أكتب يا تاريخ..
يوسف أيوب يكتب: شعب بطل.. وقت الجد عنده الرد
السبت، 16 ديسمبر 2023 06:00 ميوسف أيوب
- ثقة ووعي الشباب وحكمة الشيوخ وعظمة المرأة ووقفة رجال مصر تحت راية العلم.. رباعية انتجت المشهد التاريخى
- المصريون فرضوا كلمتهم مجدداً وصنعوا معادلة مصرية خالصة عنوانها "يد واحدة" خلف الدولة بوعي سياسي شعبي
- المصريون فرضوا كلمتهم مجدداً وصنعوا معادلة مصرية خالصة عنوانها "يد واحدة" خلف الدولة بوعي سياسي شعبي
مجدداً فرض المصريين كلمتهم، وباتوا الرقم الصعب في كافة المعادلات. بل استطاعوا أن يصنعوا لأنفسهم معادلة خاصة بهم، عنوانها "يد واحدة" خلف الدوله بوعي سياسي شعبي لا مثيل له، وتحت هذا العنوان تفاصيل كثيرة، مليئة بعناوين تصلح لكتابة الآف الكتب.
على مدار ثلاثة أيام "الأحد والأثنين والثلاثاء الماضيين" احتشد الملايين أمام اللجان الانتخابية على مستوى الجمهورية؛ ليشكلوا مشهدا ديمقراطيا عظيما يضاف إلى سجل تاريخهم في حب الوطن، حيث اصطف جموع المواطنين من مختلف الأعمار والفئات منذ الساعات الأولى من الماراثون الانتخابي في لجان الانتخابات، تلبية لنداء الوطن، ورغبة منهم في رسم مستقبلهم ومستقبل الأبناء والأحفاد، وفى نفس الوقت يبعثون رسالة إلى العالم بأنهم "يد واحدة" وشعب قوي قادر على أن يقف خلف دولته في مواجهة التحديات التي تجابهها، وإعلاء المصلحة العليا للبلاد.
اصطفاف وطني عكس حرص الشعب على استكمال مسيرة البناء والتنمية والإنجازات، والطريق الذي شقوه قبل نحو عشر سنوات صوب الجمهورية الجديدة، وعلى مواصلة الطريق الذي انتهجته البلاد منذ ثورة الثلاثين من يونيو، إيمانا منهم بأن مصر تستحق أن تكون وستكون في مصاف الدول المتقدمة في العالم، فشعب مصر المحروسة يؤكد كل يوم وفي كل مناسبة أنه أمة عظيمة صاحبة الحضارة العريقة، وشعب قادر على حماية وطنه بالإرادة والعزيمة والعمل والتفاني.
وجاء مشهد اصطفاف الشباب بكثافة أمام جميع اللجان على مستوى الجمهورية بمثابة المفاجأة في الانتخابات، ليؤكد من جديد أنهم الرهان الرابح باعتبارهم فئة مهمة تمثل نحو 60% من تعداد السكان، وحاملي راية البلاد في حاضرها ومستقبلها.
ثقة ووعي الشباب وحكمة الشيوخ وعظمة المرأة ووقفة رجال مصر تحت راية العلم، هي الرباعية التي انتجت المشهد التاريخى، الذى التحم فيه الشعب ومؤسسات الدولة والقائمون على العملية الانتخابية، موجهين رسالة قوية للعالم بأسره بأن الجميع يقفون يدا واحدة وكتفا بكتف حائط صد للحفاظ على الوطن وتقدمه وصنع مستقبله الواعد.
وكان مشهد علم مصر في أيدى الناخبين ذو دلالة إن المصريين دوماً متسلحين بدوافع حماية الوطن من كافة التحديات التي تواجهه، عبر التماسك والتلاحم المجتمعي للحفاظ على ما تم تحقيقه من تنمية ونهضة في كافة المجالات في سبيل تحقيق أهداف مصر التنموية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وأجندة 2030، ومن أجل غد أفضل على كافة المستويات.
وربما يكون السؤال الأن.. ماذا حدث، وكيف ظهرت هذه الصورة العبقرية للمصريين.
إذا كنا نتحدث عن الأسباب التي كانت دافعاً للكثافات الانتخابية التي لم يسبق أن تشهدها مصر من قبل، فلنا في ذلك ثلاثة أسباب واضحة، وبجانبها أمور أخرى كثيرة.
أما عن السبب الأول، فيكمن في أن الانتخابات الرئاسية هذه المرة جرت بين أربعة مرشحين، أحدهم وهو المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسى، قاعدته الجماهيرية والشعبية واضحة ومعلومة للجميع، أما الثلاثة الأخرين فإنهم يمثلون ثلاثة أحزاب، بل هم على رأس هذه الأحزاب، ولهه الأحزاب كتل برلمانية وتمثيل نيابى قوى في مجلسى النواب والشيوخ، ولهم تواجد في الشارع، وأقصد هنا المرشح الرئاسي فريد زهران رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الإجتماعى الممثل في مجلس النواب بسبعة نواب وفى الشيوخ بثلاثة، وكذلك المرشح الرئاسي حازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهورى الممثل في مجلس النواب بـ50 نائباً وفى الشيوخ بـ17، وأخيراً الدكتور عبد السند يمامه رئيس حزب الوفد الممثل في مجلس النواب بـ26 نائباً وفى الشيوخ بـ10 نواب.
هذا التمثيل تحت القبة أوجد للأحزاب الثلاثة مساحة تفاعل قوى مع الشارع وقضاياه ومشاكله، من خلال كتلها البرلمانية الموزعة على عدة محافظات، مما ساعدها أن يكون لها أرضية جماهيرية تستطيع من خلالها أن تحشد لمرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية، وهو ما رأيناه في الانتخابات الرئاسية الأسبوع الماضى، فالحشود كانت لكل المرشحين ومن جانب أحزابهم، وإن كانت بنسب متفاوتة، وهذا أمر مفهوم ومتوقع، في ظل الأرضية الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها الرئيس السيسى على الأرض.
والشاهد الأخر في هذا الامر، أن المرشحين الثلاثة، خلال الدعاية الانتخابية ومؤتمراتهم في القاهرة والمحافظات كانوا دائمى الحديث باسم احزابهم وبرامج احزابهم، بل كانت الأحزاب هىى الداعى والراعى لهذه الانتخابات، مما أحدث نوع من المنفعة المتبادلة، المرشحين الثلاثة استفادوا من قواعد احزابهم، وفى نفس الوقت كانت هذه المؤتمرات بمثابة ترويج لأجندة وبرامج هذه الأحزاب، وهو ما انعكس ايجاباً على المشاركة الشعبية في الانتخابات الرئاسية، لان المصريين باتوا يدركون لحقيقة أننا أمام أحزاب لها فكر ودور أيضاً، وقادرة على فرز شخصيات سياسية لديها القدرة على العمل والترشح على أهم منصب في الدولة هو رئاسة الجمهورية.
أما السبب الثانى، فهو مرتبط بأوضاع إقليمية كانت ولا تزال حاضرة في عقل المصريين، وأقصد هنا حرب الإبادة التي يتعرض لها اشقائنا في قطاع غزة، ومخططات التهجير التي تحاول الحكومة الإسرائيلية تنفيذها لتفريغ قطاع غزة من الفلسطينيين وإجبارهم على الهجرة إلى مصر، فما حدث ولازال يحدث في غزة استدعى حالة الاصطفاف الوطني، ووقوفهم جميعاً، بمختلف توجهاتهم السياسية والايدلوجية خلف القيادة السياسية في موقفها الرافض لتصفية القضية الفلسطينية، وأيضاً لاى اختراق للحدود المصرية، ووصلت حالة الاصطفاف المصرى إلى الانتخابات الرئاسية التي اعتبرها المصريين بمثابة رسالة للعالم بأن مصر على قلب رجل واحد قولاً وفعلاً.
فجاءت المشاركة الواسعة في مختلف محافظات الجمهورية، فيما يشبه الاتفاق الجمعي بين المصريين على حتمية استقرار الدولة المصرية ومؤسساتها الدستورية في ظل الأحداث الإقليمية.
أما السبب الثالث، فيتمثل في التيسيرات التي قدمتها الدولة والهيئة الوطنية للانتخابات لتسهيل عملية الانتخاب، وفي مقدمتها تفعيل لجان المغتربين في المحافظات، مما منح الفرصة لملايين من المصريين أن يشاركوا في الانتخابات الرئاسية ويدلون بأصواتهم، أيا كان مكانهم.
هذه بعض من الأسباب وليس كلها، لأن هناك الكثير الذى يمكن أن يقال، لكن تبقى حقيقة واحدة لا خلاف عليها، وهى أن الشعب المصرى، هو دوماً شعب بطل، وتظهر بطولته دوماً وقت الجد. ظهرت في 30 يونيو 2013، وظهرت في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية التي ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادى المصرى، لكن دوماً كان ولا زال المصريين شعب بطل يستحق دوماً التحية والتقدير.