جدول التحميل يخفف أزمة انقطاع الكهرباء

السبت، 12 أغسطس 2023 08:00 م
جدول التحميل يخفف أزمة انقطاع الكهرباء
محمد فزاع

- التغيرات المناخية أجبرت العالم على ترشيد الكهرباء.. بريطانيا لجأت إلى القطع لساعات يوميًا وتقنين الكهرباء باليونان 

- ظاهرة لهيب الجو زادت أحمال الشبكات مؤقتا.. والتخفيف منع الانقطاع المتكرر.. وتقليص المدة إلى 30 دقيقة خلال أيام  
 
أدارت الحكومة أزمة انقطاع الكهرباء بحرفية، بوضع الشركة القابضة لكهرباء مصر، جدول زمني لتخفيف الأحمال الكهرباء عن المشتركين بشكل فني ومنظم بأعلى المعايير الفنية. وجاء الجدول كمنقذ لمحاولة لتخفيف الأعباء على المواطنين في ظل الارتفاع الشديد بدرجات الحرارة وعودة الشبكة الكهربائية لطبيعتها بعد توفير الوقود اللازم لإنتاج الطاقة، حيث تمكنت الشركة القابضة للكهرباء من خفض عدد ساعات الفصل والقدرات المفصولة من 2500 إلى 1600 ميجا وات.
 
وأكدت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، أن القابضة لكهرباء مصر تمكنت من خلال تنفيذ جدول تخفيف الأحمال الذي جرى إعداده بأعلى المعايير الفنية من تقليص القدرات التى يتم تخفيفها من خلال قطع التيار الكهربائي عن المشتركين نتيجة نقص الوقود، موضحة أن تخفيف الأحمال شهد تراجعا نتيجة الفصل المنظم والانفراجة في إمدادات الوقود، موضحا أنه تم تخفيف الأحمال بقدرة 1600 ميجاوات بدلا من 2500 ميجا وات، مؤكدة خفض القدرات الأيام القليلة المقبلة من 1600 ميجا وات إلى 1000 ميجا وات، ما سيساهم بتقليل مدة الفصل إلى 30 دقيقة بدلا من ساعة على كل منطقة لحين توفير الوقود اللازم لإنتاج الطاقة.
 
وبدأ جدول تخفيف الأحمال من خلال قطع التيار الكهربائي بدأ من الساعة 12 ظهرا حتى 12 منتصف الليل التي تم الإعلان عنها من قبل مجلس الوزراء لا تضم كافة المناطق، كاشفا أن السبب فى ذلك هو الحفاظ على الأمن العام وسلامة المواطنين.

مساواة بين المحافظات
 
التزمت شركات توزيع الكهرباء الـ9 على مستوى الجمهورية بتعليمات مجلس الوزراء فى تطبيق الجدول، وجرى فصل التيار الكهربائي لمدة ساعة واحدة على كل منطقة كما هو معلن بجداول تخفيف الاحمال وعدم تكرار الفصل على نفس المنطقة خلال اليوم، وأوضح مركز التحكم القومي أن فصل التيار لتخفيف الأحمال ساعة بحد أقصي ويجب على أى مواطن تزيد مدة الانقطاع لديه عن الساعة الإبلاغ عن طريق الخط الساخن 121 أو تطبيق طوارئ كهرباء، والانقطاعات التى تستمر لأكثر من ساعة غير ناتجة عن تخفيف الاحمال وإنما لأعطال فنية طارئة.
 
جاء جدول تخفيف الأحمال المعلن من قبل مجلس الوزراء بأنه يتسم بأعلى المعايير الفنية يما يضمن سلامة المواطنين والمساواة بين محافظات القاهرة الكبرى والمحافظات الأخرى، مع المساواة من كافة المواطنين لحن انتهاء أزمة الانقطاعات، كما تضمنت خطة تخفيف الأحمال خفض بدوره معدلات الشكاوى الخاصة بتكرار الانقطاعات وتجاوز مدتها الساعة، فيما أكدت مؤشرات قوية تراجع كميات الأحمال التي تم تخفيفها نتيجة التحسن في إمدادات الوقود لشبكة الكهرباء، وهناك اجتماعات مكثفة بين وزارة الكهرباء ووزارة البترول لسرعة إنهاء الأزمة المؤقتة.

صيف حارق
 
وكشف علماء المناخ أن صيف 2023 بات من السجلات المقلقة في درجات الحرارة ووصلت محيطات العالم إلى أعلى درجة تم تسجيلها على الإطلاق، وتُظهر البيانات من برنامج "كوبرنيكوس" التابع للاتحاد الأوروبي أن متوسط درجات حرارة البحر بلغ 69.72 درجة فهرنهايت (20.96 درجة مئوية)، متجاوزًا رقمًا قياسيًا قدره 69.71 درجة فهرنهايت (20.95 درجة مئوية) مارس 2016، فيما أكدت تقارير بريطانية أن متوسط درجات حرارة البحر يرتفع بشكل كبير منذ السبعينيات، بسبب غازات الاحتباس الحراري التي تحبس المزيد من الحرارة، وكان من المتوقع أن تجعل درجات حرارة سطح الهواء العالمية لشهر يوليو 2023 الأكثر سخونة على الإطلاق، في الطقس المتطرف، بما في ذلك موجات الحر بأوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا وحرائق الغابات في كندا واليونان.
 
يقول كارلو بونتمبو، مدير خدمة تغير المناخ في كوبرنيكوس، إن درجات الحرارة القياسية هي جزء من اتجاه الزيادات الهائلة في درجات الحرارة العالمية، وعادةً ما تكون درجات حرارة سطح الهواء هي المقياس الرئيسي الذي يتم النظر إليه عند النظر في ارتفاع درجات الحرارة، ولكن درجات حرارة المحيط أيضًا مؤشرات رئيسية.
 
وتعد المحيطات بمثابة أحواض للكربون، ما يعني أنها جيدة في امتصاص ثاني أكسيد الكربون (CO2) من الغلاف الجوي، وكلما أصبحت المحيطات أكثر دفئًا، قلت مهارتها في امتصاص ثاني أكسيد الكربون، ما يؤدي لزيادة الغاز بالغلاف الجوي.
 
وأكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أن موجة الحر التي تجتاح نصف الكرة الشمالي لم تنته بعد، محذرة بأنها من أكثر الأخطار الطبيعية تأثيرا على الصحة، وستستمر درجات الحرارة القصوى في الازدياد من حيث التواتر والمدة والشدة.
 
وقال مستشار المنظمة العالمية للأرصاد الجوية المعني بالحرارة الشديدة، جون نيرن، إن ارتفاع درجات الحرارة ليلاً يشكل خطورة خاصة على صحة الإنسان لأن الجسم غير قادر على التعافي من الحرارة المستمرة، وهذا يؤدي لزيادة حالات النوبات القلبية والوفاة.
 
ووفق تقارير أممية توفي 60 ألف شخص إضافي بسبب درجات الحرارة الشديدة في أوروبا الصيف الماضي وحده، على الرغم من وجود خطط قوية للإنذار المبكر والعمل الصحي بالقارة.

الأرض تلتهب
 
واعتبر كبير علماء المناخ في وكالة ناسا الأمريكية، جافين شميدت، أن هناك احتمال 50% أن يكون عام 2023 الأكثر سخونة على الإطلاق، وعلى الرغم من ذلك أشار إلى أن علماء آخرين يعطون ذلك نسبة 80%، موضحا أنه "نتوقع أن يكون عام 2024 أكثر سخونة، لأننا سنبدأ مع ظاهرة النينيو التي تتنامى الآن، وستبلغ ذروتها في نهاية هذا العام".
 
ووفق وكالة الفضاء الأمريكية، حطمت درجات الحرارة الأرقام القياسية، مؤكدة أن هذه التأثيرات لا يمكن أن تُعزى فقط إلى ظاهرة نينيو، رغم الدور الصغير الذي تلعبه، لكن ما نراه هو سخونة شاملة، في كل مكان على الأغلب، لا سيما في المحيطات.
ويحذر الخبراء من أن القادم أسوأ، وأن ارتفاع معدلات الحرارة القياسي سيطال بتداعياته القاتلة، مئات ملايين البشر وسيحول أجزاء واسعة من الأرض لمناطق غير صالحة للعيش، ما يقتضي تحركا دوليا عاجلا لتدارك الكارثة التي ستحل بالكوكب وقاطنيه من البشر ومختلف الكائنات الحية.
 
ويرى خبراء أن ما يشهده الكوكب من احترار قياسي تاريخي ليس ناجما عن تأثيرات ظاهرة نينيو، والتي لا تفوق نسبة 15%، وهي ترفع الاحترار العالمي بمقدار لا يتجاوز 0.2 درجة مئوية،  علاوة على أنها ظاهرة طبيعية يتكرر حدوثها منذ مئات السنين، قبل تغير المناخ والاحتباس الحراري بالعالم.
 
وتشير التنبؤات لارتفاع متوسط درجة الحرارة السنوية من 13- 25 درجة مئوية، ما يعني تقلص نطاق المناخ البشري الصالح للسكن وممارسة الفعاليات البشرية، وهو ما يعرض مليارات البشر للخطر.
 
وترى أنه يمكن لتلافي هذا السيناريو الكارثي بمضاعفة الجهود الدولية للحد من الاحترار العالمي والعودة لعتبة 1.5 درجة مئوية المقرة ضمن اتفاقية باريس للمناخ عام 2015، لتجنيب 75 بالمئة على الأقل من سكان العالم، التعرض لدرجات حرارة غير مسبوقة وغير مسجلة في سجلات الأقاليم المناخية المتوزعة ضمن الأنطقة المناخية الأرضية.

أزمة انقطاع عالمية
 
ونتيجة مباشرة للتغير المناخي، تؤكد وكالة الطاقة الدولية أن العالم شهد في صيف 2032 أكثر سخونة وأعلى درجات الحرارة على الاطلاق، وخاصة خلال شهري يونيو ويوليو، ما تسبب في انقطاعات متكررة بالتيار الكهربائي بدول عدة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، واجهت فيتنام الأشهر الماضية انقطاعات متكررة بالتيار الكهربائي لارتفاع الحرارة، وحدث نفس الأمر بولاية كاليفورنيا الأمريكية واستمر الانقطاع لساعات، مع الارتفاعات اليومية بدرجات الحرارة عند 48 درجة.
 
أما في الصين أدى ارتفاع درجات الحرارة لزيادة استخدام الكهرباء، خاصة بأجهزة التبريد والتكييف، التى تتزامن فترات ذروة تشغيلها مع ارتفاع درجات الحرارة، ما أجبر الحكومة الصينية على استخدام محطات الفحم وقطع الكهرباء فى بعض مناطق البلاد، كما تعرضت بدورها 23 مدينة إيطالية بما فيها العاصمة روما، لانقطاعات متكررة للتيار الكهربائي، مع ارتفاع استخدام الطاقة في البلاد لمستوى قياسي وسط درجات الحرارة العالية عند 46 درجة مئوية.
 
وفي بريطانيا بدأت السلطات بتطبيق القطع المبرمج للتيار الكهربائي؛ لمواجهة نقص إمدادات الطاقة، وواجهت ملايين الأسر سياسة تقنين في الكهرباء لعدة ساعات يوميًا؛ بسبب تراجع الإمدادات في ظل ارتفاع درجات الحرارة، ونقص الغاز في محطات الطاقة الكهربائية.
 
وفى جزيرة صقلية، تٌرك مئات الآلاف من السكان والسياح بدون كهرباء لعدة أيام، فضلا عن اندلاع حرائق غابات فى الجزيرة ذاتية الحكم، أما إسبانيا، ومع زيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة، كموجات الحر تعطل إنتاج الطاقة ونقلها وتوزيعها، ما أدى لانقطاع التيار الكهربائي وارتفاع أسعار الطاقة مع الطلب المتزايد على خدمات التبريد. 
 
وفي اليونان شكلت فترات بعد الظهر الصيفية أصعب الأوقات لحماية نظام الكهرباء من انقطاع التيار الكهربائي في اليونان، وطلب من المستهلكين استخدام كهرباء الشبكة بشكل أساسي بين الساعة 2 بعد الظهر، و6 مساءً.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق