دبلوماسية متعددة الأطراف، ونزاهة توارثتها الدولة المصرية على امتداد عقود في المفاوضات وجهود الوساطة في ملفات عدة، كان لهما أثراً بالغاً في أن تكون القاهرة صاحبة اليد العليا والصوت المسموع في خضم المعارك الدائرة في قطاع غزة منذ 4 أسابيع، وأن يكون الرهان العربي والغربي، بل والأمريكي علي دور مصر، في انهاء تلك الأزمة الإنسانية الطاحنة التي يعانيها سكان القطاع ، قائماً .
وبعد سلسلة من المفاوضات والضغوط التي مارستها القاهرة لحفظ حقوق الشعب الفلسطيني ورفع المعاناة عن أهالي القطاع ورفض سيناريوهات التهجير المشبوهة، تزايدت داخل الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس الأمريكي جو بايدن ، دعوات تكثيف التعاون مع القاهرة ، ثقة في أن الدولة المصرية تمتلك مفاتيح الحل وأورق انهاء تلك الأزمة .
ودعا 25 عضو بمجلس الشيوخ الأمريكي ينتمون إلي الحزب الديمقراطي، البيت الأبيض إلى المزيد من العمل مع الدولة المصرية في ملف غزة ، بهدف تذليل العقبات أمام وصول المزيد من المساعدات لأهالي القطاع.
وبحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست ، فإن مجموعة أعضاء الشيوخ تضم كريس مورفي (ديمقراطي من ولاية كونيتيكت)، وكريس فان هولين (ديمقراطي من ماريلاند)، والسيناتور جيف ميركلي (ديمقراطي من ولاية أوريجون).
ارتفعت الدعوات بعدما تحدث بايدن أمس الأحد مع الرئيس عبد الفتاح السيسي حول محاولة تسريع المساعدات لغزة. وقال البيت الأبيض: "لقد ناقشا أيضًا أهمية حماية أرواح المدنيين، واحترام القانون الإنساني الدولي، وضمان عدم تهجير الفلسطينيين في غزة إلى مصر أو أي دولة أخرى".
وفي بيان أعضاء مجلس الشيوخ الـ 25، ركزوا على إدخال الوقود إلى غزة للمساعدة في ضمان قدرة المستشفيات على علاج المرضى ومحطات ضخ المياه لتوفير المياه الصالحة للشرب.
وقال السيناتور بريان شاتز (ديمقراطي من هاواي)، الذي وقع أيضًا على البيان، إنه يشعر بقلق عميق بشأن قطع الاتصالات في غزة وكتب على موقع X: "هناك بالفعل وضع إنساني سيئ، بما في ذلك القرب الخطير من العمليات العسكرية بالنسبة للمدنيين وعدم كفاية كميات الغذاء والماء والدواء والوقود".
ولم تقتصر دعوات الديمقراطيين لمزيد من التعاون مع مصر في ملف غزة علي النصيحة ، وإنما حملت بعض التحذيرات من أن النهج الأمريكي في التعامل مع غزة خلال الأيام الأولي التالية لهجمات 7 أكتوبر ، يمكن أن يكبد بايدن خسارة مدوية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة 2024 ، حيث قالت النائبة براميلا جايابال ديمقراطية من واشنطن وهي حليفة ليبرالية دعمت إعادة انتخاب بايدن، إنها تشعر بالقلق من أن بايدن يخاطر بالخروج عن المسار الصحيح مع الناخبين الأمريكيين الأوسع، وخسارة الدعم بين الناخبين الشباب الذين يحتاج إليهم.
وأضافت: "أنا بالتأكيد قلقة بشأن أسلوبه في التعامل مع هذا الأمر .. أريد أن يكون الرئيس بايدن هو الرئيس القادم وعليه أن يدعونا إلى مكانة أخلاقية أعلى".
ويوم الأحد، أعربت جايابال عن مخاوفها من أن موقف بايدن بشأن القتال الحالي في غزة قد يضر به سياسيًا في الداخل في النهاية وقالت: "أعتقد أنه سيواجه تحديًا لشرح قضية بهذه الأهمية الأخلاقية للناس إن الشعب الأمريكي في الواقع بعيد جدًا عن موقف الرئيس وحتى الكونجرس، الذي يمثل أغلبية الكونجرس، بشأن إسرائيل وغزة".
وتابعت: "إنهم يدعمون حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وفي الوجود. لكنهم لا يؤيدون تبادل جريمة حرب بجريمة حرب أخرى. وأعتقد أن الرئيس يجب أن يكون حذرا بشأن ذلك"
وذكرت صحيفة واشنطن بوست، إن بايدن رفض الدعوات للانضمام إلى الديمقراطيين الآخرين الذين يسعون إلى وقف إطلاق النار، وتجنب إلى حد كبير التعليق على كيفية تنفيذ إسرائيل لمرحلة جديدة في الحرب التي حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال عطلة نهاية الأسبوع من أنها "ستكون طويلة وصعبه"
لكن في الأيام الأخيرة، انتقد رموز من الحزب الديمقراطي وبشكل واضح بطء وتيرة المساعدات الإنسانية، وانقطاع الاتصالات عن أهالي القطاع، وارتفاع عدد القتلى بين المدنيين الفلسطينيين. ومع قيام إسرائيل بالتجهيز لمواجهة صراع محتمل طويل الأمد، فقد أثاروا مخاوف بشأن ما إذا كانت لدى إسرائيل أهداف واضحة وقابلة للتحقيق أثناء قيامها بهجوم بري كبير.