صوت الأمة سألت سياسيين وحزبيين: كيف تستغل الأحزاب فرصة الحوار الوطني للعودة إلى الساحة من جديد؟
السبت، 09 سبتمبر 2023 08:00 مأمل غريب
- ضياء رشوان: مصر مستقبلها غير آمن بدون أحزاب قوية فاعلة لها وجود حقيقى
- خالد داود: نحتاج تخفيف القيود على تشكيل وتكوين الأحزاب.. النائب محمد عمارة: مطلوب تغيير القانون الحالي
- النائب حسام الخولى: السياسية تؤكد أن التنظيم يأتي قبل الشعبية.. والبيئة الحالية مناسبة للعمل الحزبى
- النائب محمد إسماعيل: الأحزاب تعانى غياب الديمقراطية الداخلية والتمويل وقانون ينظم عملية الدمج والتحالفات
- خالد داود: نحتاج تخفيف القيود على تشكيل وتكوين الأحزاب.. النائب محمد عمارة: مطلوب تغيير القانون الحالي
- النائب حسام الخولى: السياسية تؤكد أن التنظيم يأتي قبل الشعبية.. والبيئة الحالية مناسبة للعمل الحزبى
- النائب محمد إسماعيل: الأحزاب تعانى غياب الديمقراطية الداخلية والتمويل وقانون ينظم عملية الدمج والتحالفات
استأنف الحوار الوطنى، جدول أعماله للأسبوع السادس، لمناقشة عدد من القضايا الهامة، المطروحة على أجندة الجلسات، بالتزامن مع خروج توصيات المرحلة الأولى من الحوار الوطنى، التي تم رفعها إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي.
واستهل الحوار الوطنى، أولى جلسات جدول أعماله بالمحور السياسي، بانعقاد لجنة الأحزاب السياسية، لمناقشة "قانون الأحزاب الدمج والتحالفات الحزبية والحوكمة المالية والإدارية دور لجنة شئون الأحزاب"، وشهدت الجلسة سجالاً كبيراً بين المشاركين حول وضعية الأحزاب ومستقبلها، حيث بدات الجلسة بتأكيد الكاتب الصحفى ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطنى، على أهمية وجود أحزاب حقيقية وفاعلة، موضحًا أن مصر مستقبلها غير آمن بدون أحزاب قوية فاعلة لها وجود حقيقى سواء فى الشارع أو الحياة السياسية، لافتاً إلى أن الحوار الوطنى يسعى منذ اليوم الأول من انطلاقه إلى تفكيك أزمات قد تكون قائمة بالفعل، كما أن جوهر الحوار الوطنى هو إيجاد لغة مشتركة والوصول لحلول من شأنها حل القضايا المطروحة، موضحًا أن الحوار الوطنى هو عملية الإصلاح تحتاج إلى وقت لكى تؤتى ثمارها.
وأكد خالد داود مقرر مساعد لجنة الأحزاب فى الحوار الوطنى عن تطلعه إلى الخروج بتوصيات تعكس الرغبة الجماعية لتنشيط استعادة عمل الأحزاب السياسية فى مصر، مؤكدا على أنه مع تأسيس الجمهورية الجديدة، على تطبق القانون والدستور وتطبيق المادة الخامسة هناك تطلعات للنهوض بالحياة الحزبية فى مصر، مشيرا إلى أن من يحكم على الأحزاب هم الشعب، مطالبا بالتخفيف فى القيود على تشكيل وتكوين الأحزاب، موضحاً أنه كأحزاب معارضة نرى أن هناك ارتباطا بين الأحزاب وعمل حقوق الإنسان واللجان الأخرى وقضية الحبس الاحتياطى، حتى لا نكون معرضين للحبس فى حالة الاختلاف فى وجهات النظر، مناشدا بضرورة السماح بحرية الأحزاب والإعلام، على أن يكون إعلاما متنوعا ومنفتحا، دون الاعتماد على المصادر الخارجية وهو ما يحب أن نضعه فى الاعتبار.
بدوره، أكد عمرو حمزاوى، أستاذ العلوم السياسية، أهمية العمل على وضع مخفزات حقيقية لدعم بيئة دمج الأحزاب وبعضها البعض وخاصة القريبة من التوجهات والإيدلوحيات، لافتا إلى أن جانب من المحفزات لدعم بيئة الأحزاب قد تكون من خلال إعادة النظر فى الدعم المالى الذى كان يقدم للأحزاب فى وقت سابق، مشيرا إلى أنه يتفق مع رؤى كثيرة فى أن عمل الأحزاب يحتاج لتفعيل القانون والعمل على أرض الواقع وليس تعديل القانون، مشدداً على أن دعم بيئة الأحزاب يتحقق من خلال تواجد هذه الأحزاب فى مناطق بعيدة عن المدن الرئيسية من خلال المقرات والأنشطة.
وفى هذا الصدد، اقترح إبراهيم الهنيدى، رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب، ورئيس لجنة شئون الأحزاب الأسبق، إدخال تعديلات على قانون الأحزاب بزيادة صلاحيات اللجنة، مؤكدا أن تكون اللجنة جزء من العمل القضائى، لأن هذا هو الأمانة السياسية لعدم تدخل أى جهة سياسية فى الأحزاب.
ولإن قضية الأحزاب تحظى باهتمام كبير، فقد التقت «صوت الأمة» بعدد من السياسيين والحزبيين، وفتحت معهم ملف الأحزاب ومستقبلها في مصر.
البداية كانت مع النائب حسام الخولى، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، بمجلس الشيوخ، الذى استهل حديثه بتشريح زمنى مهم لحالة الأحزاب المصرية، قبل الحديث عن أي تطوير لبيئة عملها، وقال إن بيئة عمل الأحزاب السياسية في مصر تغيرت عن السابق بشكل كبير، لافتا إلى أن التضيق المتعمد الذي كان يجري قبل ثورة 25 يناير 2011، أثر بشكل سلبي على عمل الأحزاب، وأدى إلى أن تكون الحياة السياسية جسد بدون روح، ثم حدث انفتاح سياسى بعد 2011، لدرجة أن إنشاء الأحزاب أصبح بالإخطار، ويمكن لكل 5 آلاف شخص تكوين حزب، مما أثرى الحياة الحزبية بشكل كبير للدرجة التي وصلت إلى أنه أصبح لدينا أكثر من 120 حزبا.
وتساءل الخولى، هل كل هذه الأحزاب لديها رؤى مختلفة لذلك وصلنا إلى هذا العدد الضخم؟، وهو السؤال الذي لم يجيب عليه أحدا حتى الأن، لافتاً إلى أن الحياة لأي حزب سياسي، هي الصندوق الانتخابى، ما يعني أنه من حق الأحزاب المطالبة بتوفير البيئة السياسية، والمناخ المناسب كي يتمكن من المنافسة، سواء كان عقد الاجتماعات داخل المقرات أو الندوات، علاوة على الإشراف القضائي الذي أقره الرئيس السيسى مؤخرا، قبل عودة انطلاق جدول أعمال الحوار الوطني، في أسبوعه السادس، وهو ما كان له بالغ الأثر لدى كل القوى الحزبية والسياسية، مشدداً على أنه حان الوقت للأحزاب لتقوية نفسها أكثر مما هو عليه الوضع الأن، فالوضع الحالي أشبه بطالب يواجه امتحان كل 5 سنوات، متمثلة في الانتخابات البرلمانية بغرفتيها النواب والشيوخ، وكذلك انتخابات المحليات، فهناك طالب سيجتهد على مدار الـ5 سنوات، وآخر سيتكاسل، الأول لن يعبأ بالكيفية التى سيأتى عليها الامتحان، والأخير، لن يعجبه أى نظام للامتحان، مشيرا إلى أن السياسية تؤكد أن التنظيم يأتي قبل الشعبية، فقد يمكن أن تكون لدى الحزب شعبية كبيرة إلا أنه يفتقر إلى التنظيم، ولا يستطيع ترجمة شعبيته فى صندوق الانتخابات، أو قد يكون هناك حزبا أخر لديه قدرة تنظيمية لكنه يفتقر إلى الشعبية، بينما يستطيع تحويل ذلك فى صندوق الانتخابات.
التشريح السياسى والزمنى لحالة الأحزاب، الذى قدمه النائب حسام الخولى، والذى أنتهى إلى التأكيد على أهمية التنظيم الحزبى، هو أمر يراه الدكتور عبد الله المغازي، أستاذ القانون الدستوري، مهما، يضاف إليه ان الأحزاب ملزمة بالمادة الـ 5 من الدستور التي تتحدث عن التعددية الحزبية والسياسية، ما تعنى أن كل مختلف المقترحات السياسة والأفكار الحزبية مرحب بها، طالما في إطار المبادئ العامة للدولة، ويراعى فيها الهوية المصرية وأننا دولة إسلامية وعربية ولنا ثقافتنا والمواطنين يدينون بالإسلام والمسيحية.
وأشار المغازى إلى أننا حينما نتحدث عن التعددية الحزبية وتداول السلطة، فإن ذلك سيتحقق من خلال مناخ سياسي سليم بأن تسمع كافة الأراء وهو ما تحقق فعليا على أرض الواقع، وتجسد من خلال دعوة الرئيس السيسي كل القوى السياسية المختلفة للجلوس على مائدة واحدة، تم ترجمتها إلى الحوار الوطني، الذي جمع كل الأطراف سواء اليسار أو اليمين أو الوسط تحت سقف واحد، لعرض الرؤى والأفكار والمقترحات ورفع المخرجات النهائية إلى الرئيس السيسي، الذي بدوره تفاعل معها بكل جدية وأمانة وحيادية.
وأوضح أستاذ القانون الدستوري، أن الأحزاب السياسية عانت من عملية تضيق على مدار عقود سابقة، فلم يكن يتم الاستماع إلى مختلف الأراء ولم يسمح لهم بعمل مؤتمرات جماهيرية إلا داخل المقرات فقط لاعتبارات أمنية، إلا أن الوضع الأن اختلف تماما، فمصر الأن أصبحت أكثر أمانا وقوة وصلابة من الناحية الأمنية، لذلك فإن التخوفات التي كانت تحدث في وقت سابق لم يعد لها أي مبررات على أرض الواقع نظرا للاستقرار الأمني الذي تحقق في عهد الرئيس السيسي، مشيرا إلى نقط أخرى يراها مهمة، وهى إلغاء الوصاية السياسية التي فرضت على مدار العقود السابقة بأن ننبذ فكرة محاباة أحزاب على غيرها، لذلك يجب أن يسود مناخ سياسي سليم، وقال المغازى: اعتقد أن الرئيس السيسي عندما دعا إلى الحوار الوطني، قال إنه حان الوقت للإصلاح السياسي، فرأس الدولة مشكورا أقر بأنه لدينا إشكاليات في الحياة السياسية، ولابد من إصلاحها ويكون لدينا سياسيين يضعون الدولة المصرية في قلوبهم.
على الجانب الأخر، يرى النائب محمد عمارة، عضو مجلس الشيوخ عن حزب الشعب الجمهورى، وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أنه هناك حاجة ماسة لقانون جديد ينظم دور الأحزاب، خاصة أنه مر أكثر من 45 عاما على القانون الحالي وأصبحت أغلب مواده لا تتماشى مع التغيرات السياسية والاجتماعية والتكنولوجية الحالية، وأصابها التقادم ولم تعد تتوافق مع الجمهورية الجديدة، وقال: نحن نحتاج إلى ثورة تشريعية فى العديد من القوانين المنظمة للأحزاب السياسية في مصر تتناسب مع طبيعة المرحلة الجديدة، وحجم الإنجازات التى تقوم بها الدولة يمكنها التطرق إلى التحديات التى تواجه الدولة، داخليا وخارجيا، وهذا ما ينادي به مجلس الشيوخ وبعض الجهات الأخرى خلال جلسات الحوار الوطنى".
وأشار عمارة إلى إن الأحزاب في حاجة إلى معرفة دورها بشكل حقيقي ومحدد، والتفرقة بين دورها التشريعي والرقابي والخدمي مع إدراك طبيعة مهامها، لأنها حلقة الوصل بين المواطن والمؤسسات المختلفة للدولة، إلا أن ذلك لن يتحقق بغير قوانين جديدة يتم تطبيقها، كون الأحزاب تحتاج إلى تمويل مادي، مما سيضعنا أمام إشكالية مصادر التمويل، وهل سنعود مرة أخرى إلى ما كان معمولا به في وقت سابق، حيث التمويل الحكومي للأحزاب؟ وهي سياسة لا تزال معمول بها حتى الأن في بعض الدول، أم ستعتمد الأحزاب على تلقي وجمع التبرعات؟
وأوضح عمارة، أن ما سبق من إشكاليات مطروحا على طاولة الحوار الوطني، مشددا على أنها فرصة للأحزاب عليهم استغلالها بالشكل الأمثل، وتقديم رؤيتهم ومناقشتها بشكل جدي وصولاً إلى أفضل طريقة ممكنة فى ظل الظروف الراهنة التى تمر بها مصر والحياة الحزبية.
على الجانب الأخر، أكد النائب محمد إسماعيل، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن العمل الحزبي في مصر، يواجه العديد من الإشكاليات والمعوقات التي تُحد من فاعليته بالتالي تؤثر على دور الأحزاب داخل الحياة السياسية، موضحا أنه على الرغم من تحسن المناخ السياسي وإطلاق القيادة السياسية لعام المجتمع المدني، ألا أنه لازال هناك تأخر ملحوظ فى هذا الملف، مشيرا إلى أنه فى ظل إطلاق الرئيس السيسى للحوار الوطنى، ودعوته للأحزاب بالجلوس على مائدة واحدة بمساحات مشتركة، وجب طرح الإشكاليات ووضع رؤية لعلاجها وتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية المصرية.
وقال إسماعيل: "إشكاليات العمل الحزبي في مصر لها ثلاثة أبعاد، أولا: غياب الديمقراطية الداخلية مما يترتب عليها عدم وجود تنظيم حزبي فعال يجعل الحزب مجرد أفكار محلقة في خيال أصحابها، دون أدنى إمكانية للتحقيق على أرض الواقع، كما أن ظاهرة النزاعات داخل الأحزاب واضحة للجميع وترجع إلى عوامل لا تتعلق بالاختلاف في الفكر أو الرؤى أو الأيديولوجية، وإنما للخلافات الشخصية على المواقع والمناصب والسيطرة على مقاليد الأمور واتخاذ القرار داخل الحزب، علاوة على أن العجز الكبير لدى معظم الأحزاب المصرية عن تمثيل هموم الشباب المصري، وجذب هذه الفئة إلى عضويتها وإعدادهم سياسيا وتريبهم وتمكينهم من تولي المناصب القيادية داخل الأحزاب.
وقال: ثانيا؛ تعتبر أزمة التمويل تحديا كبيرا يواجه الأحزاب المصرية، وقد يؤدي ببعضها للخروج من المشهد السياسي كليا، علاوة على كثرة الأعباء المالية على الأحزاب بصورة ملحوظة، نتيجة نسب التضخم العالمية والتي أدت إلى ضعف الاتصال الجماهيري، أما ثالثا، هو عدم وجود نص قانوني منظم لعملية الدمج والتحالفات بين الأحزاب السياسية.
واقترح النائب محمد إسماعيل، عدداً من التوصيات، أبرزها إعداد مشروع قانون جديد للعمل الحزبي يشمل محددات واضحة لنظام الانتخابات الداخلية، ووضع ضوابط تساهم بشكل كبير فى ضمان أن تكون المناصب العليا فى الأحزاب بالانتخاب لضمان الديمقراطية وتداول السلطة فى الأحزاب وتحدد بمدد معينة وتحت إشراف لجنة شئون الأحزاب، وكذلك السعي إلى مصادر تمويل متنوعة.
وفيما يتعلق بالتحالفات السياسية، قال النائب محمد إسماعيل، إنه يحقّ للأحزاب تشكيل تحالفات سياسية، إما بهدف خوض الاستحقاقات الانتخابية المختلفة سواء الانتخابات البرلمانية أو المحليات، أو بهدف العمل بشكل عام على أهداف مشتركة، ويتم الإعلان عن التحالف إعلاميا، ولا يعتبر التحالف حزبا ولا يتمتع بالشخصية الاعتبارية، وفي حالة التحالفات الانتخابية يتم إشعار لجنة شؤون الأحزاب والهيئة العليا للانتخابات على أن يرفق بالإشعار الانتخابات المشمولة بالتحالف، أسماء مترشحي الأحزاب المشاركة فيه، ولا يجوز الانسحاب من التحالف خلال الانتخابات النيابية.
وأكد النائب هانى العسال، عضو مجلس الشيوخ، أن الأحزاب السياسية هي ركنا أساسيا من أركان النظم الديمقراطية، كذلك هي إحدى قنوات المشاركة السياسية للمواطنين، وحلقة الوصل بينه وبين مختلف مؤسسات الدولة، مما يجعل هناك ضرورة ملحة، للعمل على تحسين أدائها، بهدف إيجاد دور فاعل لها داخل المشهد السياسى والاجتماعي، خاصة أن مناقشة قانون الأحزاب السياسية والدمج والتحالفات الحزبية والحوكمة المالية والإدارية ودور لجنة شئون الأحزاب، هم أهم عوامل مسار النهوض بالأحزاب وتعزيز مشاركتها، موضحا أن تواجد كيانات سياسية قوية ومؤثرة وفاعلة في عملية صنع السياسات العامة للدولة، لهو يرسخ المفهوم الشامل للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.