«إمبراطورية ميم» إطلالة عميقة على مشكلات تربية الأبناء.. «الكبير أوي» كوميديا راقية للموسم الثامن على التوالي

- «حق عرب» يسلط الضوء على «المبشع» قاض النار.. «المعلم» يقدم مشاكل «البسطاء» في خلطة شعبية.. «صيد العقارب» يناقش «الثأر»
 

خلال النصف الأول من شهر رمضان المبارك، تابع الجمهور العديد من الأعمال الدرامية المختلفة والمتنوعة التي تقدمها الشركة المتحدة بالتعاون مع شركات إنتاج كثيرة، التي أثبتت بجدارة قدرتها على تحقيق التوازن والتنوع والاختلاف في الأعمال التي تقدمها عام تلو الأخر، ليجد جميع أفراد الأسرة ما يروق لهم  فمن يبحث عن الأعمال التاريخية ذات العمق الدرامي سيجد مسلسل «الحشاشين»، كما يجد عشاق الدراما الاجتماعية الشيقة والممتعة، مجموعة من أمتع المسلسلات منها مسلسل صدفة، و«مسار إجباري»، و«إمبراطورية ميم»، أما من يبحث عن الكوميديا فسيجد «الكبير أوي»، وقد فتح له دوار العمدة ليستقبله وأفراد «المزريطة» بكوميديا راقية نجحت في جذب جميع أفراد الأسرة على مدار 8 مواسم.

 

وانطلاقا من مفهوم المسؤولية الاجتماعية، الذي وضعته الشركة المتحدة على عاتقها خلال السنوات الماضية، قدمت دراما رمضان هذا العام مسلسلات تحترم عقل الجمهور وتحوله من مجرد متلقي سلبي ظل لسنوات يعتمد على الأفكار المستوردة التي تهدم قيم العائلة والوطن والعلاقات بين الأفراد، إلى ناقد إيجابي يثق في رأيه ويبحث عن المعلومة وصحتها، خاصة وأن الموسم الدرامي اهتم جيدا بكل عناصر الدراما بداية من الفكرة والسيناريو مرورا بالصورة وجودتها وانتهاء بالإخراج والتسويق.

«الحشاشين» وأصحاب الريات السوداء
 

مع عرض الحلقات الأولى من مسلسل الحشاشين، بات التريند الأول في مصر والوطن، ليصبح الأعلى مشاهدة بلا منافس، إذ يجسد فيه الفنان كريم عبد العزيز، دور حسن الصباح، وتقع أحداثه في القرن الحادي عشر، في شمال بلاد فارس، حيث أسس حسن الصباح فرقة من أكثر المخلصين للعقيدة الإسماعيلية وسماها بـ «الفدائيين»، وتساءل الكثيرون وضجت السوشيال ميديا حول ما الهدف من اختيار مثل هذه الشخصية التي تعمل على تغييب العقل والوعي حتي أنها تقنع اتباعها بأن سفك الدماء والإخلاص له هو الطريق إلي الجنة، لتأتي الإجابة التي يتعرف عليها المتابع لمسلسل الحشاشين مع أعمال العقل، فكل ما أسس له حسن الصباح في الماضي، عشنا فيه في الحاضر من خلال محاولات المتطرفين بث الأفكار المسمومة لعقول الشباب غير الواعي، فالحشاشين كانت طائفة تستمد قوتها من تغييب العقول، وحولت حسن الصباح إلى شخصية أسطورية.  

 

كما جاء مسلسل الحشاشين باللغة العامية ليصل لأكبر قطاع من الجمهور، وهو ما أكده مؤلف العمل عبد الرحيم كمال قائلا، إنه كان قادرا على تقديم المسلسل بلغة عربية فصحى، ولكن من سيكون الجمهور المستهدف؟ فالعامية المصرية فصيحة ومبينة وتأثيرها على الشباب المصري والعربي كبير، فهي اللغة الأقرب ولنا تراث كبير من المسلسلات والأفلام السينمائية التي تربى عليها الوطن العربي وأحبها وفهمها.

 

 كما قال الناقد الفني خالد محمود، خلال تصريحات صحفية، إن المتحدة وفرت مساحة كبيرة للمبدعين في الدراما المصرية القوية بمختلف أنواعها، وأتاحت فرصًا لكثير من المخرجين في الفئات العمرية من مختلف الأجيال، مشيرا إلى أن هذا الإيقاع الدرامي وظهور نجوم كثيرة بتنوعات مختلفة في شخصياتهم، يدل على أن النجوم أصبحوا يقتحمون أدوارًا جديدة غير مألوفة على المشاهدين، ما يؤدي إلى تنوع كبير.

الدراما الاجتماعية تحقق تفاعلا لدى الجمهور
 

واستكمالا للأعمال الاجتماعية التي حققت نجاحا وتفاعلا لدي الجمهور، كان مسلسل إمبراطورية ميم بطولة النجم خالد النبوي الذي نجح في الكشف عن الكثير من المشكلات والأزمات بين الأجيال المختلفة داخل العائلة الواحدة لتسلط الضوء عن أفكار كل جيل وكيف يمكن إيجاد نقطة للالتقاء فيها، حيث تدور قصة المسلسل الاجتماعي إمبراطورية ميم وهي مأخوذة عن قصة إحسان عبد القدوس،  حول رجل يجد نفسه في حيرة كبيرة، حيث يجب أن يختار بين الإنسانة التي يكن لها مشاعر الحب وبين أبنائه الستة الذين تولى مسؤولية تربيتهم بعد وفاة زوجته.

 

وببساطة وتلقائية «صدفة» استطاعت الفنانة ريهام حجاج أن تغير جلدها، لتقدم نوع مختلف وهو اللايت كوميدي حيث يجمع ما بين الإثارة والتشويق والكوميديا، من خلال الحديث عن مشاكل الجيل الجديد وقضاياهم من خلال مشاركة الكثير من الوجوه الشاب الواعدة ليتفاعل معه الجمهور بشكل كبير ويثني عليها النقاد. فيما يعد مسلسل «الكبير أوي 8» بطولة الفنان أحمد مكي واحدًا من العلامات الرمضانية، التي خلقت حالة من السعادة داخل الأسرة المصرية، والتي مازالت تجتمع حول تتر مسلسل الكبير، الذي يجمع بين اللكنة الصعيدي واللغة الإنجليزية، ليستمتع الجمهور بوجبة الكبير الكوميدية ومواقفه مع أفراد عائلته وأهالي المزريطة.

«حق عرب» وأسطورة «أوديب»
 

منذ عرض حلقاته الأولى وتصدر مسلسل «حق العرب» تريند مواقع التواصل، خاصة وأن البداية كانت بمشهد مثير لكابوس يأتي لأحد أبطال العمل «عبد ربه»، قبل أن يذهب إلى دجال حتى يعرف تفسير هذا الكابوس، الذي هو عبارة عن مكان مظلم يدخل فيه وكأنه سرداب وفى نهايته صندوق وعندما يفتح الصندوق يجد ثعبان أسود بجانبه بيضة يخرج منها ثعبان آخر يلتف حول الثعبان الكبير حتى يعصره عصر، وفى النهاية يبخ الثعبان في وجه عبد ربه، وجاء تفسير الدجال أن ابناً من صلبه سيقتله، وهنا خاف عبد ربه لأن زوجته حامل وعلى وشك الولادة ولكنه قرر أن يقتل ابنه إذا كان المولود ولد، وعندما صرح لزوجته عن نيته انتابها الخوف والحزن، وسافر عبد ربه للعمل وعندما عاد وجد زوجته قد أنجبت فتاة وليس ولد فارتاح قلبه ولكن كانت نظرات صباح زوجته تدل أن هناك أمر قد أخفته على زوجها.

 

الكابوس يأتي على غرار ما سمي بالعقدة التي عانى منها أوديب في الأسطورة الإغريقية الشهيرة، وهي أسطورة إغريقية قديمة تقول إن أحد العرافين تنبأ لملك يوناني بأنه سيلد طفلا ذكر وعندما يكبر الطفل سيقتله ويتزوج زوجته ويحل محله في الحكم، وعندما جاء موعد ميلاد الطفل أمر الملك اليوناني خادمه بالتخلص من الطفل بدق مسامير في قدميه أو إلقائه من أعلى الجبل، ولكن الخادم رق قلبه لبكاء الطفل الصغير فباعه إلى أحد الرعاة في محيط الجبل، ثم اشتراه ملك آخر واعتنى به حتى صار شابًا، وفي النهاية دخل في صراع مع والده وقتله وتزوج من زوجته دون علمه بأنها والدته.

 

وخلال أحدث المسلسل ظهرت ما تسمى «البشعة»، عندما طلب عبد ربه (رياض الخولي) من عرب (أحمد العوضي) وضع البشعة على لسانه، ليعرف من أحرق محله، لتفتح الباب حول أصلها وحكمها في الدين، ليقول الدكتور أحمد سعد، أستاذ أصول التربية بكلية التربية جامعة الأزهر، إنها موروثات عربية استخدمتها القبائل العربية للحكم على الأشخاص، ويعتقدون أنها تظهر الحقيقة عندما يتعذر إظهارها بوسيلة أخرى، وفي أغلب الروايات تفترض البشعة تدخلًا من القوى الغيبية للمعاونة في إظهار الحقيقة بجعل النار تحدث أذى للشخص إن كان مذنبًا، ولا تحدث له أذى إن كان بريئًا.

 

وبحسب سعد، كان العرب يعتبرونها إجراء تدفع إليه الضرورة عندما توجد شبهات حول ارتكاب أحد الأشخاص جريمة من الجرائم دون أن يتوافر ضده دليل كاف لإدانته، أو عندما تتعارض الأدلة فيما بينها تعارضًا لا يقبل التدقيق، ومن الجرائم التي يكثر فيها الاستعانة بالبشعة جرائم القتل والعرض والسرقة وقد يثار حولها الشكوك إلى شخص بعينه دون أن يتوفر دليل ضده، ولقطع هذه الشكوك بالنفي أو بالإثبات يُطلب من المشتبه في أمره الخضوع لإجراءات البشعة، مشيرا إلى أن «المبشع» مهنة وراثية تحتكرها قبائل معينة في سيناء وفي  صعيد مصر، وداخل القبيلة عشيرة معينة وثمة قبائل وعشائر معروفة في المناطق القبلية المختلفة لا يكون المبشعون إلا من أبنائها وأقرت لها به القبائل الأخرى، ويعرف المبشع في عرف القبيلة بأنه قاض، فعن طريقه تُحسم القضايا الصعبة، مؤكدا أنه ليس لها علاقة بالدين الإسلامي.

«المعلم».. مشاكل البسطاء في خلطة شعبية
 

تواصلت ردود الأفعال الإيجابية تجاه مسلسل «المعلم»، بعدما حظي خلال النصف الأول من رمضان مشاهدات مرتفعة، خاصة وأن من نوعية الدراما الشعبية القريبة لقلوب المشاهد المصريين، وهو من مصطفى شعبان، وسهر الصايغ، وأحمد بدير، وعبد العزيز مخيون، وانتصار، ومنذر ريحانة، سلوى خطاب، وعدد آخر من الفنانين، والعمل من تأليف محمد الشواف وإخراج مرقس عادل وإنتاج شركة سنرجي.

 

وأعربت النجمة سهر الصايغ عن سعادتها بردود الفعل حول المسلسل، مشيرة إلى أن العمل يحظى بمشاهدة جيدة والجمهور أحب الحدوتة والشخصيات، لافتة أنها استقبلت ردود الفعل من الشارع لاسيما أنها استمرت في تصوير مشاهدها حتى الـ10 من رمضان، مؤكدا في الوقت ذاته أن المراهنة على فكرة العمل الاجتماعي الشعبي دائماً ما تكون رابحة موضحة، أن «الدراما الاجتماعية الشعبية تكون قريبة لشريحة كبيرة جداً من الجمهور تصل لنحو 80% من المصريين، وبعيداً عن التصنيف فالمعلم مسلسل مليان حواديت وبه خيوط كثيرة متداخلة، ومع عدد كبير من الممثلين بالتالي عدد كبير من الحواديت، فأنت قاعد متسلى لأن ما عندكش خط واحد من الدراما أنت ماشي وراه».

 

وتجسد سهر الصايغ، خلال أحداث مسلسل المعلم شخصية زمزم زوجة مصطفى شعبان وابنة عمه، وهي دكتورة صيدلانية وتكتشف إصابتها بسرطان الدم، وتقرر إخفاء الخبر عن زوجها وباقي أسرتها وكذلك عدم علاج المرض، ليس ذلك فقط بل تحاول تزويج صديقتها دهب – هاجر أحمد – إلى زوجها حتى تكون مطمئنة عليه بعد وفاتها.

 

وأضافت «الصايغ»، خلال تصريحات لها: «كذلك هناك أنماط كثيرة من الشخصيات في المسلسل مثل ابن الحلال الطيب، الزوجة الجيدة الأصيلة، التاجر الشرير والتاجر الطيب، وأجواء سوق وتجارة السمك عموما لأنها صورة مش مألوفة على الشاشة، يمكن ناس كتير عملت أعمال شعبية، لكن سوق السمك لم يتم تناوله قبل كدا بهذا الشكل، إلا أستاذ أحمد ذكي في فيلم شادر السمك أعتقد».

 

فيما قالت الفنانة انتصار، التي تقدم شخصية «فوز» في المسلسل، وهي شخصية جديدة عليها لم تقدمها من قبل، إن مسلسل «المعلم» بالفعل يصنف شعبي لأنه يدور في الحارة المصرية ويحكي مشاكل البسطاء في الحارة المصرية الشعبية، وموضوعاته تلمس هموم الناس الغلابة، مشيرة إلى أن الموسم الحالي ساخن جدا وبه نجوم كبار، والمسلسلات على مستوى عال من التقنيات والجودة العالية، والصورة في أغلب الأعمال متميزة جدا وصورت بأحدث الكاميرات، ولدينا تنوع في الحكايات والقصص، وأعمال ضخمة مثل مسلسل «الحشاشين» و«جودر»، وهناك تقنيات عالية الجودة في الجرافيك والتصوير والديكور.

صيد العقارب.. الثأر من عادات الجاهلية
 

بعد عرض حلقته الأولى، فوجئ الجميع بتصدر هاشتاج «صيد العقارب» موقع «إكس»، قبل أن يأتي المسلسل الذي تلعب بطولته النجمة غادة عبد الرازق، ضمن الأكثر بحثا على موقع فيسبوك، لينبأ عن عمل فني كبير سيكون أحد الأحصنة الرابحة خلال ماراثون السباق الدرامي الرمضاني، خاصة وأنه ينتمي لفئة دراما الجريمة والانتقام، وهو ما ظهر جليا بعد عرض حلقاته وتناوله قضية الثأر.

 

وفي إحدى حلقات المسلسل، سلط مشهد للفنانة غادة عبد الرازق، الضوء قضية الثأر، بعد أن توعدت عايدة (غادة عبد الرازق) بالثأر لمن تسبب في قتل شقيقها، وأنها ستنفذ ما وعدت به والدها حسن ضرغام (أحمد ماهر) وزوجة شقيقها على (محمود عبد المغني)، لتفتح حوارات ومناقشات حول مفهوم الثأر، الذي هو أن يقوم أولياء الدم «أقارب القتيل» بقتل القاتل نفسه أو قتل أحد أقاربه انتقاماً لأنفسهم دون أن يتركوا للدولة حق إقامة القصاص الشرعي، والقتل وفقاً لأعراف القبائل إما أن يكون نتيجة لهزة مستثارة، مثلاً «اثنان واقفان في السوق، وشتم الأول الثاني فحصل بينهما مهاترات فحصل أن قتل الأول الثاني» أو نتيجة لأمر معيب بما يسمى عند بعض القبائل بالعيب الأسود.

 

وظاهرة الثأر من العادات السيئة، ومن بقايا الجاهلية التي كانت منتشرة في الناس قبل الإسلام، فلما أشرق الإسلام بتعاليمه السمحة، قضى على هذه الظاهرة وشرع القصاص، حيث يطبق بالعدل، ويقوم به ولي الأمر، وليس آحاد الناس حتى لا تكون الحياة فوضى. مسلسل صيد العقارب من بطولة رياض الخولي، وسيمون، ومحمد علاء، وأحمد ماهر، ومجدي بدر، وسامية عاطف، وميار الغيطي، وعماد صفوت، ونخبة من النجوم، ومن إخراج أحمد حسن، وإنتاج فينومينا.