خلال تواجدهم أمام معبر رفح بانتظار دخول غزة.. العالقون الفلسطينيون يعودون إلى بقايا الوطن بمشاعر مختلطة بالوجع والفرح (صور)
الجمعة، 24 نوفمبر 2023 02:28 ممحمد الحر
بدأ اليوم، الجمعة، عودة العالقين الفلسطينيين بالعريش إلى ديارهم بقطاع غزة من خلال معبر رفح البري وسط فرحة كبيرة رغم الظروف الاستثنائية والعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ قرابة 48 يوما.
بملامح مختلطة بين الحزن الشديد الواضح على الوجوه والعيون إلا أن العائدين إلى غزة بعد غياب ما بين شهر إلى شهر ونصف قلوبهم موجوعة بالشوق إلى الأهل أو ما تبقى منهم ولأرض الوطن التي باتت حطام وأنقاض ورائحة الموت والبارود تنتشر في كل شبر من الأرض وتملأ كافة الأجواء.
من على بوابة معبر رفح البري من الجانب المصري وقفت الشابة الفلسطينية إسراء عبد القادر من رفح فلسطين بجانب حقائبها الثقيلة، حيث قالت إنها كانت في رحلة علاج أجرت خلالها عملية جراحية في إحدى مستشفيات الزقازيق بمحافظة الشرقية حيث دخلت مصر في 26 سبتمبر الماضي، وخلال عودتها برفقة والدها إلى غزة بدأت الحرب الإسرائيلية وبقيت عالقة في مدينة العريش بشمال سيناء لنحو شهرين ونصف.
أضافت أنها تقف الآن على معبر رفح في طريق العودة إلى وطنها في رفح الذي يقع على مرمي حجر من المعبر، مضيفة:" مشاعري الآن مختلطة ما بين الحزن على من استشهدوا من عائلتي ومن صديقاتي وما بين الفرحة بالعودة إلى منطقتي لأنني أشتاق إلى كل شيء هناك الشارع و التراب والهواء وكل رفح وحشاني وما يوجعني إنني ساعود للإقامة لدى أقاربي بعد أن تعرض بيتنا للقصف ولم يعد له وجود على الأرض ومعه راحت ذكرياتي وغرفتي الخاصة وأشيائي التي أعتز بها ولكن لابد من العودة رغم كل هذه المواجع.
ويشارك بالحديث والدها عبد القادر العرجة من سكان رفح، حيث أكد أنه غاب عن الوطن منذ شهرين ونصف ولكنه يعتبر هذه الفترة تساوي عشرون عاما، وخاصة بعد بدء العدوان أن على غزة :" كنت أتألم في صمت وأبكي بدموع وأنا نايم تحت الغطاء وأنا أرى أبناء عائلتي يصرخون تحت نيران الصواريخ التي تتساقط عليهم كالمطر ، كل يوم كان يمر علي في العريش أشعر بالوجيعة وأنا أرى أشلاء أبناء وطني الأطفال والكبار وخاصة المسنين الرجال والنساء والشباب ومئات الآلاف من البيوت وهي تهوي وتتطابر حوائطها تحت قصف القنابل الارتجاجية وصواريخ الموت التي تهوي على رؤوس سكان غزة شمالا ووسطا وجنوبا.
أضاف العرجة: رغم الترحاب الشديد والجهود التي بذلتها مصر ممثلة في برية التضامن بشمال سيناء ومستشفى العريش وكل الجهات المعنية التي حملتنا على أكف الراحة وسعي الجميع لتوفير كافة احتياجاتنا وشعورنا التام إننا نعيش وسط أخوتنا وأهلنا إلا أنه لابد من الرحيل والعودة إلى الديار التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي.. إلا أننا نعود اليوم لبيتنا المقصوف وإلى من تبقوا من أهلي وعائلتي في مدينة رفح ، وأولادي الذين أشتاق إليهم شوقا حد الوجع.
وبصوت بطيء مغلف بالشجن والحزن والاشتياق قال الحاج سعد حسين سلوت من منطقة بني سهيلا في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة: اليوم أعود إلى بلدي التي أشتاق لها، بعد أن قضيت رحلة علاج بمستشفى فلسطين بالقاهرة وبعد أن قضيت نحو 50 يوما في مدينة العريش، رغم ما تشهده غزة وخاصة منطقتي في خان يونس.
أضاف الحاج سعد:"أنا راجع للوطن اللي اتولدت على أرضه وعشت تحت سماءه طول عمري من وانا طفلا حتى صار عمري 78 سنة" ، مشيرا إلى أنه فقد من عائلته 13 شخصا استشهدوا خلال الغارات الإسرائيلية على مدينة خان يونس واختتم حديثة بجملته الموجعة :" بدي تعاود للدار والأرض بدي اسم ريحة البلاد واندفن تحت ترابها ".
وبعد أن كفكفت دموعا التي انفرط عقدها عندما قلت لها مبروك العودة على غزة، قالت الحاجة فاطمة من رفح فلسطين، أنها لا تشعر بطعم الطعام ولا الماء وتنام باعين مفتوحة خلال الفترة التي قضتها بمساكن حي السبيل بالعريش، وهب تنتظر فتح معبر رفح والسماح العالقين بالعودة إلى الديار بقطاع غزة.
أشارت إلى أنها كانت تقضي فترة علاج بالقاهرة وخلال العودة قامت الحرب وبقيت عالقة في مدينة العريش، وكانت الأيام تمر عليها وهي تبكي كل يوم شوقا ألى أبناؤها في رفح وخوفا من أن يطالهم القصف الإسرائيلي وخاصة مع استهداف بيوت ومناطق عديدة قريبة من بيتها.
وأكدت أنها تقف الآن أمام المعبر بانتظار السماح لها بدخول المعبر ، ومع الانتظار تتمنى لو أنها تمتلك أجنحة كالطيور لتحلق عاليا وتصل إلى بيتها سريعا: "مشتاقة لكل شيء في غزة وراح أموت وأشوف ولادي واحصنهم كلهم مع بعض وأبوس رؤوسهم وأيديهم وعيونهم وكل حته فيهم .. واتمنى ان الله يحييني ويكتب لي أن اشوفهم اليوم.