قال الدكتور هانى سويلم وزير الموارد المائية والرى، إن وجود تعاون مائى فعَّال عابر للحدود يُعد بالنسبة لمصر أمرًا وجوديًا لا غنى عنه، ولكى يكون هذا التعاون ناجحا فإن ذلك يتطلب مراعاة أن تكون إدارة المياه المشتركة على مستوى "الحوض"، بإعتباره وحدة متكاملة، بما فى ذلك الإدارة المتكاملة للمياه الزرقاء والخضراء، كما يتطلب ذلك مراعاة الالتزام غير الانتقائى بمبادئ القانون الدولى واجبة التطبيق، لا سيما مبدأ التعاون والتشاور بناء على دراسات فنية وافية، وهو المبدأ الذى يُعد ضرورة لا غنى عنها لضمان الاستخدام المنصف للمورد المشترك وتجنب الإضرار ما أمكن.
وأضاف وزير الرى: أن اتصالًا بذلك تبرز أخطار التحركات الأحادية غير الملتزمة بتلك المبادئ على أحواض الأنهار المشتركة، والتى يُعد أحد أمثلتها سد النهضة الإثيوبى الذى تم البدء فى إنشائه منذ أكثر من 12 عامًا على نهر النيل دونما تشاور ودون إجراء دراسات وافية عن السلامة أو عن آثاره الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المتشاطئة، وتستمر عملية البناء والملء بل والشروع فى التشغيل بشكل أحادى، وهى الممارسات الأحادية غير التعاونية التى تشكل خرقًا للقانون الدولى بما فى ذلك اتفاق إعلان المبادئ الموقع فى عام 2015، ولا تتسق مع بيان مجلس الأمن الصادر فى سبتمبر عام 2021، وهو ما يشكل استمرارها خطرًا وجوديًا على أكثر من مائة مليون مواط، موضحا أنه بالرغم مما يتردد من أن السدود الكهرومائية لا يمكنها أن تشكل ضررًا، لكن حقيقة الأمر أن مثل هذه الممارسات الأحادية غير التعاونية فى تشغيل هذا السد المبالغ فى حجمه يمكن أن يكون لها تأثير كارثى، ففى حالة استمرار تلك الممارسات على التوازى مع فترة جفاف مطول قد ينجم عن ذلك خروج أكثر من مليون ومائة ألف شخص من سوق العمل، وفقدان ما يقرب من 15% من الرقعة الزراعية فى مصر، بما يترتب على ذلك من مخاطر ازدياد التوترات الاجتماعية والاقتصادية وتفاقم الهجرة غير الشرعية، كما يمكن أن تؤدى تلك الممارسات إلى مضاعفة فاتورة واردات مصر الغذائية.
وأضاف سويلم على الرغم من ذلك تستمر مصر فى مساعيها الحثيثة للتوصل فى أقرب فرصة إلى اتفاق قانونى ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، على النحو الذى يراعى مصالحها الوطنية ويحمى أمنها المائية واستخداماتها المائية مع الحيلولة دون إلحاق الضرر به وبما يحقق المنفعة للدول الثلاث، وهو الأمر الذى يتطلب أن تتبنى جميع أطراف التفاوض ذات الرؤية الشاملة التى تجمع بين حماية المصالح الوطنية وتحقيق المنفعة للجميع، مؤكدا أن مصر تتمسك بروح التعاون والتشاور البناء فيما بين الدول المتشاركة لموارد مائية عابرة للحدود، فإنها تؤكد على ضرورة عدم الانجراف إلى إيلاء الأولوية لمكاسب طرف بعينه على حساب خسارة الآخرين، حيث لن يكون من شأن ذلك إلا تقاسم الفقر بما قد ينجم عن ذلك من توترات، فى حين أن إيلاء الأولوية للتعاون السليم بحسن نية يمكن أن يُفضى بنا وبسهولة إلى تعظيم المكاسب، ومن ثم تقاسم الرخاء والازدهار للجميع.
وأكد سويلم أن مصر تحرص على تعزيز التعاون والتكامل مع دول حوض النيل ونقل الخبرات المصرية لها فى كافة المجالات التى يحتاجها المواطنين بهذه الدول، وهو ما يتمثل فى العديد من مشروعات التعاون الثنائى التى تنفذها الدولة المصرية فى دول حوض النيل مثل مشروعات مقاومة الحشائش المائية بالبحيرات العظمى والمساهمة فى الحد من مخاطر الفيضان والحفاظ على القرى والمدن المطلة على البحيرات من أخطار الفيضانات، وكذلك إنشاء خزانات حصاد مياه الأمطار لأغراض الشرب والاستخدامات المنزلية وإنشاء محطات مياه الشرب الجوفية، بالإضافة إلى إنشاء محطات قياس المناسيب والتصرفات، وإنشاء مراكز للتنبؤ، كما تهتم مصر ببناء القدارات لكافة الفنيين من مختلف الدول الأفريقية.