ولدت السيدة نفيسة بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن علي بن أبي طالب في مكة في 11 ربيع الأول 145 هـ، انتقل بها والداها إلى المدينة المنورة وهي في الخامسة من عمرها فكانت تذهب إلى المسجد النبوي وتستمع إلى شيوخه، وتتلقى الحديث والفقه من علمائه، حتى لقبها الناس بـ "نفيسة العلم" قبل أن تصل لسن الزواج.
وقدم الكثيرون للزواج من السيدة نفيسة لدينها وعبادتها، إلى أن قبل أبوها بتزويجها إسحاق المؤتمن بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن على بن أبى طالب وتم الزواج في رجب 161 هجريا، فأنجبت له القاسم وأم كلثوم في عام 193 هـ.
رحلت السيدة نفيسة مع أسرتها إلى مصر، مروا في طريقهم بقبر الخليل، وحين علم أهل مصر بقدومهم خرجوا لاستقبالهم ووصلت السيدة نفيسة رضي الله عنها إلى القاهرة في 26 رمضان 193 هـ ورحب بها أهل مصر، وأقبلوا عليها يلتمسون منها العلم.
عندما جاءت السيدة نفيسة إلى مصر سنة 193 هجرية، نزلت في دار تقع بشارع شجرة الدر بالمنطقة المعروفة حاليًا باسمها، ولما ضاق عليها الدار وشغلها الناس عن العبادة أرادت أن ترحل إلى بلاد الحجاز لولا تدخل السّري بن عبد الحكم، حاكم مصر آن ذاك، فسألها عن سبب انزعاجها، فحكت له، فأمر بتخصيص يومين في الأسبوع لزيارتها من قبل أحباب "آل البيت"، وخصص لها دارا قبل أن يتحول إلى مشهدها ومسجدها، ولما وفد الإمام الشافعي إلى مصر عام 198 توثقت صلته بالسيدة نفيسة بنت الحسن واعتاد أن يزورها وهو في طريقه إلى حلقات درسه في مسجد الفسطاط، وفى طريق عودته إلى داره، كان يصلي بها التراويح في مسجدها في رمضان، وكلما ذهب إليها سألها الدعاء.
وأوصى الإمام الشافعي أن تصلي عليه السيدة نفيسة في جنازته، فمرت الجنازة بدارها حين وفاته عام 204 هجريا، وصلت عليه إنفاذا لوصيته.
وفي رجب 208 هجرية أصابها المرض، واشتد عليها حتى توفيت في شهر رمضان، فبكاها أهل مصر وحزنوا لموتها حزنا شديدا، كانت تخدم السيدة نفيسة السيدة زينب بنت أخيها، فقالت إن عمتها كانت لا تفطر إلا في العيدين، وكانت تقوم الليل، وكانت حافظة لكتاب الله وتعلم تفسيره جيداً، فكانت تقول لها زينب: أمَا ترفُقِين بنفسِك؟ فقالت: كيف أرفُق بنفسي وأمامي عَقَبات لا يقطَعُهُنّ إلا الفائزون؟ .
ويُروى أنه بعد وفاتها، أراد زوجها أن يحملها إلى المدينة المنورة كي يدفنها بالبقيع، فعرف المصريون بذلك فهرعوا إلى الوالي عبد الله بن السري بن الحكم، واستجاروا به عند زوجها ليرده عما أراد فأبى، فجمعوا له مالا وفيرا وسألوه أن يدفنها عندهم فأبى أيضا، فباتوا منه في ألم عظيم، لكنهم عند الصباح في اليوم التالي وجدوه مستجيبا لرغبتهم، فلما سألوه عن السبب قال: رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول لي رد عليهم أموالهم وادفنها عندهم.