من الحجارة إلى الصواريخ.. كيف تحولت استراتيجية المقاومة الفلسطينية ضد انتهاكات الاحتلال؟

الأربعاء، 11 أكتوبر 2023 06:38 م
من الحجارة إلى الصواريخ.. كيف تحولت استراتيجية المقاومة الفلسطينية ضد انتهاكات الاحتلال؟
كتب - أحمد سامي

تعد عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها حركة حماس ثم انضمت لها حركات المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل، تحولاً استراتيجياً في عمليات المقاومة والتي اتبعت فيها آليات جديدة في المواجهة تمثلت في التحول من الرد والدفاع إلى الهجوم، الأمر الذي يجعل مسار المواجهات يتخذ أبعاداً عسكرية واستخباراتية جديدة، رغم سابقتها من الانتفاضات التي قام بها الفلسطينيون ضد الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والتي نسلط عليها الضوء في التقرير التالي..

الصراع الفلسطيني الإسرائيلي 
 
الانتفاضة الأولى
 
انتفض مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة، في عام 1987، ضد حكومة الاحتلال الإسرائيلية فيما عرف بالانتفاضة الأولى، احتجاجاً على إجراءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي القمعية، وقد تميزت تلك التظاهرات بالمشاركة الواسعة للنساء وبلجوء المتظاهرين إلى استخدام الحجار 
 
خلال الانتفاضة الاولى، هاجم الفلسطينيون عددا من الأهداف الإسرائيلية مستعملين الحجارة والسلاح الأبيض، بينما استعملت قوات الاحتلال الإسرائيلي الأسلحة النارية والدبابات، فاستشهد قرابة 1162 فلسطينيا بينهم حوالي 241 طفلا، وأصيب نحو 90 ألف جريح، مع تدمير ونسف 1228منزلا،  واعتقال نحو 60 ألف فلسطيني من القدس والضفة وغزة.
 
وتوسطت اتفاقيات أوسلو الأولى في عام 1993 في الصراع، ووضعت إطارًا للفلسطينيين ليحكموا أنفسهم في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما مكنت من الاعتراف المتبادل بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلية.
 
وتوسعت اتفاقيات أوسلو الثانية على الاتفاقية الأولى، في عام 1995، وأضافت بنودًا تقضي بالانسحاب الكامل لإسرائيل من 6 مدن و450 بلدة في الضفة الغربية.
 
الانتفاضة الثانية
 
بدأت الانتفاضة الثانية، بعدما قرر أرييل شارون يوم 28 سبتمبر 2000 اقتحام المسجد الأقصى برفقة قوات من الجيش الإسرائيلي قائلا إن الحرم القدسي سيبقى منطقة إسرائيلية، فيما تصدى له الفلسطينيون فاندلعت انتفاضة ثانية من القدس لتنتقل إلى مدن الضفة الغربية وقطاع غزة، وبدأت هذه الانتفاضة بمواجهات بين المصلين والجنود سقط على إثرها سبعة شهداء وأصيب 250 من الفلسطينيين و13 جنديا إسرائيليا.
 
واشتعل غضب الفلسطينيين بعد مشاهدة مقطع فيديو التقطه مراسل قناة فرنسية في 30 سبتمبر 2000، يعرض مشاهد إعدام حية للطفل الفلسطيني محمد الدرة (11 عاما) حين كان يحتمي بجوار أبيه ببرميل إسمنتي، في شارع صلاح الدين جنوبي مدينة غزة، وخرج آلاف الفلسطينيين في مظاهرات غاضبة حصلت خلالها مواجهات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي فسقط فيها شهداء وجرحى وبات الطفل محمد الدرة رمزا لانتفاضة الأقصى.
 
وأسفرت  انتفاضة الدرة، عن استشهاد قرابة 4412 فلسطينيا و48322 جريحا ومصابا، ومقتل 1069 إسرائيليا (منهم جنود ومدنيون من بينهم وزير السياحة في الحكومة الإسرائيلية يومها رحبعام زئيفي) وإصابة 4500.
 
وخلال هذه الانتفاضة، تجاوزت الفصائل الفلسطينية مرحلة سلاح الحجارة والزجاجات الحارقة التي سادت في الانتفاضة الأولى، فطورت وصنعت أسلحة وصواريخ تمكنت من الوصول إلى مدن وبلدات إسرائيلية، وتلقت مستوطنة سديروت في 26 أكتوبر 2001 أول صاروخ من صنع فلسطيني أطلقته كتائب القسام.
 
 
الذكري السبعين للنكبة
في شهري مارس ومايو 2018، نظم الفلسطينيون في قطاع غزة مظاهرات أسبوعية على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، بالتزامن مع الذكرى السبعين للنكبة، وهي الهجرة الجماعية الفلسطينية التي رافقت استقلال إسرائيل، وعلى الرغم من أن معظم المتظاهرين كانوا سلميين، إلا أن قوات الاحتلال قتلت 183 متظاهرًا وأصيب أكثر من 6000 بالذخيرة الحية.
 
كذلك اندلع القتال بين حماس وجيش الاحتلال الإسرائيلي، في مايو 2018، فيما أصبح أسوأ فترة عنف منذ عام 2014، وقبل التوصل إلى وقف إطلاق النار، أطلق المسلحون في غزة أكثر من مائة صاروخ على إسرائيل؛ وردت إسرائيل بشن ضربات على أكثر من خمسين هدفا في غزة خلال التصعيد الذي استمر أربعا وعشرين ساعة.
 
 
قضية حي الشيخ جراح 2021
قضت محكمة إسرائيلية، في أكتوبر 2020، بتهجير العديد من العائلات الفلسطينية التي تعيش في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية بحلول مايو 2021، مع تسليم أراضيها إلى عائلات يهودية.
 
ولكن قدمت عدة عائلات فلسطينية من الشيخ جراح استئنافًا على حكم المحكمة، في فبراير 2021، مما أثار احتجاجات حول جلسات الاستئناف، والمعركة القانونية المستمرة حول ملكية العقارات، والتهجير القسري للفلسطينيين من منازلهم في القدس.
 
بدأ الفلسطينيون يتظاهرون في شوارع القدس احتجاجًا على عمليات الإخلاء الوشيكة، وفي أواخر أبريل 2021، بدأ سكان الشيخ جراح- إلى جانب نشطاء آخرين- في الاعتصامات ليلية.
 
وبعد أن حكمت المحكمة لصالح عمليات الإخلاء، اتسعت الاحتجاجات، في أوائل مايو، واستخدمت الشرطة الإسرائيلية القوة ضد المتظاهرين، بعد أسابيع من المظاهرات اليومية وتصاعد التوترات بين المتظاهرين والمستوطنين الإسرائيليين والشرطة خلال شهر رمضان، اندلعت أعمال عنف في مجمع المسجد الأقصى في القدس، حيث استخدمت الشرطة الإسرائيلية قنابل الصوت والرصاص المطاطي، وخراطيم المياه خلال مواجهات مع المتظاهرين أدت إلى إصابة ووفاة مئات الفلسطينيين.
 
وبعد الاشتباكات التي وقعت في البلدة القديمة بالقدس، زادت التوترات في جميع أنحاء القدس الشرقية، وتفاقمت بسبب الاحتفال بيوم القدس، وفي 10 مايو، بعد عدة أيام متتالية من العنف في جميع أنحاء القدس واستخدام الشرطة الإسرائيلية للقوة المميتة وغير المميتة، أطلقت حماس، وغيرها من الجماعات الفلسطينية، مئات الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية.
 
وردت إسرائيل بقصف مدفعي وغارات جوية، أسفر العديد منها عن مقتل أكثر من عشرين فلسطينيا، بينما تدعي استهداف حماس والمسلحين الآخرين والبنية التحتية الخاصة بهم- بما في ذلك الأنفاق وقاذفات الصواريخ- وسعت إسرائيل حملتها الجوية وقصفت البنية التحتية غير العسكرية بما في ذلك المباني السكنية ومقار وسائل الإعلام ومرافق اللاجئين والرعاية الصحية .
 
في 21 مايو 2021، اتفقت إسرائيل وحماس على وقف إطلاق النار بوساطة مصرية، حيث أعلن الجانبان النصر ولم يتم الإبلاغ عن أي انتهاكات، بعد أن استشهد أكثر من 250 فلسطينيًا وجُرح ما يقرب من ألفين آخرين، كما قُتل 13 إسرائيليًا خلال الأحد عشر يومًا من القتال، وقدرت السلطات في غزة حجم الأضرار التي لحقت بعشرات الملايين من الدولارات، فيما قدرت الأمم المتحدة أن أكثر من 72 ألف فلسطيني شردوا بسبب القتال.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق