خير أجناد الأرض وفي رباط إلى يوم الدين..

الجيش المصري من أقدم الجيوش النظامية بالعالم وتأسس قبل أكثر من 5200 عاماً.. وعقيدته دوما الحفاظ على الأرض والشعب (5)

السبت، 09 مارس 2024 11:00 م
الجيش المصري من أقدم الجيوش النظامية بالعالم وتأسس قبل أكثر من 5200 عاماً.. وعقيدته دوما الحفاظ على الأرض والشعب (5)
محمد فزاع

- شهدت قواتنا المسلحة طفرة تسليحية نوعية وباتت القوة الضاربة واستعادت ريادة مستحقة بما تمتلكه من قيادات مؤهلة ومستويات متفوقة 

- حرب أكتوبر أقوى رد على غطرسة الأعداء حينما أسقط المصريين أسطورة خط بارليف في ساعات

- في 30 يونيو 2013 انحازت القوات المسلحة للشعب ووقفت بجانبه لإنهاء حكم جماعة الإخوان الإرهابية
 
حقق رجال الجيش المصري النصر وأعادوا العزة والكبرياء، بعدما وهبوا حياتهم لحماية وطننا ببطولات محفورة بالتاريخ، ودونوا أمجادهم بدفعهم لأرواحهم ثمنا لتراب الوطن، وكان استشهاد الفريق أول عبدالمنعم رياض رئيس أركان القوات المسلحة ٩ مارس ١٩٦٩، وإصراره على الوجود مع جنوده على جبهة قناة السويس فأصابته شظية إسرائيلية واستشهد، نموذجا واحدا ومثلا ونبراسا للشهداء، يدل على بطولات الجيش المصري طوال تاريخه. 
 
وعلى مر التاريخ شهدت مصر العديد من الحروب التي خاضتها، تارة لصد هجمات الغزاة والمعتدين دفاعًا عن نفسها، وتارةً أخرى للحفاظ على وحدة وتماسك أراضيها والحيلولة دون تشرذمها وتفتتها إلى دويلات صغيرة ضعيفة، لتصدق مقولة بأنهم "خير أجناد الأرض، وأنهم في رباط إلى يوم الدين".
 
لم يكن الجيش المصري يومًا مجرد أداة للحروب بل كانت المؤسسة العسكرية نواة للتنمية الشاملة، وقاطرة التحديث بالمجتمع والبوتقة التي تنصهر بها كل الخلافات محققا الاندماج الوطني واليد المصرية القوية، وعلى مر العصور، حظي بمكانة عظيمة واحترام شعبي ودولي لتاريخه العريق ودوره الوطني داخليا وإقليميا وعالميا.
 
الجيش المصري على مدار تاريخه كان جزءا لا يتجزأ من شعب مصر العظيم، ومن أسباب قوة الجيش أنه لم يعتمد يومًا على المرتزقة وإنما اعتمد على المصريين أبناء الأرض الطيبة منذ عهد الفراعنة، وحتى تأسيسه في الدولة الحديثة على يد محمد علي باشا.
 
ويعد الجيش المصري من أقدم الجيوش النظامية بالعالم، وتأسس قبل أكثر من 5200 عام، وكان ذلك بعد توحيد الملك نارمر لمصر حوالي عام 3200 ق.م، وقبل ذلك العام كان لكل إقليم من الأقاليم المصرية جيش خاص به يحميه، ولكن بعد حرب التوحيد المصرية أصبح لمصر جيش موحد تحت إمرة ملك مصر.
وأنشأ المصريون أول امبراطورية في العالم بفضل الجيش المصرى وهي الإمبراطورية المصرية الممتدة من تركيا شمالاً إلى الصومال جنوباً ومن العراق شرقاً إلى ليبيا غرباً.
 
والجيش المصرى على مدار تاريخه عرف بقدراته الهائلة بالصمود والنهوض مجدداً بعد كل كبوة، ولا دليل أكثر مما حدث 5 يونيو 1967م وهزيمته بمعركة لم تتح له فيها فرصة القتال الحقيقي، ولكن معدن المقاتل المصري ظهر بعدها بأيام قليلة من النكسة وبالتحديد في أول يوليو 1967م.
 
ظهرت قوة المقاتل المصري في ملحمة «رأس العش» وتدمير المدمرة الإسرائيلية «إيلات» قبالة سواحل بورسعيد باستخدام لنشات الصواريخ لأول مرة في التاريخ العسكري البحري، وملحمة بناء حائط الصواريخ بأيدي المصريين مدنيين وعسكريين عمال ومهندسين وفنيين وفلاحين، ومهدت حرب الاستنزاف الطريق لجيش مصر لخوض أعظم معاركه بالتاريخ الحديث، 6 أكتوبر 1973 والتغلب على أكبر مانع مائي بتاريخ الحروب وتحطيم خط بارليف الحصين.
ومع تزايد الأخطار حول مصر وتعدد التهديدات المحيطة بها، وظهور أجيال الحرب الجديدة، تحتم الحصول على مصادر قوة تواكب أحدث ما في العصر من تطور لنوعيات التسليح لمواجهة التحديات، وهو ما ظهر بكون ترتيب الجيش المصري الأول عربيا، وضمن أقوى 15 جيشا بالعالم.
 
وشهدت قواتنا المسلحة الآونة الأخيرة طفرة نوعية بمجال التسليح غير مسبوقة، ونجحت مصر بعقد صفقات مهمة وفاعلة مع عدة دول من الشرق والغرب لتنقل إلى مرتبة لا تتفوق عليها في قائمتها إلا الدول العظمى، وبهذه الصفقات باتت مصر القوة الضاربة بحرياً في الشرق الأوسط، وأصبحت سماؤها مؤمنة تماماً واستعادت القوات المسلحة المصرية ريادة مستحقة بما تمتلكه من قيادات مؤهلة ومستويات متفوقة في العالم.
 
وجعل امتلاك الدولة السلاح القوي الرادع مع تنوع مصادره الموقف المصري في غاية القوة ولا يمكن أن ترضخ لأي ضغوط لعدم اعتمادها على مصدر واحد في التسليح، حتى أكبر دول العالم وأقواها عسكريا تتسابق لطلب تنفيذ تدريبات عسكرية مشتركة مع القوات المصرية.
 
وعرف الجيش المصري بقوته منذ القدم وخاض معارك عدة من أشهرها معركة مجدّو 1468 ق.م، وكانت ضد القادشيين الذين استولوا على مجدو، وهي تل المسلم حاليًا، وتقع شمال فلسطين، وفيها أعاد الجيش المصري بقيادة الملك تحتمس الثالث، هيبة مصر في فلسطين، واسترجع شمالها الذي كان قد خرج عن النفوذ المصري. 
 
وفي معركة "قادش" 1285 ق. م، واجه الجيش المصري بقيادة الملك رمسيس الثاني، الحيثيون بقيادة موتلي على أرض قادش بسوريا، الذي استغل انشغال الدولة المصرية بالقضاء على بعض الاضطرابات في النوبة، وأعد رمسيس الثاني جيشًا قوامه 20 ألف مقاتل، والتقى الجيشان بمدينة قادش، وانتصر الجيش المصري واستمرت الحرب 15 عامًا، حتى طلب ملك الحيثيون الصلح.
 
ولا ننسى معركة حطين 1187 م، التي خاضها جيش المسلمين وتحت لوائه جيش مصر بقيادة صلاح الدين الأيوبي، ضد الصليبين بعدما نقض رينالد شاتيون أحد قادة الصليبيين الهدنة التي عقدها ملك بيت المقدس بلدوين، وقتل فيها عدد مهول من الصليبيين وأسر عدد كبير منهم لدرجة قال المؤرخون أن ساحة الحرب "ظلت مرتعًا للطيور الجارحة لمدة سنة".
 
وبمعركة عين جالوت 1260م، درات بين جيش المسلمين والذي كان التعداد الأكبر فيه للجيش المصري، وبقيادة ملك مصر المملوكي سيف الدين قطز ضد التتار بأرض عين جالوت بفلسطين، ووقتها رفض ملك مصر الاستسلام للتتار والخضوع لرغباتهم وعلق رءوسهم على باب زويلة.
 
وتظاهر بعض الجنود بقيادة بيبرس بالانهزام، ليدخل "كتبغا" وجيشه بالكامل دون ترك قواته الاحتياطية خارج السهل لتأمين خروجه حال الانهزام، لتلتف من ورائه الكتائب والقوات الإسلامية وتحاصره ويحتدم القتال ويُقتل قائد التتار وينتصر المسلمون بالنهاية.
 
وبمعركة عكا 1831 م، دارت مواجهة بين الجيش المصري والحامية العسكرية لمدينة عكا والتي كان قوامها 6000 مقاتل بقيادة ضباط أوروبيين، وأمطر الجيش المصري أسوارها بـ50 ألف قنبلة ونحو 203.000 قذيفة وأسروا والي عكا وقتل 5600 منهم.
 
وبمعركة قونية 1832م استولى الجيش العثماني على سوريا وبدأ يزحف على الأناضول وقام رشيد باشا بإعداد جيش عثماني كبير لقتال إبراهيم باشا ابن محمد على حاكم مصر، والتقوا في قونية وهزم الجيش التركي وأسر قائده رشيد باشا، مع 5000 من قواته، وفتح الباب أمام طريق الأستانة.
 
وبمعركة نصيبين 1839م دارت بين الجيشين المصري بقيادة إبراهيم باشا والجيش العثماني بقيادة فريق من الضباط الألمان، وانتهت بانتصار الجيش المصري، واستولى على جميع أسلحة الجيش العثماني الذي فر جنوده بعد الهزيمة.
 
وبحرب أكتوبر المجيدة 1973 ضربت 220 طائرة مصرية الأهداف الإسرائيلية بسيناء، وبنفس الوقت قصف 2000 مدفع مواقع جيش الاحتلال بالجبهة الشرقية لقناة السويس، وعبرت قوات الجيش الثاني والثالث القناة على دفعات متتالية، وسقط خط بارليف وجرى تحرير مدينة القنطرة شرق بعد معارك دامية لأيام بين الجيش المصري والإسرائيلي على طول الجبهة شرق القناة لأيام، واستردت مصر لسيادتها الكاملة على سيناء وقناة السويس 1982 ثم طابا 1989.
 
وفى 30 يونيو لبى الجيش رغبات 33 مليون مصري احتشدوا بالشوارع مطالبين بخلع الرئيس المعزول محمد مرسى، وإنهاء حكم الظلام الإخواني، وأعلنت القوات المسلحة وقوفها بجانب رغبات الشعب المصري، وأمهلت جميع الأطراف 48 ساعة للاستجابة، لمطالب الشعب ولم يستمع مرسي وجماعته لصوت الشعب وأصر على عناده.
 
وتحركت القوات المسلحة للانحياز للشعب، وأعلنت خارطة طريق تحدد مستقبل مصر وتشمل خلع مرسي وتعطيل العمل بالدستور مؤقتا وتولي رئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلي منصور رئاسة مصر، مؤقتا لحين تعديل الدستور وإجراء مصالحة وطنية وانتخابات برلمانية ورئاسية حرة نزيهة.
 
ويعد الحرب على الإرهاب من أهم الحروب التي خاضتها مصر في تاريخها لأنها مرتبطة ارتباط وثيق بما حدث بأحداث 25 يناير 2011، والتي كان الغرض منها إسقاط وإغراق الدولة بالفوضى نتيجة الوضع السياسي، وتعرضت القوات المسلحة والداخلية لنحو 306 هجمة إرهابية في عام 2013، ومع تضحيات الجيش المصري والشرطة التي وقفت كحائط صد منيع انتهت بصفر عمليات إرهابية في 2023.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق