من القضاء على العشوائيات غير الآمنة إلى تطوير عواصم المحافظات

السبت، 06 يناير 2024 09:00 م
من القضاء على العشوائيات غير الآمنة إلى تطوير عواصم المحافظات
إيمان محجوب

المهندس خالد صديق رئيس صندوق التنميه الحضاريه ل"صوت الامة": طورنا 357 منطقة عشوائية كان يقطنهم مليون ونصف مليون مواطن

تطوير عواصم المحافظات يتكلف 700 مليار جنيها.. والقاهرة ستكون اجمل مدن العالم فى 2030

لصندوق لبي رغبات أنباء المحافظات بتوفير كمبوندات بروح المجتمعات العمرانية الجديدة داخل المدن الكبري

 

تستحق تجربة مصر الاستثنائية في القضاء على العشوائيات لضمان حق المواطن في حياة آمنة وكريمة، أن تكون نموذجا لكل دولة تسعى إلى القضاء على هذا الوباء، فبعد تسع سنوات من اقتحام الملف الشائك للعشوائيات وتنفيذ استراتيجيات التخطيط والبناء والرقابة، استطاعت الدولة أن تحقق ما يمكن وصفه بالإنجاز، حيث أشار تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة عام 2021، إلى اهتمام القيادة المصرية بملف تطوير العشوائيات باعتباره أحد أهم أولوياتها، لافتاً إلى أنه تم افتتاح عدد من المشروعات وعلى رأسها "بشائر الخير والأسمرات" بما ساهم فى انخفاض عدد السكان فى المناطق غير الآمنة.

 يأتي ذلك على عكس ما ذكره التقرير عام 2010، حيث أكد حينها أن المناطق العشوائية تفتقد لأدنى معايير التنظيم والأمن، مما أدى إلى انتشار الجريمة والمخدرات، كما أدى ارتفاع أعداد سكان العشوائيات في القاهرة إلى تدنى مستوى التعليم بشكل خاص. 

 كما أكد برنامج الأغذية العالمي في عام 2023 أن هناك تكاملاً فى سياسات التنمية المستدامة فى مصر، وقد أثبتت مبادرة حياة كريمة النهج المصري المتكامل في التنمية، حيث تضمنت إعادة تأهيل البنية التحتية، وتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية والصحية لتحسين جودة الحياة فى القرى الأكثر فقراً بالمناطق الريفية المهمشة.

وكان البرنامج ذاته يرى عام 2011، أن المناطق العشوائية والمناطق الريفية البعيدة والمحرومة فى مصر تعاني من مشكلات عديدة، مثل تدهور الصحة العامة والمياه الملوثة وتدهور أنظمة الصرف الصحي وغياب المساواة في الرعاية الصحية ونقص القدرات اللازمة لتوفيرها. 

وأشاد مكتب الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية عام 2020 بمشروع الأسمرات، مشيراً إلى أنه يعد بمثابة نموذج جديد لاستيعاب المواطنين ونقلهم من المناطق الخطرة، حيث تم تطوير الأسمرات عبر توفير المرافق الصحية والتعليمية والرياضية، ويتمتع المشروع بشوارع متسعة، ويوفر الخصوصية للسكان وهو ما ساهم بشكل كبير فى تحسين جودة حياة السكان. 

 ووضع تصنيف الأمم المتحدة مصر ضمن أفضل الدول في انخفاض نسبة سكان العشوائيات من إجمالي سكان الحضر عام 2022، حيث حصلت مصر على 99 نقطة مقارنة بـ 95.9 نقطة عام 2014، و83.7 نقطة عام 2010، و65.3 نقطة عام 2005، و53.1 نقطة عام 2000، علماً بأنه كلما انخفضت نسبة سكان العشوائيات كلما ارتفعت قيمة المؤشر.

المهندس خالد صديق، رئيس  صندوق التنمية الحضرية، قال لصوت الامة إن تكلفة القضاء على العشوائيات تقدر بحوالي 40 مليار جنيه، وذلك بفضل وجود الإرادة السياسية، والتي كانت تهدف في المقام الأول لبناء البشر والارتقاء بحياتهم، وتوفير بيئة صحية وآمنة وحضارية تليق بالمواطن المصري وليس فقط تطوير العمران، مشيرا إلى أنه بعد الانتهاء من المرحلة الأولى وهي تطوير العشوائيات، تم البدء في المرحلة الثانية والتي تتعلق بالمناطق الغير مخططة، حيث تم حصر لـ227 مدينة مختلفة، تبلغ مساحتها 417 ألف فدان، منهم 160 ألف فدان غير مخطط، مشيرًا إلى أن حوالي 40% من عمران مصر غير مخطط وغير مدروس، ولا تتوفر به البنية التحتية والمرافق الأساسية من شبكات مياه وكهرباء وطرق، لأنها مجتمعات عمرانية عشوائية، كما أن هناك أماكن كثيرة أخرى بها بعض المرافق تم إدخالها في نطاق التطوير، لأن طاقتها الاستيعابية لا تكفي الكثافة السكانية المتواجدة بها.

وأوضح، صديق فى حواريون صوت الامة إلى أن طاقة الفدان الاستيعابية تكفي 150 فردًا فقط، ولكن هذه المناطق يتواجد بها 700 فرد على مساحة الفدان الواحد، بالإضافة إلى أن هناك مناطق حالتها الإنشائية جيدة جدا، ولكن تخطيطها به أخطاء كثيرة تم إدخالها أيضا في نطاق التطوير، مؤكدًا على أن الصندوق قام بالفعل بالبدء في العمل والإنجاز، وتم تطوير 357 منطقة، وذلك بعد عمل خريطة قومية لهذه المناطق العشوائية على مستوى الدولة، وتم تنفيذ 200 ألف وحدة سكنية، وفي بعض المناطق بلغت عدد الوحدات السكنية التي تم تنفيذها 246 ألف وحدة.

وذكر أنه تم التوسع في المرحلة الثانية لتشمل الخطة تطوير الأسواق العشوائية أيضًا على مستوى المحافظات، والتي تم حصر عددها ليصل إلى 1105 أسواق عشوائية، و306 آلاف وحدة نشاط، حيث يبلغ عددها في القاهرة وحدها 134 سوقًا عشوائيًا، والجيزة 82 سوقا، والاسكندرية 83 سوقا، والشرقية 55 سوقًا، وسوهاج 69 سوقًا، أما المنيا فبلغ عدد الأسواق بها 73 سوقًا عشوائيا، وذلك بخلاف باقي المحافظات الأخرى.

 وقال صديق إن تكلفة تطوير مناطق المرحلة الثانية تقدر بحوالي 500 مليار جنيه،، مضيفًا أنه تم وضع خطة لمدة 10 سنوات تنتهي في 2030 للانتهاء من المرحلة الثانية، مشيرًا إلى أنه قد تم الانتهاء بالفعل من تطوير 4600 فدان، وجاري العمل حاليا في تطوير 10000 فدان أخرى، وذلك طبقا للخطة الموضوعة حتى نصل إلى مرحلة القضاء على المناطق الغير مخططة والغير آمنة.

ويعود صديق إلى عام ٢٠١٦، وقال فى هذا العام أخدنا تكليف من القيادة السياسية بالقضاء علي العشواىيات الغير أمنه في في غضون خمس سنوات حتى ٢٠٢١, بعد ذلك وضعنا خريطة قومية للعشوائيات الغير أمنه علي مستوي الدولة، ومن هذه الخريطة اتضح وجود  حوالي357 منطقة عشوائية يقنطهم حوالي 246 الف اسرة، بما يعني قرابة المليون ونصف المليًم مواطن مصري يعيشوا حياة غير آمنه علي حياتهم صحتهم ومستقبلهم.

واضاف صديق أنه حتي نتمكن من التطوير بطريقة منظمة قمنا بتقسيم المناطق لتصنيفات اربعة، وهم مناطق غير آمنه علي الحياة والتي بنيت علي جبال وتشهد انهيار صخور جبلية، او مناطق عشوائية موجودة في خط سيول او فيضانات او بجانب خطوط حديدية.

أما الفئة الثانية تشمل السكن الغير ملائم، وهم سكان عشش الصفيح او الخشب او مباني مبنيه من المخلفات.

الفئة الثالثة وتضم المناطق التي تمثل خطر علي الصحة، وتشمل المواتير الذين يعيشون في مناطق ملوثة صناعيا أو ملوثة بالصرف الصحي، أو تعيش تحت أسلاك كهرباء ضغط عالي تؤدي لأمراض خطيرة طبعا.

اما الفئة الرابعة، وتضم حيازة غير آمنه وهي تمثل مواطنين قاموا ببناء منازل صالحة للسكن علي أراضي ملك الدولة.

بعد هذه التصنيفات بدأنا بالمناطق العشوائية التي تمثل خطر علي الحياة مثل الدويقة وتل العقارب واسطبل عنتر وغيرها، وبالتالي في خلال 2021 قمنا بالقضاء علي المناطق العشوائية الغير أمنه.

بعد القضاء علي العشوائيات الغير أمنه هل سيكون للصندوق مهام أخري، سؤال يجيب عليه صديق بقوله: نعم فخلال عام 2017 درسنا كيفية التحول من صندوق تطوير عشوائيات فقط إلى صندوق التنمية الحضارية، حتي يكون لدينا مهام أخري مثل تطوير المناطق التاريخية والأثرية بالاضافة إلي تطويرنا المدن القائمة، بإنشاء مشروعات إسكان لجميع فئات المواطنين، والعمل علي الامتدادت العمرانية، وازالة الاماكن الصناعية الغير مسموح بها وسط المدن واستغلالها في عمل مشروعات سكنية.

كما نعمل في الوقت الحالي كصندوق التنمية الحضارية علي المرحلة الثانية من تطوير العشوئيات الغير مخططة، والتي تبلغ حوالي 417 الف فدان داخل المدن الحضر والمراكز داخل المحافظات، منهم 160 الف فدان غير مخططه، تشمل مباني حالتها الانشائية جيدة لكن بدون تراخيص أو تنظيم، وينقصها سبل الحياة مثل المياه والكهرباء والطرق والصرف الصحي والأرصفة، فمهمتنا كدولة أن نحافظ علي المباني مع الارتقاء بالمناطق بتقديم الخدمات، واعادة تخطيطها وتنظيمها بتكلفة تصل إلي 318 مليار، حيث تم الانتهاء من 10 ألاف فدان وفي خطتنا أننا نقوم بتطوير كل المناطق الغير مخططه قبل 2030 علي مستوي الجمهورية.

وحول ما وصل اليه تطوير القاهرة التاريخية، قال إنه تحت مظلة صندوق التنمية الحضارية عملنا علي مشروع احياء القاهرة التاريخية وجاري تطوير خمس مناطق تحتاج الكثير من الوقت والجهد، لأننا نعمل وسط حواري وأزقة ضيقة جدا، وذلك حتي لانؤثر علي الحياة اليومية للمواطنين القانطين في هذه المناطق.

وبعد الانتهاء من عملية التطوير والترميم ستصبح القاهرة 2030 أجمل مدن العالم، بعد تغير وجهات العمارات الحديثة واعادة شكل التراث الاسلامي الاصلي للمنطقة، بالإضافة إلي ترميم المباني المسجلة في التراث مع تسجيل المباني الاثرية الغير مسجلة وترميمها، وتطوير المباني المهدمة والخرابات والتي تقام فيها  المباني التراثية بنفس الشكل وروح القاهرة الفاطمية، مع اعادة بناء الوكالات القديمة والتي كانت عبارة عن محلات تحت وغرف فندقية فوقها مثلما كانت  عليه في القرن (17،18،)

وحول اهم المناطق التي يشملها إحياء القاهرة التاريخية قال صديق إن هناك العديد من الأماكن مثل حدائق الفسطاط والتي تبلغ حوالي 500 فدان في قلب القاهرة، وكانت من أسوأ مناطق مصر كلها، لأنها كانت عبارة عن مقلب قمامة لمحافظة القاهرة، فقام صندوق التنمية الحضارية بتحويل ال 500 فدان من أسوأ منطقة إلى حديقة من أجمل الحدائق علي مستوي العالم وليس علي مستوي مصر وأفريقيا فقط، وتضم الحديقة مناطق فندقية، مناطق تراثية، مناطق أثرية، وسيديرها شركة عالمية بعد الانتهاء من تطويرها في 2024 الجاري.

واشار صديق إلى ان ما تم في المرحلة الاولي من مبادرة تطوير عواصم المحافظات والمدن الكبري (داره) كان المستهدف بناء  500 ألف وحدة سكنية في نهاية المرحلة الكاملة 2030، والصندوق بدأ المرحلة الاولي بحوالي 100 ألف وحدة منها 60 الف وحدة تابعين للصندوق، وبدأنا التسويق فيهم قبل أسبوعين من نهاية العام الماضي، وكان اقبال المواطنين علي الحجز غير عادي لأننا نبيع بأسعار التكلفة مع إضافة مبالغ بسيطة كمصاريف ادارية، لأن مكسبنا الاساسي هو التنمية الحضارية والتنمية العمرانية للمدن القائمة، وكان المستهدف ان نغلق الحجز نهاية شهر ديسمبر 2023 لكن بعض المشروعات من أول اسبوع انتهت تماما.

ومضيفا الصندوق سيعجل بطرح المرحلة الثانية حتي نوافي احتياجات الناس التي حجزت، مع العلم أن الصندوق لبي رغبات أبناء المحافظات بتوفير كمبوندات بروح المجتمعات العمرانية الجديدة لكن نفس المحافظات التي يسكنوا فيها.

وعن أهم ملامح المرحلة الجديدة من مشروع دارة، قال إنه سيتم توفير وحدات سكنية في متناول جميع فئات المجتمع وسنبرم اتفاقيات مع البنوك لتقديم تمويل عقاري طبقا لمبادرة البنك المركزي، مع الوصول لأعلي مستويات الجودة في اللي بتقدمة للمواطنين، خاصة ان الدولة تعمل علي تطوير المدن والريف في ثلاث محاور، منهم هيئة المجتمعات العمرانية والتي تعمل في الامتدادت العمرانية للمدن الجديدة، وتطوير الريف المصري عن طريق وزارة التنمية المحلية ومبادرة حياة كريمة، وصندوق التنمية الحضارية.

الفرع الثالث للتطوير العمراني وهو المسئول عن التنمية والتطوير داخل المدن القائمة، ومنها عواصم المحافظات، واحياء القاهرة التاريخية.

وهنا يجب اذكر ان جميع المنظمات المعنية قيمت التجربة المصرية في التطوير العمراني وازالة العشوائيات، فهناك فرق كبير بين تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة في 2010 وموقف مصر وقتها كان مظلم جدا، بسبب انعدام معايير التنظيم وانتشار الاماكن العشوائية، لكن التقرير في 2021 اشاد بالتجربة المصرية في التطوير العمراني وازالة الاماكن العشوائية الخطرة.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة