خبراء يتحدثون لـ «صوت الأمة» عن تداعيات رفع سعر الفائدة وتخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة
السبت، 12 أغسطس 2023 09:00 مهبة جعفر
- عز حسانين: مصر تتأثر بالموجات التضخمية العالمية والحل في رفع سعر الفائدة لتقليل الاستهلاك وامتصاص السيولة المحلية
- خالد الشافعي: ضرب مخازن الحبوب في روسيا وأوكرانيا رفع أسعار السلع والبترول عالميا ويؤثر على معدلات التضخم
- أحمد مصطفي: تخفيض الائتمان الأمريكي ضغط على الأسواق المالية الأسيوية والأوروبية وساهم في ارتفاع أسعار الذهب
- خالد الشافعي: ضرب مخازن الحبوب في روسيا وأوكرانيا رفع أسعار السلع والبترول عالميا ويؤثر على معدلات التضخم
- أحمد مصطفي: تخفيض الائتمان الأمريكي ضغط على الأسواق المالية الأسيوية والأوروبية وساهم في ارتفاع أسعار الذهب
جاء قرار لجنة السياسات النقدية برفع سعر الفائدة 1% ليرتفع إلى نطاق 19.25% على الإيداع، و20.25% على الإقراض في تحرك مفاجئ مستهدفا من ورائه كبح معدلات التضخم التي سجلت مستويات تاريخية في شهر يونيو الماضي، وأثرت بشكل كبير علي الأسواق وارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ مما دفع البنك المركزي لطرح شهادات بنكية بفوائد اعلي في محاولة لجذب الأموال المتدفقة خارج السوق المصرفي.
وتسعى الدولة إلي جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة من خلال الانتهاء من برنامج الأطروحات الحكومية، فقد أعلن مجلس الوزراء إتمام صفقات ضمن البرنامج بقيمة نحو 1.9 مليار دولار، والعمل على إنهاء صفقات أخرى بقيمة نحو مليار دولار أخرى خلال الفترة المقبلة.
والأحد الماضى أعلن البنك المركزي المصرى، ارتفاع صافي الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية بنحو 72 ملايين دولار، ليبلغ نحو 34.878 بنهاية شهر يوليو 2023، مقارنة بنحو 34.81 مليار دولار بنهاية شهر يونيو 2023.
وتتكون العملات الأجنبية بالاحتياطى الأجنبى لمصر من سلة من العملات الدولية الرئيسية، هى الدولار الأمريكى والعملة الأوروبية الموحدة "اليورو"، والجنيه الإسترلينى والين اليابانى واليوان الصينى، وهى نسبة توزع حيازات مصر منها على أساس أسعار الصرف لتلك العملات ومدى استقرارها فى الأسواق الدولية، وهى تتغير حسب خطة موضوعة من قبل مسؤولى البنك المركزى المصرى.
من جانبه علق الخبير الاقتصادي عز حسانين، على الإجراءات الأخيرة بقوله إن قرار رفع سعر الفائدة جاء بالمخالفة لمعظم التوقعات التي ارتأت التثبيت، إلا إن لجنة السياسة النقدية اتخذت قرارها بناء علي العديد من المبررات، منها توقعات ارتفاع معدلات الأسعار العالمية المتعلقة بالحبوب خلال الشهور المقبلة علي اثر تداعيات خروج روسيا من مبادرة الحبوب وتدمير ميناء الاوديسا الأوكراني المسئول عن تصدير الحبوب من اوكرانيا للعالم من خلال البحر الأسود، مما يضاعف من مشاكل توافر الحبوب بسهولة وتدفقاتها للعالم، فمن المتعارف عليه ان اتفاقية الحبوب ساهمت بحوالي مليون طن من الحبوب خلال سريان المبادرة، وانسحاب روسيا من المبادرة سيحرم العديد من دول العالم من توافر الغذاء من الحبوب، وبالتالي سيكون المعروض الكلي منها اقل من الطلب الكلي مما يدفع اسعارها الي الارتفاع، مما قد يسبب ضغوط تضخمية إضافية لدول العالم الغير منتجه للحبوب أو تلك التي ليس لديها اكتفاء ذاتي، هذا مع توقع ارتفاع اسعار الطاقة أيضا خلال الأشهر القادمة مع دخول فصل الشتاء ونقص إمدادات الغاز والطاقة من اوكرانيا وروسيا، مما يساهم في ارتفاع أسعار المحروقات عالميا، ولاشك أن مصر ستتأثر بهذه الموجات التضخمية خلال الفترة المقبلة، مما دعا البنك المركزي الي رفع سعر الفائدة من أجل تقليل الاستهلاك المحلي وامتصاص السيولة المحلية التي ستنشأ مع دفع الفوائد المتعلقة بشهادات الادخار المطروحة حاليا من بنكي مصر والعربي الإفريقي.
وأشار حسانين لـ"صوت الأمة" إلى أن رفع سعر الفائدة سيكون له تداعيات سلبية منها التأثير علي حركه الاستثمار المحلي وارتفاع تكاليف التمويل الجديد من البنوك، مما قد يجعل المستثمرين يعزفون عن طلب الائتمان بالنسبة للشركات التي لا تخضع لمبادرات وزارة المالية بعائد 11%، بالإضافة الي ارتفاع تكلفة الديون الحالية مما يتسبب في ارتفاع تكلفه السلع والخدمات ويتسبب في تعميق مشكلة التضخم، فضلا عن ارتفاع ديون القطاع العائلي بمقدار إضافي 1% مما يساهم في تقلقل صافي الدخل المتاح للأفراد للأنفاق علي السلع والخدمات مما سيشرع في انخفاض الاستهلاك المحلي والدخول في ركود تضخمي، وارتفاع عبء الديون علي الموازنة العامة للدولة فتتكبد الموازنة العامة عجزا اضافيا التأثير سلبا علي البورصة.
أما عن الآثار الإيجابية لرفع سعر الفائدة، فأوضح الخبير الاقتصادي انها تتمثل في زياده أرباح البنوك كنتيجة مباشرة لارتفاع صافي العائد من الهامش، وهو الفرق بين الفوائد المحصلة مطروحا منها الفوائد المدفوعة، حيث ستزيد الفوائد المحصلة من القروض مع فرضيه ثبات تكلفه الفوائد للبنوك التي ستستمر بدون اصدار ايه أوعية ادخارية جديدة، وزيادة أرباح البنك على الودائع الموجودة طرف البنك المركزي والتي سيحصلون علي فائدة 19.25 بدلا من 18.25، وزيادة الأرباح علي عائدات اذون الخزانة التي ستصدر خلال الفترة المقبلة، فضلاً عن امكانيه جذب استثمارات أجنبية غير مباشرة في أدوات الدين الحكومية والتأثير نسبيا في سحب السيولة من السوق.
أما فيما يخص تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من خلال وكاله التصنيف الائتماني فيتش من AAA إلي AA+، فيراه حسانين أنه يعود الي تفاقم الديون الأمريكية واحتمالية عدم قدرتها علي سداد التزاماتها في الاجلين القصير والطويل، ولاشك أن الوكالة اتجهت لهذا التصنيف بسبب عدم الوصول لاتفاق نهائي بين إدارة بايدن وغالبية اعضاء الكونجرس الذي يسيطر عليه الجمهوريين بخصوص رفع سقف الدين الأمريكي الحالي، وهو عند مستوي 31.4 تريليون دولار، فقد تجاوزت الولايات المتحدة السقف الحالي وحاولت وزارة الخزانة الأمريكية استخدام اجراءات استثنائية من خلال ضخ المزيد من الأموال للحكومة علي أمل الوصول الي اتفاق مع الكونجرس لزيادة حد الاقتراض، وإن عدم الوصول الي اتفاق سيجعل الأمر اكثر صعوبة للحكومة الأمريكية من سداد التزاماتها، ولاشك ان التأثر الفوري علي الدولار الأمريكي عقب صدور تقرير الوكالة ادي الي خفض قيمه الدولار امام العملات الأجنبية الرئيسية مثل اليورو والاسترليني والين الياباني، كما ارتفعت اونصه الذهب عالميا بمقدار 20% لتصل الي 1948 دولار وارتفعت عائدات السندات الأمريكية بمقدار ضئيل جدا مقداره .05 %.
وحول تأثير القرار على مصر، قال الخبير الاقتصادي عز حسانين، إنه لن يحدث اي تأثيرات علي الاقتصاد المصري حيث انه مازالت السندات الامريكية هي الاكثر مبيعا في العالم رغم انخفاض التصنيف الائتماني، وستظل الاستثمارات في ادوات الدين الأمريكية هي الملاذ الامن لراغبي الاستثمار حول العالم في ادوات الدين الحكومية، وبالتالي فرص نزوح الاستثمارات الغربية الي الاستثمار في ادوات دين في اي دول اخري ستكون محدودة، ولعل السبب في استمرار جاذبية الاستثمار في السندات الأمريكية هو مؤشرات الاقتصاد الأمريكي التي تشهد تعافيا، فمؤشر التضخم في انخفاض، ومؤشر العمل جيد ومؤشر الاستثمار والاستهلاك ارتفع ومؤشرات التشغيل جيده مما يعني ان الاقتصاد الأمريكي مازال قويا.
ويرى خالد الشافعي الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاستراتيجية، أن قرار البنك المركزي برفع سعر الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية جاء لعدة أسباب، منها ما حدث مؤخرا ومعروف للجميع، ومنها ما هو مستقبلي ويؤثر على معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة، وإن من بين التطورات الأخيرة التي تسببت في قرار رفع الفائدة أن البيانات الأخيرة أظهرت استمرار ارتفاع معدلات التضخم في مصر، إلى جانب عدم تباطؤ معدل النمو في السيولة بالوتيرة المطلوبة، فقد حققت معدلات التضخم السنوية مستويات تاريخية في مصر خلال شهر يونيو الماضي، لتسجل 35.7% في المدن، وللتضخم الأساسي 41% وذلك لأول مرة، بحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء والبنك المركزي.
وتابع الشافعي، أن من بين هذه التطورات أيضا ما يحدث في روسيا وأوكرانيا من ضرب لمخازن الحبوب بما رفع أسعار السلع عالميا ومنها البترول مؤخرا، بالإضافة إلى رفع الفائدة في أمريكا 0.25% في اجتماع الفيدرالي الأسبوع الماضي والتوقعات بزيادة أخرى جديدة مستقبلا بعد أن كان متوقعا أن يكون هذا الرفع هو الأخير، مشيرا إلى من بين الأسباب المستقبلية خلال الفترة المقبلة والتي قد تسهم في رفع الضغوط التضخمية الرفع المتوقع لأسعار الكهرباء والوقود في مصر سواء هذا الشهر أو في سبتمبر، الإجراء المتوقع أيضا بتحريك سعر الصرف جزئيا أو تحريره تزامنا مع المراجعة الثانية لبرنامج صندوق النقد المفترض إجراؤها في سبتمبر الجاري، وأن الرفع المتوقع حدوثه في أسعار الفائدة بالبنك المركزي خلال النصف الثاني من هذا العام هو 2%، وكان متوقعا أن يحدث مرة واحدة، لكن يبدو أن البنك المركزي قرر أن يكون رفعا تدريجيا حتى لا يضغط على الموازنة العامة للدولة أو غيرها.
وقال الدكتور أحمد مصطفي أستاذ إدارة الأعمال والخبير الإقتصادي، أن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري قامت برفع الفائدة بنسبة 1% كخطوة استباقية للضغوط المتوقع حدوثها نتيجة ارتفاع معدلات التضخم المتوقعة خلال الفترة المقبلة، حيثُ أنه متوقع بأن تصل معدلات التضخم لقمة ذروتها خلال الشهور المتبقية من العام الجاري، وارتفع المعدل السنوي للتضخم الأساسي في يونيو الماضي إلى 41% مما يشير إلى احتمالية زيادة جديدة في سعر الفائدة خلال العام الجاري، قد تصل هذه الزيادة إلى 2% على مدار الشهور المتبقية من عام 2023، على أن يتم رفع الفائدة بنسبة 1% في اجتماعين قادمين من الثلاث اجتماعات مُتبقية أيام 21 سبتمبر، و2 نوفمبر، وتختتم العام باجتماع يوم 21 ديسمبر، على أن تعاود الانخفاض نحو معدلات التضخم المستهدفة والبالغة 7% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، ويأتي ذلك في محاولة للتغلُب على أزمة ارتفاع أسعار السلع الأساسية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية من خلال تنويع مصادر الأسواق التي نستورد منها، إضافة إلى زيادة حجم الإنتاج المحلي من خلال زراعة أكبر مساحة من محصول القمح في الموسم المقبل عبر زيادة مساحة الأراضي المستصلحة بشرق وغرب القاهرة، والتوسع في التقاوي عالية الجودة والإنتاجية، حيثُ أنهُ رغم انخفاض أسعار السلع الأساسية عالميا، إلا أن متوقع أن موجة التضخم ستصل ذروتها خلال الشهور المتبقية من العام الجاري، نتيجة قرار روسيا الانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب من أوكرانيا مما قد يؤثر على زيادة أسعار القمح وباقي السلع الأساسية.
أما بشأن تأثير قرار وكالة فيتش بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من " AAA" إلى "AA +" على الاقتصاد الأمريكي، فيقول مصطفى أنه سيكون له تأثير ولكن بشكل مؤقت، حيث أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها تخفيض تصنيف أكبر اقتصاد عالمي، بعدما قامت وكالة "ستاندرد آند بورز" بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة منذ أكثر من 10 أعوام، وتسبب القرار في ارتفاع أسعار الذهب بعد تراجع مؤشر الدولار الامريكى وعائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات، ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية 0.2 بالمئة إلى 1948.43 دولار للأونصة، في حين ارتفعت العقود الآجلة للذهب الأميركي 0.3 بالمئة إلى 1985.60 دولار، كما ضغط القرار على الأسواق المالية الأسيوية والأوروبية، ضعف النظام المالي والمخاوف على النظام المالي الأميركي تحديداً ومع الانخفاض الذي نشهده في سوق الأسهم سيلجأ المستثمرون إلى الشراء في ملاذات أكثر أماناً مثل الذهب، ما يعني أن الذهب سيكون مزاحماً لسوقي السندات والأسهم مع بدء ارتفاع الطلب عليه، لكن وهذا التأثير سيكون على المدى القصير بينما التأثير على المدى الطويل سيكون هامشياً على سوق الذهب والنفط تبعاً لإجراءات قد تلحق هذا القرار مثل التصنيفات الائتمانية للوكالات العالمية الأخرى المعتمدة الأخرى مثل موديز وستاندرد آند بورز.