إسرائيل المحاصرة.. محاكمة تاريخية للاحتلال أمام العدل الدولية
السبت، 24 فبراير 2024 08:00 ممحمود على
الادعاء: مصر
المجنى عليه: فلسطين
المتهم: إسرائيل
الجريمة: قتل وإبادة جماعية
المرافعة المصرية تضع «تل أبيب» تحت مقصلة العدالة وتفضح 76 عاما من الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين
إسرائيل تقوم بأعمال استعمارية واستيطانية ونقلت 750 ألف مستوطن إلى الأراضى الفلسطينية المحتلة وغيرت الطبيعة الديموغرافية والجغرافية للاراضى الفلسطينية
القاهرة ترفع شعار «حان وقت إنهاء الاحتلال» وتؤكد: الأمم المتحدة مسئولة عن القضية الفلسطينية إلى حين تقديم حل عادل
المجنى عليه: فلسطين
المتهم: إسرائيل
الجريمة: قتل وإبادة جماعية
المرافعة المصرية تضع «تل أبيب» تحت مقصلة العدالة وتفضح 76 عاما من الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين
إسرائيل تقوم بأعمال استعمارية واستيطانية ونقلت 750 ألف مستوطن إلى الأراضى الفلسطينية المحتلة وغيرت الطبيعة الديموغرافية والجغرافية للاراضى الفلسطينية
القاهرة ترفع شعار «حان وقت إنهاء الاحتلال» وتؤكد: الأمم المتحدة مسئولة عن القضية الفلسطينية إلى حين تقديم حل عادل
الأربعاء 21 فبراير 2024، اليوم الذى حاصرت فيه مصر الجرائم الإسرائيلية فى فلسطين أمام محكمة العدل الدولية، من خلال مذكرتين ومرافعة شفوية، رصدت خلالها القاهرة الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، ليس فقط بعد أحداث السابع من أكتوبر الماضى، حينما بدأت وتيرة القتل الإسرائيلية بحق الفلسطينيين فى قطاع غزة، وإنما منذ أكثر من 76 عاما، هى تاريخ الاحتلال الإسرائيلى البغيض بحق فلسطين، وهى سنوات شهدت ارتكاب الاحتلال لكل الجرائم المعروفة وغير المعروفة بحق الفلسطينيين، بدأت بالتهجير القسرى فيما سمى بالنكبة الكبرى، مرورا بمئات المجازر التى راح ضحيتها الاف الأبرياء.
من على منصة محكمة العدل الدولية بمدينة لاهاى الهولندية، وقفت الدكتورة ياسمين موسى، المستشارة القانونية بمكتب وزير الخارجية، مقدمة المرافعة المصرية أمام المحكمة، بشأن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المقدَّم إلى محكمة العدل الدولية لطلب منح الرأى الاستشارى للمحكمة بشأن الآثار القانونية المترتبة على الممارسات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، حتى اليوم، مؤكدة للعالم كله باسم مصر أنه «لا سبيل لحل القضية الممتدة منذ ما يقارب الـ76 عاما إلا باستعادة الحقوق الفلسطينية المهدورة، ورفض سياسات الاحتلال التى تنتهك القانون الدولى والإنسانى والقانون الدولى لحقوق الإنسان».
المرافعة المصرية أمام «العدل الدولية» هى مرافعة تاريخيّة، فى محاولة لحشد الرأى العام العالمى لشجب وإدانة الانتهاكات التى تمارسها إسرائيل بحق الشعب الفلسطينى منذ نحو سبعة عقود من الزمن، ولتذكير العالم بأن تأمين سلامة المدنيين داخل فلسطين هو مسئولية دولة الاحتلال، وأن حرمانهم من العيش على أرضهم هو جريمة حرب، ولاسيما لطرح سؤال على المجتمع الدولى: إلى متى سيظل شعب فلسطين يقتل ويغتصب حقوقه؟
مرافعة مصر أمام محكمة العدل فضحت انتهاكات إسرائيل، فقد أكدت ممثلة مصر أمام محكمة العدل الدولية أن الاحتلال الإسرائيلى وسياسة الأمر الواقع غير قانونى وغير شرعى وخطير جدا، مشيرة إلى استمرار إسرائيل فى السياسيات التشريدية والتهجيرية بحق الشعب الفلسطيني، وقالت «إن إسرائيل تعمل بشكل متعمد ومستمر على خلق ظروف حياتية مستحيلة فى قطاع غزة، إذ أنها تفرض الحصار وسياسة التجويع وتمنع وصول المساعدات الإنسانية، وتخطط الآن لاقتحام رفح التى يوجد بها أكثر من مليون و300 ألف فلسطينى».
وحددت المرافعة المصرية بعضا من الجرائم الإسرائيلية المتعددة، منها «إن المذبحة التى ترتكبها إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية وتحديدا فى غزة مستمرة، إذ استشهد نحو 29 ألف فلسطينى حتى الآن وشرد أكثر من 2 مليون فلسطينى فى انتهاك واضح للقانون الدولى»، مشددة على ضرورة وقف السياسات والممارسات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة كونها غير قانونية وتجب مراجعتها وتقييمها، كما أشارت إلى فشل مجلس الأمن الدولى فى المناداة والدعوة من أجل وقف إطلاق نار دائم فى الأراضى الفلسطينية، لافتة إلى استمرار الانتهاكات الإسرائيلية فى الضفة الغربية حيث تفرض قيودا حركية وتقوم بأعمال اقتحامات وتهدم منازل الفلسطينيين، وتسمح للمستوطنين بممارسة العنف ضدهم وتعمل على زيادة بناء المستوطنات بشكل كبير ذاهبة بحل الدولتين إلى المجهول.
وقالت الدكتورة ياسمين موسى «إن هذه الانتهاكات من قبل الاحتلال الإسرائيلى للقانون الدولى تهدف الى تجريد الشعب الفلسطينى من ممتلكاته وفرض السيادة الإسرائيلية على الأراضى الفلسطينية، وجعل هذا الاحتلال غير القانونى دائما»، لافتة إلى أن المحكمة صنفت الاستيلاء على أراضى الغير بالقوة أمرا محظورا، وأن مبدأ تقرير المصير هو أيضا واحد من معايير القانون الدولى الواضح والقاطع الذى لا يمكن انتهاكه تحت أى ظرف، وأيضا هناك حظر واضح للفصل العنصرى ولمحاولة إخضاع شعب آخر لسيادة دولة أخرى.
كما أكدت المستشارة القانونية ياسمين موسى، أن الأمم المتحدة مسئولة عن القضية الفلسطينية إلى حين يتم تقديم حل عادل لهذه القضية، وقالت: «إن منطقة الشرق الأوسط تتطلع إلى الاستقرار والسلام الدائم والشامل والعادل لحل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى على أساس المبادئ الدولية والتى بمقتضاها يتم قيام الدولة الفلسطينية على حدود ما قبل 1967 وعاصمتها القدس الشرقية»، موضحة أن الرأى الاستشارى للمحكمة سيكون مرشدا للأمم المتحدة من أجل تحقيق هذا الغرض، كما أشارت إلى استمرار الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الشعب الفلسطينى فى تقرير المصير، حيث تستمر إسرائيل فى احتلالها لفترة زمنية طويلة بدأتها منذ عام 1967، لافتة إلى أن فلسطين تعرضت لأطول احتلال فى التاريخ الحديث للبشرية وفرض الوقائع على الارض من أجل تمديد عمر هذا الاحتلال، إذ أن إسرائيل بدأت بزراعة المستوطنات فى الضفة الغربية والقدس الشرقية وفرض الحقائق على الأرض وتفتيت الأراضى الفلسطينية فى انتهاك واضح للقانون الدولى.
وقالت المستشارة القانونية ياسمين موسى: إن ممثلى دولة فلسطين أوضحوا أمام هذه المحكمة إن إسرائيل تقوم بأعمال استعمارية واستيطانية، حيث عملت على نقل المستوطنين ليعيشوا فى الأراضى الفلسطينية المحتلة ليصل عددهم الى 750 ألف مستوطن، مغيرين بذلك الطبيعة الديموغرافية والجغرافية للاراضى الفلسطينية، مشيرة إلى أن هناك دولا قليلة جدا من تدافع عن السياسات الإسرائيلية وهذه الأعمال غير شرعية وغير قانونية وتمارس على أساس الاحتلال، إذ أن هذا الاحتلال غير قانونى وغير شرعى وفق قرارات الامم المتحدة وقرارات مجلس الامن الدولى.
وتضمنت المرافعة المصرية أمام «العدل الدولية»، الدفوع والأسانيد القانونية لتأكيد اختصاص المحكمة بمنح الرأى الاستشارى فى تلك المسألة، ومن الناحية الموضوعية تأكيد عدم شرعية ممارسات الاحتلال الإسرائيلى الممنهجة ضد حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة وغير القابلة للتصرف، حيث أكدت مصر على الأهمية القصوى للأبعاد القانونية المترتبة على منح الرأى الاستشارى للمحكمة بشأن الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وأن طلب الرأى الاستشارى يأتى فى ظل ظرف دقيق، وعلى خلفية تاريخ يمتد لنحو خمسة وسبعين عاما من الممارسات الإسرائيلية الرامية للدفع بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وسلب للأراضى والمنازل، وتنفيذ سياسات العقاب الجماعى، واستخدام ممنهج وعشوائى للعنف ضد المدنيين، ومواصلة تعريض أبناء الشعب الفلسطينى للمعاناة الإنسانية بنهج غير مسبوق الحجم والتأثير، وبينما لايزال العالم يقف صامتا أمام اتخاذ موقف حازم بحتمية إنهاء الاحتلال طويل المدى.
وركزت المرافعة المصرية فى متنها على الدفع بالأسانيد والحجج القانونية تجاه أربعة موضوعات رئيسية، أولا: تأكيد اختصاص محكمة العدل الدولية بمنح الرأى الاستشارى فى الممارسات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وثانيا: استبيان الآثار القانونية المترتبة عن الإحتلال الإسرائيلى الذى طال أمده بالمخالفة لقانون الحرب والمبادئ التى تحكم مشروعية استخدام القوة، فضلا عن الآثار القانونية الخاصة بحظر الاستيلاء على الأراضى بالقوة، ومبدأ حق تقرير مصير الشعوب، وحظر العنصرية والفصل العنصرى، وثالثا: دحض المبررات القانونية الخاصة باستخدام مبدأ الدفاع عن النفس، والضرورة الأمنية أو العسكرية، ورابعا: ملخصا للآثار القانونية الناشئة عن الممارسات الإسرائيلية.
واستندت المرافعة المصرية إلى سوابق أحكام وآراء المحكمة، التى تؤكد انطباق القانون الدولى الإنسانى والقانون الدولى لحقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وكذا مبدأ عدم شرعية ضم الأراضى والاستيلاء على الإقليم بالقوة، ورفض ممارسات إسرائيل بتهويد القدس، وإدانة إنتهاك حق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره، وعلى رأسها الرأى الاستشارى لمحكمة العدل الدولية الخاص بالجدار العازل فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، كما أكدت مواقف المحكمة سابقا انطباق المبادئ القانونية الواردة بميثاق الأمم المتحدة ومعاهدة جنيف الرابعة على الأراضى الفلسطينية المحتلة، وكذا قواعد لاهاى الخاصة بقانون وأعراف الحرب، والمعاهدات الخاصة بالقانون الدولى لحقوق الإنسان، وخاصة الإتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصرى، بالإضافة إلى مبادئ القانون الدولى العرفى، وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأكدت مصر، أن اختصاص محكمة العدل الدولية فى منح الرأى الاستشارى لا غنى عنه فى سبيل دعم هدف حل الدولتين لإرساء ركائز الأمن والاستقرار فى المنطقة، والتوصل لحل عادل وشامل ودائم للصراع العربى – الإسرائيلى استنادا لأحكام القانون الدولى، مشددة على أن السبيل الأوحد لتحقيق تلك الغاية يظل من خلال إقامة الدولة الفلسطينية، متصلة الأراضى والقابلة للحياة، على خطوط ما قبل عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
كما شدَّدت جمهورية مصر العربية على ضرورة التزام المجتمع الدولى وفقا لمبادئ المسئولية الجماعية، بوقف الإنتهاكات الإسرائيلية الممنهجة لأحكام القانون الدولى، وعدم الاعتراف ورفض أية آثار تنشأ عن الممارسات الإسرائيلية غير القانونية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، سواء فى قطاع غزة أو الضفة الغربية، بما فى ذلك القدس الشرقية، من استيطان وتهجير وسلب للأراضى وعرقلة الشعب الفلسطينى عن تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، مؤكدة ضرورة قيام الأطراف الدولية بالضغط على إسرائيل للامتثال لمقررات الشرعية الدولية ذات الصِلة، واحترام أحكام القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
وسبق أن قدمت مصر مذكرتين مكتوبتين إلى محكمة العدل الدولية فى يوليو وأكتوبر 2023، بالإضافة إلى المرافعة الشفهية، قد تم إعدادها من جانب الفريق القانونى لوزارة الخارجية المصرية، حيث تناولت بشكل مستفيض الآثار القانونية للممارسات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، واستهدفت تأكيد اختصاص المحكمة للنظر فى المسألة، وإثبات الآثار القانونية الناشئة عن الممارسات الإسرائيلية فى إطار التزاماتها باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال.
مصر حامية للحقوق الفلسطينية
ومثلت مرافعة مصر دليل جديد على سعى الدولة ومؤسساتها المعنية الدائم، على ضرورة وضع حد للممارسات الإسرائيلية المرتكبة بحق الشعب الفلسطينى الأعزل، خاصة التى شهدها قطاع غزة المحاصر منذ يوم السابع من أكتوبر الماضي، حيث ارتكبت سلطات الاحتلال مجازر نكراء يندى لها الجبين وجرائم ضد الإنسانية، رأت القاهرة أنه تجب المحاسبة عليها، وهو ما سيضع قادة إسرائيل المتورطين فى الإبادة الجماعية المرتكبة فى غزة فى موقف صعب، لا سيما وأن العالم كله كان شاهدا على حجم الممارسات الفظيعة التى لحقت بسكان غزة خلال الأربعة أشهر ونصف الماضية.
وتلقت مصر الكثير من الإشادات جراء مرافعتها أمام العدل الدولية، كونها اعتبرت جبهة جديدة من جبهات الدعم والمساندة التى تقدمها الدولة المصرية للقضية الفلسطينية منذ اندلاع أزمة السابع من أكتوبر الماضى، حيث جرت العادة أن تكون مصر فى طليعة الداعمين لفلسطين وشعبها، فمنذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلى الدام على غزة، لتأتى المرافعة الشفهية التى قدمتها الدكتورة ياسمين موسى، المستشارة القانونية بمكتب وزير الخارجية، أمام المحكمة العدل الدولية، لتؤكد مجددا على الدور المصرى التاريخى الهام الداعم لحل القضية الفلسطينية، مستخدمة القاهرة كل أدواتها السياسية والدبلوماسية منذ بداية الأزمة الأخيرة ناجحة فى تحقيق توازن بالرأى العام العالمى، فى وقت قدمت مصر مذكرة أمام محكمة العدل الدولية، كانت هى الأخرى إحدى أدواتها فى إظهار الحقائق ووضع المجتمع الدولى أمام مسئولياته لوقف نزيف الدماء المستمر فى قطاع غزة.
تحركات مصر السياسية والإنسانية لوقف معاناة سكان غزة
وتتحرك القاهرة على كافة المسارات من أجل تخفيف المعاناة على الشعب الفلسطينى المحاصر، مقدمة كل ما فى وسعها لنيل الفلسطينيين حقوقهم المشروعة بإقامة دولتهم المستقلة على حدود 67، وخلال العدوان الإسرائيلى الغاشم، بذلت القاهرة أقصى جهودها لاستمرار دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، سعيا للوقوف معهم فى الأوضاع الإنسانية الكارثية التى يمرون بها جراء هذا العدوان الدموى.
ورغم أن معبر رفح من الجانب المصرى غير مخصص ولا مهيأ إنشائيا لدخول البضائع، إلا أن مصر تغلبت على هذه العقبة بجهود فنية كثيفة وعاجلة ليسمح بمرور الشاحنات متخطية كل ما يعوق توجيه المساعدات للقطاع، فبعدما قصف جيش الاحتلال الإسرائيلى الطرق المؤدية للمعبر من الجانب الفلسطينى 4 مرات على الأقل ليحول دون أى تحرك عليها، قامت مصر فى خلال فترة وجيزة للغاية بالإصلاح الكامل لهذه الطرق.
ولم يغلق معبر رفح من الجانب المصرى لحظة واحدة طوال أيام العدوان، وقبلها، وهو ما أكدت عليه عشرات المرات تصريحات رسمية بدءا من الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى ووزارة الخارجية وكل الجهات المعنية، مطالبين الجانب الإسرائيلى بعدم منع تدفق المساعدات الإنسانية للقطاع والتوقف عن تعمد تعطيل أو تأخير دخول المساعدات بحجة تفتيشها، ونجحت الدولة المصرية فى إجلاء أكثر من 27 ألف مواطن أجنبى وذويهم من خلال تنسيق موسع مع أكثر من 80 سفارة وهيئة دولية عاملة فى مصر، فضلا عن إدخال 130 ألف طن من المساعدات الإنسانية والوقود والأدوات الغذائية والطبية وخيم الإيواء وغيرها.
ويؤكد لنا أن المجهود الجديد الذى تقدمه الدولة المصرية فى محكمة العدل الدولية ينضم الى المجهودات السابقة التى بذلتها مصر على صعيد المسار الإنسانى لتعريف العالم بالكارثة الإنسانية فى قطاع غزة، وتحويل دفة التعامل الدولى مع هذه الكارثة، فضلا عن الجهود الدبلوماسية المضنية التى تهدف الى وقف العمليات العسكرية، وتوظيف ثقل مصر الدبلوماسى فى كل المحافل الدولية لضمان توقف العمليات العسكرية واستئناف المسار السياسى لحل القضية الفلسطينية.
ففى وقت يواصل فيه العدوان الإسرائيلى مجازره البشعة فى قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، تبنت مصر الحل الشامل بالعودة للمسار السياسى التفاوضي، والذى يحظى بتأييد القوى الدولية، لكن لا زالت إسرائيل تتجاهل دعوات التهدئة رافضه وقف دائم للحرب للنظر فى مسار حل الدولتين، ونجحت القاهرة فى توصيل رؤيتها للمجتمع الدولي، بعد أن أطلقت خارطة طريق خلال «قمة القاهرة للسلام 2023» التى استضافتها أكتوبر 2023، تستهدف إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام.
وتركزت خارطة الطريق على التدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، ثم التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل، فى مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولا لأعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعيش جنبا إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولية.
وأكد دبلوماسيون أن المرافعة المصرية أمام العدل الدولية، وضعت «حكومة تل أبيب» موضع مُساءلة ومحاسبة على جرائمها واختراقها الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية، فى مشهد غير معتاد بالنسبة للدولة العبرية التى تحميها أكبر قوى بالعالم «الولايات المتحدة الأمريكية»، وقال السفير الدكتور منير زهران الرئيس الأسبق لوفد مصر الدائم فى الأمم المتحدة بجنيف، إن مرافعة مصر أمام «العدل الدولية» تمثل أهمية قصوى فى تلك القضية نظرا لأن مصر هى الأقرب لفلسطين جغرافيا وتاريخيا، وكذا على المستوى الترابط الشعبي، فهى من حملت تلك القضية العادلة فى كل المحافل الدولية وأدرجتها على رأس أوليات سياستها الخارجية.
كما أكد السفير الدكتور حسين حسونة، ممثل مصر السابق فى لجنة الأمم المتحدة للقانون الدولى، على أهمية مرافعة مصر أمام «العدل الدولية»، للتذكير بأنه قد آن الأوان أن يواجه المجتمع الدولى التصعيد الخطير فى الأرض الفلسطينية المحتلة نتيجة سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية، وأن يتدخل بحزم لفرض سيادة القانون وإيقاف كافة الإجراءات الإسرائيلية الأحادية غير الشرعية، موضحا أن العالم يتطلع فى أن تجيب المحكمة عن الأسئلة المطروحة أمامها بالتأكيد على أن إسرائيل قد انتهكت حق الشعب الفلسطينى فى تقرير المصير، وأن مواصلة احتلالها وممارستها الخاصة بضم الأراضى والاستيطان تعتبر خرقا لمبادئ القانون الإنسانى الدولى ومبدأ عدم جواز اكتساب الأراضى بالقوة، وأن إجراءاتها الساعية لتغيير طبيعة ووضع مدينة القدس تعد باطلة، وأن سياساتها بشأن التفرق بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين تعد خرقا لمعاهدة القضاء على التمييز العنصرى.