أغيثوا وكالة الإغاثة
الأحد، 11 فبراير 2024 10:52 ص
الأونروا تؤدى دورا حيويا فى تقديم المساعدات الإنسانية لأكثر من 1.1 مليون شخص فى غزة يعانون من مجاعة كارثية ومن الأوبئة
بعد معارك طاحنة، تواصلت لسنوات، سحقت فيها دول الحلفاء دول المحور، فيما نعرفه باسم الحرب العالمية الثانية، وتلك كانت حربا أوروبية الأبوين والجدين ولكن أوروبا بجبروتها وقوتها فرضتها على العالم.
بعد هدوء الجبهات بهزيمة دول المحور، قامت أوروبا - تقودها الولايات المتحدة الأمريكية - بتدشين نظام عالمى جديد، ولتسويق ذلك النظام كسوه بغلالة من الدولية والأممية، فنشأت منظمة الأمم المتحدة وتحتها منظمات عالمية لا أول لها من آخر.
كل تلك المنظومة ما هى إلا ستار يختفى خلفه مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا المنتصرة.
أما الكلام عن العالمية والدولية والأممية والإنسانية، فسيظل مجرد كلام، ونحن العرب ذقنا مر هذا الكلام مئات المرات، ومعنا كل دول العالم، اللهم إلا الخمسة الكبار أصحاب حق الفيتو.
كم مرة صوتت الأمم المتحدة لصالح فلسطين؟
مرات لا تحصى، لأن الحق الفلسطينى واضح وضوح شمس الظهيرة ولا يجادل فيه إلا من كان فى قلبه مرض، ولكن بعد التصويت الكاسح، يكفى أمريكا أن يرفع ممثلها فى المنظمة الدولية يده معترضا، لتذهب كل أصوات كل دول العالم إلى أى جحيم تفضله!
أحدث الأمثلة ما كان من محكمة العدل الدولية التى فضحت ممارسات وجرائم دولة الاحتلال، ولكن كل ما قالته المحكمة الدولية هو مجرد حبر على ورق، لأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح بإدانة ربيبتها وحليفتها الدائمة.
مع كل تلك المواقف أصبح المثل الشعبى القائل: «مافيش حاجة تيجى من الغرب تسر القلب» هو المناسب، فقد جاءت من الغرب فكرة منظمة الإغاثة المعروفة باسم الأونروا، ولكن مع أول صدام بين المنظمة الدولية ودولة الاحتلال، على خلفية اتهامات وجهتها دولة الاحتلال لتسعة من موظفى المنظمة البالغ عددهم فى غزة بمفردها قرابة الثلاثة عشر ألف موظف، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بحشد كبريات دول العالم لتعليق تمويلهم للمنظمة التى توفر الحد الأدنى لبعض المنكوبين فى غزة.
بحثت عن الخسائر المادية التى منيت بها المنظمة الدولية فلم أجد إلا كلاما مرسلا يكذّب بعضهم بعضَا، ولعل أحسن من تحدث فى هذا الشأن كان رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل الذى نقل عنه موقع روسيا اليوم تصريحات قال فيها: «إن وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» إجراء خطير وغير مناسب وسيعرض حياة مئات الآلاف من الفلسطينيين للخطر.
وأضاف بوريل إن المنظمة الدولية قد اتخذت إجراءات فورية وفتحت تحقيقا بعد أن اتهمت إسرائيل عددا محدودا من موظفيها بالتورط فى هجوم الـ 7 من أكتوبر، المزاعم الموجهة ضد موظفى الأونروا خطيرة ويجب ألا يفلت أى مسؤول من العقاب، إلا أن الأونروا استجابت على الفور وتم إنهاء عقود الموظفين المتهمين.
وأشار إلى ثقته من أنه سيتم استكمال التحقيق الذى فتحته الأونروا بإطلاق تحقيق خارجى مستقل قبل استحقاق الدفعة التالية من المفوضية الأوروبية فى نهاية الشهر الجارى.
وشدد على أن الأونروا تؤدى دورا حيويا فى تقديم المساعدات الإنسانية لأكثر من 1.1 مليون شخص فى غزة يعانون من مجاعة كارثية ومن الأوبئة، محذرا من أن «وقف تمويل الوكالة سيعرض حياة مئات الآلاف من الأشخاص للخطر».
وأوضح أن التمويل المعلق بلغ حاليا «أكثر من 440 مليون دولار، أى ما يقرب من نصف إيرادات الوكالة المتوقعة عام 2024، ما يعرض وجودها ذاته للخطر».
انتهت تصريحات المسئول الأوروبى ملقيا الكرة بين أقدام الدول العربية والإسلامية.
سنقول إن المبلغ الذى تم تعليقه يبلغ خمسمئة مليون دولار وليس أربعمئة وأربعين مليون دولار، فماذا يمثل هذا المبلغ فى ميزانيات الدول العربية والإسلامية التى رفضت جميعا تعليق التمويل ولكنها لم تقدم بديلا!
لقد اجتمع فى القمة العربية والإسلامية التى احتضنتها المملكة العربية السعودية سبع وخمسين دولة عربية وإسلامية فلو قدمت كل دولة من تلك الدول عشرة ملايين دولار فقط لمنظمة الإغاثة لتم فورا جمع مبلغ أكبر من الذى علقته أمريكا وأوروبا.
لكن يبدو أن الرفض العربى والإسلامى لتصرفات أمريكا وأوروبا هو رفض لإبراء الذمة وليس لتحقيق هدف إنسانى نبيل وهو تقديم بعض المساعدة للمنكوبين فى غزة الذين تحصد أرواحهم وتدمر منازلهم آلة القتل الجنونية التى لا يمتلك جيش الاحتلال غيرها.
على كل الدول التى ترفض تدمير منظمة الإغاثة تقديم تمويل سخى فورا، وإلا فلا معنى لتصريحات رافضة تختفى خلفها موافقات غامضة!