سيناء في عيدها الـ42.. رحلة العبور من ظلام الإرهاب إلى نور التعمير والتنمية (2)

السبت، 27 أبريل 2024 10:00 م
سيناء في عيدها الـ42.. رحلة العبور من ظلام الإرهاب إلى نور التعمير والتنمية (2)
محمد الشرقاوي

- 750 مليار جنيه أنفقتها الدولة في 10 سنوات لتحويل أرض الفيروز إلى مجتمع عمراني متكامل وخدمات شاملة
 
على مدار سنوات، رسخت الدولة المصرية عقيدة «يد تبنى ويد تحمل السلاح»، للذود عن تراب الوطن، وتطهيره من براثن الإرهاب، وتنميته من أجل أبناءه، تنمية تليق بهم، وتحقق حياة كريمة، وتليق بالجمهورية الجديدة.
 
هذه الأيام تحتفل مصر والقوات المسلحة بذكرى تحرير سيناء، وهى الذكرى التى تتزامن مع مرحلة جديدة بتلك الأرض الغالية والمقدسة، وهو اليوم الذى استردت فيه مصر كامل أرض سيناء بعد انسحاب آخر جندى إسرائيلى منها، وفقا لمعاهدة كامب ديفيد، وفيه تم استرداد كامل أرض سيناء عدا مدينة طابا التى استردت لاحقا بالتحكيم الدولى فى 15 مارس 1989، حتى اكتمل التحرير مع رفع العلم المصرى على طابا، والتى تعد آخر بقعة تم تحريرها من الأرض المصرية.
 
تتزامن ذكرى 25 أبريل هذا العام، مع فترة ولاية رئاسية جديدة للرئيس عبدالفتاح السيسى القائد الأعلى للقوات المسلحة الذى قاد جهود مكافحة الإرهاب فى سيناء حتى أمكن دحره بعد 8 سنوات، «مقابل شهداء القوات المسلحة والشرطة المدنية وكذلك مدنيين»، لتتحول شمال سيناء من ظلام إلى نور، وبدأت تشهد مدن العريش ورفح والشيخ زويد وكل القطاعات، التعمير والتنمية والزراعة من جديد.
 
ومثلت مشروعات التنمية رحلة العبور الجديد فى سيناء، وهى تنمية شاملة فى كل القطاعات، فقد لاقت اهتماما غير مسبوق خلال تاريخها منذ 2014 حتى 2023، وأنفقت مصر خلال العشر سنوات الماضية ما يزيد على 750 مليار جنيه على مشروعات التنمية فى سيناء، وقالت وزارة التخطيط والتنمية والاقتصادية، إن جملة الاستثمارات الحكومية بخطة 23/2024 لتنمية محافظة شمال سيناء تبلغ حوالى 6.5 مليار جنيه تُموّل الخزانة العامة منها نحو 44.6% «2.9 مليار جنيه»، ويستحوذ قطاع الخدمات الأخرى على النسبة الأكبر من إجمالى الاستثمارات الحكومية الموجّهة لمحافظة شمال سيناء «نحو 55%»، يليه قطاع التشييد والبناء بنسبة 10.5%، وقطاع الزراعة واستصلاح الأراضى بنحو 6.4%، ثم قطاعات الأنشطة العقارية والخدمات التعليمية بنسب 5.7% و5.3% على الترتيب.
 
وعن جملة الاستثمارات الـمُوجّهة لمحافظة جنوب سيناء، بخطة عام 23/2024 لتنمية محافظة جنوب سيناء تبلغ نحو 5.1 مليار جنيه تُموّل الخزانة العامة منها 47% «2.4 مليار جنيه»، ويستحوذ قطاع التعليم على النسبة الأكبر من إجمالى الاستثمارات بنحو 28.1%، يليه قطاع الخدمات الأخرى بنسبة 23.1%، ثم قطاعا المياه والنقل والتخزين بنسب 15.4% و10.4% على الترتيب، وحول الاستثمارات الـمُوجّهة لمحافظة جنوب سيناء، تصل جملة الاستثمارات الحكومية الـمُوجّهة بخطة عام 23/2024 لتنمية محافظة جنوب سيناء نحو 5.1 مليار جنيه تُموّل الخزانة العامة منها 47% «2.4 مليار جنيه»، ويستحوذ قطاع التعليم على النسبة الأكبر من إجمالى الاستثمارات بنحو 28.1%، يليه قطاع الخدمات الأخرى بنسبة 23.1%، ثم قطاعا المياه والنقل والتخزين بنسب 15.4% و10.4% على الترتيب.
 
انتعاش في قطاع الزراعة
 
فى مجال استصلاح الأراضى أكثر من 450 ألف فدان فى سيناء مركز بحوث الصحراء، والذى يهدف الى استكشاف ودراسة الموارد الطبيعية فى الصحراء المصرية، ووضع خطط استثمار هذه الموارد لتحقيق التنمية المستدامة، كان لها دورا هاما من خلال تنفيذ عدد من المشروعات التنموية بأيادى وعقول باحثيه، على أرض سيناء.
 
ونفذ مركز بحوث الصحراء، والهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، مشروعا لتنمية شمال ووسط سيناء، على مساحة إجمالية تبلغ نحو 456 ألف فدان، تتضمن 36 ألف فدان فى سهل الطينة، و49 ألف فدان فى جنوب القنطرة شرق، و100ألف فدان فى منطقتى رابعة وبئر العبد، و102 ألف فدان فى منطقة جنوب الشوحط، و47 ألف فدان فى منطقة جنوب القنطرة شرق، و 122 ألف فدان فى محور شرق البحيرات الجفجافة، وذلك اعتمادا على مصادر المياه من ترعة الشيخ جابر، ومحطة معالجة بحر البقر، بطاقة إجمالية 7.6 مليون م3/ يوم.
 
ويستهدف هذا المشروع العملاق، دعم البعد الاستراتيجى لشبه جزيرة سيناء، ربط سيناء بمنطقة شرق الدلتا وملء الفراغ السكانى بسيناء، فضلا عن دعم استراتيجية زيادة الإنتاج الزراعى والثروة الحيوانية والسمكية والداجنة، فضلا عن دمج أبناء سيناء فى تجمعات تنموية جديدة تقوم على الزراعة، إضافة الى إتاحة فرص جديدة للعمل والاستثمار الزراعي.
 
وينفذ مركز بحوث الصحراء، عددا من التجمعات الزراعية بشمال وجنوب سيناء، يبلغ عددها 18 تجمعا تنمويا زراعيا بشبه جزيرة سيناء، بواقع 7 تجمعات بجنوب سيناء وعدد 11 تجمعا تنمويا بشمال سيناء، إضافة الى استصلاح ما يقرب من 11 ألف فدان، يتم حاليا إجراء عمليات التسليم للمزارعين من خلال المحافظتين ويستفيد من هذه التجمعات بطريقة مباشرة نحو 2122 أسرة من أبناء سيناء والمحافظات الأخرى بواقع 5 أفدنة بالإضافة إلى منزل بالتجمع السكنى لكل مستفيد برامج عملاقة لدمج أبناء سيناء فى مشروعات التنمية.
 
ووفقا لما أنجزه الجهاز التنفيذى لمشروعات التنمية الشاملة، تم بمحافظة جنوب سيناء توزيع 450 مشروعا، بواقع 180 مشروعا بسانت كاترين و130 مشروعا بالطور و140 مشروعا، بتكلفة 10 آلاف جنيه لكل مشروع، بإجمالى 4.5 مليون جنيه، ويتكون كل مشروع من اثنين من إناث الماعز الشامى الخليط العشار وكمية من العلف.
 
كذلك الحال بمحافظة شمال سيناء، حيث تم توزيع 450 مشروعا، بواقع 183 مشروعا بالعريش والشيخ زويد و135 مشروعا ببالوظة و132 مشروعا ببئر العبد بتكلفة 10 آلاف جنيه، لكل مشروع بإجمالى 4.5 مليون جنيه، ويتكون كل مشروع من اثنين من إناث الماعز الشامى الخليط العشار وكمية من العلف.
 
وشملت خطط واستراتيجيات تنمية شبه جزيرة سيناء أيضا، قطاع الثروة السمكية وتنميتها، حيث نفذت الدولة المصرية مشروعا لتطوير بحيرة البردويل بشمال سيناء، حيث تم رفع كفاءة وتطوير عدد «4 مراسى صيد»، بالإضافة إلى إزالة العوائق الموجودة بها بإجمالى 3500 طن عوائق، وتطهير البواغيز فى المرحلة الأولى، والانتهاء من الدراسات الخاصة بإنشاء قرى للصيادين واتخاذ الإجراءات التنفيذية، كذلك الالتزام بتنفيذ الراحة البيولوجية للبحيرة فى المواعيد المخططة، بتكلفة 120 مليون جنيه.
 
التنمية الصحية
 
وتستهدف الخطة استكمال إنشاء مجمع الطور الطبى بمركز الطور بجنوب سيناء، استكمال تطوير وإنشاء المستشفيات بالمحافظة، تطوير مستشفى شرم الشيخ الدولى «المبنى الهرمى»، وتطوير عدد 2 عمارة سكنية للعاملين بالمستشفى، تطوير المبنى الرئيسى لإسعاف دائرى شرم الشيخ، استكمال إنشاء وتطوير الخدمات التكميلية للمستشفيات العلاجية «مرافق، شبكات، مولدات كهربائية، مصاعد، أعمال استشارية، حماية مدنية» بالمحافظة.
 
بالإضافة إلى أن هناك 50 مستشفى ومركزا صحيا، قامت الدولة المصرية بإنشائها وتطويرها فى فترة وجيزة بتكلفة تجاوزت 4 مليارات جنيه، وهناك 12 مستشفى بالكامل بالإضافة إلى 38 مركزا ووحدة طبية موجودة بتطويرها، كما أن هناك تطويرا شاملا لمستشفى طابا، ومستشفى سانت كاترين، وكذا تم تطوير مستشفى شرم الشيخ الدولي، ومستشفى أبورديس المركزى، والوحدات الصحية.
 
وحتى 2023 أنشأت الدولة 17 تجمعا تنمويا متكاملا لأهالى سيناء، تضم السكن والعمل والزراعة وأنشطة الاستصلاح وكافة الخدمات وتراعى الحالة الثقافية، واهتمت الدولة بالتوسع فى مشروعات الإسكان والمدن الجديدة.
 
كما تم إنشاء قرى الصيادين التى تمثل نموذج تطوير بديل عن القرى التى كانت تمثل مناطق غير صالحة للعيش، والتى يتم استبدالها بمناطق سكن لائق بالكامل تكلف الدولة نحو نصف مليار جنيه، بالإضافة إلى «سكن كل المصريين» فى مدينة العريش أو فى الطور فى سيناء، وتطوير المناطق العشوائية، مثل منطقة «الرويسات» التى تمثل مدينة متكاملة لأهالى سيناء لتكون منطقة مختلفة بحق، ونقلة نوعية لهم، كما أن نصيب سيناء من مدن الجيل الرابع والتطوير هو أربع مدن جديدة تستوعب حتى هذه اللحظة 50 ألف وحدة سكنية بتكلفة وصلت إلى 18 مليار جنيه، وتتمكن من استيعاب، فى مراحلها الأولى 1.5 مليون نسمة.
 
وتعد مدينة الإسماعيلية الجديدة نموذج للمدن الجديدة، وتوصف بأنها «جوهرة» فى شرق القناة، بعد أن نفذتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة على أعلى مستوى، وبها اليوم أكثر من 33 ألف وحدة سكنية وخدمات متطورة، بالإضافة إلى مدينة «سلام» فى شرق بور سعيد التى تشمل إسكانا ومحطات تحلية المياه ومحولات الكهرباء، وكذا المرحلة الأولى من مدينة رفح الجديدة والتى يتوفر بها حالي ا أكثر من 1500 وحدة سكنية.
 
وأوضح تقرير وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية أن الخطة تستهدف إعادة تأهيل وتجهيز مدارس التعليم العام والفنى بالمحافظة، واستكمال إنشاء جامعة سلمان بن عبدالعزيز، بهدف الارتقاء بالعملية التعليمية الجامعية، استكمال إنشاء مجمع الطور الجديد بتوشكى «الابتدائى/ الإعدادى/ الثانوى» بهدف إقامة معاهد أزهرية بالمناطق المحرومة من التعليم الأزهري، واستيعاب المتقدمين للتعليم الأزهرى، إحلال وتجديد مدارس، وإنشاء وتجهيز فصول.
 
وحتى 2023 تم إنشاء وتطوير 151 مدرسة تعليم أساسى تقدم اليوم خدماتها التعليمية لأكثر من 168 ألف طالب، كما أصبح متوسط عدد الطلاب فى الفصول المدرسية لا يتجاور 29 طالبا فى الفصل الواحد، وهناك اهتمام، من البداية، بإنشاء المدارس المتقدمة التى تقدم خدمة تعليمية مميزة؛ مثل المدارس «المصرية اليابانية» التى أصبحت قائمة فى كل مدن سيناء اليوم، مثل الطور، والإسماعيلية الجديدة، والعريش، وشرم الشيخ، بالإضافة إلى مدارس اللغات فى مدينة العريش، وكذا مدارس التعليم الفنى والمدارس الحرفية، وكل تلك النماذج من المدارس تقدم اليوم مستوى تعليميا لائقا ومناسبا لكل شرائح أهالى سيناء.
 
وتشهد سيناء طفرة كبيرة فى التعليم الجامعى، فقبل عام 2014 كان هناك جامعتان فقط، هما: جامعة سيناء الخاصة، وجامعة قناة السويس فرع العريش، ولكن الدولة قامت بإضافة 8 جامعات جديدة بواقع 3 جامعات حكومية وتكنولوجية، و5 جامعات أهلية، وتُعد كل جامعة منها بمثابة مركز تنموى وبؤرة تنمية، ليس فقط على مستوى الجامعة ولكن حولها أيضا، لأنها تخلق نطاقا تنمويا واسعا.
 
شبكة مواصلات عالمية 
 
واشتملت مشروعات التنمية على العديد من المحاور، أهمها إحداث الربط الكامل بين غرب قناة السويس وشرق القناة، أو إقليم القناة، من خلال رؤية متكاملة للربط بمجموعة من المحاور التى تعتبر شرايين التنمية، التى تربط أقصى شرق الجمهورية إلى أقصى غربها، مرورا بمجموعة من الأنفاق والكبارى، التى أصبحت بمثابة روابط عملية التنمية.
 
وشملت التنمية إنشاء 5 أنفاق أسفل قناة السويس بتكلفة بلغت 35 مليار جنيه أضيفت للنفق الوحيد الذى كان قائما وهو نفق الشهيد أحمد حمدى بالسويس، حتى أصبح لدينا 6 أنفاق، بالإضافة إلى 7 كبارى عائمة، فضلا عن مجموعة هائلة من شبكات الطرق التى تم تطويرها فى سيناء التى تتجاوز 3000 كم.
وتضمنت جهود التنمية ربط سيناء مع العالم، من خلال تنفيذ ازدواج الممر الملاحى لقناة السويس، وتطوير وإقامة العديد من الموانئ البحرية والجافة، إلى جانب تطوير المطارات، التى شهدت طفرة هائلة خلال الفترة الماضية.
 
كما تمت إقامة عدد من المطارات الجديدة، منها مطار البردويل الدولى، إلى جانب تنفيذ أعمال التطوير ورفع الكفاءة لعدد آخر من المطارات، من بينها مطار شرم الشيخ الدولى، وسيتم الانتهاء من تطوير مطار سانت كاترين خلال الفترة القليلة المقبلة، لخدمة حركة التنمية السياحية الهائلة التى تشهدها المنطقة حاليا.
 
كذلك إقامة 5 موانئ بحرية وجافة على أرض سيناء خلال الفترة الماضية بتكلفة تجاوزت 44 مليار جنيه، منها ميناء شرق بورسعيد البحري، وكذا ميناء العريش البحرى الذى يتم تحويله إلى ميناء متكامل على أعلى مستوى، إلى جانب ميناء القنطرة شرق البرى، وميناء نويبع البحري، وميناء طابا البرى، بالإضافة إلى ضخ استثمارات حكومية، ليس فقط لزيادة سعة الميناء، ولكن لإقامة مناطق أخرى تنموية وإعادة تأهيل ورفع كفاءة عدد من المناطق المجاورة للميناء.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة