هل يجوز شرعا الاحتفال بذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة؟.. الإفتاء تجيب

الثلاثاء، 03 أكتوبر 2023 12:29 م
هل يجوز شرعا الاحتفال بذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة؟.. الإفتاء تجيب
منال القاضي

خلال الأيام المقبله يواصل الشعب المصري الاحتفال بعيد النصر الـ50 للقوات المسلحة الباسلة التى حققت نصر أكتوبر ، وقد قرر مجلس الوزارء منح العاملين بالدولة إجازة رسمية بعد غدا الخميس الموافق الخامس من أكتوبر بمناسبة ذكرى ملحمة النصر، على أن يستأنف العمل فى الأسبوع المقبله يوم الأحد الموافق 8 أكتوبر .

ومن المقرر أن ينفذ القرار على جميع مؤسسات الدوله النسبة للمدارس، وإجازة رسمية أيضّا بأجر كامل للقطاع الخاص، وإجازة رسمية مدفوعة الأجر، للعاملين في الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات العامة ووحدات الإدارة المحلية، وشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام، وشركات القطاع الخاص.

وعلى جانب آخر اجابت دار الافتاء على سؤل يقول السائل كلما مرت علينا ذكرى انتصار حرب أكتوبر اجتمعت العائلة واحتفلنا معًا بهذه الذكرى، خاصة أن لدينا في العائلة من شارك أو استشهد فيها، إلا أن بعض الأفراد يعترض علينا بفعل ذلك ويقول: إنه لا وجه له من الشرع. فهل الاحتفال بانتصارات حرب أكتوبر جائز شرعًا؟ 
 
دار الافتاء تجيز الاحتفال بنصر أكتوبر   
وأجابت دار الافتاء بان إن ما تفعلونه من الاجتماع كل عام بقصد الاحتفال بذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة؛ هو أمر جائز شرعًا، ومستحسنٌ طبعًا؛ لما فيه من إظهار الفرح بنعم الله تعالى على البلاد بسواد أمنها واستقرارها، إضافة إلى الامتثال للأمر الشرعي بالتذكير بأيام الله ومن أعظمها أيام النصر، مع ما في هذه الاحتفالات من تجديد أبلغ معاني الوفاء والعرفان لمن بذلوا أرواحهم فداء الوطن بذكرهم وإكرام أهليهم، علاوة على استعادة سمات العمل الجاد ومقومات حب الوطن والإخلاص في رفع رايته عالية عزيزة مهابة.
 
ومن أجل هذه المعاني أقرّ النبي صلى الله عليه آله وسلم الناس على الاحتفال بانتصاراتهم ومآثرهم، ولم ينه أن يقال في بيته الشريف من الشعر ما كان يقال في انتصاراتهم من مفاخر؛ بل وأقرّ أن يكون ذلك من الأعياد التي يباح لهم فيها ما يباح في الأعياد من التهنئة والترويح عن النفس والتزاور فيما بينهم؛ فروى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أن أبا بكر رضي الله عنه دخل عليها، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم عندها، يومَ فطرٍ أو أضحى، وعندها قينتان تغنيان بما تقاذفت الأنصارُ يومَ بُعَاث، فقال أبو بكر رضي الله عنه: مزمار الشيطان! مرتين، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَإِنَّ عِيدَنَا هَذَا اليَوْمُ». وفي لفظ في "الصحيحين": «دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ؛ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ». وأخرجه أبو عوانة في "مستخرجه على صحيح مسلم" بلفظ: «دَعْهُمَا؛ فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهَذَا عِيدٌ».
 
والشاهد من الحديث: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم ينه عن الغناء بما كان من غناء يوم بعاث -وهو يومٌ انتصر فيه الأوس على الخزرج-؛ لكونه من قبيل الأيام الوطنية التي يفتخرون بها فيُحيُون ذكراها ويحتفلون بمناسبة الانتصار فيها.
رابعًا: في خصوص نصر حرب أكتوبر المجيدة يتجلّى أقوى برهان وأنصع بيان على أن الأمة المصرية هي أمة الرباط والحق والسلام والأمان إلى يوم القيامة.
وأن جيشها العظيم بما يتمتع به من عقيدة شريفة وفضائل منيفة هم الجند الذي استحق بجدارة أن ينال شرف الوصف النبوي بأنه «خَيْرُ أَجْنَادِ الْأَرْضِ»، وكانت تلك الحرب التي خاضها ببسالة وشرف الجيش والشعب يدًا بيدٍ مظهرًا ومَجْلًى لتحقيق بشارته صلى الله عليه وآله وسلم فيما جاء عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِذَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ مِصْرَ، فَاتَّخِذُوا فِيهَا جُنْدًا كَثِيفًا؛ فَذَلِكَ الْجُنْدُ خَيْرُ أَجْنَادِ الْأَرْضِ»، فقال أبو بكر رضي الله عنه: ولم يا رسول الله؟ قال: «لِأَنَّهُمْ وَأَزْوَاجَهُمْ فِي رِبَاطٍ إِلَى يَوْمٍ الْقِيَامَةِ» ذكره العلامة أبو القاسم المصري في "فتوح مصر والمغرب" والعلامة ابن عساكر في "فتوح دمشق".
 
ولَمَّا كان الانتصار في حرب أكتوبر المجيدة من أكثر الأحداث التي تعود على الشعب المصري بل والوطن العربي بالسعادة والحفاوة والسرور، وكان يوم السادس من أكتوبر عام 1973م الموافق العاشر من رمضان عام 1393هـ هو اليوم الذي استعاد فيه الشعب المصري الأصيل ما قد سُلب من أرضه بمهارة ليس لها نظير، وجسارة أخضعت لها جيوش المُعَادين، فعادت له بذلك حريته، وألقم من تجرأ على سيادته درسًا لا ينساه له التاريخ، ودقّ بذلك إنذار خطر وتحذير لكل مَن قد تُسوِّل له نفسه المساس بالشعب المصري وسيادة أراضيه على مر الزمان ولو بعد مئات السنين؛ فاستحق هذا النصر لكل هذه المعاني أن تُجَدَّد ذكراه، وأن يكون يومه يوم فرح وسرور واحتفال وتوسعة، وأن يُجعَل عيدًا قوميًّا ووطنيًّا للنصر؛ إذ جَمَعَ مِن معاني النصر أكملَها وأتمَّها وأبلغَها؛ فهو "يوم للنصر" على ما كان من ظلم وطغيان، و"بداية للنصر" حيث كان منطلقًا للعمل والنهضة والعمران، و"عاملًا للنصر"؛ إذ هو جرس خطر وإنذار لكل معتدٍ قبل أن يفكر في الاعتداء يُعلمه ويُعلن له أن ذلك الشعب منصور بربه وجيشه وقيادته وشعبه؛ فلا مناص من الإقرار والإذعان له بالنصر قبل معاداته، ويشهد لهذه المعاني شعوبُ العالم وقادتُه؛ إذ اتخذوا نصر ذلك اليوم وملحمة حرب أكتوبر المجيدة مادة علمية تدرس في كثير من الجامعات الدولية والأكاديميات العسكرية، فكيف لشعب مصر بعد أن حباها الله بنعم هذا النصر المبين ألَّا يحتفلوا به ويجددوا ذكراه على مرّ السنين.
 
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق