حمدي عبد الرحيم يكتب: المعمداني وشقيقه العامري

السبت، 28 أكتوبر 2023 06:00 م
حمدي عبد الرحيم يكتب: المعمداني وشقيقه العامري

القصف المتعمد الذي حصد أرواح ما لا يقل عن خمسمئة فلسطيني جعل الذين يتحلون ولو بالحد الأدنى من الأخلاق الحسنة ينتفضون حزنًا وغضبًا
 
ما بعد القصف المجرم لمستشفى المعمداني بغزة لن يكون كما قبله، فالقصف جاء ليكون حدًا فاصلًا بين مرحلتين من مراحل الصراع مع العدو الذي لا يقيم وزنًا لأي معنى من المعاني النبيلة.
 
عندما قصف العدو المستشفى كان عارفًا بتاريخه وبتبعيته للكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس، وكان يعلم أن المستشفى ليس له أدنى علاقة بفصائل المقاومة، فهو قد تأسس قبل احتلال فلسطين بعشرات السنين فتاريخ تأسيسيه يعود لنهاية القرن التاسع عشر الميلادي.
 
القصف الإسرائيلي المتعمد للمستشفى، فضحه الدكتور فضل نعيم رئيس قسم جراحة العظام بالمستشفى المعمداني الدكتور فضل نعيم، الذي قال لوسائل الإعلام: إن الأحداث بدأت قبل ثلاثة أيام من القصف، وتحديدا مساء يوم 14 أكتوبر، فقد أُطلقت قذيفتان على مبنى العيادات الخارجية ومركز تشخيص السرطان التابعين للمستشفى.
 
وصباح اليوم التالي (الأحد) ورد اتصال للمدير الطبي يستنكر بقاء المستشفى في العمل، وعدم إخلائه من المرضى والفريق الطبي رغم التحذير بالقصف اليوم السابق "مما يدل على إصرار جيش الاحتلال على قصف هذا المستشفى" وإخراجه من العمل حتى لو تم قصف من لاذوا به.
 
ولجأت الإدارة الطبية إلى المطران والصليب الأحمر، وحتى السفارة الأميركية تم التواصل معها، وكان القرار أن المستشفى لن يصيبه أذى، ومن ثم استمر في تقديم خدماته.
 
وبالتوازي مع هذه الأحداث، كانت هناك تحذيرات متعددة من جيش الاحتلال بقصف بعض أحياء غزة، التي تقع في المربع السكني نفسه للمستشفى، مما جعل الأهالي يفرون إلى ساحاته باعتباره أكثر الأماكن أمانا، ولا يمكن أن يفكر جنود الاحتلال في ضربه، خاصة بعد الحديث عن عدم تعرضه للقصف.
 
انتهت شهادة الدكتور فضل الذي كان شاهد عيان على كل الأحداث.
 
إن ذلك القصف المتعمد الذي حصد أرواح ما لا يقل عن خمسمئة فلسطيني جعل الذين يتحلون ولو بالحد الأدنى من الأخلاق الحسنة ينتفضون حزنًا وغضبًا، وذلك لأن العدو عندما وصلته أصوات الغاضبين راح يبرر جريمته ويدعي كذبًا بأن قصف المستشفى كان من جانب فصائل المقاومة، زاعمًا أن صاروخًا من صواريخ المقاومة قد أخطأ هدفه وقصف المستشفى!
 
هذه الأكاذيب أعادت إلى الذاكرة قصف ملجأ العامرية العراقي من قبل قوات الاحتلال الأمريكي.
 
ففي الساعات الأولى من فجر يوم الثلاثاء الثالث عشر  من فبراير من العام  1991، قامت طائرتان أميركيتان بقصف ملجأ العامرية الكائن بوسط العاصمة العراقية.
 
كان القصف الأمريكي بقنبلتين ذكيّتين صُنعتا خصيصًا لضرب الملاجئ الخرسانية شديدة التحصين فور وقوع القنبلتين لقي ما يزيد على خمسمئة عراقي مصرعهم، وكالعادة كان أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء.
 
يومها عم الغضب شعوب الأرض الحية، ويومها لجأت الولايات المتحدة الأمريكية إلى سلسلة الأكاذيب المعتادة، فقد زعمت أن الدولة العراقية كانت قد صنعت من الملجأ مخزنًا للأسلحة الدقيقة!
 
كل وجميع التحقيقات التي أعقبت تلك الجريمة لم تثبت وجود أي أسلحة في الملجأ، تلك التحقيقات أكدت المؤكد وهو أن تلك الحضارة قائمة على الأكاذيب وعلى المزاعم، وقد رأينا العدو يكذب في حالة استشهاد الإعلامية الشهيرة شيرين أبو عقلة، فقد قال أولًا: إن مقتل شيرين جاء على خلفية تبادل شبان فلسطينيين النار في مشاجرة داخلية تخص الاختلافات التي بين فصائل المقاومة!
 
وعندما تم حصار تلك الرواية بحقائق دامغة قال العدو: إن الرصاصة القاتلة قد انطلقت على سبيل الخطاء من جندي كان خائفًا من الشبان الفلسطينيين وكان يطلق النار في الهواء للدفاع عن نفسه!
 
لن يتسع هذا المقام لسرد المزيد من أكاذيبهم التي تفضحهم وتفضح زيف حضارتهم القائمة على العنصرية وعلى سفك الدماء.
 
إن تفنيد وفضح أكاذيبهم لهو فرض عين على كل واحد منا لكيلا يتوج لص بما سرقته يداه.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق