جنازة ٢٥ يناير

الأحد، 31 يناير 2016 04:29 م
جنازة ٢٥ يناير
محمد حسن الألفي


هو اسبوع المطر والزمهرير ودفن يناير وحبس ناعوت وبروز الواقي الذكري
هي اربعة أيام من أغرب أيام التاريخ المصري ، بدأت باليوم الخامس والعشرين من يناير الرهيب، بمفاجأة الاستقرار الأمني والسياسي والجماهيري متزامنا مع الانقلاب المناخي الذي جمد الأطراف ، وحبس الناس أنفسهم طوعا وكرها تحت البطاطين ، يحتسون القرفة والسحلب والشاي بالنعناع !
شهد يوم ٢٥ يناير ٢٠١٦ مراسم جنازة ودفن ٢٥ يناير٢٠١١، بل اعترف ابناء المرحومة بأن الناس في أغلبيتهم الكاسحة لا يحبونها ، وينظرون إليها بعين الإرتياب، لارتباط فصولها بالخراب والارهاب والحرائق وسرقت البيوت والبنوك واقتحام السجون وتهريب ارهابيين أجانب علي يد حماس وحزب الله ، فتحوا السجن بالجرانوف والاربي جيه ، لاطلاق سراح مرسي وبديع والعصابة !.
وكتب " المرحوم" علاء الأسواني تويتة رثاء في الميتة الراحلة ، وقال الظاهر إن ٢٠ في المائة فقط من الشعب يذكر الميتة بالخير ،والثمانون في المائة يمقتونها، والعبارة الأخيرة مني !
حضر إذن يوم ٢٥ يناير وغاب الشعب ، خوفا أو من شدة البرد أو فشلا في الحشد ، ولم يظهر سوي نافخي العوازل الذكرية ، نفخوهازبالونات ووزعوها علي الجند كهدية !
فقد تلت اليوم الصامت ، وكان مرتقبا أن يشهد عودة مرسي الي القصر الساعة ثلاثة العصر ، واحدة من اسفل وقائع التحدي الإجتماعي ، حين قام ممثل اسمه أحمد مالك ، ومراسل برنامج فاهيتا علي محطة سي بي سي الفضائية ، بشراء كبابيت ، كوندوم ، عازل ذكري يعني ، ونفخاها ، نفخا قويا حتي صارت الواقيات الذكرية التي يستخدمها الرجال في العلاقة الحميمة، بالونات مستطيلة ، لابد طبعا تكون مستطيلة ، وهما مسخسان من الضحك ، وتبارى السافلان في كتابة الجملة التالية " من شباب مصر الي الشرطة ، في ٢٥ يناير " ، والمعني الحقير الواطي مفهوم بالطبع
ونزل السافلان الي صينية ميدان التحرير ، وسجد شادي حسين مراسل السي بي سي ، ومعه علم مصر في حركة تمثيلية ساخرة ، وانقلب مع مالك الي الجنود والأمناء ووزعا عليهم اربع خمس كبابيت منفوخة كبالونات ، والعساكر والأمناء فرحانة وعلي سجيتها ، مش واخدة خوانة ولا ندالة رخيصة كهذه ، مدبرة ومقصودة، وإمعانا في التندر بهم مال شادي وقبل الجنود ، ودفن رأسه في جنب العسكري ، آهوه بحبك آهوه !
وفي مشهد تال اشترك الاثنان في توزيع المزيد ، وراح شادي يقبل زميله في خده قبلات متكررة ، ضاغطا القبلات في خد الولد بطريقة مقرفة مقززة ، تنطوي علي فجور ولامبالاة ، وعدم احترام لأي قيمة، ولا حياء ألبتة !
ورغم السخط البالغ من كافة شرائح المجتمع ، ورغم تبرؤ ابو الممثل أحمد مالك من تصرف ابنه المشين ، واعتباره ذلك عقوقا للوطن وللوالد شخصيا ، فإن الواقعة ، علي سفالتها ، وجدت من يبرر ويدفع بأنها طيش شباب في العشرين من العمر ، لم يجد من يربيه !
لوكان الفاعل ضابط شرطة ، في واقعة إهانة مواطن ، لاندفعت قطعان الغضب تدين وتندد وتطالب بمحاكمة الضابط الشاب الأرعن الذي أساء لجهاز الأمن برمته . ومن العجب أن هذا المجتمع ذاته هو من طالب بإعدام فتي قاصر اغتصب الطفلة زينة وألقاها من أعلي العمارة الي بئر السلم في بورسعيد ، ولم يتحدث أحد عن أنه مجرد عيل طائش وسوس له الشيطان .
نحن نعيش حالة من الاستهتار في الشوارع والبيوت ، وحالة من التربص بالعقول والأقلام ، يمارسها بشهوة وحرفنة وتلذذ ، أفراد و محامون ، بدعوي الدفاع عن القيم والأخلاق والمال العام والشرف العام وأي عام عام !
وهكذا لحقت فاطمة ناعوت باسلام البحيري ، وسيلحق بهما كل من فكر وشت، واحتد وتجاوز . بداية أنا لاأحب ناعوت قلما وقالبا ، وهي في الجوهر مسألة كيمياء وازدراء مني لمعان تكتبها ، فيها صدمة للشعور العام ، لكني لست قط مع محاكمة التاس علي آرائهم ، طالما أنهم كمسلمين لم ينكروا معلوما من الدين بالضرورة ، ولم يسخروا من الأنبياء وأهل الأنبياء وصحابتهم ، وهو ما نص عليه القانون ٩٨ أ من قانون العقوبات . هناك توسع غير مريح في استخدام هذه المادة ،وهناك سيولة في معني كلمة الازدراء ، فليس ما يرفضه العقل عند التفنيد ، بحثا عن الاقتناع ، وبلوغ محطة الحقيقة ، هو بالحتم سخرية ، بل إن البشر في بحثهم عن الواحد الأحد ، جسدوه في العديد من مخلوقاته حتي البسيط البدائي منها في بدء الخليقة وقبل نزول الرسل .
من أجل حماية العقل وتشجيع الإجتهاد لا يجوز مصادرة الاذهان وتخويف الفكر لجبالحبس والغرامات إرضاء لمت يشتطون ، ويتخيلون أنهم المحتسبون الجدد. لقد انتقلت الي النيابة وحدها حقوق تحريك الدعاوي في قضايا الرآي والفكر ، وهي الأمينة عليها ، حتي لايتباري محتسبون في حبس الناس لأنهم كتبوا أو نطقوا أو رسموا ما يعتقدون ، علما بأن حرية الاعتقاد والتعبير يحميها الدستور ويكفلها .
بدأ الاسبوع باختفاء الناس من الشوارع والميادين ، وانتهي بفضيحة بالين الواقي الذكري ، ومعها حبس فاطمة ناعوت !
صنعتم منها مفكرة ،كما صنع المجتمع من البلطجية لصوص البنوك حارقي المستشفيات واقسام الشرطة شهداء وثوارا !
مصر تتدفق كرما وقت الفوضي .

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة