ليس منكم الخوميني.. ما هي تكلفة الأكاذيب؟

السبت، 21 أكتوبر 2023 05:30 م
ليس منكم الخوميني.. ما هي تكلفة الأكاذيب؟
ياسر الهوارى

 
ما الذى يمكن أن يحدث اذا ما تحولت الكلمات إلى مجرد اصوات تخرج من أفواه البشر، او حروفا مكتوبة لا تساوي الحبر المكتوب بها؟
ما هي قيمة الوعد وما هي تكلفة عدم الثقة اذا انعدمت بين الناس؟
الشائع أن السياسة بلا اخلاق، وأن البعض يعتقد أن ممارسة السياسة تعني بالضرورة الكذب والغش واتخاذ احط الاساليب كأسلوب عمل وقاموس لا يجوز الخرج على مفرداته، ولكن اعتماد ذلك المنطق كأسلوب لكسب المعارك على ما فيه من عدم اخلاقية، يحمل بين طياته تعقيد أخر مضاف إلى حياة البشر، حين يسود الكذب تصبح الوعود بلا معني، وتصبح تقية المذهب الشيعي أسلوب حياة، ويصبح التوجس واتخاذ الاحوط هو التصرف الصحيح.
تألمت قلوبنا طوال الاسبوعين الفائتين على ما يحدث في غزة، وتابعنا بقلوب يدميها الحزن ويرهقها البكاء ما يحدث على مرمى حجر من حدودنا الشرقية لاخواننا في فلسطين المحتلة، واشتاقت نفوسنا للنزول إلى الشوارع دعما لأشقائنا أسوة بما يحدث في كل المدن العربية والاسلامية خاصة، ومعظم مدن العالم بشكل خاص.
ونزول الناس إلى الشوارع حتى لمشاهدة مباراة لكرة القدم مقيد بشدة لدواعي أمنية لا تنتهي، وللتوجس بسبب حالة الصراع مع جماعات الاسلام السياسي، فما العمل حتى ينتهي كل هذا وتعود الحياة إلى طبيعتها، يعود جمهور الكرة إلى مدرجاته، وتعود الروح إلى قلوبنا في مناسبات تستدعي أن نعبر عما في نفوسنا من غضب برفض عدوان غاشم على اشقائنا، او لاي سبب اخر مشروع بلا تعقيد ناتج عن خوف من امتداد الحالة من مناسبة لتوحيد الجبهة الداخلية على خلفية قضية وطنية، إنما ارتباطنا بها منذ تفتحت عيوننا على الحياة.
أرفض تماما أن تستمر حياتنا مقيدة بهذا الشكل بدواعي امنية، واطالب الأجهزة الأمنية أن تبحث عن وسيلة أخرى غير منع المصريين من التعبير عن اراؤهم وجعلهم في موضع المزايدة عليهم في قضيتهم التى لم يدفع غيرهم ما دفعه المصريون بضريبة الدم والمال معا بنفس راضية وسخاء الكرام، دعونا نعبر عن أنفسنا بحرية ونتنفس بدلا من هذا الغضب المكبوت في صدرنا.. وعلى الجانب الاخر وهو ما قصدته بالمقدمة، هناك بعض ممن يطلق دعوات عشوائية على حسابات التواصل الاجتماعي لا يمكن وصفها الا إنها دعوات عبثية في اي مناسبة وبكل الطرق، ظنا منه أنه بصدد قيادة الثورة القادمة من الخارج، ولا يتورع في اطلاق ذلك العبث حتى في مبارايات كرة القدم، ويتخطى كل ما يمكن أن نصفه حتى بالعبث حين يحاول استغلال حالة التضامن مع قضية في خطورة العدوان على غزة، باطلاق ما يتصور أنه ذكاء سياسي بدعوة الناس للحشد على خلفية حالة الغضب ضد العدوان الاسرئيلي على غزة، وأن السلطة سوف تسمح بالتظاهر والا فهى سلطة لا تكترث لقضايا امتها، ثم استغلال الحشد وحالة السماح بالحشد لتحويل الأمر إلى تظاهرات ضد السلطة "قد" تؤدى إلى تغيير السلطة وعودتهم محمولين على الاعناق كأبطال الثورة وقياداتها، وهو تصور في غاية السذاجة، فليس منهم من يملك لقب "آية الله العظمى"، كما امتلك الامام الخوميني وهو اخر من حرك كتل جماهيرية واجهت بصدور عارية قوات امن الشاة طالبة الاستشهاد من الخارج، ولا الشعب المصرى على المذهب الشيعي حتى يطيع من لن يدفع معه ثمن المخاطرة وسيكتفي من حيث هو بالحسبنة والحوقلة او بالغضب-حتى اذا كان حقيقيا-، ثم العودة إلى حياته بشكل طبيعي في نفس اليوم الذى تراق فيه الدماء او يفقد احدهم او بعضهم حريته لسنوات.
فضلا عن عدم اخلاقية استخدام الكذب، ما هو مبرر خداع الناس ليجد أحدهم نفسه في موضع قد لا يكون موافقا على التواجد فيه ولا يوافق عليه، ما هو مبرر أن يخرج أحدهم مع عائلته وأطفاله ليجد نفسه في وسط اشتباكات عنيفة لإن شخص ما قرر استخدام الحشد لدخول مواجهة مع أجهزة الأمن، من حق هذا الذى لم يختر المعركة أن يسأل من ورطه السؤال المشروع، "من اعطاك الحق في التضحية بي وباطفالي في معركة لم اطلب أن أكون أحد أطرافها؟".. 
وهنا تأتي إجابة السؤال في السطر الأول "ما هي تكلفة الأكاذيب؟".. في حالتنا هذه اذا خدعت الناس وطلبت منهم الخروج لأمر ثم ورطتهم في غيره، ربما التكلفة تساوي الحياة او الحرية او حتى الاصابة، وتساوى استمرار حالة الاحتقان في الداخل المصري، والتوجس الدائم الذى يتبعه تقييد لا يطاق لحرية التعبير، ومع ذلك فإن المطالب لا يمكن لي او لغيري تحديدها لأحد، فليطلب من يريد تغيير السلطة ما يشاء، ولكن لا يطلبها بالخديعة،كنا في ثورة يناير نعلم تماما ما هو سبب نزولنا وكنا مستعدين قبل أن نطمئن بانضمام الجيش إلى مطالبنا أن ندفع الثمن كاملا، فضلا عن ان من دعوا للتظاهرات كانوا في مقدمة الصفوف يدفعون مع من قبلوا دعوتهم الثمن كاملا بل وقبلهم.
ختاما، لا يمكن لمعركة ترفع شعارات تنادى بالحرية والعدالة أن تؤسس لمعركتها بالكذب والخديعة، وبدون استعداد من قياداتها إلى دفع ثمن معاركها، على مبدأ نحن السادة والقادة والأئمة الغائبون، وأنتم العبيد والتابعون والمريدون.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق