مصر حارس الملاحة في البحر الأحمر.. خطط استراتيجية لحماية وتأمين الممرات الملاحية.. القاهرة حجر زاوية في أي حسابات دولية أو إقليمية خاصة بالبحر

الإثنين، 25 ديسمبر 2023 10:30 م
مصر حارس الملاحة في البحر الأحمر.. خطط استراتيجية لحماية وتأمين الممرات الملاحية.. القاهرة حجر زاوية في أي حسابات دولية أو إقليمية خاصة بالبحر

لا تتوانى مصر في حماية الأمن والسلم الدوليين، وخاصة في تلك الأيام التي تشهد صراعات عدة في مناطق متفرقة من دول العالم، فعلى الصعيد الدولي، تشهد الممرات الملاحية عمليات تهديد دولية، من أهمها التهديدات في مضيف باب المندب بالبحر الأحمر، ومضيق هرمز في الخليج العربي.
 
الخطط الاستراتيجية للدول المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، زادت اهتماها بمنطقة البحر الأحمر، بهدف حماية وتأمين السواحل الجنوبية للبلاد وحماية الاستثمارات الاقتصادية والثروات الطبيعية ومواجهة التحديات الأمنية في نطاق هذا الممر الملاحي المهم.
 
من مظاهر هذا الاهتمام، أولا، افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي قاعدة برنيس العسكرية في 15 يناير 2020، والتي تم إنشاؤها في إطار استراتيجية التطوير والتحديث الشامل للقوات المسلحة المصرية؛ لتعلن جاهزيتها لكافة المهام التي توكَل إليها على الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي.
 
ويتمثل الهدف الاستراتيجي لإنشاء قاعدة برنيس العسكرية في حماية وتأمين السواحل المصرية الجنوبية، وحماية الاستثمارات الاقتصادية والثروات الطبيعية ومواجهة التحديات الأمنية في نطاق البحر الأحمر، وكذلك تأمين حركة الملاحة العالمية عبر محور الحركة من البحر الأحمر حتى قناة السويس والمناطق الاقتصادية المرتبطة بها، وذلك ضمن رؤية مصر المستقبلية 2030 .
 
وثانيا، هو انضمام مصر إلى عضوية "مجلس الدول العربية الأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن" الذي أنشأته الرياض في يناير 2020.
 
وقد صدر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بانضمام مصر لهذا المجلس في نوفمبر 2020، ويضم المجلس في عضويته ثماني دول، هي: السعودية والأردن ومصر وإريتريا واليمن والسودان وجيبوتي والصومال، ويهدف المجلس إلى رفع مستوى التعاون والتفاهم بين الدول الأعضاء، وتنسيق المواقف السياسية بينها، وتوثيق التعاون الأمني بهدف الحدّ من المخاطر والتهديدات التي يتعرّض لها البحر الأحمر، وتعزيز أمن وسلامة الملاحة البحرية والحيلولة دون أيّ تهديد يواجهه أو يعرضه لأية مخاطر، وتنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية، وتعزيز الاستثمارات بين الدول الأعضاء وتعزيز النقل البحري وحرية حركة البضائع والخدمات بينها، وتعزيز التعاون بين الموانئ البحرية على طول ساحل البحر الأحمر وتنسيق التعاون بينها، بالإضافة إلى فتح قنوات التواصل مع الدول غير المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن والمنظمات الإقليمية والدولية.
 
وثالثا تشرك مصر في العديد من المناورات البحرية المشتركة لتأمين الملاحة في البحر الأحمر، لتصبح الحارس الأمين للملاحة في البحر الأحمر.
 
أما رابعا، فتعمل القاهرة دائما على تطوير الممر الملاحي الأهم في العالم وهو قناة السويس، ففي 2015، افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي رسميًا مشروع قناة السويس الجديدة ووقع وثيقة التشغيل الفعلي للقناة التي تأمل مصر في أن تسهم في تحسين الاقتصاد.
 
فإنشاء مشروع قناة السويس الجديدة، يحقيق الأمان الملاحي لوجود قناة بديله تضمن عدم توقف الملاحة عند حدوث أي حادث طارئ.
 
وتعتبر قناة السويس أقصر طريق يربط بين الشرق والغرب وذلك بسبب موقعها الجغرافي الفريد وهي قناة ملاحية عالمية هامة تصل بين البحر المتوسط عند بورسعيد والبحر الأحمر عند السويس ويصبغ عليها هذا الموقع الفريد طابعا من الأهمية الخاصة للعالم ولمصر كذلك .
 
تتعاظم أهمية القناة بقدر تطور و تنامي النقل البحري و التجارة العالمية؛ حيث يعد النقل البحري أرخص وسائل النقل ولذلك يتم نقل ما يزيد عن 80% من حجم التجارة العالمية عبر الطرق والقنوات البحرية ( التجارة المنقولة بحرا).
 
وتوفير الوقت والمسافة هو ما تحققه القناة وبالتالي وفر فى تكاليف تشغيل السفن العابرة لها يؤكد ما لهذه القناة من أهمية.
 
فالموقع الجغرافي لقناة السويس يجعلها أقصر طريق بين الشرق والغرب بالمقارنة مع رأس الرجاء الصالح. طريق القناة يحقق وفورات في المسافة بين موانئ الشمال والجنوب من القناة ، الأمر الذي يترجم كوفر في الوقت واستهلاك الوقود وتكاليف تشغيل السفينة.
 
ولهذا أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن الدول المطلة على البحر الأحمر تتحمل مسؤولية لحمايته، وأضاف شكري في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون بالقاهرة في شهر ديسمبر الجاري، أن مصر تواصل التعاون مع العديد من شركائها لتوفير الظروف المناسبة لحرية الملاحة في البحر الأحمر.
 
ومع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في اليوم السابع من شهر أكتوبر الماضي، ظهرت التهديدات الحوثية للسفن الإسرائيلية التي تمر من مضيق باب المندب على سواحل اليمن، تضامنا مع فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذى تسبب في توقف العدد من شركات دولية بالمرور من ذلك الممر الملاحي المهم، والاتجاه إلى الطريق البحري القديم الذي يدور حول قارة إفريقيا وهو طريق رأس الرجاء الصالح.
 
واستهدفت جماعة أنصار الله الحوثي في اليمن، العديد من السفن التجارية التابعة لإسرائيلي في باب المندب ومضيق هرمز في الخليج العربي، الأمر الذي دعا الولايات المتحدة الأمريكية، إلى إنشاء قوة دولية لحماية الممرات الملاحية في البحر الأحمر والخليج العربي وكذلك المحيط الهندي.
 
وقد سارع وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، في 18 ديسمبر الجاري، إلى أعلن تشكيل تحالف دولي يضمّ عشرة بلدان للتصدّي لهجمات الحوثيين المتكررة على سفن يعتبرونها "مرتبطة" بإسرائيل في البحر الأحمر.
 
وجاء في بيان لوزير الدفاع الأمريكي أن "البلدان التي تسعى إلى ترسيخ المبدأ الأساسي لحرية الملاحة عليها أن تتكاتف لمواجهة التحدّي الذي تشكّله هذه الجهة".
 
وقال أوستن إن التحالف الأمني سيعمل "بهدف ضمان حرية الملاحة لكل البلدان ولتعزيز الأمن والازدهار الإقليميين".
 
ويضم التحالف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنروج والسيشل وإسبانيا.
 
وجرى إطلاق اسم "حارس الازدهار" على التحالف البحري الذي أعلنت الولايات المتحدة تدشينه قبل أيام مع دعوة انخراط كافة الدول الأعضاء الـ 38 في تحالف ما يُعرف بـ "قوة المهام المشتركة " المنوط بها مكافحة أعمال التهريب والتصدي للأنشطة غير المشروعة في مناطق البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
 
لكن سرعان ما دب الخلاف في ذلك التحالف الذي لم يرى النور حتى الآن، ففي 24 ديسمبر الجاري، وخلافا لدول أوروبية أخرى، اتخذت إسبانيا قرارا بعدم المشاركة في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة للدفاع عن حركة الملاحة في البحر الأحمر ضد هجمات الحوثيين باليمن، واقترحت مدريد إنشاء مهمة جديدة ومحددة مخصصة لحماية حركة الملاحة البحرية التجارية.
 
ولا شك أن تهديد الملاحة البحرية، يكلف العديد من الدول أموال كبيرة، وخاصة أن تكاليف المرور البحر الأحمر، مرورا من باب المندب جنوبا إلى قناة السويس شمال، تعد هي الأرخص، مع المقارنة بالمرور من طريق رأس الرجاء الصالح، الذي يكف الكثير من الوقت والمال.
 
ونتيجة للجهود السياسية، أصبحت مصر طرفا رئيسيا في أي حسابات دولية أو إقليمية خاصة بمنطقة البحر الأحمر وفي أي ترتيبات مطروحة من جانب تلك القوى لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة في هذا الممر الحيوي وفي الدول المطلة على قسمه الجنوبي على وجه الخصوص.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق