عنتر عبداللطيف يكتب: «الحشاشين».. كيف فضحت «العامية المصرية» أفكار حسن الصباح «المتطرفة»؟
الأربعاء، 13 مارس 2024 01:00 ص
جدل شديد أثاره مسلسل «الحشاشين» ليس فقط بسبب تناوله قضية اقحام الدين في السياسة والمآرب والأهداف الدنيوية لبعض الفرق بهدف الوصول إلى الحكم والسيطرة على العقول ولكن أيضا لاستخدام أبطال العمل الدرامي العامية المصرية في حوارهم.
الغرض من رسالة مسلسل «الحشاشين» امتاع العقل بعمل درامي غير مسبوق وإنتاج ضخم لـ«الشركة المتحدة» يستعرض تاريخ نشأة أول فرقة اغتيالات في تاريخ الإسلام ودفعها البعض للانتحار بزعم امتلاك قائد الجماعة الدينية «حسن الصباح» لمفاتيح الجنة المزعومة وفضح آلاعيب من نصبوا من أنفسهم أوصياء على البشر بادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة وكذلك الوصول لأكبر نسبة من المشاهدين ليس فقط في مصر لكن في عالمنا العربي والإسلامي.
من مزايا «الحشاشين» عدم تقعره واستخدامه لهجة متعالية ولغة بألفاظ رنانة ولهجة خطابية ربما يهجر البعض بسببها مشاهدة عمل مهم وملهم ويضعف من رسالة سامية وضعها صناع العمل نصب أعينهم.
العمل الدرامي الأضخم رمضان 2024 يستعرض أحداثا جرت بين القرنين 11 و13 ميلادية، ومهما حاول أبطال «الحشاشين» التعبير عما يجول بخاطرهم باللغة الفصحة فسيظل الأمر نسبي فماذا لو تخلينا مفردات وجمل عصر مضى تدور معظم أحداثه بمدينة أصفهان في إيران وهو ما يرد على من تمنوا أن يكون الحوار بالمسلسل باللغة العربية فالأجدى والأوقع -ردا عليهم- هو أن يتحدث أبطال العمل بلغة عصرهم فماذا لو حدث وتجاذبوا أطراف الحديث بلهجة أصفهان وقتها!
اللهجة العامية المصرية ربما يجيدها معظم مواطني الدول العربية منذ عصر سينما الأبيض والأسود وأفلام الريحاني وإسماعيل ياسين وعمر الشريف وفاتن حمامة ومرورا بأفلام عادل إمام وأحمد زكي ومحمود عبدالعزيز ثم ظهور جيل المضحين الجدد أمثال محمد هنيدي ومحمد سعد.
العامية المصرية ليست مفردات مهجورة منفرة غير مفهومة بل كلمات اعتادت عليها الجماهير العربية العريضة من المحيط إلى الخليج.
الناقدة الفنية ماجدة موريس، ردت على منتقدي استخدام العامية المصرية بالمسلسل بقولها في تصريحات لها إن: «تاريخ الحشاشين معقد ومتعدد الزوايا والأماكن؛ وبالتالي على صناع الدراما الاختيار بين استخدام لهجة مفهومة للقطاع الأوسع من المتابعين، أو استخدام لهجات قديمة متنوعة حسب الموقع الجغرافي، ووقع اختيارهم على العامية المصرية؛ لأن استخدام لهجات مختلفة كان أكثر صعوبة وهناك كلمات قد تكون غير متداولة حاليا».
تضيف: «استخدام اللهجة المصرية التي هي الأكثر انتشارا بأنه "كان حلا دراميا؛ واستخدام اللغة العربية الفصحى ربما يجد فيه المتابعون صعوبة في فهم الحوار».
فيما يرى الناقد الفني، بهاء حجازي، أن: «اللهجة العامية المصرية أسهل على المتلقي المصري والعربي، وأنه في الأونة الأخيرة بات مشاهدون يجدون صعوبة في تلقي العربية الفصحى».
أسس طائفة الحشاشين، الحسن بن الصباح الإسماعيلى، واستولوا على قلعة أَلَموت فى بلاد فارس جنوب غرب بحر قزوين منذ عام «483هـ/1090»، ويقول ابن الأثير، إن الحسن الصباح، كان يطوف على الأقوام يُضلهم فلما رأى قلعة ألَموت، واختبر أهل تلك النواحى، أقام عندهم، وطمع فى إغوائهم ودعاهم فى السر، وأظهر الزهد، ولبس المسح فتبعه أكثرهم، والعلوى صاحب القلعة، حسن الظن فيه، يجلس إليه يتبرك به، فلما أحكمَ الحسنُ أمره دخل يومًا على العلوى بالقلعة، فقال له ابن الصباح: أخرج من هذه القلعة فتبسم العلوى وظنه يمزح، فأمر ابن الصباح بعض أصحابه بإخراج العلوى، فأخرجوه إلى دامغان، وأعطاه ماله وملك القلعة».
اغتالت فرقة «الفدائيين» الذين لا يأبهون بالموت في سبيل تحقيق هدفهم، والمخلصين للعقيدة الإسماعيلية شخصيات مهمة مثل المركيز الصليبى، «كونراد مونفيراتو»، ملك بيت المقدس سنة 1192م، بعدما تسلل مغتالوه فى زى رهبان مسيحيين، وكذلك الوزير الشهير نظام الملك الطوسى بعدما توفى السلطان «ملكشاه» بأسابيع «485هـ/1092م».
حضر «الصباح» إلى مصر بصحبة أسرته ليستقر فيها زمن «الشدة المستنصرية» وراى بنفسه وقتها انتشار الفتن والقتل والجوع وغياب الأمن والأمان بعدما نقص النيل واستطاع بالخديعة الوصول إلى قصر الخليفة المستنصر بالله!
«الحشاشين» من إنتاج الشركة المتحدة وتأليف عبد الرحيم كمال، وإخراج بيتر ميمي، ومن بطولة كريم عبدالعزيز، ونيقولا معوض، وفتحي عبدالوهاب. وكوكبة من النجوم.