بدت الأضرار مروعة حيث دُمّرت مساكن بالكامل، وارتفعت أكوام الركام لأمتار عدة، وطال الدمار كل شيء وتهدمت المعالم وتضررت مبانى تاريخية ومزارات سياحية عريقة، وأماكن مدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمى، هكذا كان الحال فى المغرب بعد أن ضربها الزلزال المدمر ليلة السبت الماضى، وبلغت شدت 7 درجات على مقياس ريختر.
فقد ألحق الزلزال أضرارا بالغة بأحد أهم المواقع التاريخية فى جبال الأطلس الكبير، وهو مسجد تينمل الأعظم التاريخى الذى يعود إلى العصر الموحدى (القرن الـ12)، والذى كان فى الشهور الأخيرة من استكمال الترميم قبل أن يتداعى معظمه، وهو مسجد مصنوع من الطوب اللبن والحجر بنته أسرة من القرون الوسطى فتحت شمال أفريقيا وإسبانيا.
ووفق وسائل إعلام مغربية فقد أعلن مسئول، تعرض المسجد لأضرار كبيرة، وقال حسن هرنان، المدير الجهوى للثقافة بجهة مراكش آسفى: "لدينا أضرر مادية فى المعالم التاريخية؛ لكنها ليست أضرارا ذات درجة كبيرة، ولو أنها تحتاج وقتا لترمم وتعود كما كانت، باستثناء مسجد تينمل الذي تضرر كثيرا، وكارثة ما وقع فيه".
وأضاف: "منذ ما يزيد عن أربع سنوات وعملية الترميم قائمة، وما تبقى كان خمسة أشهر من الترميم؛ لكن مسجد تينمل عاد الآن إلى حالته الأولى. ونتمنى أن نعيده إلى ما كان عليه، خاصة أن التصاميم والدراسات متوفرة؛ لكن ما حدث جاء فوق طاقتنا".
وبُني المسجد الذى يعود تاريخه إلى القرن الثانى عشر فى أحد أودية جبال الأطلس، حيث أقامت دولة الموحدين عاصمتها الأولى قبل أن تستولى على مراكش وتعلن قائدها خليفة وتزحف عبر المنطقة مدفوعة بحماس دينى.
كما تعرضت العديد من الأماكن التاريخية فى مراكش للأضرار مثل آن صوفى لابادى وإسماعيل بيلوالى فى الرباط .
وقالت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) إنها تلقت أنباء عن وقوع "أضرار بالغة بمسجد تينمل"، مضيفة أنها تلقت مقترحات بإدراجه ضمن مواقعها للتراث العالمي. وأشارت إلى أنها ما زالت تنتظر إرسال فريق لتقييم الأضرار.
كما تضرر مسجد الكتبية التاريخى، وذكر المتحدث أنه لم يعرف "تضررا كبيرا"، وأضاف: "بعد زيارة معاينة قمت بها مع المحافظ، والمفتشة الأثرية، وقفنا على تضرر بسيط، غير خطير".
أما المدينة العتيقة المراكشية، فكل درب منها فيه منزل سقط كليا أو جزئيا، و"الملاح اليهودي" التاريخى تضررت منه نسبة 60%.
وفى إقليم الحوز، ذكر هرنان أن العمليات التفقدية للمديرية الجهوية للثقافة قد همت مواقع تاريخية ومآثر؛ من قبيل: تينمل، أغمات، قصر البحر، دار السلطان، قبور السعديين، القبة المغربية، مزار مولاي يوسف، والقزادرية، ومعظم المواقع الأخرى في مراكش وآسفي أيضا.
وأردف قائلا: "لقد قطعنا مراكش شارعا شارعا، ووقفنا على المآثر والمدينة العتيقة بصفة عامة، وابتداء من الأسبوع المقبل، وفق تعليمات الوزير، ستبدأ وزارة الثقافة إجراءات مع مكاتب دراسات ومختبرات ستحدد بالضبط مستوى التدخلات التي تتطلبها المواقع المتضررة".وتهدّم جزء من الأسوار العائدة للقرن الثاني عشر المحيطة بالمدينة التى بنتها سلالة المرابطين نحو عام 1070.
دمار في مراكش
ومراكش مليئة بالمواقع المُدرجة منذ العام 1985 على قائمة التراث العالمى التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو).
وعلى سبيل المثال، فإن ساحة جامع الفنا الشهيرة بسحرة الثعابين وبائعى الحناء، مدرجة على قائمة التراث العالمى لليونسكو، وعلى القائمة التمثيلية للتراث الثقافى غير المادى للبشرية.
وبعد ساعات قليلة من وقوع الزلزال العنيف، عاين فريق من الأمم المتحدة برئاسة فالت الأضرار لمدة ساعتين فى المدينة القديمة.
وقال المدير الإقليمى لمكتب اليونسكو فى المغرب العربى إريك فالت: "بعد كارثة كهذه، يكون الحفاظ على حياة البشر الأمر الأهم. ولكن علينا أيضًا أن نخطط على الفور للمرحلة الثانية، والتى ستشمل إعادة بناء المدارس والأماكن الثقافية المتضررة من الزلزال".
وأضاف فالت: "يمكننا أن نقول بالفعل أن الأضرار أكبر بكثير مما توقعنا. لاحظنا تشققات كبيرة فى مئذنة (جامع) الكتبية البناء الأكثر شهرة، ولكن أيضًا التدمير شبه الكامل لمئذنة مسجد خربوش" فى ساحة جامع الفنا.
وقد بلغ عدد الوفيات الذى خلفته الهزة الأرضية 2122 شخصا، وعدد الجرحى 2421، وفق بيان لوزارة الداخلية، وبلغ عدد الوفيات 1351 بإقليم الحوز، و492 بإقليم تارودانت، و201 بإقليم شيشاوة، و17 بعمالة مراكش. فى حين لم يتم تسجيل أى حالة وفاة جديدة بكل من عمالات وأقاليم ورززات، أزيلال، أكادير إداوتنان، الدار البيضاء الكبرى، اليوسفية وتنغير.
دمار الزلزال في المغرب