6 مسئولين إسرائيليين على قائمة «مجرمو حرب»

السبت، 27 يناير 2024 08:00 م
6 مسئولين إسرائيليين على قائمة «مجرمو حرب»
محمود علي

- المحاكم السويسرية تلاحق هرتسوغ بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية

- نتانياهو المتهم الرئيسى في مجازر الاحتلال ضد الفلسطيينيين بقطاع غزة

- وزير الدفاع يوآف جالانت على لائحة اتهامات محكمة العدل الدولية

- رئيس الأركان هرتسي هاليفي المسئول عن تدمير القطاع وتهجير الفلسطينيين 

- ايتمار بن غفير متطرف قاد دعوات احتلال القطاع الفلسطيني المحاصر

- بتسلئيل سمويتريتشأكبر داعم لاستمرار المجزرة والإبادة الجماعية بحق سكان غزة
 
يواجه قادة الاحتلال الإسرائيلي عاماً صعباً خلال 2024، مع ارتفاع حدة المطالب الدولية الداعية إلى محاكمتهم بشكل عاجل، جراء ما ارتكبوه من مجازر بحق الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة، قتلوا ما لا يقل عن 26 ألف فلسطيني من الأطفال والشباب والنساء وكبار السن بدم بارد في جرائم حرب ضد الإنسانية، الأمر الذي قد يدفع محكمة العدل الدولية النظر بشكل عاجل في المحاكمة وضمها بالأمور المستعجلة.
 
وما يضع قادة الاحتلال أمام مأزق حقيقي، حجم الضغط الدولي الواقع على محكمة العدل الدولية من أجل التحرك سريعاً لمحاكمتهم، وهو ما دفع عدد من الدول إلى نظر في شكاوى ودعاوى مرفوعة أمام محاكمهم للنظر في الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث يواجه الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في سويسرا شكاوى جنائية مرفوعة ضده، تزامنا مع حضوره في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، ما طرح تساؤل مهم.. هل من الممكن أن يتم التحقيق معه أو حتى اعتقاله؟
 
وإذا لم تتحرك سويسرا لاعتقال الرئيس الإسرائيلي خلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي، فكما يقال "العيار اللي ميصبش يدوش"، حيث ستدفع هذه الشكاوى الكثير من الدول إلى النظر في القضايا المرفوعة ضد قادة الاحتلال، خلال جولاتهم الخارجية، وما زاد من تلك المخاطر هي المظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات التي تنظمها الكثير من شعوب الدول الغربية مطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني المستمر منذ ما يقارب الـ 4 أشهر.
وفى هذا التقرير نرصد أبرز المجرمين الإسرائيليين.
 
رئيس إسرائيل متهم بارتكاب انتهاكات ضد الإنسانية أمام محاكم سويسرا 
 
يُحمل كثيرون الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، مسؤولية الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقطاع غزة بصفة خاصة، لاسيما مع تصريحاته الداعمة لاستمرار العدوان على القطاع، فكان هرتسوغ من أول قادة الاحتلال الذي دعا إلى استمرار آلة البطش الإسرائيلية في جرائمها مدعياً أن "دولة الاحتلال بحاجة للدفاع عن نفسها من الإرهاب"، وفق وصفه.
 
ولم ينظر هرتسوغ إلى كم الانتقادات التي وجهت إلى قادة الاحتلال الإسرائيلي بشأن الجرائم المرتكبة في غزة، مستمراً في تبريره للعدوان الذي خلف نحو 100 ألف ضحية، بين شهداء وإصابات، في حين من بقى حيا من سكان القطاع ينتظر الموت، بعد نزوحه وتدمير منزله وافتراشه الأرض وسط انتشار للأمراض.   
 
ورغم أن الشكاوى المرفوعة في سويسرا ضد هرتسوغ لم تكن محل تطبيق على أرض الواقع، حتى وأن تعرض الرئيس الإسرائيلي للدعوة إلى التحقيق، فإنه من الصعوبة أن يكون معرض للاعتقال على خلفية  إن قرارات القضاء السويسري حتى وإن صدرت، فهي ليست ملزمة لبقية الدول، لكن في رفع الدعوى في حد ذاتها لها رمزية كبيرة، وتسبب إحراجا كبيرا للمسؤولين الإسرائيليين.
 
ويعيش هرتسوغ في حالة من التخبط والارتباك، إذ أنه يبدو من تصريحاته عدم إدراك نتائج العدوان الإسرائيلي الغاشم على المنطقة بأكملها، فوسط كل ما يرتكب بحق الفلسطينيين من مجازر ترك الرئيس الإسرائيلي كل ذلك وتحدث عن فرص التطبيع مع الدول العربية في المستقبل، متجاهلاً ما يناديه دول المنطقة من ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في أقرب وقت، فالطرح الذي تحدث عنه هرتسوغ عندما كان حاضراً في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس غير واقعي بل ومستحيل تحقيقه في ظل ما يرتكب من مجازر بحق الأطفال والنساء فقال: "يجب أن نرى في الأفق تحالفا من الدول المستعدة للالتزام بإعادة بناء غزة بطريقة تضمن في المقام الأول، سلامة ورفاهية إسرائيل، وثانيا، تتضمن سلامة ورفاهية الفلسطينيين وتجلب مستقبلا مختلفا لغزة"، وفق زعمه.
 
حديث هرتسوغ غير المنطقي، لا يغفل مدى ضيق الأفق والتفكير الذي يتمتع به الرئيس الإسرائيلي بشأن مستقبل القطاع والمنطقة ككل "فلم يكتف بالقتل والخراب والإرهاب بحق الفلسطينيين بل يحاول أن يضع نفسه الحاكم والمتحكم في مستقبل القطاع بعد تدميره كما يقال "يقتل القتيل ويمشي في جنازته"، فبعد أن تعددت المطالبات بمحاكمته جراء مشاركته ودعمه للعدوان الإسرائيلي، يبدو أنه سيواجه دعاوى أخرى تضاف إلى ما سبق جراء تصريحاته الاستفزازية عن مستقبل القطاع.  
 
 وبالعودة إلى الشكاوى المرفوعة ضد هرتسوغ في سويسراً، أفاد مكتب المدعي الفدرالي السويسري، بأنه سيتم الآن النظر في الشكاوى الجنائية بما يتوافق مع الإجراءات المعهودة، مضيفا بأنه يتواصل مع وزارة الخارجية "لدراسة مسألة حصانة الشخص المعني"ولم يوضح مزيد من التفاصيل بشأن الدعاوى ولا الجهة التي رفعتها، لكن بيانا بعنوان "تحرّك قضائي ضد جرائم ضد الإنسانية" يشتبه بأنه صادر عن الأشخاص الذين يقفون وراء الدعوى أفاد بأن عددا من الأفراد الذين لم تُكشف أسماؤهم وجّهوا اتهامات عبر المدعين الفدراليين والسلطات في بازل وبرن وزوريخ".
 
وطالب الادعاء بملاحقة جنائية بالتوازي مع القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية والتي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة عبر عمليتها العسكرية في غزة، وفي إشارته إلى مسألة الحصانة، لفت البيان إلى أن إلغاءها ممكن "ضمن شروط معيّنة" بما في ذلك في حالات الاشتباه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وهي "شروط متوافرة في هذه الحالة"، على حد قوله.
 
نتانياهو المسؤول الأول عن المذبحة بحق الفلسطينيين
 
لم يكن الرئيس الإسرائيلي هو القيادي الأول المتورط في العدوان على غزة والجرائم المرتكبة بحق الأطفال والنساء وكبار السن، بل انضم نتنياهو إلى قائمة المجرمين بل يصفه البعض بأنه المسؤول الأول والرئيسي عن ما آلت إليه الأوضاع، فالتدمير الممنهج لقطاع غزة، من طرق ومباني ومحطات مياه وكهرباء وشبكات اتصالات وصرف صحي، بالإضافة إلى المجازر وجرائم الحرب التي ارتكبت ضد سكان القطاع كانت بأوامر مباشرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والحجة التي يرفعها دائماً هي "الدفاع عن النفس" والقضاء على الفصائل الفلسطينية ولكن بعد مرور نحو 4 أشهر من الحرب، يبدو أن الهدف الإسرائيلي المعلن بعيد المنال، فيما اعتبر أخرون أن هناك أهداف مخفية لقادة الاحتلال من تلك المجازر المرتكبة وهي تهجير الفلسطينيين من منازلهم، وإجبارهم على اللجوء في الدول المجاورة للأراضي الفلسطينية المحتلة.
 
والملاحظ أن نتنياهو لم يعط أي اهتمام معلن للقضية المرفوعة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، من جانب جنوب أفريقيا والتي تتهم الاحتلال بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، معتبرة أن الهجوم الذي شنته الفصائل الفلسطينية السابع من أكتوبر لا يمكن أن يبرر ما ترتكبه قوات الاحتلال في قطاع غزة، لكن يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي متخبط ومرتبك جراء تلك الدعوى واصفاً المحاكمة وفق زعمه "بأنها تحمل نفاق وأكاذيب.. وأن اتهام جنوب أفريقيا للدولة العبرية بارتكاب إبادة جماعية في غزة لا يمكن أن يحدث إلا في عالم مقلوب رأسا على عقب".
 
وبرر رئيس الوزراء الإسرائيلي جرائم الحرب المرتكبة في غزة، بأنه قواته "تحارب الأكاذيب"، ولكن المضحك في حديثه هو وصفه هذه الحرب بأنها ضد "مرتكبو جرائم الإبادة" متغافلا عن ما يسقط من ضحايا فلسطينيين في صفوف المدنيين. وقال في هذا الشأن "إسرائيل متهمة بارتكاب إبادة جماعية بينما تحارب الإبادة الجماعية"، وفق مزاعمه.
 
ويبدو أن نتنياهو لا يجد سبيلا أمامه للنجاة بمسيرته السياسية الطويلة، سوى مواصلة العدوان أملا فى تحقيق أى مكاسب، فالرجل الذي بات أمام معضلة حقيقية بارتفاع حدة المطالبات الدولية بملاحقته على كم الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، يواجه في الداخل وضعا صعبا أيضا على خلفية اتهامه في قضية فساد كبيرة تضع مستقبله على المحك، وهو ما جعل بعض القيادات الإسرائيلية المعارضة إلى اتهامه بأنه يستمر في الحرب على غزة لتطويل أمد مشاكله مع القضاء وتأخير محاكمته.
 
وكانت المعارضة الإسرائيلية أكدت أن نتنياهو فقد ثقة الشعب وجهاز الأمن وعليه الرحيل، واتهم المعارض يائير لابيد رئيس  الوزراء الإسرائيلي بأنه المتسبب في أعظم كارثة فى تاريخ البلاد فى عهده قائلاً "عليه أن يرحل عن حياتنا"، ولن تتوقف الانتقادات عند المعارضة، بل أحد أعضاء حزبه وهو وزير الاقتصاد نير بركات بدا أنه  يخطط لتحدى قيادة نتنياهو للحزب المستمرة منذ 18 عاما وقال إن الحزب فى حاجة لتغيير ودعا إلى إجراء انتخابات وطنية بعد انتهاء الحرب.
 
ويعد قرار الحرب واستمرارها والتي خلفت أكبر أزمة إنسانية في التاريخ الحديث، في يد نتنياهو وحكومته، فهو أحد أهم أعضاء مجلس الحرب الإسرائيلي ويمثل العدوان فرصه وفق الكثير من الخبراء لاستعادة ثقة الإسرائيليين به، لذا كان واضحا منذ بداية هجمات الفصائل الفلسطينية أنه سيتعدى حدوده بدعمه اللا محدود لاستمرار الحرب دون النظر إلى ما تخلفه من مجازر وانتهاكات توصف بأنها إبادة جماعية في حق الفلسطينيين تستوجب المحاكمة العاجلة، وكانت تصريحاته خلال ال110 يوما الماضية، دليلا واضحا على الإجرام الذي تمتع به رئيس الوزراء الإسرائيلي حيث قلل في أكثر من مناسبة من "حجم الكارثة الإنسانية" بتأكيده أن قواته لم تنجح في وقف الخسائر في صفوف المدنيين بقطاع غزة وكأنه يعترف بشكل صريح عن كم المجازر المرتكبة خلال هذا العدوان دون أي اكتراث للقانون الدولي.
 
يوأف جالانت مجرم حروب إسرائيل على غزة 
 
أما جالانت فلم يقل إجراما عن نتنياهو وهرتسوغ، فهو من أكثر الداعمين لهذه الإبادة الجماعية بل وصل حد الدعم إلى رفضه وصول المساعدات الإنسانية، بحديثه بكل تعسف: "أن حكومته لن تسمح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة، خاصة الوقود، لأن ذلك الحصار جزء من الحرب التي تشنها إسرائيل"، ولم يكتف بذلك بل أعلن عن "حصار كامل على غزة، فلا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا غاز ولا اتصالات ولا علاج ولا مستشفيات حياه.. كل شىء مغلق".
 
لذا كان من الطبيعي أن يكون اسم جالانت ضمن قائمة قادة إسرائيل المتهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية، في القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية، خاصة وأن وزير الدفاع معروف بلهجته المتطرفة وتحريضه الدائم على استهداف الفلسطينيين ليس في قطاع غزة فقط، بل في الضفة ورام الله والقدس وباقي أنحاء الأراضي المحتلة، ففي إحدى تصريحاته قال جالانت "إن العنف هو من حق الجيش والشرطة والاستخبارات فقط ولا يحق لأي شخص آخر استخدامه"، في إشارة إلى ما ترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات ضد الفلسطينيين.
 
وبما أن ممارسات الجيش الإسرائيلي هي مسؤولية كاملة لوزير الدفاع فإن جالانت يتحمل ما يرتكبه قوات الاحتلال من انتهاكات وجرائم حرب ضد الفلسطينيين بشكل يومي، وهنا الأرقام والاحصائيات تكشف عن كارثة إنسانية، حيث وقع منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر الماضي، أكثر من 11 ألف طفل شهيد  و8 آلاف شهيدة من النساء.
 
وحسب منظمة إنقاذ الطفولة يفقد أكثر من 10 أطفال في المتوسط إحدى ساقيهم أو كلتيهما كل يوم في غزة خلال الحرب، في حين تتم العديد من عمليات البتر دون مخدر، وقال جيسون لي، مدير المؤسسة الخيرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن "معاناة الأطفال في هذا الصراع لا يمكن تصورها، بل وأكثر من ذلك لأنها غير ضرورية ويمكن تجنبها تماما".
 
وتشوب حياة جالانت السياسية والعسكرية منذ تدرجه في المناصب بعض الفضائح والمشكلات، فبعد مشاركته في الحرب على غزة 2008، تولى منصب رئيس "هيئة أركان الجيش الإسرائيلي"، لكنه واجه عدد من الاتهامات بالاشتباه في "ارتكابه انتهاكات جسيمة للقانون الدولي إبان العدوان على غزة قبل أكثر من عقد".
 
وكان غالانت سبباً في اتهام الأمم المتحدة لإسرائيل بـ"ارتكاب جرائم حرب" في غزة 2008، فقد أصدرت منظمة الأمم المتحدة تقريراً، خلال سبتمبر  من عام 2009، ورد فيه أن "هناك أدلة تشير إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي ارتكبتها إسرائيل خلال النزاع في غزة، وأن تلك الجرائم تصل إلى مستوى جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية".
 
وجالانت أحد أبرز الداعمين لإقامة المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، حيث اعتبر رئيس مجلس المستوطنات "شلومو نئمان" جالانت بأنه فعل كثيرا من أجل عمليات الاستيطان في الضفة الغربية".
 
وفي بداية العدوان الأخير على غزة، أعلن يوآف غالانت أن هذه العملية يجب أن تكون الأخيرة، وأدعى بأنه لن يكون هناك وجود لحماس، ورغم تأكيده  بأن هذه الحرب ستستغرق هذه المرة شهرا أو 3 أشهر، استمرت الحرب ما يقارب الأربعة أشهر.
 
هرتسي هاليفي "مستوطن" بدرجة رئيس أركان
 
وأن كان نتنياهو وجالانت وهرتسوغ يتحملون المسؤولية الكبرى عن ما تشهده غزة من دمار وجرائم يندى لها الجبين، فلا يمكن تجاهل الدور الذي يلعبه رئيس الأركان هرتسي هاليفي الذي يعتبر من أشد المتشددين في الحكومة الإسرائيلية تجاه فلسطين، مدعما كل القرارات الداعية إلى تقييد الشعب الفلسطيني، ومن بينها التوسع في الاستيطان، وآخرها دعمه اللا محدود وقيادته العمليات العسكرية التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ أكثر من 110 يوما.
 
هاليفي هو الآخر تقع عليه مسؤولية الجرائم والدمار والمجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في القطاع، والدليل على ذلك حجم التهجير الذي يمارس ضد الفلسطينيين، حيث يقدر عدد النازحين داخلياً بنحو 1.9 مليون شخص في غزة، أو ما يقرب من 85 % من إجمالي سكان القطاع، بما في ذلك بعض الذين نزحوا مرات عدة، حيث تضطر العائلات إلى الانتقال بشكل متكرر في القطاع بحثا عن السلامة، في حين نزح نحو مليون شخص إلى مدينة رفح جنوب قطاع غزة، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع، بينما يعيش ما يقرب من 1.4 مليون نازح في 155 منشأة تابعة للأونروا في جميع المحافظات الخمس.
 
وخلفت الحرب الضروس الدائرة في غزة دمارا واسعا، ومن الصعوبة وضع تقديرات دقيقة لحجمها مع تمددها وتوسعها على نحو كبير خلال الـ 4 أشهر، أو تقدير كلفة إعادة الإعمار، حيث شهد القطاع تدمير هائل في البنية التحتية بمختلف أشكالها أكثر من أي مواجهات مضت، وفي مسح بالخرائط، نشره صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أكدت أن نصف مباني شمال غزة دمرتها الحرب، بعد أن ألحق الجيش الإسرائيلي الدمار بجزء كبير من القطاع، في حين أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة أن 50% من المساكن في القطاع تضررت جراء القصف خلال الحرب الراهنة، وبعد إلقاء 32 ألف طن من المتفجرات وأكثر من 13 ألف قنبلة بالقطاع. 
 
كما دمر الجيش الإسرائيلي تحت قيادة رئيس أركانه 95 مقراً حكومياً علاوة على 255 مدرسة 63 منها خرجت بالكامل عن الخدمة، ونحو 76  مسجداً مدمراً بشكل كامل، و165 مسجداً تضرر بشكل جزئي، علاوة 3 كنائس جرى استهدافهم، و25 مستشفى خرج من الخدمة، بجانب 52 مركزاً صحياً واستهداف 55 سيارة إسعاف.
 
كل هذه الجرائم وضعت هاليفي، في مقدمة قادة إسرائيل المطالبين أمام محكمة العدل الدولية، نظرا لتحريضه الدائم على الحرب في قطاع غزة، فوفق تصريحاته يبدو رئيس الأركان مقتنع تماما بأنه سيستمر في الحرب شهورا كثيرة ووصف المجازر المرتكبة بأنها إنجازات حققت على الأرض، وقال "سنستخدم أساليب مختلفة للحفاظ على إنجازاتنا لفترة طويلة".
 
وتاريخ هاليفي ملطخ بدماء الفلسطينيين العزل منذ أن بدأ تولي المناصب العسكرية، فهو كان مسؤول عن الكثير من الجرائم التي ارتكبت في غزة خلال عدوان 2008، فضلا عن ذلك فهو من المسؤولين القلائل الذي نصب كرئيس للأركان رغم أنه "مستوطن"، ما جعل البعض يرى أن تعيينه سيسهم في تعميق العلاقة التاريخية بين الجيش والمستوطنين، كما سيزيد من تحكم الداعمين للاستيطان في الحكومة والجيش لزيادة تقييد حركات الفلسطينيين، وسرقة أراضيهم وتوسع رقعة الاحتلال.
 
بن غفير وسموتريتش مجرمين ومستفزين
 
من جهة أخرى فإن هناك مطالبات عديدة بمحاكمة الوزيران الإسرائيليان، ايتمار بن غفير وبتسلئيل سمويتريتش، على خلفية تصريحاتهما الداعية إلى تهجير سكان قطاع غزة، وقال سموتريتش، وزير المالية، في مقابلة مؤخرا، إن إسرائيل يجب أن تتخذ خطوات لتشجيع هجرة غالبية الفلسطينيين في غزة، الذين يزيد عددهم عن مليوني شخص، إلى بلدان أخرى، كما أعرب بن غفير، وزير الأمن القومي، عن دعمه لمثل هذه الخطوة، قائلا إنها ستسمح لإسرائيل بإعادة بناء المستوطنات اليهودية في غزة.
 
ويواصل الوزيران التصريحات المستفزة، والتي ربما تعبر بشكل واضح عن وجه إسرائيل الحقيقي الذي لا يريد العالم أن يراه، ففي وقت تتصاعد الانتقادات الدولية لبعض التصريحات الإسرائيلية حول قطاع غزة، ومسألة "تهجير" الفلسطينيين، أطل وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، بمزيد من الاقتراحات المتطرفة، داعياً نتنياهو إلى احتلال القطاع الفلسطيني المحاصر.
 
وقال إن "احتلال غزة، والبقاء فيها حتى بعد انتهاء الحرب المستمرة الخيار الأنسب"، كما اعتبر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بات أمام خيارين إما تبني اقتراحه واحتلال القطاع نهائياً أو السير بخطط وزير الدفاع".
 
فيما يعد وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش أخطر الوزراء الداعمين لتصفية القضية الفلسطينية، فهو رافض بشكل كلي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة معتبرا أن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته يعتبر خطر وجودي على إسرائيل.
 
تصريحات الوزيران المتطرفة دائما والداعمة لاستمرار المجزرة والإبادة الجماعية بحق سكان قطاع غزة، جعلت أسماءهم مطروحة وبقوة في قائمة قادة الاحتلال المساهمين في تلك المأساة الإنسانية ومن شأن موقفهما من التهجير ورفض إقامة الدولة الفلسطينية أن يكون مستند قوي للهيئة القانونية لجنوب أفريقيا في مرافعاتها أمام محكمة العدل في القضية المعروفة بمحاكمة إسرائيل على ارتكابها جرائم حرب ضد الإنسانية خلال عدوانها على قطاع غزة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق