تحذير للمصريين: أسعار الذهب خادعة

- التجار: سعر المعدن الأصفر الحالى غير حقيقى ولا يعبر عن الواقع.. واتحاد الصناعات يطالب المواطنيين بالحذر لوجود مضاربات خارجة عن قواعد السوق

- صندوق الاستثمار في الذهب والقبض على المحتكرين محاولة حكومية لإعادة الانضباط للسوق ومواجهة خطر التقلبات

 

يشهد سوق الذهب بمصر حالة من التخبط والتأرجح بين الارتفاع الكبير الغير مبرر في أسعاره، والتراجع الضئيل بطريقة بعيدة تماما عما يدور في السوق العالمي وبصورة بعيدة كليا عن الأسعار الحقيقة، لدرجة جعلت التجار بسوق الصاغة يتوقفوا عمليات البيع والشراء حتي تستقر الأسعار، حيث اقترب جرام الذهب عيار 21 وهو الأكثر مبيعا في مصر من مستويات تجاوزت 3900 جنيها للجرام، فالتلاعب بسوق الخام الأصفر يثير القلق بشأن الملاذ الأمن للاستثمار خاصة مع المداهمات الأمنية حيث وجهت ضربات قوية لحيتان الذهب بعد الارتفاع المبالغ في أسعاره، ووصوله لأرقام قياسية غير مسبوقة، وتسببهم بوصول الدولار لأرقام كبيرة مقابل الجنيه المصري في السوق السوداء حيث يحددون أسعار الذهب بالعملة الأجنبية.

 

وألقت السلطات القبض على إمبراطور الذهب الشهير ويدعى "ر .ع "، حيث يملك العديد من محلات الذهب على مستوى محافظات مصر، وأنشأ ما يشبه البورصة لأسعار الذهب التي وصلت لأكثر من 3700 جنيه للجرام الواحد، وبناء على السعر الذي يحدده يبتز به باقي التجار، وتبين أن الإمبراطور كان يحدد سعر الجرام وفق سعر الدولار بالسوق السوداء، ما أثر بشكل كبير في وصول سعر الدولار والذهب بالأسواق المصرية إلى أرقام قياسية.

 

وعثرت أجهزة الأمن في محلات "الإمبراطور" على كميات كبيرة من خام الذهب بلغت 165 كيلوجراما، ومبالغ كبيرة من العملات الأجنبية، كما ضبطت السلطات عدة أشخاص ينتمون لجنسيات أجنبية يقيمون في منطقة إمبابة بمحافظة الجيزة يعملون لصالح بعض الحيتان الكبار ومنهم إمبراطور الذهب، وبحوزتهم كميات كبيرة من الذهب غير المدموغ وكميات كبيرة من الدولارات.

 

وكانت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية ألقت القبض على 5 من أكبر تجار الذهب الخام في منطقة الصاغة بالقاهرة، لقيامهم بارتكاب مخالفات جسيمة تتعلق بالتعامل مع الذهب في وقائع فساد وتهريب المعدن الأصفر وتعطيش السوق، وداهمت الأجهزة الأمنية محلات الخمسة في منطقة الحسين والجمالية، وقامت بحملة تفتيشية حيث تم ثبوت مخالفات جسيمة تختص بالدمغات والموازين والأعيرة، فيما تجري السلطات تحقيقاتها للتأكد من إذا كانت الكميات المضبوطة سليمة أو مغشوشة، كما أعلنت الداخلية ضبط تشكيل عصابي مكون من 11 شخصاً، لعدد أربعة منهم معلومات جنائية يقيمون بنطاق محافظات البحر الأحمر، والقاهرة، وقنا، وأسوان، حيث يقومون بسبك وإعادة معايرة خام الذهب المستخرج والمتحصل عليه من التنقيب غير الشرعى.

 

وعقب تقنين الإجراءات تم ضبط المتهمين، وبحوزتهم 55 كيلو جراماً من أحجار الكوارتز، و15.346 كيلو جرام ذهب "سبائك ومشغولات"، و282 جرام ذهب صيني و76 غرام فضة، و4 كيلوجرامات سبائك لخام النحاس، وعدد من الأدوات المستخدمة في تشكيل وسبك ومعايرة الذهب، وكميات من مواد كيمياوية مستخدمة فى تشغيل المعادن النفيسة وسيارة ربع نقل ومبالغ مالية عملات محلية وأجنبية، وبمواجهة المتهمين قرروا بمزاولة نشاطهم غير المشروع، وبلغت القيمة الإجمالية للمضبوطات حوالي 97 مليون جنيه.

 

أسعار الذهب الحالية المتداولة بالأسواق غير حقيقية

 

ودفعت التواترات بالسوق شعبة الذهب باتحاد الصناعات لاصدار بيان أكدت خلاله إن أسعار الذهب الحالية المتداولة بالأسواق غير حقيقية، وذلك بعد أن شهدت الأسعار ارتفاعات كبيرة خلال الأيام الماضية والأسعار الحالية للذهب لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن الأسعار التي يجب أن تكون عليها في الحقيقة، والتي جاءت بسبب تدافع المواطنين لشراء الذهب، مطالبة بتوخي الحذر في عمليات شراء الذهب في التوقيت الحالي، والتي تشهد عمليات مضاربة خارجة عن قواعد السوق.

 

وتدخلات الدولة من أجل إعادة الانضباط للسوق من خلال إطلاق مجلس الوزراء أول صندوق للاستثمار في الذهب، بشكل يسهم في التحوط ضد مخاطر تقلبات الأسعار من خلال المشاركة في استثمار منظم وآمن، وقال الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، إن إطلاق هذه الصناديق يأتي في إطار توجه الدولة نحو تمكين القطاع الخاص، وسيكون بداية فقط لإطلاق المزيد من صناديق الاستثمار وأدوات مالية أخرى، حيث سيسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الجديدة، وربط السوق المصرية بالأسواق العالمية.

 

ونجح الصندوق في جمع أصول بقيمة 173.2 مليون جنيه حتى نهاية يوليو 2023، وزاد إجمالي صافي الأصول تدريجيًا لتصل إلى 201.6 مليون جنيه في أغسطس، ثم 212.4 مليون جنيه، وتجاوز 300 مليون جنيه لأول مرة في شهر أكتوبر، وفي شهر نوفمبر الماضي سجل إجمالي صافي أصول صندوق الاستثمار في الذهب 445.5 مليون جنيه، واختتم عام 2023 بإجمالي أصول 575.5 مليون جنيه، وقفز إلى 743.1 مليون جنيه حتى يوم 24 يناير الجاري، وبلغ عدد عملاء الصندوق 31.3 ألف عميل في شهر يوليو 2023 إلى 37.4 ألف عميل في شهر أغسطس، وقفز إلى 41 ألف عميل بحلول شهر سبتمبر، وزاد عدد العملاء إلى 46.01 ألف عميل في شهر أكتوبر.

 

 واستمر زيادة عدد العملاء في صندوق الذهب إلى 52.25 ألف عميل بحلول نوفمبر 2023، إلى 60.8 ألف عميل بنهاية العام، وتجاوز عدد العملاء 70 ألف عميل بحلول 24 يناير الجارى.

 

وأقرت الدولة تعديلات على صناديق الاستثمار في المعادن، ومنها الذهب، وذلك ضوء الرغبة في توفير فرص استثمارية وادخارية تلبي احتياجات مختلف فئات المجتمع، بشكل يسهم في التحوط ضد مخاطر تقلبات الأسعار من خلال المشاركة في استثمار منظم وآمن، مضيفا أن هذه الصناديق تأتي كذلك في إطار جهود الإصلاح الاقتصادي الذي تنتهجه الدولة المصرية في مختلف المجالات والقطاعات.

 

تجار الذهب يحذرون من الشراء في الوقت الراهن

 

وقال نادي نجيب، عضو شعبة الذهب، إن هناك توقفاً في عملية تسعير الذهب وحركة البيع والشراء في سوق الصاغة، مشيراً إلى أن توقف تسعير الذهب يرجع لتذبذب سعر الدولار أمام الجنيه في السوق الموازية ووجود مضاربات بالسوق، وهو ما اضطر الجميع لوقف حركة البيع والشراء لعدم معرفة السعر الحقيقي ولحين استقرار سعر الدولار، موضحاً أن ارتفاع أسعار الذهب في مصر خلال الفترة الحالية يرجع لارتفاع معدلات الطلب التي ازدادت بنسبة كبيرة مقارنة بالفترة الماضية، إضافة إلى ارتفاع سعر الذهب على مؤشرات البورصة العالمية، فالشاشة العالمية شهدت تحركا كبيرا حيث وصل سعر الأونصة لقيمة 2040 دولارا.

 

وأضاف نجيب، أن الطلب على شراء السبائك الذهبية كبير خلال الفترة الحالية، عكس ما يحدث بالنسبة للمشغولات الذهبية، موضحا أن سوق المشغولات الذهبية أصبح يشهد ضعف إقبال مقارنة بالفترات الماضية، ناصحا المستثمرين أن الفترة الحالية مناسبة لشراء السبائك الذهبية، أما عن بيعها فنصحهم بالانتظار، وتابع أن استمرار الأوضاع الحالية يجعل هناك توقعات بحدوث ارتفاع في سعر الذهب عيار 21 والذي يقيس متوسط السعر بالسوق المحلية والذي سجل مع بداية العام الجديد 2024 3000 جنيه للجرام.

 

وأعرب هاني ميلاد، رئيس شعبة الذهب والمجوهرات في اتحاد الغرف التجارية، عن قلقه من المداهمات الأمنية على بعض التجار في سوق الذهب، مطالباً بضرورة توفير الشفافية في الإعلان عن نتائج التحقيقات لضمان الثقة، وقال إن الذهب سيحقق مكاسب كبيرة في 2024، مع اتجاه بنوك مركزية، خاصة بنك الشعب الصيني (المركزي الصيني) إلى زيادة حيازاته من المعدن الأصفر بعد الاستغناء بنسبة ما عن الدولار، على إثر استخدامه كسلاح اقتصادي في عديد من الأزمات، لا سيما الحرب الروسية الأوكرانية.

 

وكشف التحليل الفني لجولد بيليون، أن الارتفاعات القياسية في أسعار الذهب المحلي بالرغم من إغلاق السوق العالمي لم يتحدد لها سبب معين، وهو ما دفع البعض لوصفها بارتفاعات غير مبررة واستغلال لفترة العطلات خاصة مع ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازي، موضحاً أن تحركات الأسواق حالياً متأثرة بمضاربات كبيرة على السعر في ظل غياب السوق العالمي، بالإضافة إلى السعر غير المستقر للدولار في السوق الموازي.

 

وتابع التحليل، أن ما يحدث في السوق المحلي حالياً هو خليط بين عدة عوامل مثل ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازي، إلى جانب أن مبادرة واردات الذهب بدون رسوم جمارك لم تعمل على دخول كميات كبيرة من الذهب خلال الفترة الأخيرة، لأنها لم تكن فترة إجازات وبالتالي لم تساهم في تحقيق استقرار في السوق، من هنا نجد أن الفرصة أصبحت متاحة لحدوث مضاربات على السعر خاصة في ظل المخاوف المنتشرة بشأن إمكانية حدوث تعويم في سعر الصرف، بالإضافة إلى تأثير قرار تثبيت الفائدة من البنك المركزي المصري وما نتج عنه من اقتناع في الأسواق أنه لن يتم طرح أوعية ادخارية جديدة لسحب السيولة النقدية التي ستنتج عن استحقاق شهادات الـ 25%، الأمر الذي يزيد من الطلب على الذهب وارتفاع أسعاره، وفقا لتحليل جولد بيليون.

 

وقال أحمد معطي، خبير سوق المال، إن ارتفاع الذهب في الفترة الأخيرة جاء نتيجة حالة الاضطراب التي يشهدها سوق الذهب وسط التوقعات بمزيد من ارتفاعه، ونصح معطي المواطنين بتوخي الحذر، فالشراء دائما خلال المستويات القياسية يعد بمثابة مضاربة قابلة للمكسب أو الخسارة.

 

في المقابل أكد سامح عبد الحكيم عضو شعبة الذهب في الغرفة التجارية، أن محلات التجزئة أوقفت حركة البيع والشراء في السوق حاليا بالتزامن مع نقص معروض خام الذهب وصعوبة توفير الذهب للمحلات، مشيرا إلي أن سعر الذهب يقترب من 3900 جنيها للجرام في مستويات لم نشهد لها مثيل من قبل بسبب نقص الخام ووقف كبار البيع، وهو الأمر الذي جعل تجار التجزئة ومحلات القطاعي توقف البيع للمستهلكين لحين اتضاح الرؤية ومعرفة ما تسفر عنه الايام المقبلة، أما بالنسبة للطلب الفعلي على الذهب فلا يزال مستمر في دعم الأسعار بشكل عام ويمنع الذهب من الانخفاض بشكل كبير متأثراً بقوة الدولار وتراجع توقعات خفض الفائدة الأمريكية، ويظهر هذا من خلال ارتفاع الطلب وأسعار الذهب في الصين.

 

وأوضح معطى أن ارتفاع سعر الدولار أثر بشكل كبير على سعر الذهب والسوق المحلية، إضافة إلى تراجع المعروض من الذهب، مشيرًا إلى أن الطلب حاليًا متوسط، ومع انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى أكثر من مرة خلال فترة قصيرة، أصبح المصريون يبحثون عن ملاذ آمن لحماية مدخراتهم.