مرت 5 أسابيع على العدوان الإسرائيلى المستعر، الذى لايزال حتى اليوم يواصل قصفه المستشفيات والمدارس، وترويع المدنيين وقتل الأطفال والنساء، وفى خضم هذه الحرب، يظل الدور المصرى الأكثر فاعلية فى هذه الأحداث من خلال جهود وتحركات على مختلف الأصعدة، السياسية والإنسانية من أجل حقن الدماء الفلسطينية.
وفى إطار الحلول السياسية وضعت مصر خارطة طريق من خلال مؤتمر القاهرة للسلام 2023 الذى استضافته القاهرة 21 أكتوبر الماضى، وأعلنت عن رؤستها التى تستهدف حلًا عادلًا وشاملًا يضمن الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، من خلال إقامة دولة فلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، رؤية أجهضت من خلالها المخططات الغربية تنحاز لإسرائيل وتستهدف استبعاد غزة من سيناريو حل الدولتين وتخطط لاستبعاد فصائل فلسطينية معينة من المشهد وإقصاءها.
أحد الإنجازات الأخرى التى حققتها قمة القاهرة للسلام 2023، هى إلقاء الضوء على جرائم الاحتلال الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة من استهداف وقتل وترويع كل المدنيين المسالمين.وفى الوقت ذاته، كانت فرصة لاستعراض الأزمة الإنسانية التى توصف بالكارثية، والتى يتعرض لها مليونان ونصف المليون إنسان فلسطينى، فى قطاع غزة، حيث تفرض إسرائيل عليهم عقاب جماعى، وحصار وتجويع، وضغوط عنيفة للتهجير القسرى، فى ممارسات نبذها العالم المتحضر الذى ابرم الاتفاقيات، وأَسَسَّ القانون الدولى، والقانون الدولى الإنسانى، لتجريمها، ومنع تكرارها، مما دفع القادة للتأكيد على توفير الحماية الدولية، للشعب الفلسطينى والمدنيين الأبرياء.
ووضعت القاهرة أيضا خارطة طريق تستهدف إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور، تبدأ بالتدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، ثم التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل، فى مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولًا لأعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعيش جنبًا إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولى، مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل، فى الأراضى الفلسطينية".
على المستوى السياسى أيضا نجحت مصر فى انتزاع مواقف دولية للحيلولة دون تصفية القضية الفلسطينية، واجهاض مؤامرة التجهير. وترتكز الرؤية المصرية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي على أنه لا سبيل لحل القضية الفلسطينية سوى من خلال الدولتين، ويظلّ إحياء المسار السياسي بندًا رئيسًا على أجندة الدولة المصرية، حتى في ظلّ اشتعال المواجهات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
في الوقت نفسه، واجهت مصر المخططات الإسرائيلية لتنفيذ مخطط "التهجير القسري" للفلسطينيين باتجاه سيناء لتصدير الأزمة لمصر، وأعلنت مصر بشكل واضح أن التهجير القسري للفلسطينيين مرفوض، وأن محاولات تصفية القضية الفلسطينية مرفوضة، وأن تصدير الأزمة لمصر هو خط أحمر غير قابل للنقاش.
ويؤكد التحركات المصرية على ضرورة وقف إطلاق النار أولا، وأن الحل لا يجب ان يقتصر على الحديث عن مستقبل غزة بل يشمل القضية الفلسطينية، باعتبار أن الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة وحدة سياسية واحدة تشكل معًا الدولة الفلسطينية، وأن مصر بذلت الكثير من الجهود من أجل إبقاء عملية السلام أو التسوية السياسية للصراع على قيد الحياة، رغم العقبات التي شهدتها من إسرائيل أولًا، ثم من جانب بعض الفصائل الفلسطينية.
كما نجحت الدبلوماسية المصرية اليوم، فى إعادة فتح المعبر من الجانب الفلسطينى وإدخال عددا من شاحنات المساعدات إلى غزة، ونقل مصابين من الحالات الحرجة بينهم أطفال ثم السماح للرعايا الاجانب ومزدوجى الجنسية من العبور، ولا تزال حتى اليوم تعبر شاحنات المساعدات وتستقبل االحالات الحرجة وبينهم أطفال.