جاهزون ومستعدون..
الحفاظ على الأمن القومى أولوية لكل المصريين.. تأييد شعبي واصطفاف وطني خلف القيادة السياسية
السبت، 17 فبراير 2024 07:00 ممحمد الشرقاوي
«جاهزون لكل السيناريوهات».. العبارة هكذا أوقع، فالدولة المصرية تدرك جيداً حجم التهديدات التي تحيط بها، كذلك تعرف جيداً كيفية التعامل مع الاستفزازات الإسرائيلية في قطاع غزة، لكنها لا تغفل أن من يتمادى سيكون له حد لا يدرك أبعاده.
الدولة المصرية ملتزمة باتفاقية السلام مع إسرائيل، وتواصل جهودها الحثيثة من أجل الوصول إلى اتفاق هدنة في غزة.. هكذا قال وزير الخارجية سامح شكري، الاثنين، في مؤتمر صحفي مشترك مع وزيرة خارجية سلوفينيا في العاصمة السلوفينية ليوبليانا، ردا على سؤال بشأن تأثير التطورات في قطاع غزة على السلام مع إسرائيل، بقوله: "يوجد بالفعل اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل وهي سارية على مدار الأربعين عاما الماضية وسوف نستمر في هذا.. ونحن نتعامل بفعالية في هذا الأمر خلال هذه المرحلة".
وأضاف شكري أن مصر ستواصل مساعيها مع الطرفين من أجل الوصول إلى اتفاق يقود لإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين وضمان دخول المساعدات إلى قطاع غزة، واصفاً ما يحدث في غزة بأنه انتهاك للقانون الدولي، مجددا موقف بلاده الرافض لأي تهجير قسري لسكان قطاع غزة، وأشار شكري إلى أن الحل الوحيد هو العمل وفقا لمبدأ حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية على حدود عام 67 وحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة في دولتهم المستقلة والعيش بسلام.
تصريحات شكري واضحة، لكن بعد ساعات منها خرجت تصريحات غير مسؤولة لوزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، قال فيها إن مصر تتحمل مسؤولية كبيرة عما حدث في 7 أكتوبر، وإمدادات حماس من الذخيرة "تمر عبر مصر إلى حد كبير"، وهو ما ردت عليه الخارجية المصرية مباشرة، واعتبرت أنه من المؤسف والمشين أن يستمر وزير المالية الإسرائيلي في إطلاق تصريحات غير مسئولة وتحريضية، ولا تكشف إلا عن نهم للقتل والتدمير، وتخريب لأي محاولة لاحتواء الأزمة في قطاع غزة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، إن مثل تلك التصريحات غير مقبولة جملة وتفصيلا، حيث تسيطر مصر بشكل كامل على أراضيها، ولا تسمح لأي طرف بأن يقحم اسمها في أي محاولة فاشلة لتبرير قصور أدائه.
اجتياح رفح الفلسطينية ينذر بكارثة
رغم التحذير المصري شديد اللهجة من الاجتياح الإسرائيلي لرفح، والتحذير من تداعياته، وهو التحذير الذي أطلقه المجتمع الدولي ولكن لا احترام لأي حقوق للإنسان في قطاع غزة، فحياة ما يقرب من 1٫4 مليون فلسطيني في خطر، كونها آخر المناطق الآمنة بالقطاع.
ويعتبر استهداف إسرائيل لرفح هو تنفيذ لسياسة تهجير الفلسطينيين لمصر، وهو الأمر الذي ترفضه القاهرة جملة وتفصيلا، حيث أكدت في بيان لوزارة الخارجية أنها بمثابة إسهام فعلى في تنفيذ سياسة تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته، في انتهاك واضح لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة.
كلنا لنصرة مصر وفلسطين
الإرادة السياسية والشعبية المصرية حاضرة، رافعة شعار " كلنا لنصرة مصر وفلسطين"، فبعد قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي ظهرت الإرادة السياسية للدولة، حيث أجمع برلمانيون وسياسيون والأحزاب وقوفها إلى جوار القيادة السياسية، ورفضها لقصف مدينة رفح، وقال النائب طارق الخولي، وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن تعرض رفح الفلسطينية إلى القصف من قبل قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي تمادي واستمرار لممارسات الاحتلال التي تتنافى مع القانون الدولي والإنساني.
وأكد صرح حازم عمر، رئيس حزب الشعب الجمهوري ورئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ المصري والمرشح الرئاسي السابق لرئاسة الجمهورية أن تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بشأن مصر غير مقبولة، وأنه بتلك التصريحات قد تجاوز كل الحدود لافتا أن تصريحاته تنم عن جهل شديد ورعونة غير مسبوقة من مسؤول حكومي غير مؤهل بحكومة متطرفة تسعى نحو توسيع رقعة الصراع إقليميا وأصبحت مصدرا رئيسيا للاضطرابات التي باتت تهدد أمن واستقرار المنطقة بأكملها، ودعا عمر لتعليق كافة الجهود الأمنية المصرية مع دولة الاحتلال ردا على تلك التصريحات التحريضية ولحين تقديم الحكومة الاسرائيلية اعتذارا رسميا لجمهورية مصر العربية عن مثل هذا التحريض والادعاءات التي صدرت من أحد أعضائها.
وأكد عمر بأن الحكومة الإسرائيلية الحالية قد انتهكت القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني في حربها على الشعب الفلسطيني الأعزل بشكل لا يدع مجالا للشك ، وتسعى الآن مدفوعة بروح التطرف والانتقام لارتكاب المزيد من سفك الدماء وممارسة القتل الجماعي للمدنيين العزل في رفح المكتظة بالسكان مما قد ينتج عنه جرائم ضد الإنسانية، قد تكون الأبشع في التاريخ المعاصر للبشرية.
واختتم المرشح الرئاسي السابق بيانه بالتحذير من قيام دولة الاحتلال بالاستمرار في استفزاز جمهورية مصر العربية التي حرصت طوال العقود الماضية على احترام معاهداتها الدولية وسعت دوما للسلام واستقرار المنطقة.
وقال النائب علاء عابد، إن الشعب المصري كله يصطف خلف الرئيس عبدالفتاح السيسي، مؤكداً أن موقف مصر سيظل ثابت وواضح في دعم القضية الفلسطينية والوصول إلى حل عادل وشامل لحل الدولتين وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، والعمل من أجل استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لافتاً إلى أن العالم كله يتحمل مسؤولية الأبرياء والمدنيين والأطفال الذين استشهدوا جراء القصف البشع الذى شنته قوات العدو الصهيوني بلا رحمة، مطالباً المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لوقف إطلاق النار، وفتح تحقيق عاجل في جرائم جيش الاحتلال التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني، مؤكدا أهمية التحرك لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني ضد الشعب الفلسطيني.
انتهاك للاتفاقيات والمواثيق الدولية
ويرى مراقبون وسياسيون أن قصف إسرائيل لمدينة رفح يمثل انتهاكاً صارخاً لعدة اتفاقيات ومواثيق دولية، وهو أمر ليس بجديد، فلا احترام لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي لحقوق الإنسان بشكل عام، الذى يحظر المساس بحياة وسلامة الأفراد خلال النزاعات المسلحة، ويرفض ويجرم ما يحدث من هجوم على مناطق مدنية مأهولة بالسكان.
ويهدد الهجوم على رفح استمرار اتفاقيات جنيف الأربعة وبروتوكولاتها الإضافية، وخاصة الاتفاقية الاخيرة الخاصة بحماية المدنيين في وقت الحرب، حيث تحظر المادة 3 منها الاعتداء على الأرواح والأعيان المدنية، بينما يشكل قصف المناطق السكنية انتهاكاً للبروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف، الذى يؤكد على حظر استهداف المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال، كذلك ينتهك اتفاقية حقوق الطفل التي تلزم إسرائيل بتوفير الحماية للأطفال الفلسطينيين أثناء النزاعات المسلحة.
كذلك يهدد اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل وملاحقها، التي تؤكد الالتزام بعدم استخدام القوة ضد المدنيين، وتنص في مادتها الرابعة على التزام الطرفين باحترام سيادة وسلامة أراضي كل منهما وعدم اللجوء إلى القوة المسلحة أو التهديد باستخدامها، كما نصت في الملحق الأمني الأول على احترام كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية في الأراضي المحتلة.
وأكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي، أن قصف إسرائيل لمدينة رفح يمثل انتهاكاً صارخاً لعدة اتفاقيات ومواثيق دولية، قائلاً: "ما تقوم به إسرائيل من استهداف ممنهج للمدنيين في رفح ينتهك بوضوح نصوص وروح اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، التي كان من المفترض أن تضع حدًا للصراع"، واستكمل مهران :"لقد نصت المادة الأولى من اتفاقية كامب ديفيد على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية في إطار الاتفاقية، إلا أن إسرائيل انتهكت هذا النص بشكل صارخ من خلال استهدافها للمدنيين في رفح، هذا بالإضافة إلى الفقرة الثانية من المادة الأولى التي تحدثت عن التزامها بسحب القوات الإسرائيلية والمدنيين إلى ما وراء خطوط الرابع من يونيو 1967م"، موضحاً أن المادة الثانية من اتفاقية كامب ديفيد نصت على الالتزام بعدم اللجوء إلى التهديد أو استخدام القوة ضد سلامة الأراضى أو الاستقلال السياسى لكلا الطرفين، مؤكداً أن قيام إسرائيل بشن هجمات على الأراضى الفلسطينية بما فيها مدينة رفح، ينتهك هذا النص صراحةً، إذ أنه يمثل استخداماً للقوة والعنف المسلح ضد أراضي الجانب الفلسطيني واستقلاله وما يهدد السيادة المصرية.
وبحسب مهران، تضمنت المادة الرابعة أيضًا إنشاء مناطق محددة التسليح على جانبي الحدود بين مصر وإسرائيل، لكن إسرائيل تعمدت نقض هذا البند من خلال قصفها لمدينة رفح، أما فيما يتعلق بتسوية النزاعات بين الطرفين.
واستدل على ذلك باتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، التي أكدت على احقية أي طرف في معاهدة دولية أن ينسحب منها أو يعلق العمل بها، شريطة إشعار باقي الأطراف الموقعة على الاتفاقية، وذلك في حالات محددة، مضيفاً أن المادة 65 من تلك الاتفاقية الاخيرة نصت على أنه يحق لأى طرف الانسحاب إذا حدث "خرق جوهري" من طرف آخر يؤثر على موضوع المعاهدة وغرضها برمته.
وتابع مهران: "يحق لمصر قانونيًا إشعار إسرائيل والولايات المتحدة بنيتها فى الانسحاب من اتفاقية كامب ديفيد، باعتبار أن انتهاكات إسرائيل المتكررة تشكل "خرقاً جوهرياً" للاتفاقية يبيح الانسحاب منها وفقاً للمادة 65".