الحشاشين والإخوان.. احذروهم حيث وجدتموهم (الحلقة الرابعة)

- علامات التطرف لا تختلف وإن اختلفت المسميات والانتماءات.. الجماعات الإرهابية لديها جرأة غريبة على القتل وسفك الدماء والتلويح به

- 6 علامات تربط الإرهابيين منذ الحشاشين حتى الإخوان الإرهابية أبرزها العمل السري والخداع والتآمر وسفاهة الأحلام والخيانة والجحود

- حسن البنا حدد مهمة الجماعة بسيادة الدنيا.. وسيد قطب قال: كونوا مع جماعة الإخوان ولا تكونوا مع الأوطان 

 

ود الحشاشون لو تفتحت لهم الأرض، وفرغت لهم خزائنها، وأمسكوا مفاتيحها، كما تملّكوا مفاتيح الجنات، فتزايد عددهم، وقويت شكوتهم، فيكفر الجميع كما كفروا، ويكونون سواء، ويكون هوى العالم إخوانيًا، على خطى الأجداد من الحشاشين.

 

إن هم إلا كالمنافقين، دلسوا على الناس دينهم، ولا أرى مقدمة للحلقة الرابعة من سلسلة «الحشاشين» أفضل مما قاله فضية الإمام الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بتاريخ 16 أبريل 2021، خلال برنامجه «الإمام الطيب»: «إن من يتشدد في دين الله ويغالي في أحكامه فيحرم على الناس ما أحله الله لهم أو يوجد شيء لم يوجده الله عليهم ليس بأحسن حالاً، ولا أفضل منزلة ممن يزيف الدين ويعتدي بآرائه على شريعة الله لقاء منصب أو مال أو جاه، فيحل على الناس ما حرم عليهم، أو يدلس عليهم في أحكام الحلال والحرام، كلاهما معتدٍ على حرمة الإسلام، وكلاهما كذاب يزعم لنفسه الحق التشريعي للدين بما لم يأذن له الله».

 

«إن كل محاولة من هذا القبيل إفراط أو تفريطا هي في واقع الأمر محاولة لتفريغ الإسلام من مضمونه الذي أراده الله تعالى في هذه الأمة، وطبقه رسول الله من خلال أفعاله وأقواله الشريفة» يضيف الطيب: «أن المسلمين قد ابتلوا في كل مكان وزمان بشرذمة من هؤلاء يضللون الشباب بفتاوى وآراء تغري إما من التفلت من قيود الدين وضوابط الشرع وإما التشدد والانغلاق والانسحاب من المجتمع ولا عاصم من سموم هؤلاء إلا بسؤال أهل الذكر ممن يبلغون رسالات ربهم ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله».

 

وكان قدرنا في ديننا أن يبتلينا الله تعالى بأناس أخذوا من الدين قول الله تعالى: فَٱضۡرِبُواْ فَوۡقَ ٱلۡأَعۡنَاقِ وَٱضۡرِبُواْ مِنۡهُمۡ كُلَّ بَنَانٖ﴾ [سورة الأنفال: 12]، ونسوا قول الله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران: 159] صار لزاماً علينا أن نعرف سمات هؤلاء، حتى نتقي شرهم، أو أن نلفظهم، أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت.

 

للحشاشين علامات فتعرفوا عليها

 

هي علامات لا تختلف كثيراً بين أتباع الفكر المتطرف، وإن اختلفت مسمياتهم، حتى وإن اختلفت انتماءاتهم، في ظل هذا الكم الكبير من الفرق والمذاهب، فتجد منهم سلفي متشدد، وتكفيري، وإخواني مدلس، وشيعي اثني عشري، وباطني، وغيرها الكثير من الفرق. 

 

ولأن التطرف هو عين الشطط، فهم قد شطحوا عن صحيح الدين، ولهم سمات بإمكانك التعرف عليهم من خلالها. يقول الدكتور ساري زين الدين مهدي، أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بكلية أصول الدين، جامعة الأزهر، في ورقته البحثية: «الأصول الفكرية لجماعات التطرف ونقدها»: إن ظاهرة التطرف من المشكلات المعاصرة التي ظهرت بشكل ظاهر للعيان في الآونة الأخيرة، اصطبغت به بعض الجماعات المنحرفة عن الجادة، أثارت الرعب والذعر والهلع لدى بعض المجتمعات، والمتطرف يتحرك من خلال سمات ودوافع يعتقد قدسيتها أو نبلها. 

 

المؤكد وفق «ساري زين الدين» في ورقته المنشورة في مجلة قطاع أصول الدين في عددها السادس عشر، أن المتطرف لا يظهر تطرفه مرة واحدة، بل يحاول عبر أقنعة متعدة، وزمان طويل جذب، وتجنيد أتباعه ومستهدفيه، ويطرح نفسه داعية لإصلاح العالم والأمة، وإنما جاء للخلاص وحل كل المشكلات الحياتية التي يعاني منها الأتباع. 

 

ومن بين من طرح نفسه داعية لإصلاح العالم، مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا، والذي حدد مهمة الجماعة حين تأسيسها، في: «سيادة الدنيا، وإرشاد الإنسانية كلها إلى نظم الإسلام الصالحة، وتعاليمه التي لا يمكن بغيرها أن يسعد الناس».

 

وتماهى المفكر العربى الدكتور جمال سند السويدي، أستاذ العلوم السياسية، في فكرة «إصلاح العالم»، من خلاله كتابه «السراب» بأن الإسلام كما يرى مؤسس الجماعة ومرشدها الأول حسن البنا، لا يعترف بالحدود الجغرافية، ويرى العالم الإسلامي أمة واحدة مهما تباعدت أقطاره وتناءت حدود دولة دون أي اعتبار لسيادة الدول وخصوصياتها وغير ذلك من مقتضيات العلاقات الدولية فى العصر الحديث، وكذلك الإخوان يقدسون هذه الوحدة، ويؤمنون بهذه الجامعة وينادون بأن وطنهم هو كل شبر أرض فيه مسلم.

1- العمل السري
 

وفق ساري زين الدين، تأتي السرية والغموض على رأس سمات المتطرفين ليس في العصر الحديث فقط بل منذ ظهور الخوارج في التاريخ الإسلامي، فجميعها بدايتها كانت سرية، وهي سمة يتفق فيها القديم والحديث. مستدلاً على ذلك بتحذير عمر بن الخطاب رضي الله عنهـ من السر كونه يفضي إلى فساد، ويؤكد ذلك ما ورد عن الحسنِ، حين قدم أعرابي إلى عمر فسأله عن الدين، فقال: يا أمير المؤمنين، علمنى الدين... وإياك والسر، وإياك وكل شيء تستحي منه. «شرح أصول اعتقاد أهل السنة» للالكائي (1/ 333). 

 

«لقد فرضت المعطيات المحلية التي كانت تتحدد بها الوضعية العامة في إيران، على حركة الحشاشين الانصراف عن العمل السياسي المباشر إلى العمل السري المنظم»... يقول الدكتور محمد عثمان الخشت في كتابه: «الحشاشين.. تاريخ وعقائد أخطر فرقة سرية في العالم الإسلامي»: «وهذا ما لجأت إليه الحركة في شكلها مع الحسن الصباح، الذي انكب على تنظيم الحركة تنظيماً هرميًا سريًا محكمًا على أساس الولاء الشخصي ومبدأ «التعليم» الذي يربط الاتباع بالإمام ربطًا قويًا معتمدًا على السيطرة السيكولوجية وغزو الأذهان بطرق منظمة بالغة الإحكام».

2- الخداع والتآمر: 
 

بحسب ورقة «الأصول الفكرية لجماعات التطرف ونقدها» البحثية، فإن المتطرف ليس لديه مقدسات وطنية كانت أو دينية، ولكن المقدسات التي يؤمن بها هي مقدسات شخصية، لذلك لم يسلم أحد من خدائعهم حتى الأبرياء، والنساء والأطفال، فمصالحهم الشخصية هي التي تحرك مشاعرهم، يتصرفون حسب الأهواء والظروف والأحوال.

 

جماعة الإخوان لا مقدس وطني لديها، فالوطن لديها «حفنة تراب»، ففي عام 1964، صدر كتاب «معالم في الطريق»، لسيد قطب، منظر العنف في جماعة الإخوان، فقال: «حين قاتل المهاجرون أهلهم وأقرباءهم وقتلوهم يوم بدر، حينئذ اتصلتْ وشيجة العقيدة بين المسلمين.. وتوارتْ عصبية القبيلة وعصبية الجنس وعصبية الأرض... فانتهى أمر هذا النتن، نتن عصبية النسب، وماتتْ هذه النعرة، نعرة الجنس، واختفتْ تلك اللوثة، لوثة القوم، ولوثة الطين والأرض، ومنذ ذلك اليوم لم يعد وطن المسلم هو الأرض، وإنما عاد وطنه هو (دار الإسلام)». (صـ  156- 157). 

 

وفي موضع آخر، قال سيد قطب: «إن الوطن ليس أرض مصر، وإنما الوطن هو الدين الإسلامي، وأن الأرض المصرية ليست سوى الطين والسكن.. كونوا مع جماعة الإخوان ولا تكونوا مع الأوطان لأن الرابطة الإخوانية رابطة إيمانية والرابطة الوطنية رابطة جاهلية».

 

وهي عقيدة أيضاً لدى جماعة التكفير والهجرة، وما يؤكد ذلك ما ورد في تحقيقات قضية اغتيال وزير الأوقاف الأسبق الشيخ حسن الدهبي عام 1977 - في صـ 1540 من التحقيقات- قوله: «إذا اقتضى الأمر دخول اليهود أو غيرهم فإن الحركة حينئذ ينبغي أن لا تبنى على القتال في صفوف الجيش المصري وإنما الهرب إلى أي مكان آمن.. أن خطتنا هي الفرار من العدو الوافد تماماً كالفرار من العدو المحلي وليس مواجهته».

3- سفاهة الأحلام 
 

وفق «ساري الدين» إن المتطرفين لا يدركون حركة التاريخ ولا قوانينه، ولا مآلاته الثابتة عبر العصور والدهور، ولا ينتبهون لأحوال الأمة، فقد حارب الخوارج علياً رضي الله عنه وهو خليفة المسلمين، غاضين الطرف عن تلك الفتن التي تموج بالأمة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، كذلك كان القرامطة والحشاشون يحاولون قتل صلاح الدين الأيوبي، بغض النظر عن حربه ضد الصليبين لتحرير القدس، بما يؤكد أنه لا تعنيهم الأمة في شيء.

 

وما من مرة دخلت الدولة فيها حرباً ضد الإرهاب، كالحرب بعد عام 2013، حين كان الإرهاب يموج بمصر يهددها من كل حدب وصوب، إلا وعكفت لجانها النوعية على استهداف مفاصل الدولة داخلياً ورجال الشرطة والجيش لإنهاكها. (وذلك لو افترضنا صحة الرواية التي تروجها الجماعة بأنها تختلف عن تنظيمي أنصار بيت المقدس وداعش الإرهابيين) لكن الأكيد أنها جميعاً خرجت من رحم واحد، وتعمل في تنسيق تام، ويدلل على ذلك اعتراف القيادي في جماعة الإخوان محمد البلتاجي، في يوليو 2013،  ضمنياً بمسؤولية جماعته عن أحداث العنف التي تجري في شبه جزيرة سيناء، وقال البلتاجي إن ما يحدث في سيناء سيتوقف في اللحظة التي سيرجع فيها محمد مرسي إلى مهامه. 

 

ويؤكد ذلك أيضًا رسائل حسن البنا، والتي جمعت لاحقاً في كتاب «الرسائل»، فالجماعة ترى أن الوصول إلى السلطة ركن من أركان الإسلام، فهو القائل: «هذا الإسلام الذي يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركنًا من أركانه»، وبالتالي: «لا غضاضة لدى التنظيم في شن حرب لا هوادة فيها على كل زعيم أو رئيس لا يعمل على إقامة نظام سياسي يتوافق مع أيديولوجية التنظيم، التي يزعم أنها تحتكر قيم الإسلام- وفق البنا- مرتكزة على تبرير يقنع العامة بضرورة حربها ضد الدولة: «نحن لا نعترف بأي نظام حكومي، ولا بهذه الأشكال التقليدية».

4- الخيانة والجحود
 

يقول الدكتور «ساري الدين» في أطروحته، إن الخيانة والجحود تعد من دأب الجماعات المتطرفة وديموتها فهي تجري منهم مجرى الدم في العروق، أشربوا الخيانة في قلوبهم لا تنفك عنهم ولا ينفكون عنها وما خبر الخوارج ببعيد، فقد خانوا علياً كرم الله وجهه، فبعد أن قبل أمير المؤمنين علي التحكيم بناءً على رأيهم، ونزولاً على حكمهم، أنكروا عليه قبوله التحكيم.

 

يوضح كتاب «رهينة فى قبضة الخميني» للكاتب روبرت دريفس، دور المخابرات البريطانية فى نشأة تنظيم جماعة الإخوان فى مصر، ووصف الجماعة في فصل خاص بأنهم: «مكيدة بريطانيا ضد الإسلام»، وامتداد لفكر تلك الجماعات السرية فى أوروبا، وكذلك الجماعات التخريبية التي ظهرت فى القرون الأولى للإسلام، وقال إنها صناعة لندنية أنشأتها بريطانيا لتكون امتدادا للجماعات المتطرفة التي ابتلى بها الدين الإسلامي منذ قرونه الأولى، واختارت لندن «العميل البريطاني» حسن البنا «الصوفى الباطني» لتأسيسها، وظهر الهدف من إنشائها جليا بعد أن باتت "مظلة تؤوى الجماهير الغفيرة من أتباع المذاهب الأصولية سواء كانت صوفية أو سنية أو شيعية.

 

وفضح كتاب «شؤون سرية.. تواطؤ بريطانيا مع الإسلام الرايكالي»، من واقع وثائق الخارجية والمخابرات، تواطؤ الحكومة البريطانية مع المتطرفين، مشيراً إلى أن الحرب العالمية الثانية شهدت استمرار نمو جماعة الإخوان، إلى أن أصبحت أكبر مجتمع إسلامى فى مصر، وأنشأت فروعا لها فى السودان والأردن وسوريا وفلسطين وشمال إفريقيا.

5- التجرؤ على القتل 
 

الناظر لتاريخ الجماعات الأصولية يرى أن الجماعات المتطرفة لهم جرأة غريبة على القتل وسفك الدماء والتلويح به، كلما عنت لهم أنفسهم، لأنفسهم حين تنفلت النفس من كل الثوابت والأصول والمعايير والمبادئ التي تلوح لكل إنسان له مسكة من الفطرة السوية. يضيف أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية، إن الشيء الذي يندى له الجبين أن هؤلاء يتفقون ويتحالفون على سفك دم إخوانهم الذين يؤاكلوهم ويشاربوهم، وهذه ظاهرة في أهل التطرف.

 

يقول تقرير لدار الإفتاء المصرية، في نوفمبر 2014، تقريراً حول أهم الجماعات الإرهابية وأوجه الشبه بينها، إن حركة «الحشاشين» هي المنظَّر الفعلي لمفهوم الإرهاب بمفهومه الحديث، حيث أسست مفهوم «الانتحاري الموجه»، وكانت هذه الجماعة هي أول من أسس شكل الخلايا الإرهابية التي عادت للظهور على السطح فى أماكن وأزمنة مختلفة، وتعتبر تعاليم الحشاشين وطرقهم المرجع الأساسي للجمعيات السرية التي نشأت فى أوروبا والمنطقة العربية، كالجماعات الجهادية والتكفيرية الحالية وجماعة فرسان الهيكل، وجمعية يسوع وجماعة الدومنيكان وغيرها حول العالم.

 

وفي عام 1937 أسس حسن البنا «النظام الخاص»، أو «التنظيم الخاص» للقيام بالاغتيالات، وكان في مقدمتها اغتيال القاضي الخازندار أمام منزله، ثم اغتيال رئيس وزراء مصر محمود فهمي النقراشي، ثم محاولة اغتيال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.

 

ورغم قوة التنظيم الخاص داخل تيار الإخوان، إلا أنّ أعضاء الجماعة يؤكدون دائماً أنّ العمل المسلح انتهى مع التأسيس الثاني لجماعة الإخوان، بعد خروجهم من المعتقلات، في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، واستمر ذلك النفي حتى الآن، رغم استمرار العمليات الإرهابية التي تورط فيها أعضاء الجماعة، وتزعم دائماً أنّه لا علاقة لها من قريب أو بعيد بأي عمل مسلّح.

 

وتطورت عمليات القتل لدى الجماعة بداية من ثورة 1952 مروراً بحكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات وصولاً إلى حكم الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك وثورتي 25 يناير و30 يونيو، وتعددت مسمياتها. 

 

ففي التسعينات تأسست «الفرقة 95 إخوان»، وحمل اسمها العام الذي انطلقت فيه عام 1995، وعملت حينها تحت قيادة نائب المرشد خيرت الشاطر، وتحدث عنها الإخواني أسامة ياسين، وزير الشباب في حكومة هشام قنديل، بقوله: «في فرقة اسمها الفرقة 95، دول مجموعة من الشباب في غضون يناير 2011، بعد تحديد العمارات اللي كانت البلطجية فيها طلعوا أسطح العمارات». وتطورت الأجنحة المسلحة وصولاً لحركتي «حسم» و«لواء الثورة».

6- رؤية النفس بدرجة اليقين
 

ترى الورقة البحثية، أن من صفات المتطرف أنه يرى نفسه على الجادة دائماً بدرجة اليقين الذي لا يقبل الشك، والحق الذي لا باطل معه، والصواب الذي لا يقبل الخطأ، يضفي على معتقده هالة من القداسة، تجعله يرى نفسه فوق الجميع، يطمئن إلى صدق نفسه، ويعجب بمسلكه، ويعتقد أن فهمه وموقفه هو الصواب. 

وفق كتاب الدكتور عثمان الخشت، فإن حركة الحشاشين تتعامل مع إمامهم من منطلق أنه ممثل الله في على الأرض، فهو «ظل الله»، و«وجه الله»، و«الإنسان الكامل»، وهو اعتقاد تأليهي، يتعبر ذلك الإمام هو «المولى بإرادته يصبح المعدوم موجوداً وبقبوله يصبح الممتنع واجباً». وما المرشد في الإخوان ببعيد، فهو الحاكم لكل شيء، الخليفة والولي، وحامل الرسالة والعهد. 

 

 ولا يفرق هؤلاء عن المنافقين في شيء، والذي صدق فيهم قول الله تعالى: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ۖ فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ۖ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ [سورة النساء: 89].