عام إلى آخر بحسب تاريخ يوم عيد القيامة المجيد، ويحدد عيد القيامة كل عام بحيث لا يأتى قبل يوم ذبح خروف الفصح أو معه، ولا تحتفل الكنيسة مع اليهود بل يتم الاحتفال فى يوم الأحد التالى لكى يتم الاحتفاظ برمزية أيام الجمعة العظيمة، وأحد القيامة.
 
كل عام، يحتفل الأخوة الأقباط بعيد القيامة المجيد، وهو عيد يعتبر عيد حياة جديدة وعيد الخلود، جرت العادة أن يأتى فى موسم الربيع، حيث يتغير وجه الحقول فتخرج الزهور معطية إحساسا بالحياة الجديدة.
 
فى مقالة له بعنوان: «عيد القيامة وليس الفصح أو الإيستر»، يقول القمص أنجيلوس جرجس، إن عيد القيامة هو الاسم الحقيقى للعيد وليست المسميات الأخرى التى صارت منتشرة فى الفترة الأخيرة ويقولون فيها عيد الفصح أو الإيستر، فالفصح هو عيد يهودى من الكلمة العبرية بسخة وتعنى العبور، ويقول سفر الخروج: قال موسى للشعب هذا اليوم الذى خرجتم من مصر من بيت العبودية.. تخبر ابنك فى ذلك اليوم قائلا من أجل ما صنع الرب تحفظ هذه الفريضة من سنة إلى سنة».
 
وبحسب مراجع مسيحية، نقلها القمص أنجيلوس جرجسكان، فى مقاله الذى نشرته صحيفة الأهرام العام الماضى، فإن لهذا العيد طقوسا مهمة فى ليلة العيد تسمى ليل هسيدر أى الليلة المقررة، فكل عائلة تشترى الخروف ويذبح فى الرابع عشر من نيسان، ويكون هذا فى فصل الربيع ويؤكل كله فى تلك الليلة بطقوس معينة، وحتى اليوم يحاول اليهود أن يذبحوا الخرفان داخل الحرم فى المسجد الأقصى وتحدث صدامات عند باب المغاربة المؤدى إلى حائط البراق.
 
يظن البعض أن عيد القيامة عيد يهودى، لكن سبب اختلاط اسم العيد اليهودي مع عيد القيامة المسيح - وفق المعتقد المسيحي- هو أن السيد المسيح صُلب فى ليلة الفصح، وكما أن خروف الفصح كان رمزا لفداء الشعب اليهودي كان الصليب أيضا فى المسيحية. ولكن بعدما انتشرت الصهيونية المسيحية فى القرن التاسع عشر فى إنجلترا وأمريكا حاولوا نشر بعض المفاهيم التى تخدم المخطط اليهودى فى العالم لتهيئة العقول لقبول فكرة المسيح الذى سيأتى ليحكم العالم من إسرائيل. ومن ضمنها فكرة عيد الفصح على أنه عيد يهودى مسيحى.
 
ما علاقة الإلهة عشتار؟ 
 
على مدار سنوات، اختلطت تهانى عيد القيامة بعبارات أخرى وهى Happy Easter، وEaster، هو الإلهة عشتارمعبودة القبائل الوثنية التى سكنت فى أوروبا وأمريكا قديما، مثل الشعوب الأنجلوساكسون والهون والقوط وكان يُعيد لها أيضا فى الربيع أى فى نفس وقت عيد القيامة.
 
وعشتار هي إلهة الحب والخصب أيضا عند البابليين وعند الفينيقيين وتسمى (عشتارون)، وهى نفسها (إفروديت) عند اليونان، و(فينوس) عند الرومان، وقصتها الأسطورية مرتبطة بأسطورة جلجاميش السومرية التى انتشرت فى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وهى تحكى عن شخص اسمه جلجاميش ثلثاه إله وثلثه بشر قُتل صديقه أنكيدوا، فدفعه الحزن على صديقه للقيام برحلة طويلة يطلب فيها الخلود من الآلهة، واستطاع أن يعود من الموت فأعجبت به الإلهة عشتار، وطلبت منه أن تتزوجه ولكنه كان يعرف أنها إلهة الخصب وتنتقل من عشيق لآخر، فقال لها: من من عشاقك أبقيت على حبه؟ ورفض طلبها فى الزواج منه.
 
ولكن إله المراعى تموز أعجب بها وهى ترقص وتزوجته ولكنه قُتل، فأرادت أن تنقذه فنزلت إلى الجحيم وقدمت قرابين للشياطين كى تخرجه وتعيده للحياة، ولكن حين عادت وتقابلت معه لم يلتفت لها، فذهبت إلى الجحيم مرة أخرى وطلبت من الشياطين أن تأخذ نفس تموز، وعادت إلى الأرض فى عيد الربيع، لذلك كانت القبائل الوثنية تحتفل بها فى عيد الربيع أيضا.
 
وحين دخلت المسيحية إلى هذه القبائل أبقوا على بعض أفكارهم وتقاليدهم بعد مزجها بالمسيحية فصار عيد القيامة مرتبطا بعيد إيستر أو عشتار، ومع الوقت انتهى هذا الارتباط، ولكن الماسونية أعادته مرة أخرى ونشروا فى عيد القيامة التهنئة «Happy Easter»، بل أعادوا تقليد تلوين البيض باللون الأحمر وهو اللون الخاص بنجمة الصباح عشتار عند البابليين، وهذا مختلف عن عادات المصريين القدماء بتلوين البيض فى شم النسيم أو عيد الربيع، لأنهم كانوا يكتبون على البيض أمانيهم ويلونونها بألوان مختلفة حتى يعرفوا كل أمنية من لونها ويضعوها فى سلال خضراء من سعف النخيل ويتركوها فى شرفات المنازل وعلى الأشجار، ثم يحتفلون بالأغانى وهم يحملون السلال ويهزونها بشدة والبيض الذي لا ينكسر تكون هذه الأمنية هي التي ستتحقق.
 
موعد عيد القيامة المجيد؟ 
 
يرتبط عيد القيامة في التاريخ المسيحي الباكر بالديانة اليهوديّة والتقويم العبري، فعيد الفصح اليهودي يبدأ فى 15 نيسان العبرى (خر 12: 6)، ويسوع بحسب إنجيل يوحنا صُلِبَ يوم الجمعة 14 أبربل أى فى وقت إعداد خروف الفصح، وقبل ساعات من حلول المساء والدخول فى يوم العيد، السبت، وأكل الفصح.
 
واحتفل المسيحيّون فى القرن الأوّل وفى بعض فترات القرن الثانى بعيد الفصح يوم 14 أبريل، وارتبطت عندهم كلمة «فصح» آنذاك بموت يسوع وليس بقيامته، ومع الثلث الثانى من القرن الثانى، بدأ المسيحيّون يولون أهمّية أكبر لقيامة المسيح، وبدأت مظاهر الاحتفال بهذا الحدث تتّضح، لكن الانقسامات ظهرت حول تحديد تاريخ العيد واحتدّت النقاشات بين فئتين، فئة أولى بقيت على تاريخ 14 أبربل العبرى ليكون يوم العيد عندها متغيّرا كعيد الميلاد.
 
وتضمّ هذه الفئة كنائس آسيا الصغرى وكيليكيا وسوريا الطبيعيّة وما بين النهرين. لاحقا، شكّل اعتماد العيد بناء على إقرار اليهود تاريخ عيدهم الخاصّ حرجا للمسيحيين ومشكلة لهم، خاصّة مع اختلاف موعد الفصح اليهودى بين يهود الشتات بسبب بُعد المسافات وعدم بلوغهم الخبر، فلجأ البعض إلى حلّ المشكلة بتعيين العيد فى 14 من الشهر المقدونى Artemisios الموافق 6 أبريليس فى التقويم اليوليانى الثابت، كما عيّنت الكنائس فى كابادوكيا بحسب روزنامتها يوم 14 من شهر Teireix، الموافق 25 مارتيوس. وقال العالم August Strobel إن بعض المجتمعات المسيحيّة فى آسيا الصغرى وسوريا وإسبانيا وبلاد الغال وشمال إيطاليا احتفل بعيد القيامة سنويّا فى ذلك التاريخ.
 
أما الفئة الثانية، فوضعت للعيد يوما ثابتا، وهو الأحد على أن يقع مباشرة بعد عيد الفصح اليهودى، وهذا شمل كنيسة أورشليم والإسكندرية، ثمّ روما. ومع الوصول إلى منتصف القرن الثالث، أصبح الاحتفال فى يوم الأحد الأكثر قبولا لدى أكثريّة الكنائس. وفى مجمع نيقيا سنة 325، أُقِّرَ الاحتفال بالقيامة فى يوم الأحد الذى يقع بعد أوّل بدر الربيع، لكن المسيحيين ظلّوا يحتفلون فى أوقات مختلفة لقرون لاحقة بسبب الخلافات الفلكيّة على تحديده.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق