التهجير وضياع الدولة الفلسطينية.. حلم لن تتنازل عنه تل أبيب
الأحد، 19 نوفمبر 2023 08:00 ممحمود على
نقلاً عن العدد الورقى
وزراء تل أبيب يروجون لسيناريوهات إخلاء القطاع من السكان.. وهدفهم القضاء على "حل الدولتين"
مصر تتصدى للمخططات الإسرائيلية الخبيثة وتجهض ووقفت حائط صد أمام دعوات الاحتلال وأجبرت القوى الدولية على تبنى وجهة النظر المصرية
يوماً وراء الأخر، تتكشف النوايا الإسرائيلية الخبيثة، من وراء عدوانها الوحشى على قطاع غزة، فلم تكن الدراسات التي تحدثت عن الرغبة في تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء بالأمر العارض، بل هي عقيدة راسخة في أذهان الإسرائيليين، الذين يحلمون باليوم الذى تنتهى فيه القضية الفلسطينية من خلال تفريغ قطاع غزة من سكانه، والقضاء على الضفة الغربية للقضاء نهائياً على حلم الدولتين.
ولم يكن تهديد وزير التراث الإسرائيلى، عميحاي إلياهو، بإلقاء قنبلة نووية على غزة، سوى سلسلة من التهديدات الإسرائيلية التي تستهدف إخافة الفلسطينيين ودفعهم لترك القطاع، فقبل أيام، سار وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريش على نفس المنوال، بقوله إن إجلاء سكان غزة "هو الحل الإنساني الصحيح" لهم وللمنطقة.
كل هذه التصريحات تؤكد ان مخطط تهجير الفلسطينيين خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة لازال على رادار الحكومة الإسرائيلية، حيث رحب الوزير الإسرائيلي بمبادرة أطلقها أعضاء في الكنيست لإجلاء سكان غزة طوعا باتجاه دول العالم التي توافق على استقبالهم، داعياً إلى تقديم دعم مالي دولي لتطبيق مبادرة إجلاء سكان غزة، مؤكدا أن بلاده ستكون جزءا من هذا الدعم، موضحاً أنه لا يرى "أن هناك فرصة لوجود قطاع غزة بشكل مستقل مالياً وسياسياً".
وكان عددا من أعضاء الكنيست من الائتلاف الحاكم والمعارضة على السواء اقترحوا صياغة خطة تسمح بحركة جماعية للاجئين من قطاع غزة إلى بلدان توافق على استقبالهم، وذلك من خلال آلية منظمة بالتنسيق بين الدول.
الأحلام الإسرائيلية الخبيثة، ردت عليها الخارجية المصرية بشكل حاسم، حيث أكد وزير الخارجية سامح شكري أن هذا التصريحات الإسرائيلية تعد تعبيراً عن سياسة الحكومة الإسرائيلية المخالفة للقوانين الدولية، وأن أية محاولة لتبرير وتشجيع تهجير الفلسطينيين خارج قطاع غزة، هي أمر مرفوض مصرياً ودولياً جُملةً وتفصيلاً، مشيراً أن هذه التصريحات تخالف في مجملها قواعد وأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
واستهجن شكري الحديث عن عملية النزوح وكأنها تحدث بشكل طوعي، مشيراً إلى أن نزوح المواطنين في غزة هو نتاج الاستهداف العسكري المتعمد للمدنيين بالقطاع، وعمليات حصار وتجويع مقصودة، تستهدف خلق الظروف التي تؤدي إلى ترك المواطنين منازلهم ومناطق إقامتهم، في جريمة حرب مكتملة الأركان وفقاً لأحكام اتفاقية چنيف الرابعة لعام 1949، مؤكداً في الوقت نفسه موقف مصر الرافض بشكل قاطع لسياسات التهجير القسري للفلسطينيين، أو تعمد حجب المساعدات الإنسانية والخدمات الضرورية بما يخلق أوضاعاً غير محتملة على كاهل المدنيين، أو السماح بتصفية القضية الفلسطينية، وأنه على من يدعي الاهتمام بالوضع الإنساني في غزة أن يعمل على وقف العمليات العسكرية التي أدت إلى قتل المدنيين من الأطفال والنساء. وشدَّد وزير الخارجية على أن مصر سوف تواصل جهودها من أجل الحفاظ على الحقوق المشروعة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، ومنها حقه في البقاء على أرضه وإقامة دولته المستقلة القابلة للحياة ومتصلة الأراضي، على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
والرئيس عبد الفتاح السيسي، كان اول من فطن للأهداف الإسرائيلية، لذلك كان أول من تحدث عن هذه المخططات فور بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع، وأكد أن مصر لم ولن تسمح بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية، مؤكدا رفض مصر القاطع لتصفية القضية الفلسطينية دون حل عادل من خلال تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر، وضرورة العمل على التهدئة بما يتيح المجال أمام فتح المسار السياسي وصولا إلى حل الدولتين، الذي يمثل الطريق الوحيد نحو السلام العادل والدائم في المنطقة.
واستطاع الرئيس السيسى بقيادته الرشيدة احباط مخطط التهجير القسري لسكان قطاع غزة، وتوطينهم فى سيناء وما كان سيتبعه من تصفية كاملة للقضية الفلسطينية بل واتساع دائرة الحرب وتداعيات ذلك على الأمن القومى المصري والعربي، ووقف الرئيس السيسى حائط صد أمام دعوات الاحتلال الإسرائيلي وأجبرته على التراجع عن تناول الفكرة، بل وأجبرت القوى الدولية على تبنى وجهة النظر المصرية.
وجاء التحول فى الموقف الأمريكي خلال مباحثات الرئيس عبد الفتاح السيسي بنظيره الأمريكي جو بايدن قبل أيام، حيث ناقش الزعيمان- بحسب البيان الرسمي للبيت الأبيض والرئاسة المصرية- ضمان عدم تهجير الفلسطينيين من غزة إلى أي مكان، فيما أكد الرئيس الأمريكي رفض الولايات المتحدة لنزوح الفلسطينيين خارج أراضيهم، معرباً عن التقدير البالغ للدور الإيجابي الذي تقوم به مصر والقيادة المصرية في هذه الأزمة.
وبخلاف التهجير جاء التحول فى الموقف الأمريكي أيضا بشأن حل الدولتين، وجاء على لسان القائمة بأعمال السفير في السفارة الأمريكية في القاهرة بيث جونز خلال قمة القاهرة للسلام 2023التى عقدت فى القاهرة، تظل الولايات المتحدة ملتزمة بتطلعات الشعب الفلسطينى إلى حل الدولتين وملتزمة بحق الشعب الفلسطيني في العيش بكرامة وتقرير مصيره، ولا نزال أكبر مساهم في العالم في تقديم المساعدات له.
كما قال خلال كلمته أيضا "أكد الرئيس بايدن والوزير بلينكن بشكل لا لبس فيه على دعم الولايات المتحدة لسلام دائم في الشرق الأوسط قائم على أساس حل الدولتين، ويجب أن نواصل اتباع المسار الذي يتيح لإسرائيل والشعب الفلسطيني العيش بأمن وأمان وكرامة وسلام. ومصر شريك لا غنى عنه في هذا المسعى".
وجاء صلابة الموقف المصري متوافقة مع الرأي العام أو الشارع المصري الرافض للتهجير، حيث عبر المصريون عن استيائهم الشديد من خلال المسيرات التضامنية التي خرجت الأسابيع الماضية دعما لحقوق الشعب الفلسطيني فى أراضه ورفض تصفية القضية على حساب الأمن القومى المصري، وغضبًا من العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة وسياسة العقاب الجماعى التي يتبناها ولا تفرق بين نساء وأطفال.
كما أكد خبراء مصريين أيضا على الرفض المصري التام للفكرة، وقال الدكتور عمرو حمزاوى، الخبير المصرى ومدير برنامج كارنيجى الشرق الأوسط: من أخبركم أن المصريين سيقبلون إعادة توطين 2.5 مليون فلسطينى على أرضنا، أو أن الأردنيين مستعدون لتغيير جذرى فى نسيجهم المجتمعى، وقال حمزاوى: مصر فى المقام الأول، ونحن دولة عربية متضامنة مع فلسطين، لكن ليس على حسابنا. متابعا: ما يثير القلق حقا، ويمكننا أن نستدعى لحظات عديدة من الماضى العربى، يمكننا العودة إلى عام 1970 فى الاردن وعام 1982 فى لبنان، وعام 1991 بعد حرب تحرير الكويت، وفى مؤتمر مدريد، هذه مخاوف عبر المنطقة بشأن ترتيبات الأمن الإقليمى فى أعقاب ما يحدث فى غزة، مضيفا أنه من الوضح أن قضايا غزة لن تقتصر على غزة.