سيناء مسؤوليتنا وفي حمايتنا.. ولا نخون القضية الفلسطينية
السبت، 16 مارس 2024 07:00 م
- مخطط «سيناء وطن بديل» للفلسطينيين في خبر كان .. والعالم اقتنع برؤية مصر الرافضة للتهجير
«لا يمكن أن نفرط في حق الفلسطينيين وأرضهم وأرض سيناء أرضنا وبلادنا ومسئولين عن حمايتها».. هكذا تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الندوة التثقيفية الـ 39 للقوات المسلحة بمناسبة يوم الشهيد السبت الماضي، موجهاً رسائل عديدة مباشرة، على رأسها أنه لا مساس بشبر واحد من سيناء وأن كل الخطط الموضوعة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة مرفوضة بشكل قاطع من مصر، وأنها لن تقبل تحت أي ظرف من الظروف وضع حلول بديلة للقضية الفلسطينية.
حديث الرئيس السيسي تضمن أيضاً تأكيد واضح على عدم قبول أي مخططات تسعى لتصفية القضية الفلسطينية، قائلا: "بقي اللى انتوا شايفين دمهم دول ممكن نخونهم ولا إيه"، في إشارة واضحة إلى شهداء غزة جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي، حيث تجاوز عدد ضحايا حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها سلطات الاحتلال الـ 100 ألف شهيد ومصاب غالبيتهم من الأطفال والسيدات وكبار السن.
ولم يكن حديث الرئيس السيسي عن رفضه سياسة التهجير المتبعة ضد الفلسطينيين هو الأول من نوعه، فمنذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع المحاصر، وتقف مصر وقياداتها بشكل حازم ضد كل المحاولات الإسرائيلية الساعية إلى التهجير، حيث جاء موقف القاهرة واضحاً أمام العالم لمن يروجون لحلول بديلة ويضغطون لتمريرها رافعة شعاراً واحداً عنوانه "لن نقبل بغير الحل العادل.. والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود 67 في إطار حل الدولتين.. وأن العالم لا يجب أن يقبل استخدام الضغط الإنساني، للإجبار بسياسة التهجير".
في الوقت نفسه تجدد مصر مراراً وتكراراً مع الدفاع عن مسار حل الدولتين، بالتشديد على الرفض التام، للتهجير القسري للفلسطينيين، ونزوحهم إلى الأراضي المصرية في سيناء، فالرئيس السيسي، كان أول من فطن للأهداف الإسرائيلية، لذلك كان أول من تحدث عن هذه المخططات فور بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع، مؤكداً أن مصر لم ولن تسمح بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية، مؤكداً رفض مصر القاطع لتصفية القضية الفلسطينية دون حل عادل من خلال تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر، وضرورة العمل على التهدئة بما يتيح المجال أمام فتح المسار السياسي وصولا إلى حل الدولتين، الذي يمثل الطريق الوحيد نحو السلام العادل والدائم في المنطقة.
واستطاع الرئيس السيسي بهذه الأحاديث المباشرة، إحباط مخطط التهجير القسري لسكان قطاع غزة، وتوطينهم في سيناء وما كان سيتبعه من تصفية كاملة للقضية الفلسطينية بل واتساع دائرة الحرب وتداعيات ذلك على الأمن القومي المصري والعربي، ووقف الرئيس السيسي حائط صد أمام دعوات الاحتلال الإسرائيلي لتجبر القوى الدولية على تبنى وجهة النظر المصرية، وبفضل تلك التحذيرات القاطعة لمحاولات جر مصر للحرب، تغيرت مواقف الدول الداعمة لتنفيذ مخطط "الوطن البديل"، كما خرجت حكومة الاحتلال الإسرائيلية محرجة لتنفي أي محاولات من جانبها لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، رغم ما لديها من خطط سرية لتنفيذ هذه المهمة.
موقف مصر الرافض للتهجير دفع العالم إلى اتخاذ موقف حازم
رسائل مصر الواضحة والرافضة للتهجير في أكثر من مناسبة على لسان الرئيس السيسي؛ دفعت الكثير من الدول الكبرى والإقليمية إلى اتخاذ موقف أشد حزماً ضد المخططات الإسرائيلية الساعية إلى تنفيذ حملات التهجير، والبداية جاءت من الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي أكد أن الولايات المتحدة ترفض نزوح الفلسطينيين خارج أراضيهم، معرباً عن التقدير البالغ للدور الإيجابي الذي تؤديه مصر والقيادة المصرية بهذه الأزمة، في الوقت الذي أعربت فيه فرنسا أيضاً عبر وزير خارجيتها ستيفان سيجورنيه عن رفضه تهجير أهالي قطاع غزة قسرا إلى شبه جزيرة سيناء شمال شرق مصر، تحت ضغط الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
الخارجية البريطانية كانت من الدول التي اتسقت موقفها أيضاً مع مصر فيما يخص هذا الأمر، حيث أعربت عن رفضها لتهجير الفلسطينيين، مؤكدةً أن "غزة أرض فلسطينية محتلة، وسوف تكون جزءاً من دولة فلسطينية مستقبلاً، قائلة إنه "يجب ألا يُجبر أهالي غزة على النزوح أو الانتقال إلى مناطق أخرى"، مضيفةً: "نرفض بكل شدة، إلى جانب شركائنا الدوليين، أي اقتراح بإعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة"، فيما ندد منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بالدعوات الإسرائيلية إلى تنفيذ خطة لهجرة الفلسطينيين، قائلاً إن "عمليات التهجير القسري محظورة تماما وتعد انتهاكا خطيرا للقانون الإنساني الدولي".
الاقتناع الدولي بالرؤية المصرية الرافضة لسياسة التهجير باتت واضحة، فلم يتوقف هنا رفض الكثير من الدول للخطط الإسرائيلية عند هذا الحد، فوكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيثس أعرب هو الآخر عن القلق البالغ إزاء التصريحات الإسرائيلية المتطرفة للنقل الجماعي للمدنيين من غزة إلى بلدان ثالثة، وأكد غريفيثس أن التصريحات الإسرائيلية تثير مخاوف جدية بشأن إمكانية النقل أو الترحيل بشكل جماعي وقسري للسكان الفلسطينيين من قطاع غزة، "وهو أمر محظور تماما بموجب القانون الدولي". وفي اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي حول الوضع في الشرق الأوسط، شدد على ضرورة رفض أي محاولة لتغيير التركيبة الديمغرافية لقطاع غزة بحزم. وأكد أن "أي شخص نازح في غزة يجب أن يُسمح له بالعودة، وفق القانون الدولي".
وكان وزيرا الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش أعلنا دعمهما لـ"التهجير الطوعي للفلسطينيين" من قطاع غزة، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية)، عن وزير المالية قوله إنّ "أكثر من 70% من الجمهور الإسرائيلي يؤيد حلاً إنسانياً لتشجيع الهجرة الطوعية لعرب غزة واستيعابهم في بلدان أخرى"، فيما قال بن غفير: "يجب علينا تعزيز الحل لتشجيع هجرة سكان غزة، فهذا هو الحل الصحيح والعادل والأخلاقي والإنساني".
من جانبها، وصفت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين فرانشيسكا ألبانيز، تهجير إسرائيل القسري للفلسطينيين بـ"جريمة ضد الإنسانية"، موضحة أن "التهجير القسري جريمة ضد الإنسانية، وأن إسرائيل تنفذ ذلك بتهور منذ عقود من الاحتلال غير القانوني"، مضيفة أن إسرائيل نقلت خطة التهجير القسري هذه إلى مستوى جديد من خلال ترويع السكان وتجويعهم وقصفهم، كما أعرب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك، عن "القلق الشديد" إزاء تصريحات الوزيرين، فيما قال المقرر الأممي المعني بالحق في السكن اللائق بالاكريشنان راجاغوبال، إنّ الترحيل القسري لسكان غزة "إبادة جماعية"، والدول التي تنوي استقبالهم سترتكب "جريمة" دعم هذه الإبادة.
ولم تتوقف الاتصالات والمباحثات بين الرئيس السيسي، وزعماء العالم وممثلي المنظمات الأممية والدولية لبحث التهدئة ومنع اشتعال الموقف في المنطقة بأكملها، موفرة كافة الأجواء من أجل وقف إطلاق النار في غزة، حيث استضافت القاهرة عددا من اجتماعات التفاوض بهدف التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل ووقف الحرب الدائرة في القطاع خلال شهر رمضان المبارك، حيث تأتي تلك المباحثات بمشاركة مختصين من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل، بالإضافة إلى وفد من حركة حماس، استكمالاً لما تم بحثه في العاصمة القطرية الدوحة ولقاء باريس الأخير.
وتأتي الجهود المصرية بالتنسيق مع الدول العربية في إطار وقف إطلاق النار في غزة، من أجل تفويت الفرصة على الاحتلال الإسرائيلي الساعي إلى تنفيذ مخططاته الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير والتي تحاول إسرائيل العمل على تطبيقه منذ أكثر من 50 عاماً، وهو الأمر الذي كشفته وثائق بريطانية نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية في وقت سابق، وقالت إن محاولات إسرائيل لتمرير سيناريو تهجير الفلسطينيين للأراضى المصرية ليس وليدة اليوم فقط، وإنما تعود لعام 1971، أي قبل حرب 6 أكتوبر بعامين، وهدفت الخطة إلى ترحيل آلاف الفلسطينيين من سكان قطاع غزة إلى شمال سيناء، بزعم أن كان القطاع مصدر إزعاج أمنى لإسرائيل وباتت مخيمات اللاجئين بؤر مقاومة قوية للاحتلال في تلك الفترة.
التنمية في سيناء يفشل مخطط التهجير
الرفض المصري لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، لم يأت عبر التصريحات فقط، بل بما تشهده شبه جزيرة سيناء المصرية على أرض الواقع من تنمية مستدامة وتحسين لجودة حياة السكان المحليين، فما قاله رئيس الوزراء مصطفى مدبولى قبل أشهر حول دلالة خطوة التوجه نحو سيناء وتنميتها أن دل يدل على الفكر المصري المستقبلي لهذا الملف، فقال مدبولي إن "القوة العسكرية لن تستطيع وحدها حماية سيناء، ولا سبيل لإنهاء أى مخطط مستقبلا إلا بالتنمية الشاملة"، مشيرًا إلى الجهود الحثيثة التى تبذلها الدولة المصرية لتنمية سيناء بصورة كاملة والتى تشمل أن يكون هناك 8 ملايين مصرى داخل سيناء قبل 2050، قائلًا: "تراب سيناء عزيز علينا، وعقيدتنا دائما النصر أو الشهادة".
وخلال العقود الأخيرة، شهدت سيناء استثمارات كبيرة في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية بهدف تحقيق التنمية المستدامة وتحسين الظروف المعيشية للمجتمع، وتتمثل جهود التنمية في سيناء في عدة مجالات، فتشهد سيناء جهودًا مستمرة ومتواصلة لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة حياة السكان، فمنذ العقود الأخيرة، شهدت سيناء استثمارات كبيرة في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية بهدف تحقيق التنمية المستدامة وتحسين الظروف المعيشية للمجتمع.
كما تشمل البنية التحتية والخدمات العامة تطوير وتحسين مستمر ومتواصل، بما في ذلك الطرق والمواصلات والمرافق الصحية والتعليمية، وشهدت المنطقة إنشاء مشاريع لتوفير المياه والكهرباء والصرف الصحي للمناطق النائية، وتحسين وتطوير المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية، كما يُعَدّ قطاع السياحة من أهم القطاعات الاقتصادية في سيناء، وقد شهدت المنطقة استثمارات كبيرة في تطوير المنشآت السياحية وتعزيز الخدمات السياحية. وتهدف هذه الجهود إلى جذب المزيد من السياح وتعزيز النشاط الاقتصادي في المنطقة.
وتُعَدّ الزراعة والصناعة من القطاعات الحيوية في اقتصاد سيناء، وشهدت المنطقة جهودًا مستمرة لتطوير هذين القطاعين وتحسين أدائهما، وتم تنفيذ مشاريع لزيادة الإنتاج الزراعي وتعزيز التسويق للمنتجات الزراعية المحلية، بالإضافة إلى دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتشجيع الاستثمار في هذا القطاع.
وتتميز جهود التنمية في سيناء بالتعاون الوثيق بين الحكومة المصرية والمؤسسات الدولية والمحلية، إضافة إلى دور القطاع الخاص والمجتمع المحلي. ومن المهم أن تستمر هذه الجهود بشكل مستدام لضمان تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة ورفاهية سكانها. إن جهود التنمية في سيناء تعتبر استثمارًا في المستقبل وتحقيقًا للتنمية المستدامة، وتعكس التزام الحكومة المصرية بتحقيق التنمية الشاملة وتحسين جودة حياة السكان في هذه المنطقة الحيوية.