الأب الروحي لثورة 23 يوليو.. ذكري ميلاد توفيق الحكيم
الإثنين، 09 أكتوبر 2023 03:15 مإيمان محجوب
تمر اليوم ذكري ميلاد الاديب توفيق الحكيم، أحد أهم الكتاب الذي أثروا في وجدان الشعب المصري، حيث اعتبره الزعيم جمال عبد الناصر، الأب الروحي لثورة 23 يوليو، بسبب روايته عودة الروح التي أصدرها الحكيم عام 1933، ومهّد بها لظهور البطل المنتظر الذي سيحيي الأمة من رقادها.
ومنح الرئيس جمال عبد الناصر، قلادة الجمهورية إلى توفيق الحكيم، عام 1958، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1960، ووسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى في نفس العام.
ولم يذكر أن الرئيس جمال عبد الناصر، منع أي عمل لتوفيق الحكيم، حتى عندما أصدر «السلطان الحائر بين السيف والقانون» عام 1959، و«بنك القلق» 1966، حيث انتقد النظام الناصري ودافع عن الديمقراطية.
ووصل الأمر أن الرئيس جمال عبد الناصر، كان يستقبل الحكيم، في أي وقت وبغير تحديد لموعد، وهو ما أكده الأديب الراحل بنفسه، في جريدة الأهرام بعدد 15 مارس 1965.
ولد توفيق إسماعيل الحكيم، في 9 أكتوبر عام 1897، لأب مصري من أصل ريفي، يعمل في سلك القضاء بمدينة الدلنجات بمحافظة البحيرة، وكان يعد من أثرياء الفلاحين، وأم تركية أرستقراطية، كانت ابنة لأحد الضباط الأتراك المتقاعدين، وعندما بلغ السابعة من عمره التحق بمدرسة دمنهور الابتدائية، حتى انتهى من تعليمه الابتدائي سنة 1915، ثم ألحقه أبوه بمدرسة حكومية في محافظة البحيرة، حيث أنهى الدراسة الثانوية، ثم انتقل إلى القاهرة مع أعمامه، لمواصلة الدراسة الثانوية في مدرسة محمد علي الثانوية.
وشارك توفيق الحكيم في ثورة 1919، مع أعمامه، وقبض عليهم واعتقلوا بسجن القلعة، إلا أن والده استطاع نقله إلى المستشفى العسكري إلى أن أفرج عنه.
ثم انضم إلى كلية الحقوق حسب رغبة أبيه، ليتخرج منها عام 1925، ليلتحق بعد تخرجه بمكتب أحد المحامين المشهورين، فعمل محامياً متدربا لفترة زمنية قصيرة، ونتيجة لاتصالات عائلته بأشخاص ذوي نفوذ، تمكن والده من الحصول على دعم أحد المسؤولين في إيفاده في بعثة دراسية إلى باريس، لمتابعة دراساته العليا في جامعتها، بقصد الحصول على شهادة الدكتوراه بالحقوق، والعودة للتدريس في إحدى الجامعات المصرية الناشئة؛ فغادر إلى باريس، لنيل شهادة الدكتوراه (1925م - 1928م).
وفي باريس، كان يزور متاحف اللوفر وقاعات السينما والمسرح، واكتسب من خلال ذلك ثقافة أدبية وفنية واسعة إذ اطلع على الأدب العالمي وفي مقدمته اليوناني والفرنسي.
ويعتبر توفيق الحكيم، من رواد الرواية والكتابة المسرحية العربية ومن الأسماء البارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث، كانت للطريقة التي استقبل بها الشارع الأدبي العربي إنتاجاته الفنية، بين اعتباره نجاحًا عظيمًا تارة وإخفاقا كبيرا تارة أخرى، الأثر الأعظم على تبلور خصوصية تأثير أدب توفيق الحكيم وفكره على أجيال متعاقبة من الأدباء، وكانت مسرحيته المشهورة أهل الكهف في عام 1933 حدثًا هامًا في الدراما العربية فقد كانت تلك المسرحية بدايةً لنشوء تيار مسرحي عرف بالمسرح الذهني. بالرغم من الإنتاج الغزير لتوفيق الحكيم فإنه لم يكتب إلا عدداً قليلاً من المسرحيات التي يمكن تمثيلها على خشبة المسرح فمعظم مسرحياته من النوع الذي كُتب ليُقرأ فيكتشف القارئ من خلاله عالمًا من الدلائل والرموز التي يمكن إسقاطها على الواقع في سهولة لتسهم في تقديم رؤية نقدية للحياة والمجتمع تتسم بقدر كبير من العمق والوعي.
سمي تياره المسرحي بالمسرح الذهني لصعوبة تجسيده في عمل مسرحي، وكان توفيق الحكيم يدرك ذلك جيداً حيث قال في إحدى اللقاءات الصحفية: "إني اليوم أقيم مسرحي داخل الذهن وأجعل الممثلين أفكارا تتحرك في المطلق من المعاني مرتدية أثواب الرموز، لهذا اتسعت الهوة بيني وبين خشبة المسرح ولم أجد قنطرة تنقل مثل هذه الأعمال إلى الناس غير المطبعة. كان الحكيم أول مؤلف استلهم في أعماله المسرحية موضوعات مستمدة من التراث المصري وقد استلهم هذا التراث عبر عصوره المختلفة، سواء أكانت فرعونية أو رومانية أو قبطية أو إسلامية لكن بعض النقاد اتهموه بأن له ما وصفوه بميول فرعونية وخاصة بعد روايته عودة الروح.
أرسله والده إلى فرنسا ليبتعد عن المسرح ويتفرغ لدراسة القانون، ولكنه وخلال إقامته في باريس لمدة 3 سنوات اطلع على فنون المسرح الذي كان شُغله الشاغل، واكتشف الحكيم حقيقة أن الثقافة المسرحية الأوروبية بأكملها أسست على أصول المسرح اليوناني، فقام بدراسة المسرح اليوناني القديم كما اطلع على الأساطير والملاحم اليونانية العظيمة. عندما قرأ توفيق الحكيم أن بعض لاعبي كرة القدم دون العشرين يقبضون ملايين الجنيهات قال عبارته المشهورة: «انتهى عصرالقلم وبدأ عصر القدم، لقد أخذ هذا اللاعب في سنة واحدة ما لم يأخذه كل أدباء مصر من أيام إخناتون»
من أشهرمسرحياته: أهل الكهف، وشهرزاد، وعهد الشيطان، وسليمان الحكيم، والملك أوديب، وبجماليون، ورحلة إلى الغد، ودقت الساعة، وإيزيس، والحب العذري، ولعبة الموت، وشمس النهار، ومصير صرصار، والحمير، ومن اشهر قصصه ورواياته: القصر المسحور، وعودة الروح، وعصفور من الشرق، وليلة الزفاف، ويوميات نائب في الأرياف، والرباط المقدس، وعصا الحكيم، ومن مقالاته المجموعة في كتب: تحت شمس الفكر، وزهرة العمر، وفن الأدب، وحماري قال لي، وتأملات في السياسة، وأدب الحياة، ورحلة بين عصرين، وعودة الوعي، ونظريات في الدين والثقافة والمجتمع، وأحادي