ليس فقط بريكس.. مصر عضوا في أقوى التكتلات الدولية والإقليمية بينها كوميسا وتجمع الميركوسور
السبت، 02 سبتمبر 2023 09:00 مهبة جعفر
- الدكتور فخرى الفقى لـ«صوت الأمة»: العضوية المصرية فى التجمعات الدولية انعكاس لمؤشر الثقة فى الاقتصاد المصرى كأحد الاقتصادات الواعدة
- الانضمام لبريكس يصنع الحلم ويساهم فى زيادة المشروعات الاستثمارية.. والمواطن مسئول مع الدولة لزيادة الإنتاج
تصنع الدولة ملحمة اقتصادية جديدة من خلال عقد العديد من الاتفاقيات الثنائية الدولية، لتسهيل التجارة العالمية بين مصر وباقى دول العالم، والوصول إلى صيغة تسمح بدخول المنتجات الزراعية والصناعية لباقى الأسواق العالمية، حيث انضمت مصر لاتفاقية التجارة الحرة بين مصر وتجمع الميركوسور، وهو ما يساهم فى دخول الاتفاقية حيز النفاذ، ودفع حركة التبادل التجارى بين مصر ودول التجمع، وعلى رأسها الأرجنتين، حيث يبلغ حجم الميزان التجارى حوالى 2 مليار دولار.
كما وقع الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى يونيو 2015، الاتفاقية التأسيسية لمنطقة التجارة الحرة الثلاثية بين التجمعات الاقتصادية الثلاثة «الكوميسا، الساداك، شرق أفريقيا»، وجاء التوقيع على الاتفاقية بعد المكاسب التى حققتها مصر بعد الانضمام إلى تجمع الكوميسا، حيث استطاعت مصر من خلاله مضاعفة حجم صادراتها لدول الكوميسا من 150 إلى 730 مليون دولار، فضلا عن تمكنها من استيراد عدد من السلع كثيفة الاستهلاك بالنسبة للمستهلك المصرى، ومن بينها اللحوم والشاى.
وأصدر الرئيس السيسى، القرار الجمهورى رقم 119 لسنة 2017، بشأن الموافقة على انضمام مصر إلى اتفاقية تسهيل التجارة بعد تصديق مجلس النواب عليها وإقرارها، وتعد أول اتفاقية تجارية متعددة الأطراف، يتم توقيعها والتوصل إليها فى إطار منظمة التجارة العالمية منذ نشأتها، وتهدف إلى تحسين الإجراءات والضوابط التى تحكم حركة البضائع عبر الحدود الوطنية، لتقليل أعباء التكلفة، وتسريع إجراءات الإفراج الجمركى على السلع المستوردة.
ووافقت قمة رؤساء دول الاتحاد الاقتصادى الأوراسى، على بدء مفاوضات التجارة الحرة بين الاتحاد ومصر، إلى جانب عدد آخر من الدول، وهى إيران والهند وسنغافورة، ويضمن هذا الاتفاق دخول منتجات مصرية إلى تلك الدول دون جمارك، بالإضافة إلى دخول منتجاتها دون جمارك أيضا، ومن المتوقع انتهاء المفاوضات على بدء التجارة الحرة بين مصر والاتحاد.
ومنذ تولى الرئيس السيسى، وهو يسعى لعودة مصر لوضعها وثقلها فى المنطقة العربية والعالم أجمع، وتحريك المياه الراكدة مع مختلف الدول من خلال عقد الاتفاقيات الثنائية أو العودة لتسلم القيادة، كما حدث فى الكوميسا وتولى مصر رئاستها 2021، وخلال هذه الفترة، تمت زيادة الصادرات البينية لدول الكوميسا، لتصل إلى 13 مليار دولار عام 2022، وهى القيمة الأعلى، منذ إنشاء منطقة التجارة الحرة، عام 2000 بجانب ارتفاع حجم التبادل التجارى بين مصر ودول الكوميسا لأعلى قيمة لها منذ انضمام مصر للكوميسا، ليصل إلى4.3 مليار دولار.
ومؤخرا استطاعت الدولة، الانضمام لتجمع «بريكس»، وهو تجمع اقتصادى يضم خمس دول، هى البرازيل وروسيا والهند والصين، ثم انضمت جنوب أفريقيا لاحقا، وتسعى مجموعة بريكس، إلى الخروج من هيمنة الدولار للعمل بنظام التبادل بالعملات المحلية للدول الأعضاء أو إنشاء عملة بريكس الموحدة، والتى مازالت محل خلاف بين الدول الأعضاء، ويشكل بريكس 25.6٪ من الناتج المحلى الإجمالى العالمى بنحو 25.9 تريليون دولار حتى عام 2022، ولديها موارد طبيعية ضخمة، وتحقق معدلات نمو مرتفعة معظم الأحيان.
ويعمل نظام بريكس على توفير قنوات دعم مالى للدول الأعضاء، على رأسها بنك التنمية الجديد، الذى تم إنشاؤه عام 2014 برأسمال مشترك قيمته 50 مليار دولار، كما تم إنشاء صندوق الاحتياطى النقدى برأسمال 100 مليار دولار ومقره شنغهاى فى الصين، بهدف مساعدة الدول الأعضاء على سداد ديونها، وتخفيف ضغوط السيولة العالمية على عملاتها.
وتسعى مصر، لتكوين تحالفات اقتصادية قوية، تساعد على زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وزيادة جلب العملة الأجنبية، وفتح أسواق جديدة سواء بمصر أو دول العالم الأخرى، وعن أهمية التحركات الاقتصادية المصرية الأخيرة، والوضع الاقتصادى فى مصر بشكل عام.
جاء الحوار مع الدكتور فخرى الفقى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب ومستشار صندوق النقد الدولى الأسبق، ليتحدث عن المكاسب التى ستعود لمصر من الانضمام لمثل هذه التكتلات، فالى نص الحوار:
<فى البداية كيف رأيت انضمام مصر للتكتلات الاقتصادية الكبرى وآخرها تجمع بريكس وتأثيره على الاقتصاد المصرى؟ وهل سيساهم فى حل أزمة الاحتياطى الأجنبى؟
- انضمام مصر للتكتلات الاقتصادية الكبرى، ومن بينها «بريكس»، والتى أعقبت انضمامها لبنك التنمية التابع له، خطوة مهمة وقوية، وتساهم فى تحقيق الكثير من الفوائد الاقتصادية لمصر، والتى تعتبر الدولة رقم 2 من حيث الناتج المحلى الإجمالى فى أفريقيا بعد نيجيريا، ووفقا لصندوق النقد الدولى، ستكون مصر «رقم واحد» فى 2050، وبالتالى فهى دولة محورية ولها مكانتها، وانضمامها رسميا إلى تحالف بريكس، يعكس هذه المكانة.
وبذلت الدولة مجهودا كبيرا فى الانضمام إلى بريكس، وتم قبولها إلى جانب 5 دول أخرى، حيث جاء اختيار مصر للانضمام انعكاسا لمؤشر الثقة فى الاقتصاد المصرى، وبسبب كونه أحد الاقتصادات الواعدة فى المنطقة، والانضمام للتحالف، سيساعد فى الاستفادة من الدول الشريكة فى المجموعة عبر التبادل التجارى بين الدول الـ11 بالعملات المحلية، ما سيؤدى إلى تخفيف الطلب على الدولار الأمريكى فى التعاملات التجارية بين الدول الأعضاء، وبدأت مصر، عقد اتفاقيات ثنائية مع الدول كالهند، والذى يصل حجم التبادل التجارى معها الى 7 مليارات دولار، بأن يكون التعامل بالعملة المحلية للبلدين، وبالتالى يمكن السياحة من الانتعاش عند قدوم السياح الهنديين لمصر لتعاملهم بالعملة الهندية، وليس الدولار .
كما أن مصر، تستورد من الصين بـ17مليار دولار، وتصدر بـ2 مليار دولار فقط، وبالتالى فهناك تحد جديد لمصر بتقليل الاستيراد من الصين وزيادة الصادرات واستقبال المشروعات الاستثمارية، من أجل العمل على توفير اليوان الصينى والتعامل به من خلال الاتفاقية، والميزة فى اليوان الصينى، أنه يحل محل الدولار فى التعاملات التجارية الدولية، وبالتالى يمكن تحويل اليوان إلى دولار واعتباره عملة احتياطية دولية.
كما أن انضمام مصر إلى المجموعة، يمكن الحكومة من تصدير أو استيراد السلع من أى من الدول الأعضاء بالمجموعة، وسيتم التعامل بينها بالعملات المحلية، ما يقلل الضغط بشكل ملحوظ على الدولار، وسيجعل سعره مستقرا، كما أن السائحين من الدول الـ11، سيتعاملون فى مصر بعملاتهم المحلية، دون الحاجة لشراء الدولار، وسيقبلها الجميع بما فيها الفنادق، وهو سبب قوى لزيادة وانتعاش السياحة المصرية.
< لكن ما التحديات التى تواجه مصر فى تحقيق التبادل التجارى بين الدول الأعضاء فى تجمع بريكس؟
- هناك تحديات تواجه مصر فى استقبال السائحين بنقص عدد الغرف الفندقية، وبالتالى لابد من زيادة الاستثمار فى مجال زيادة عدد الفنادق، لاستيعاب الزيادة فى أعداد السائحين، وفقا للخطة الحكومية بزيادة عددهم لـ30 ألف سائح بحلول 2027، ما يفتح المجال أمام المستثمرين الأجانب، لفتح فنادق ومشروعات سياحية بمصر، واستغلال الأماكن السياحية فى جذب المزيد، خاصة أن التعامل بين الدول الأعضاء، سيكون بالعملة المحلية، وليس بالدولار.
وأيضا التحدى الأخرى بزيادة الإنتاج والعمل على التوسع فى المشروعات، فالمواطن المصرى دائما، يبحث عن المشاكل وتصديرها والحديث عنها، وليس العمل والإنتاج والبحث عن مشروعات لزيادة دخله، واستغلال التسهيلات الممنوحة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من قبل الدولة.
< وماذا عن المنافع فى باقى المجالات والصناعات الأخرى لمصر؟
- من ضمن المنافع، التى يمكن أن نحققها من انضمام مصر لـ«بريكس»، جذب استثمارت الدول الأعضاء فى القمة نحو المناخ الاستثمارى المصرى، وذلك بعد أن استطاعت الدولة المصرية، أن تعزز البنية التحتية المصرية من خلال المشروعات القومية، التى جرى تشييدها على مدار السنوات العشر الأخيرة.
وأيضا استغلال المشروعات الزراعية، التى تقوم بها مصر سواء بتوشكى أو مشروع المليون ونصف المليون فدان، و«الريف المصرى»، و «الدلتا الجديدة»، وغيرها، وزيادة الحصيلة الزراعية، وتحسين جودتها من أجل تصديرها للهند والصين، لاحتياجهما لمزيد من المحاصيل الزراعية، لزيادة الكثافة السكانية فيهما.
< ماذا عن وجود عملة موحدة تجمع أعضاء «بريكس» تحت مظلتها؟
- إنه أمر صعب، حيث أنه حال حدوث ذلك، يجب على الدول الأعضاء، الاتفاق على اسم وشكل العملة الجديدة، مع التخلى عن عملاتها المحلية وإلغائها، ومن ثم تعميم العملة الجديدة بين كل الدول المنضمة، كما قامت الدول الأوروبية بتوحيد عملاتها إلى اليورو بعدما تخلت كل دولة عن عملتها المحلية، ومن ثم الحصول على اتفاق من قبَل صندوق النقد الدولى.
وبالتاكيد فإن سلة عملات البنك المركزى المصرى فى المستقبل، ستضيف عملات جديدة بجوار العملات الخمس المعروفة حاليا، حيث سيتم التعامل بها مع الدول الأعضاء.
< هل بريكس مجرد تجمع اقتصادى فقط أم له أبعاد سياسية؟
- إن «بريكس» ليس مجرد تجمع اقتصادى عادى، وهناك تخوفات أمريكية من هذا التجمع وزعزعة الاستقرار النقدى الدولى، وهو ما دعا الرئيس الأمريكى جو بايدن لإصلاح المؤسسات الاقتصادية الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولى، إلى جانب التخوف السياسى من طبيعة الأنظمة السياسية للصين وروسيا، أنه على الرغم من التخوفات الأمريكية والصراع الدائر، فإن الولايات المتحدة الأمريكية مازالت لديها بورصات تتحكم فى الأسعار العالمية، وعلى رأسها البترول والحبوب، فالولايات المتحدة تنتج 26% من اقتصاد العالم، ووزنها فى الصندوق 17%، تليها الصين، التى تنتج 18%، ووزنها فى صندوق النقد 6.8%.
< كيف ترى المراجعة القادمة لمصر من قبل صندوق النقد الدولى ؟
- الحصول على تمويل الصلابة والاستدامة، من صندوق النقد الدولى، يتطلب شرطين أساسيين، أولهما أن تكون الدولة التى ترغب فى الحصول على التمويل الجديد، مرتبطة مع الصندوق ببرنامج تمويل قائم، وهو شرط يتوافر فى مصر.
الشرط الثانى، أن يكون سجل تعاملات الدولة مع الصندوق، لا يتضمن تخلفا عن سداد القروض أو الأقساط أو الفوائد، وهذا الشرط ينطبق على مصر أيضا.
والمباحثات بين صندوق النقد الدولى ومصر لا تزال مستمرة بين الطرفين، وسيبدأ الصندوق فى إتمام المراجعة الأولى المؤجلة من مارس الماضى، مع المراجعة الثانية، المقرر أن تبدأ فى 15 سبتمبر المقبل بعد استكمال المشاورات.
ومن المقرر أن تزور بعثة صندوق النقد الدولى مصر، لإجراء المراجعتين الأولى والثانية على برنامج الإصلاح الاقتصادى المدعوم من الصندوق بقيمة 3 مليارات دولار بداية من 15 سبتمبر المقبل، خاصة بعد أن أبدى الصندوق تفهمه للأوضاع الاقتصادية، التى تمر بها مصر، وتأكده من جدية الحكومة فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى، وسيأخذ فى اعتباراته أثناء تنفيذ المراجعة جدية مصر فى إتمام العديد من سياسات برنامج الإصلاح الاقتصادى، وسيتفهم صعوبة وجود سعر صرف للجنيه أكثر مرونة مقابل العملات الأجنبية فى الفترة الحالية بسبب عدم توافر تدفقات نقد أجنبى، تكفى لضمان عدم وجود انخفاض مفاجىء للعملة المحلية.
وفى المجمل، فإن الصندوق يرى أن مصر التزمت فى تنفيذ بعض الإصلاحات المتفق عليها فى برنامج الإصلاح الاقتصادى، منها التزام المركزى بعدم التدخل باحتياطى النقد الأجنبى، وضخ دولارات للبنوك لتمويل العمليات الاستيرادية، واستمراره فى تنفيذ عملية بناء الاحتياطى، كما تتضمن هذه الإجراءات، الخطوات التى نفذتها الحكومة ضمن برنامج الطروحات والتخارج من حصص مملوكة لها فى بعض الشركات والأصول لصالح القطاع الخاص.
وأن هذه الإصلاحات تعد محل تقدير من صندوق النقد الدولى مع مراعاته لظروف مصر فى عدم الاتجاه لسعر صرف مرن بالكامل.
وزاد احتياط النقد الأجنبى لمصر خلال آخر 11 شهرا بنحو 1.737 مليار دولار مرتفعا من 33.1 مليار دولار فى أغسطس 2022 إلى نحو 34.9 مليار دولار فى يوليو الماضى، كان الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أعلن إنجاز بيع حصص مملوكة للدولة ببعض الشركات بقيمة 1.9 مليار دولار ضمن برنامج الطروحات، وأن هناك صفقات أخرى فى الطريق للحصول على مليار دولار أخرى.
وأن انتهاء مصر من بيع حصص مملوكة للدولة بنحو 1.9 مليار دولار، ضمن برنامج الطروحات، مع طرح البنوك أوعية إدخار بالدولار بسعر فائدة جاذب سيساهمان فى إقناع الصندوق فى مضى مصر فى البرنامج وتفهمه صعوبة وجود سعر صرف فائق المرونة، مع عدم وجود تدفقات تكفى لتحقيق هذا الإجراء.
< هل نجحت مصر فى الخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية وتحقيق مستهدفاتها؟
- إن دول العالم المتقدم والنامى والفقير متأثرة بالأزمة الاقتصادية الحالية، ومصر ليست استثناء للقاعدة، وعام 2023 صعب اقتصاديا، لكن إدارة الأزمة، ستكون فى ظل برنامج الإصلاح الاقتصادى والتصحيح الهيكلى، ووفقا للمعايير والتقييم الدولى من صندوق النقد وشركاء التنمية، فإن مصر استطاعت ممارسة حقها فى التعامل مع صندوق النقد الدولى، والحصول على التمويل من الصندوق ومؤسسات التنمية، إضافة إلى المستثمرين الدوليين والإقليميين، خاصة الأشقاء العرب، رغم شدة الأزمة على كل الدول، وحجم التمويلات على امتداد برنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى بدأ فى الأول من يناير الجارى، يبلغ 18 مليار دولار فى الفترة المقبلة، ومصر لديها 5 مصادر أخرى للنقد الأجنبى، منها الصادرات البترولية وغير البترولية، أحد مصادر النقد الأجنبى، وبلغت قيمتها 45 مليارا فى العام الماضى، وتحويلات المصريين فى الخارج، بلغت 32 مليارا العام الماضى، وقد تزداد العام الجارى إلى 35 مليارا، وواردات السياحة، بلغت 10.5 مليار فى 2022، ومتوقع أن تصل إلى 12 أو 15 مليارا، هذا العام، ونتحدث عما يزيد على الـ110 مليارات دولار، بإضافة إيرادات قناة السويس لتلك المصادر، ومن المقرر أن تغطى الالتزامات الخارجية وأقساط الدين، إضافة إلى الاتفاق الدولى، وشهادة الثقة التى حصلت عليها مصر، بالتعاون مع صندوق النقد.