المدنيين أولاً.. القاهرة تربط مرور "أجانب غزة" بوقف استهداف المستشفيات.. وتقدم نموذجا لـ"الصمود" الدبلوماسى بمواجهة ازدواجية المعايير

الأحد، 05 نوفمبر 2023 04:41 م
المدنيين أولاً.. القاهرة تربط مرور "أجانب غزة" بوقف استهداف المستشفيات.. وتقدم نموذجا لـ"الصمود" الدبلوماسى بمواجهة ازدواجية المعايير
معبر رفح
تقرير اخبارى

موقف دبلوماسي مصري حازم وحاسم، في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، التي تجاوزت حد الإبادة الجماعية، عبر استهداف المنازل والمستشفيات ودور العبادة؛ وصولا للدعوات المتطرفة بقصف غزة بالقنابل النووية، والتي أطلقها صباح الأحد وزير التراث بحكومة بنيامين نتنياهو، بينما لا يحرك المجتمع الدولي ساكنا في مواجهة "جرائم حرب" متكاملة الأركان ترتكبها قوات الاحتلال على مدار الساعة منذ ما يقرب من شهر، في انعكاس صريح لمباركة مثل هذه الممارسات التي تعكس، ليس فقط طبيعة انتقامية، وإنما أيضا حالة من العجز لدى جيش الاحتلال، في تحقيق الأهداف المعلنة.

الموقف المصرى تجلى في قرار القاهرة بربط عبور الأجانب ومزدوجي الجنسية، من القطاع، بوقف الاحتلال قصف المستشفيات، تحت شعار "حماية المدنيين أولا"؛ ما عكس امتلاكها "أوراقا" تسمح لها بالمناورة، وفرض إرادتها في مواجهة عالم تكشفت ازدواجيته، في ظل قبوله لما يشهده القطاع من انتهاكات تقشعر لها الأبدان، طالما ارتكبتها إسرائيل، بينما يرفع "لواء" الدفاع عن حقوق الإنسان، في مواجهة خصومه، أو المحلقين بعيدا عن أفلاكه، وهو ما يعكس حالة استثنائية من "الصمود" الدبلوماسي، الذي يقدم دعما كبيرا لسكان القطاع في مواجهة الآلة العسكرية المتوحشة، التي قتلت آلاف الأطفال والنساء، وهو ما يمثل تحديا جديدا، واجهته مصر، بعدما استطاعت الوقوف أولا أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية، عبر دعوات التهجير.

أوراق الدبلوماسية المصرية في التعامل مع أزمة غزة، سارت في عدة مسارات، أبرزها التنسيق مع الدول ذات الشأن، سواء جمعيا، عبر قمة "القاهرة للسلام" في 21 أكتوبر الماضي، بالعاصمة الإدارية الجديدة؛، أو ثنائيا من خلال اللقاءات المتعددة للرئيس عبد الفتاح السيسي مع قادة العالم لخلق توافقات، حول ثوابت لا يجوز الحياد عنها، وفي القلب منها ما يرتبط بمحاولات تصفية القضية، ودعوات التهجير، وضمنها وصول المساعدات الإنسانية.

واقعيا، حققت مصر نجاحا منقطع النظير في ملف المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، بدأ مع انطلاق القمة، ما ترجم قدرتها على فرض إرادتها، بينما حققت توافقا دوليا حول رفض دعوات إسرائيل المشبوهة حول تهجير الفلسطينيين، لتحقق انتصارين أولهما إنساني، يتجسد في وصول الغذاء والدواء لسكان غزة المحاصرين بالقنابل الإسرائيلية من جانب والأخر سياسي يتجسد في تقويض محاولات الاحتلال لتصفية القضية، عبر تجريد الدولة الفلسطينية المنشودة من أهم أركانها وهو مواطنيها.

ومثل ربط خروج الأجانب ومزدوجي الجنسية بوقف قصف المستشفيات، استمرارا لمعركة  الدولة المصرية الإنسانية بمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية، حيث تدفع دول العالم نحو الضغط على حكومة الاحتلال للتهدئة، وعدم ملاحقة سيارات الإسعاف التي تقل الجرحى، وهو ما يعكس "إنسانية" الهدف، في الوقت الذي تخلى فيه الغرب عن مزاعمه الإنسانية.

وتكمن القوة الكبيرة التي يحظى بها الموقف المصري في أبعاد عديدة، أبرزها اعتراف العالم بما تمتلكه القاهرة من قدرة على احتواء الموقف في قطاع غزة، سياستها لتوفير الحماية لمواطني الدول الأخرى، خاصة بعدما نجحت قبل شهور معدودة في نقل آلاف الرعايا من كل دول العالم، الذين كانوا متواجدين بالسودان، في أبريل الماضي، إلى أراضيها، تمهيدا لعودتهم إلى بلدانهم، مما ساهم في تعزيز الثقة الدولية في قدرتها على تكرار الأمر نفسه في أزمة غزة.

الموقف المصري الحازم تجاه قصف مستشفيات غزة، يدعمه غضب عبرت عنه معظم شعوب العالم، من مشارق الشمس إلى مغاربها، جراء جرائم الاحتلال، ومن بينهم قطاع كبير في إسرائيل نفسها، وهو ما يبدو في التظاهرات التي أطلقها ذوى الأسرى الإسرائيليين، أمام السفارة المصرية في تل أبيب مطالبين بتدخل القاهرة لحماية ذويهم وتحريرهم، في انعكاس لثقة كبيرة في قدرتها كـ "مركز حل" للأزمة الراهنة، في الوقت الذي انعدمت فيه الثقة في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، سواء في تحرير الأسرى أو حتى تحقيق الأهداف التي أعلن عنها وراء الحرب التي يخوضها في غزة.

وضمن حلقات معركة مصر الإنسانية، منذ بداية الأحداث في غزة، عبور عشرات الجرحى الفلسطينيين، يوميا، إلى أراضيها، لتلقى العلاج بمستشفياتها دون استهداف أو ملاحقة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق