العالم سمع الكلمة المصرية القوية: سيناء خط أحمر ولن تكون الوطن البديل

السبت، 04 نوفمبر 2023 09:00 م
العالم سمع الكلمة المصرية القوية: سيناء خط أحمر ولن تكون الوطن البديل
محمد فزاع


- لماذا مصر وسيناء؟

- إسرائيل وضعت خطة سرية قبل 52 عاما بتصفية القضية الفلسطينية وترحيل الآلاف من فلسطينيي القطاع إلى شمال سيناء
 
«مصر عماد السلام والوحيدة القادرة على نزع فتيل العنف».. كلمة أكد عليها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، في قمة القاهرة للسلام، لتوضح أن العالم ينظر لمصر كدولة وشعب محبين للسلام، وكما قال الرئيس السيسي فأن «مصر انحازت للسلام حين علا صوت الحرب، لكنها في الوقت نفسه لن تقبل بحل غير عادل للقضية الفلسطينية، ولن تقبل بالتهجير القسري للفلسطينيين».
 
موقف مصر كان واضحا أمام الجميع برسائل قوية لا تقبل التفاوض، لمن يروجون لحلول بديلة، ويضغطون لتمريرها، وجاء رد القيادة السياسية والشعب حازما، «لن نقبل بغير الحل العادل، والعالم لا يجب أن يقبل استخدام الضغط الإنساني، للإجبار على التهجير،  وقد أكدت مصر، وتجدد التشديد، على الرفض التام، للتهجير القسرى للفلسطينيين، ونزوحهم إلى الأراضى المصرية في سيناء».
 
وعملت الدولة بكل جد على مدار الساعة الأيام الماضية لتهدئة الأوضاع وتخفيف الضغط على أهالي غزة، وبالوقت نفسه لم تتغافل عن تحركات جيش الاحتلال لحصر المدنيين في جنوب القطاع تمهيدًا لخطتهم بتهجيرهم إلى سيناء قسرًا؛ وفق مخطط معد له سلفًا منذ سنوات طويلة.
 
كما أعلنت القيادة السياسية صراحة "سيناء خط أحمر"، وأبدًا لن تكون "الوطن البديل" للفلسطينيين، وأكد الرئيس أن "تصفية القضية الفلسطينية، دون حل عادل، لن يحدث وفي كل الأحوال لن يحدث على حساب مصر".
 
وبفضل التحذيرات القاطعة لمحاولات جر مصر للحرب، تغيرت مواقف الدول الداعمة لتنفيذ مخطط "الوطن البديل"، كما خرجت حكومة الاحتلال الإسرائيلية لتنفي أي محاولات من جانبها لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
 
ولم تتوقف الاتصالات والمباحثات بين الرئيس السيسي، وزعماء العالم وممثلي المنظمات الأممية والدولية لبحث التهدئة ومنع اشتعال الموقف في المنطقة بأكملها، وكان في طليعة التحركات، زيارة المستشار الألماني أولاف شولتز، للقاهرة ومباحثاته مع الرئيس السيسي لتكثيف العمل باحتواء التصعيد الراهن، واستئناف عملية السلام، وإيجاد آفاق لتسوية القضية الفلسطينية، حيث حرص الرئيس بعد المباحثات، على تأكيد إدانة مصر لكافة الأعمال العسكرية التي تستهدف المدنيين بالمخالفة والانتهاك الصريح لكافة القوانين الدولية، مشددًا على رفض جميع الممارسات المتعمدة ضد المدنيين، وطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لوقفها.

سيناء لن تكون الوطن البديل 
 
وخاطب الرئيس السيسي، قادة وزعماء وشعوب العالم، قائلاً: "لقد تناولت مباحثاتنا مع المستشار الألماني بشكل تفصيلي، المواجهات العسكرية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، والتصعيد بقطاع غزة، الذى أودى بحياة آلاف من المدنيين، وينذر بمخاطر جسيمة على المدنيين وعلى شعوب المنطقة، والوضع الإنساني في قطاع غزة، آخذ في التدهور بصورة مؤسفة وغير مسبوقة".
 
كما حذر الرئيس من تبعات الأزمة، وما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع بالمنطقة، بالقول "استمرار العمليات العسكرية الحالية، سيكون له تداعيات أمنية وإنسانية، قد تخرج عن السيطرة، وتنذر بخطورة توسيع رقعة الصراع، حال عدم تضافر جهود كافة الأطراف الدولية والإقليمية، للوقف الفورى للتصعيد الحالي"، مشددا على ضرورة العودة مسار التهدئة، وفتح آفاق جديدة للتسوية، وتجنب انزلاق المنطقة، لحلقة مفرغة من العنف، وتعريض حياة المدنيين للمزيد من المخاطر.
 
التهجير يعني تصفية القضية الفلسطينية
 
ومؤخرا في اتصال هاتفي مع جو بايدن، أكد الرئيس بشكل لا يقبل النقاش بأن "مصر لم ولن تسمح بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية"، ليرد الرئيس الأمريكي بأن الولايات المتحدة ترفض نزوح الفلسطينيين خارج أراضيهم، معرباً عن التقدير البالغ للدور الإيجابي الذي تقوم به مصر والقيادة المصرية في هذه الأزمة.
وحرصت مصر على إجهاض الحلم الإسرائيلي بأن تكون سيناء هي "الوطن البديل" للفلسطينيين، بتأكيد رفض تصفية القضية الفلسطينية بالأدوات العسكرية، أو أية محاولات لتهجير الفلسطينيين قسريًا من أرضهم، أو أن يأتي ذلك على حساب دول المنطقة.
 
ووجهت مصر كلمات ناصحة أمينة للعالم بأن حل القضية الفلسطينية، ليس التهجير وليس إزاحة شعب بأكمله إلى مناطق أخرى، بل أن حلها الوحيد، هو العدل بحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة في تقرير المصير، والعيش بكرامة وأمان، في دولة مستقلة على أرضهم مثلهم مثل باقي شعوب الأرض.
 
خارطة طريق لإنقاذ العالم
 
ووضعت القيادة المصرية خارطة طريق دولية للخروج من المأزق الراهن، وإحياء مسار السلام من خلال عدة محاور، تبدأ بضمان التدفق الكامل والآمن والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، وتنتقل فورًا إلى التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل فى مفاوضات لإحياء عملية السلام وصولًا لإعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التى تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل على أساس مقررات الشرعية الدولية، مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل فى الأراضى الفلسطينية، وحذّر الرئيس السيسي، من تفاقم الأزمة الراهنة، بالقول "نحن أمام أزمة غير مسبوقة؛ تتطلب الانتباه الكامل للحيلولة دون اتساع رقعة الصراع، بما يهدد استقرار المنطقة، ويهدد السلم والأمن الدوليين".
 
وسبق أن أكدت مصادر أن هناك مخططا واضحا لخدمة أهداف الاحتلال القائمة على تصفية الأراضي الفلسطينية من سكانها، لافتة إلى أن حكومة الاحتلال تجبر الفلسطينيين على الاختيار بين الموت تحت القصف أو النزوح خارج أراضيهم، وحذرت من المخاطر المحيطة بتداعيات الأزمة الراهنة على ثوابت القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني.
 
بدوره جاءت كلمة السفير أسامة عبد الخالق، مندوب مصر في الأمم المتحدة، لتضع النقاط مجددا على الحروف أمام العالم، بقوله "لا للتهجير القسري للفلسطينيين في غزة سواء داخليا أو خارجيا، ونطالب بضرورة تفعيل الحماية الدولية للفلسطينيين، فسياسات الحصار والتجويع لا مكان لها في القرن الحادي والعشرين، والحرمان من المساعدات الإنسانية حكم بالموت على أهل غزة في ظل هذه الظروف، وأي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني يتعين مجابهتها بالحزم والتأكيد على رفضنا القاطع لها".
 
ويبدو أن كل يوم تنكشف تفاصيل جديدة عن مخططات الاحتلال الإسرائيلي، إذ كشفت وثائق بريطانية نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية أن محاولات إسرائيل لتمرير سيناريو تهجير الفلسطينيين للأراضى المصرية ليس وليدة اليوم فقط، وإنما تعود لعام 1971، أي قبل حرب 6 أكتوبر بعامين.
 
الخطة السرية التي وضعتها إسرائيل قبل 52 عامًا تكشف أنها هدفت إلى ترحيل آلاف الفلسطينيين من سكان قطاع غزة إلى شمال سيناء، بزعم أن كان القطاع مصدر إزعاج أمنى لإسرائيل وباتت مخيمات اللاجئين ‏بؤر مقاومة قوية للاحتلال في تلك الفترة.
 
وعندما احتلت إسرائيل غزة، كان بالقطاع 200 ألف لاجىء، من ‏مناطق فلسطين الأخرى، ترعاهم وكالة الأمم المتحدة "الأونروا" و150 ألفا آخرين هم سكان القطاع ‏الأصليين الفلسطينيين، ورأت أن غزة لم تكن قابلة للحياة اقتصاديا بسبب مشكلات أمنية واجتماعية خلقتها حياة ‏المخيمات.‏
 
وخلال الفترة بين عامي 1968 و1971، استشهد 240 فدائيا فلسطينيا ‏وأصيب 878 آخرون، بينما قتل 43 وأصيب 336 جنديا من قوات الاحتلال الإسرائيلية في غزة، وأعلنت ‏الجامعة العربية حينها إصرارها على وقف الأنشطة الإسرائيلية ضد اللاجئين الفلسطينيين بغزة، وقررت ‏‏تبني إجراءات عربية مشتركة لدعم المقاومة في القطاع.‏
 
وحسب الوثائق، أبلغت الحكومة البريطانية مجلس العموم بأنها "تتابع بدقة التطورات فى القطاع، وتراقب التحركات الإسرائيلية الأخيرة باهتمام خاص، ومن الطبيعى أن تنظر بقلق إلى أى عمل من جانب ‏السلطات الإسرائيلية من شأنه الإضرار برفاهية ومعنويات السكان اللاجئين العرب الفلسطينيين فى ‏المنطقة"، ورصدت السفارة البريطانية فى تل أبيب تحركات إسرائيلية لتهجير آلاف الفلسطينيين إلى ‏العريش التي تبعد قرابة 54 كليومترا عن حدود غزة مع مصر، وحسب تقارير السفارة، فإن الخطة شملت "النقل القسري" للفلسطينيين إلى مصر أو أراض إسرائيلية ‏أخرى، وفى أوائل سبتمبر عام 1971، اعترفت الحكومة الإسرائيلية للبريطانيين بوجود خطة سرية لترحيل ‏الفلسطينيين من غزة إلى مناطق أخرى على رأسها العريش.‏
 
خطة آيلاند في سيناء 2000
 
وفي عام 2000 تسربت خطة وضعها جنرال الاحتياط الإسرائيلي الشهير غيورا آيلاند، الذي شغل منصب رئيس قسم التخطيط بجيش الاحتلال الإسرائيلي ورئيس مجلس الأمن القومي بين عامي 2004 و2006، وافترضت خطته، بأن مستقبل حل الدولتين يقوم على إقامة دولة فلسطينية في سيناء.
 
وفي محاضرة بمعهد الشؤون المعاصرة بالقدس 2008، قال إنه رغم أن الخطوط العريضة لحل الدولتين معروفة بشكل عام، فإن الحد الأقصى الذي قد تكون أي حكومة إسرائيلية مستعدة لتقديمه للفلسطينيين وتظل قادرة على البقاء سياسيا هو أقل بكثير من الحد الأدنى الذي يمكن لأي زعيم فلسطيني أن يقبله، إن الفجوة الحقيقية بين الجانبين أكبر بكثير مما يُتصور، وهذه الفجوة آخذة في الاتساع، مشيراً إلى أن غزة بها دولة مستقلة تقودها حماس، وهي ليست جزءا من السلطة الفلسطينية لأن هذا ما قرره الفلسطينيون.
 
وقال إيلاند إنه إذا جعلنا غزة ضعف حجمها الحالي أو ثلاثة أضعافه بإضافة 600 كيلومتر مربع إضافية من الأراضي من سيناء المصرية، وهذا يمكن أن يمنح غزة المساحة التي تحتاجها، وفجأة، أصبح لدى غزة المساحة اللازمة لبناء مدينة جديدة تضم مليون نسمة، إلى جانب ميناء بحري ومطار حقيقيين، ولخلق الظروف التي من شأنها أن تجعل التوسع الاقتصادي ممكنا، وفي الوقت نفسه، تحتاج إسرائيل إلى 600 كيلومتر مربع في الضفة الغربية لأن خط 1967 غير مقبول من الناحية الأمنية. وفي المقابل، يمكن لإسرائيل أن تعطي لمصر 600 كيلومتر مربع في النقب بجنوب إسرائيل، ففي نهاية المطاف لن يخسر أحد الأرض، في حين أن المقايضة المتعددة الأطراف تمكننا من حل مشكلة غزة المستعصية حاليا وحل الاحتياجات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
 
وواصل عرض تفاصيل خطته المزعومة، بقوله إنه يمكن لمصر أن تجني فوائد كبيرة من هذا الترتيب، ومن الممكن أن يصبح الميناء البحري والمطار الجديد المجاور لمصر بمثابة روابط اقتصادية رئيسية بين الخليج وأوروبا، وعلاوة على ذلك، يمكن أن تحصل مصر على ممر بري لتمكين الحركة من مصر إلى بقية دول الشرق الأوسط دون الحاجة لعبور إسرائيل، مقترحا أن تطرح أوروبا المشروع وتتبناه الولايات المتحدة ومصر والأردن، لكن الفلسطينيين رفضوه تماما.

إحباط مخطط الإخوان 2011
 
وبعد 25 يناير 2011، سمحت جماعة الإخوان لكثير من الفلسطينيين بالحصول على الجنسية المصرية، وأتاحت لهم التملك، وبالفعل بدأ بعضهم التحرك لامتلاك أراضي بسيناء، بينما جاء موقف قائد الجيش المصري حينها، الفريق أول عبدالفتاح السيسي، القائد العام وزير الدفاع والإنتاج الحربي، بإصدار قرار 23 ديسمبر 2012، بحظر تملك أو حق انتفاع أو إيجار أو إجراء أي نوع من التصرفات في الأراضي والعقارات الموجودة بالمناطق الإستراتيجية ذات الأهمية العسكرية، والمناطق المتاخمة للحدود الشرقية لجمهورية مصر العربية، بمسافة 5 كيلومترات غربا، ما عدا مدينة رفح والمبانى المقامة داخل الزمام وكردونات المدن فقط، والمقامة على الطبيعة قبل صدور القرار الجمهورى رقم 204 لسنة 2010.
 
ونصت المادة الثانية من قرار وزير الدفاع أنه يسمح للأشخاص الطبيعيين حاملى الجنسية المصرية دون غيرها من أي جنسيات أخرى، ومن أبوين مصريين، وللأشخاص الاعتبارية المصرية المملوك رأس مالها بالكامل لمصريين حاملى الجنسية المصرية وحدها دون غيرها من أى جنسيات أخرى التملك فى منطقة شبه جزيرة سيناء.
 
ومع حرب غزة، تجدد السيناريو بعدما دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنامين نتنياهو، الفلسطينيين إلى مغادرة قطاع غزة، مهددا بتدمير حركة حماس وتحويل قطاع غزة إلى خراب، وهي الدعوة التي تلقفتها عناصر إخوانية، وأخرى وثيقة الصلة بها، لإعادة طرح المشروع القديم مجدداً، لكن من باب آخر، وهو المطالبة بفتح الباب أمام فلسطيني قطاع غزة لدخول سيناء هرباً من الهجمات الإسرائيلية، أي إعادة طرح المشروع من بوابة جديدة، اسمها اليوم "التوطين في سيناء لأسباب إنسانية".
 
ورغم الضغوط الاقتصادية التي تتعرض لها مصر كإحدى ادوات الضغط ردا على مواقفها، لكن العقيدة المصرية لها دائما أولويات، تتمثل في الأرض والكرامة أولا قبل الأموال، واتخذت موقفا احترمه العالم العربي وشعوبه، برفض خروج الأجانب إلا بضمان دخول المساعدات لقطاع غزة الذي يعاني القصف المنواصل، ورفضت بقوة أن تكون سببا في تصفية القضية الفلسطينية، بالسماح بمخيمات لأبناء غزة على سيناء، ونظمت قمة دولية ليرى العالم حقيقة ما يحدث، مؤكدة أن الأمن القومي المصرى خط أحمر، ولديها سيناريوهات للرد المناسب مع كل موقف. ويظهر مصر القوي في الأزمة، بمكالمات ولقاءات الغرب مع القيادة السياسية للوصول لحل، كونهم يعلمون أنها القاهرة بيدها قيادة الموقف للوصول لبر الأمان.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة

مسلسل فهد البطل ترند فى مصر

مسلسل فهد البطل ترند فى مصر

الأربعاء، 05 مارس 2025 11:46 م