محمود علي يكتب: الملحمة المصرية لدعم أهالينا في غزة مستمرة
السبت، 13 أبريل 2024 08:03 م
مساعدات طبية وغذائية.. ومفاوضات مكثفة للتوصل إلى هدنة.. ومعبر رفح مفتوح بشكل دائم
تنفيذ التوجيهات الرئاسية بزيادة شاحنات المساعدات إلى القطاع لـ300 شاحنة يوميا.. والقاهرة قدمت الخدمات الصحية لألاف الفلسطينيين
الأرقام تتحدث.. مصر قدمت 19952 طن مواد طبية و10435 طن وقود و123 ألف طن مواد غذائية و2023 طنا من الخيام والمشمعات و123 سيارة إسعاف مجهزة إلى غزة
مصر السند والضهر ولا يمكن مساومتها على مصالح الأشقاء العرب، القضايا المركزية في المنطقة، وفي المقدمة قضية فلسطين، فما فعلته القاهرة على مر تاريخها وما تقدمه خلال الشهور الماضية ومنذ أن بدأ العدوان الإسرائيلي على غزة، يعكس المكانة والدور الذي تلعبه الدولة المصرية في سبيل استقرار هذه الأمة، وكما قلنا سابقا "لفلسطين مصر تدافع عنها" على خلفية المرافعة التاريخية التي قدمتها أمام محكمة العدل، والتي كشفت خلالها عن كذب وتدليس إسرائيل وجرائمها في القطاع المحاصر، نقول اليوم إنها "صاحبة المبادئ الأم الكبرى لهذا الشرق المضطرب"، فلم تكن يوما واحدا متخاذلة تجاه أشقائها بل دائما عند مستوى الحدث، وهو ما ظهر في كم المساعدات التي قدمت من خلالها إلى سكان غزة خلال الـ6 أشهر الماضية.
ورغم الأكاذيب وحملات التشويه التي تروج من جانب إسرائيل للنيل من الدور المصري، إلا أن القاهرة كانت قادرة في كل مرة أثبات أنها رائدة في الوقوف بجانب أشقائها الفلسطينيين في محنتهم، موجهة كل طاقتها نحو تقديم يد العون لسكان غزة. إذا كان عن طريق تهيئة الأجواء لإجراء محادثات متوالية من أجل وقف إطلاق النار في القطاع، أو عن طريق تمهيد الطريق لإرسال المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح الدولي لتخفيف حدة المعاناة التي يعيشها أكثر من 2 مليون مواطن، تستهدف آلة البطش الإسرائيلية يومياً مستشفياتهم مراكز إيواءهم، محطات وقودهم، لا أحد في القطاع يسلم من القصف الغاشم وجرائم الإبادة التي ترتكب في هذا المكان، حتى أن موظفي الإغاثة نالوا قسطا من هذه الانتهاكات الغادرة، حيث قتل ما لا يقل عن 7 عاملين في المجال الإنساني مؤخرا أثناء تصعيد الاحتلال الإسرائيلي.
ملحمة تاريخية قدمتها مصر للمساهمة بإرسال المساعدات إلى قطاع غزة. ولم يتوقف الأمر على توصيل المساعدات الغذائية، بل كانت الحصيلة قياسية بعد أن وفرت القاهرة كل سبل الدعم لأهالي غزة المحاصرين، من وقود وسيارات إسعاف ومستلزمات طبية وأطنان من المياه إلى آخره، حيث قدمت مصر ما لا يقل عن 87 % من إجمالي المساعدات التي دخلت إلى القطاع عن طريق المؤسسات والجهات الرسمية أو مؤسسات المجتمع المدني بها، منذ بداية الأحداث الدامية بالقطاع في السابع من أكتوبر الماضى.
توجيهات رئاسية بعلاج الاشقاء الفلسطينيين
في الوقت نفسه دخل إلى مصر من قطاع غزة للعلاج 3764 مصابا ومريضا، ومعهم 6191 مرافقا، و66759 من الرعايا الأجانب ومزدوجي الجنسية، وكذلك 6330 من المصريين، وفقا لما أكده رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، الذي أشار إلى أن الدولة قررت زيادة عدد شاحنات المساعدات إلى الفلسطينيين في غزة إلى 300 شاحنة يوميا على الأقل، ما استقبلت مصر 582 رحلة جوية تقل مساعدات من دول العالم لقطاع غزة منذ بداية العدوان الإسرائيلي، في حين وصل "عدد الشاحنات التي دخلت القطاع من مصر منذ بدء العدوان الإسرائيلي الدموي على الأشقاء في غزة من معبر رفح، بلغ 19354 شاحنة، حملت 19952 مواد طبية، و10435 طنا من الوقود، و123453 طنا من المواد الغذائية، و26692 طنا من المياه، و44103 مواد إغاثية أخرى، و2023 طنا من الخيام والمشمعات، و123 سيارة إسعاف مجهزة".
وقال رشوان إنه "وفقا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، قررت مصر زيادة عدد شاحنات المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية ومستلزمات الإعاشة للأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة بدءا من الأحد الماضي، إلى 300 شاحنة يوميا على الأقل، تدخل إلى القطاع من الجانب المصري عن طريق معبر رفح"، مضيفا أن عدد شاحنات المساعدات، التي دخلت من الجانب المصري إلى مناطق شمال غزة وحدها، خلال الأيام المنقضية من شهر رمضان، قد بلغ 322 شاحنة مختلفة الشحنات الإنسانية والإغاثية.
وأكد ضياء رشوان مجددا على "إصرار مصر على مواصلة جهودها القصوى للإسراع بنقل المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، والسعي الدائم من أجل زيادتها بالقدر المطلوب والمناسب، لمساعدة الأشقاء في قطاع غزة في مواجهة تفاقم الأزمة الإنسانية الخطيرة وغير المسبوقة التي يعانون منها منذ بدء العدوان الإسرائيلي عليهم قبل ستة شهور".
وظلت القضية الفلسطينية أولوية قصوى خلال أحاديث الرئيس السيسي في الشهور الماضية، وفي إطار مواصلة مصر جهودها الدبلوماسية والإنسانية لوقف آلة الحرب الإسرائيلية على غزة، وإدخال مزيد من المساعدات إلى الأشقاء الفلسطينيين في القطاع، وأكد الرئيس السيسي خلال احتفالية وزارة الأوقاف بليلة القدر في مركز المنارة الدولي للمؤتمرات بالقاهرة الجديدة، الأسبوع الماضي، "تضامن مصر مع أشقائنا الفلسطينيين في قطاع غزة"، مشددا على أن "مصر لن تتوانى عن بذل أقصى الجهد لإيقاف القتال والعمل على إنفاذ المساعدات إلى القطاع وقد أكد الرئيس السيسي موقف مصر الراسخ بالسعي بلا كلل أو ملل نحو حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وتعكس تصريحات الرئيس الذي لم يفوت مناسبة إلا ويستغلها للتأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، إن فلسطين قضية مصر الأولى، ومحور اهتمام الدولة المصرية، ليس على مدار الأيام الحالية فقط وإنما على مر التاريخ، وأن الملحمة التي تقدمها مصر على المستوى السياسي والإنساني الآن تأتي استكمالا للدور التاريخى الكبير لمصر وشعبها فى دعم حقوق الفلسطينيين لإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، حيث تشكل مصر ركيزة أساسية ورمانة ميزان للأمن فى منطقة الشرق الأوسط والإقليم بأكمله.
توصيل الوجبات جاهزة لاهالى غزة
استكمالاً للدور الإنساني المحوري الذي تقدمه مصر في إطار تخفيف معاناة أهالي غزة، عمل متطوعو الهلال الأحمر المصري بالتعاون والتنسيق مع الهلال الأحمر الفلسطيني في نقل المساعدات، وتوصيل وجبات جاهزة خاصة بالإفطار والسحور يوميا خلال شهر رمضان المبارك، بعد أن يتم تجهيزها بالمطبخ الإنساني على مدار الساعة، ونقلها يومياً عبر الجسر البري الرابط بين المراكز اللوجيستية للهلال الأحمر المصري وقطاع غزة، حيث يقوم المتطوعين داخل هذا المطبخ المقام في مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء، بطبخ وتجهيز الوجبات وتغليفها ثم تنقل علي شاحنات لتعبر من معبر رفح وتصل لقطاع غزة للمناطق المستهدفة برفح ومناطق النزوح والمخيمات التي تضم الأسر المشردة بعد إبادة إسرائيل مناطق بأكملها، كما تمت الموافقة على التعاقد مع السفارة الفرنسية لتقديم سلات غذائية كمساهمة فى المطبخ الإنساني بالشيخ زويد، والاستعداد لإنشاء مخزن جمركى فى مدينة العريش بالمنطقة المخصصة لذلك الغرض.
وساهمت مؤسسات المجتمع المدني الخيرية مع الهلال الأحمر المصري في توفير جانب من الاحتياجات والوجبات خلال شهر رمضان، فيوميا تم توفير 10 الاف وجبة إفطار و20 ألف وجبة سحور، و40 ألف رغيف خبز طازج تم إرسالها إلى قطاع غزة عبر ميناء رفح البري، وشملت وجبات الإفطار لحوم أو دواجن طازجة، والسحور معلبات من الفول ومختلف أنواع الأجبان، بالإضافة إلى الحليب والسكر ومختلف أنواع السمن والزيت وأساسيات المطبخ فى الطهي، كما تم توفير كل الوجبات التي يحتاجها مرافقي الجرحي والمصابين الذين يتلقون العلاج بالمستشفيات بشمال سيناء، وكذلك العالقين أبناء قطاع غزة الذين وفرت لهم الدولة استراحات مجهزة بمنطقة السبيل غرب العريش، ومن يتم استكمال شفاؤهم بعد رحلة العلاج ويتواجدون في مدينة بئر العبد والشيخ زويد والعريش.
وكثف متطوعون بشمال سيناء من أنشطتهم لتوفير احتياجات الجرحى والمرافقين لهم، الذين يتم استقبالهم يوميا عبر معبر رفح ويتلقون العلاج بمستشفيات العريش العام والشيخ زويد المركزي وبئر العبد التخصصي ونخل المركزي، وقال اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء، إن هذه الوجبات خصصت للأسر النازحة في قطاع غزة، وتجهز بمركز الإمداد الغذائي بالمطبخ الإنساني بمدينة الشيخ زويد بشمال سيناء، بمعدلات إنتاج 16 ألف وجبة إفطار وسحور يوميًا مخصصة لأبناء قطاع غزة، وطهي 40 ألف رغيف خبز طازج عن طريق خط إنتاج الخبز بالمركز تنقل مع الوجبات، فضلًا عن تجهيز السلات الغذائية، وإيصالها إلى النازحين في قطاع غزة، موضحا أن مركز الإمداد الغذائي يدعم جهود الهلال الأحمر المصري في توفير الاحتياجات الأساسية للأسر الفلسطينية المتضررة من الأزمة الحالية بقطاع غزة، ويأتي مع استراتيجية الهلال الأحمر المصري لتوسيع نطاق خدماته الإنسانية وتلبية احتياجات التغذية للأسر الفلسطينية في ظل الظروف الحالية.
وتشير بيانات الهلال الأحمر المصري الرسمية، إلى أنه بدأ العمل في المطبخ منذ بداية شهر رمضان تحت شعار "مطبخ إنساني يُطعم أملًا"، ضمن خدمات مركز الإمدادات الغذائية لدعم غزة التابعة للهلال الأحمر المصري وداخله لا تتوقف عجلة العمل لحظة واحدة، وينقل رسالة إنسانية نبيلة مفادها "ليست فقط إطعام ولكن لإسعاد القلوب، وتقديم يد العون في ظل الظروف الصعبة".
وسبق وأن أكد الهلال الأحمر الفلسطيني، أن طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني استكملت بالشراكة مع الهلال الأحمر المصري المرحلة الثانية من المخيم المصري لإيواء النازحين في منطقة خانيونس، حيث تم إقامة 139 خيمة وتسكين 139 عائلة فيها، فيما جرى الانتهاء من إقامة المخيم الثانى لإيواء النازحين بقطاع غزة في ذات المنطقة، ويضم المخيمين الأول والثانى أكثر من 250 خيمة يأوى إليها 6 آلاف شخص.
وقال المهندس محمد حسن مسئول الاستجابة عن العمليات داخل قطاع غزة من الهلال الأحمر المصرى، إن الهلال الأحمر المصرى منذ أن بدأ فى الاستجابة فى بداية الاعتداء على قطاع غزة وهو يقدم الخدمات عن طريق إيصال المساعدات وتجهيزها واستقبالها وإدخالها إلى قطاع غزة، لكن مع تطور الأحداث، موضحا انه سبق وبدأ العمل فى إنشاء أول مخيم داخل قطاع غزة يتسع لـ 7 آلاف شخص كمرحلة أولى، و تقديم كل التجهيزات من الهلال الأحمر المصرى ومن الدولة المصرية، ويقوم الهلال الأحمر المصرى بتقديم كل الخدمات اليومية الحياتية والإغاثية المطلوبة من طعام وغذاء للمقيمين بالمخيم وحتى انتهاء الأزمة.
ملحمة اسقاط المساعدات جويا
ملحمة أخرى قدمتها مصر من خلال تكثيف الجهود لإسقاط عدد كبير من المساعدات الغذائية والطبية والإنسانية عبر الجو على سكان شمال قطاع غزة، سعياً من مصر للوقوف مع الفلسطينيين في المعاناة التي يعيشون فيها جراء الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يمرون بها، وجاءت الجهود المصرية التي تمت بالتنسيق مع عدد من الدول العربية لإسقاط المساعدات الغذائية إلى شمال القطاع، نظراً لانهيار البنية التحتية وتدمير الطرق الرئيسية التي تمنع وصول الشاحنات بشكل بري إلى الشمال، لتعكس من جهة حرص مصر على توصيل المساعدات إلى أهالي غزة بأي طريقة كانت، ومن جهة أخرى مدى كذب الاحتلال الإسرائيلي الذي ادعى أمام محكمة العدل الدولية تعطيل مصر للمساعدات، في إطار حملته تشويه الدور المصري المهم الذي تقوم به منذ بدء العدوان في أكتوبر الماضي.
وتعمدت إسرائيل إطلاق أكاذيبها أمام محكمة العدل الدولية حول الدور المصري؛ من أجل تبرير جرائمها وخططها الخبيثة، في تهجير أهالي غزة من منازلهم واحتلال العديد من الأراضي في القطاع المحاصر منذ يوم السابع من أكتوبر الماضي 2023، حيث عكست التصريحات العنترية من قبل الاحتلال الإسرائيلي مدى الفكر اليميني المتطرف الذي تتبناها حكومة نتنياهو والساعي إلى تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما يظهر أيضاً في إلقاء المزيد من الأكاذيب حول وجود أنفاق تربط سيناء بقطاع غزة يتم من خلالها تهريب السلاح والذخيرة، وهو ما نفته مصر مرارا وتكرارا و أكدت على تدمير أكثر من 1500 نفق كانت موجودة بالفعل في سيناء تصل إلى غزة خلال عملية سيناء الشاملة 2018، ولكن الجوهر الحقيقي لادعاءات إسرائيل، هو تبرير استمرارها في عملية العقاب الجماعي والقتل والتجويع لأكثر من 2 مليون فلسطيني داخل القطاع، وهو ما مارسته طوال 17 عاما.
ولم يغلق معبر رفح من الجانب المصري لحظة واحدة طوال أيام العدوان، وقبلها، وهو ما أكدت عليه عشرات المرات تصريحات رسمية من القيادة المصرية، مطالبين الجانب الإسرائيلي بعدم منع تدفق المساعدات الإنسانية للقطاع والتوقف عن تعمد تعطيل أو تأخير دخول المساعدات بحجة تفتيشها، ونجحت الدولة المصرية في إجلاء عشرات آلاف المواطنين الأجانب وذويهم من خلال تنسيق موسع مع أكثر من 80 سفارة وهيئة دولية عاملة في مصر، فضلا عن إدخال عشرات آلاف من الأطنان من المساعدات الإنسانية والوقود والأدوات الغذائية والطبية وخيم الإيواء وغيرها.
ورغم أن معبر رفح من الجانب المصري كان غير مخصص ولا مهيأ إنشائيا لدخول البضائع، إلا أن مصر تغلبت على هذه العقبة بجهود فنية كثيفة وعاجلة ليسمح بمرور الشاحنات متخطية كل ما يعوق توجيه المساعدات للقطاع، فبعدما قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي الطرق المؤدية للمعبر من الجانب الفلسطيني عددا من المرات ليحول دون أي تحرك عليها، قامت مصر في خلال فترة وجيزة للغاية بالإصلاح الكامل لهذه الطرق.
ونعود للحديث عن كم المجهود المبذول من الدولة المصرية في ملف إنزال المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة، التي جاءت أيضاً استجابة لمئات الاستغاثات التي أطلقت من جانب الآلاف من المواطنين الفلسطينيين في شمال قطاع غزة، والمطالبة بضرورة إيصال المساعدات الإنسانية والطبية والغذائية بشكل عاجل مع انتشار المجاعة هناك، ومع حاجة الطرق التي تصل الجنوب بالشمال لإصلاح وصيانة لفترة تتجاوز عدة أسابيع، لجأت القاهرة إلى الجو لإسقاط المساعدات وهو ما تبعه تحركات مماثلة من دول الأردن والإمارات وأمريكا وقطر وفرنسا.
وتضاف إسقاط المساعدات الإنسانية عبر الجو إلى مدن الشمال إلى المجهودات السابقة التي قدمتها مصر على صعيد المسار الإنساني لتعريف العالم بالكارثة الإنسانية في قطاع غزة، والتي أن دلت تدل على أن إسرائيل تستمر في كذبها الممنهج بهدف النيل من الدور المصري، ومحاولة إيقافه كونه أحد الروافد الرئيسية والمهمة في صمود الشعب الفلسطيني وتصديه للمجازر التي ترتكبها آلة البطش الإسرائيلية خلال أكثر من خمسة أشهر عمر أكبر أزمة إنسانية عاشها العالم على مدار التاريخ المعاصر.
ولاقت الجهود المصرية إشادات واسعة من الداخل والخارج، إذ وصف كثيرون دور مصر في الإنزال الجوي للمساعدات لسكان غزة بأنه ملحمة تاريخية، ويتوازي مع تحركاتها السياسية، ما يكشف الدور المؤثر لمصر في القضية الفلسطينية، ما يضع إسرائيل وداعميها في موقف محرج أمام المجتمع الدولي، فاستمرار الحملة العسكرية الغاشمة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع خلال الآونة الأخيرة، وقصفهم المستمر على مدينة رفح الفلسطينية واستمرار المجازر التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني على مدار شهور الماضية، يعد انتهاك واضح لكل القوانين الدولية وضربها عرض الحائط، غير مكترثا الاحتلال ومهتما بأي قرار اُتخذ ضده في محكمة العدل الدولية، مواصلاً حربه الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
تحركات مصرية مكثفة للوصول إلى هدنة
ولم تدخر مصر جهدا في توفير الأجواء من أجل وقف إطلاق النار في غزة، حيث نجحت الوساطة المصرية وجهود مصر الحثيثة بالفعل فى وقف إطلاق النار بغزة لمدة 4 أيام، وتمديدها يومين آخرين بنفس الشروط السابقة، فى هدنة إنسانية شملت الإفراج عن بعض الأسرى والمحتجزين وادخال شاحنات المساعدات الإنسانية إلى غزة، في الوقت نفسه تستمر القاهرة في استضافة عددا من اجتماعات التفاوض بهدف التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل ووقف الحرب الدائرة بشكل دائم في القطاع خلال عيد الفطر المبارك أو بعده بأيام قليلة على أقصى تقدير.
في الوقت نفسه يستمر المجتمع الدولي في عجزه، دون أي رد فعل قوي لوقف هذه الإبادة الجماعية، وسط صمت من جانب المنظمات الدولية والحقوقية التي تشاهد العدوان الوحشي الممارس ضد الفلسطينيين ما يكشف زيف الشعارات التي ادعتها تلك المنظمات الحقوقية الدولية في أوقات عديدة سابقة.