رائحة رمضان في مصر.. خصوصية تاريخية
الأحد، 31 مارس 2024 04:49 م
أزعم أن فعل الخير في رمضان يتزايد سنويا ولا ينقص، والأمر هنا لا يتعلق بوجود أزمة اقتصادية من عدمه فالخير له حسابات أخرى. تابعت كما تابع الجميع طوال شهر رمضان مظاهر فعل الخير في الشهر الفضيل، والتي كان أبرزها إفطار المطرية، الذي شهد مشاركة أكثر من 10 آلاف صائم من جنسيات متعددة، وكان حديث فضائيات العالم. كما تفاجأت أن هذا الإفطار لم يكن الأخير إذ بعده بيومين فقط أقاموا أطول مائدة إفطار لـ12 ألف صائم أيضا، والأمر لا يقتصر على المطرية فقط بل يصل إلى كل ربوع المحروسة، التي تمتلئ بموائد الرحمن. والأهم أن الأمر يتزايد ولا ينقص.
قبل رمضان وفي ظل ارتفاع الأسعار، كنت أتناقش مع صديق بشأن وجود احتمال بتناقص أعداد موائد الرحمن هذا العام ، لكن مع أولى نسمات رمضان اكتشفنا أن العدد في تزايد وفاعلي الخير يتكاثرون وقت الإفطار في الشوارع والميادين، وحتى على الطرق السريعة، في عادة سنوية لم تنقطع منذ أجدادنا الطيبين.
حقا إن روح رمضان تصلح في شهر واحد ما أفسدته مظاهر العولمة لنعود إلى عادات القديمة وذكرياتنا الطفولية التي لا تتعلق بارتباط الأجيال الجديدة بالتكنولوجيا والشاشات الذكية.. فحتى الآن لا يزال مدفع رمضان ينطلق في أيدي الصبية وقت الإفطار في الحارات، وما زال فانوس رمضان معلق أمام كل محل وكل بيت بل وفي المولات والفنادق والكومباوندات، وما زالت دقات طبلة المسحراتي توجه عقارب الساعة للماضي الجميل مستعيدة ذكريات يرويها الأباء لأبنائهم.
"لمة العيلة" مرتان على الإفطار والسحور، بركة لا تأتي إلا في رمضان في ظل انشغال الأسرة طوال العام كل في عمله.. مشاهدة مسلسل أو برنامج في تجمع عائلي عادة تكاد تنقرض إلا في رمضان.. المعايدة في بداية ونهاية الشهر الكريم بين الأقارب والجيران والأصدقاء عادة تقاوم رسائل الواتساب والماسنجر بعزومات حقيقية وسهرات رمضانية تضفي عليها روحانيات رمضان طابعا جميلا.
في رمضان نكتشف قيمة مصر الدينية والتاريخية والتراثية، نكتشف تميزها بين جميل الدول، نعرف لماذا غنى لها الآخرون. حقا يمكنك أن تشم رائحة رمضان في مصر فقط.