في مئوية مثلث الرحمات.. البابا شنودة الثالث «قديس الخير» أحب العرب وأحبوه
الجمعة، 04 أغسطس 2023 07:42 م كتبت : نرمين ميشيل
تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بذكرى مئوية ميلاد البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الراحل .
ولد البابا شنودة الثالث باسم نظير جيد روفائيل 3 أغسطس 1923 وهو البابا رقم 117، وكان أول أسقف للتعليم المسيحى قبل أن يصبح البابا، وهو رابع أسقف يصبح البابا بعد البابا يوأنس التاسع عشر (1928 - 1942) ومكاريوس الثالث (1944 - 1945) ويوساب الثانى (1946 - 1956) ، وقد رحل قداسة البابا شنودة الثالث عن عالمنا 17 مارس 2012.
احتفال المركز الثقافى القبطى
أقام المركز الثقافى القبطى الحفل يتضمن العديد من الفقرات المستوحاة من تراث قداسة البابا، ويأتى هذا الحفل كختام لفعاليات تمتد من يوم 1 أغسطس الذى بداء بالمؤتمر العلمى والبحثى تحت رعاية قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والأنبا موسى الأسقف العام للشباب والأنبا أرميا الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى الأرثوذكسى .
دور الكنيسة الوطنى
كان للكنيسة المصرية دور كبير فى حرب أكتوبر المجيدة، حيث تمثل فى رسائل قداسة البابا شنودة الثالث الراحل التى بعثها للجنود فى الحرب وفى حثه القساوسة والكهنة على بث روح الوطنية في الشعب المصرى، وكذلك رفع الصلوات للدعاء للجنود في الحرب، وتطوعت الراهبات لعلاج الجرحى بعد المعارك الطاحنة التي خاضها الجنود في الحرب .
الخطاب الأول للبابا شنودة
وبعث قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية عدة منشورات إلى الجنود على الجبهة، والشعب المصري ككل في وقت الحرب، كذّب فيها فكرة أن "إسرائيل هي شعب الله المختار ."
المنشور الأول للبابا شنودة الثالث (سيناء مقبرة الإسرائيليين)
"إننا ندافع عن أراضينا، ودفاعا عن الحق، لا شك أن قلوبنا جميعا وأفكارنا وكل مشاعرنا مركّزة فى الحرب التى تخوضها بلادنا دفاعا عن أراضينا، واستردادنا لحقوقنا المسلوبة، ولعلّ أول ما نقوله فى موضوع الحرب، هو أن بلادنا حاليا قد عاشت محبة للسلام طول تاريخها، ولم تدخل الحرب إلا مضطرة ، فقد بذلنا كل جهودنا من أجل حل مشكلتنا حلا سلميا، وصبرنا أكثر من 6 سنوات، نفاوض ونناقش ونعرض الحلول بلا جدوى .
وخلال هذه السنوات كلها كانت إسرائيل معتزة بذاتها، شاعرة أنها فى مركز القوة، رافضة كل حل سلمى، بل كانت لها آمال فى التوسع تزداد يوما بعد يوم، ولعلها كانت تظن أن محبتنا للسلام لون من الضعف أو الخوف، لذلك اضطرت بلادنا أخيرا أن تدافع عن حقها بالقوة، وأن تعمل على استرجاع أراضيها وصيانة كرامتها، وقد قال الكتاب المقدس (إن الملك لا يحمل السيف عبثا) فإننا لا نخوض حربا عدوانية ولا نعتدى على أملاك أحد، بل إننا نحارب داخل أراضينا، دفاعا عنها، لهذا فإن بلادنا تحارب بضمير مستريح، وبقلب نقى، بل إنها كسبت إلى جوارها ضمير العالم، غير المتحيز، المحب للعدل .
إن جنودنا تحارب فى الميدان والله فى السماء يرى ويسمع ويعمل أيضا ،وقد قال الكتاب المقدس إن الحرب للرب والله قادر أن يغلب بالكثير والقليل، ومصر صاحبة التاريخ المجيد الطويل العريق، البلد الذى قال عنه (مبارك شعبى مصر)، كم من غزاة حاربوك وبقيتِ كما أنت مرفوعة الرأس، لم يقو الباطل الذى فيهم على الحق الذى فيك، إننا متفائلون، ونشكر الله أن الضيقات باستمرار تزيدنا قوة، وتجعل صفوفنا أكثر وحدة، وأصلب عودا وأشد إصرارا وعنادًا على الجهاد من أجل الحق .
وفى هذه الأيام، ترى الكنيسة والجامع يعملان بكل قوتهما، من أجل الوطن المفدّى، والشيخ والقس كلاهما يعمل على توعية الشعب وحثّه على التفانى فى خدمة الوطن، إن الحرب جعلت الكل جنودا، ولقد هز قلبى التأييد الروحى والمادى أيضا الذى يقوم به أبناؤنا فى كنائس أمريكا وكندا وأوروبا وأستراليا، وما يجمعونه من تبرعات من أجل مصر"
البابا شنودة الثالث
الخطاب الثانى (سيناء وإسرائيل)
فى شبه جزيرة سيناء، الآن تدور حرب طاحنة بين مصر وإسرائيل، وكان الأحرى بإسرائيل قبل أن تدخل حربا من أجل سيناء، أن ترجع إلى التوراة، وترى ما كتب موسى النبى العظيم، لتعلم ماذا يقول الوحى الإلهى عن علاقة سيناء بإسرائيل .
البابا شنودة فى زيارة للجبهة
كلمة البابا شنودة للجنود على الجبهة
زار البابا شنودة، الجنود على الجبهة أكثر من مرة، مثل زيارته لهم فى 10 أبريل 1972، وألقى كلمة على الجنود، جاء فيها:
أحييكم كواحد منكم، فقد تخرجت فى مدرسة المشاة للضباط الاحتياط سنة 1947، وأمضيت المدّة العسكرية متطوعا، فلم أضطر للدخول وإنما تقدّمت برغبتى متطوعا، لأن العسكرية تعلّم النظام والشجاعة، نحن هذه الأيام نخوض معركة بيننا وبين اليهود، فهم عدونا المشترك، وهم أعداء المسيحية والإسلام، فالمسيحيون والمسلمون يؤمنون أن المسيح قد جاء، أما اليهود فلا يؤمنون، وإنما ينتظرونه من نوع شمشون الجبار، أما عن علاقة اليهود بشبه جزيرة سيناء، فإنها أبدا لم تكن أرض الميعاد، وإنما كانت أرض المتاهة، لقد أراد الله أن يبدد هذا الشعب المتمرد، فأتاهه 40 عاما كاملة، حتى هلك الشعب ولم ينج منه سوى اثنين، لقد تاهوا فى شبه جزيرة سيناء، وضاعوا، ولم تكن أرض ميعاد أو الرضا لليهود، أما فكرة أرض الموعد، فقد انتهت بمجيئ المسيح .
ومضى البابا يحمّس الجنود قائلا: إننا نجاهد من أجل قضية عادلة، ودائما الحرب الدفاعية حرب عادلة، ونحن فى مصر فى حرب دفاعية، ولقد أصبح الهجوم دفاعا، والدفاع لا إثم فيه ولا خطيئة، بل هو واجب مقدس، ونحن نفرق بين العمل العام والخاص، فلك أن تتنازل عن حقك الشخصى، أما حق الله وحق الوطن فليس لك أن تتنازل عنه، والسيد المسيح الذى تكلّم عن المحبة باستمرار، قال "لا يوجد حب أعظم من هذا، أن يبذل أحد نفسه عن أحبّائه"، وأنتم هنا تبذلون حياتكم عن أحبائكم وأسركم وعمن تعرفون، تدافعون عن الوطن الذى تقدّست كل حبة رمل فيه .
إن مصر بلاد عظيمة جاء إليها إبراهيم ويوسف الصديق، إن بلادكم عظيمة، والدفاع عنها شرف وواجب، إننا نصلى باستمرار من أجلكم، أن يحفظكم الله، ونرجو أن تنتهى الحرب دون أن نفقد واحدًا منكم، وأشكر قيادتكم على الحلة العسكرية التى أهدتها لى، إننى أفارقكم إلى حين، وصوركم فى قلبى، فكل فرد يدعو للجنود البواسل فى أثناء الحرب ."
إن سيناء لم تكن يوما موطنا لإسرائيل، بل كانت على العكس، أرض متاهة ومكان تأديب، فعندما خرج بنو إسرائيل من مصر، يقول الكتاب المقدس إن الله شاء أن يتيهوا فى برّية سيناء، وقضوا 40 سنة، حتى مات كل المتمرّدين والعصاة، ولم يبق من بنى إسرائيل سوى اثنين، فأرض سيناء هى التى شهدت العجل الذهبى الذى صنعه بنو إسرائيل، وسجدوا له، وقدّموا له الذبائح، وهكذا نجّسوا الصحراء النقية بعبادة الأوثان، وأرض سيناء شهدت تذمّر بنى إسرائيل على الرب من أجل الطعام والشراب، وبكوا، وقالوا من يطعمنا لحما؟ بل تمرّدوا على موسى وهارون، وأرادوا أن يرجموهما فى سيناء .
إن بنى إسرائيل فى كل تاريخهم، لم يدّعو أبدا ملكيتهم لشبه جزيرة سيناء، بل كانت أرض غربة، حتى أخرجهم الله منها قائلا (كفاكم قعودا فى هذا الجبل)، لقد انقطعت صلة سيناء بإسرائيل منذ 3400 سنة، لأن موسى النبى عاش منذ 1400 سنة قبل الميلاد، واستمرّت سيناء جزءًا لا يتجزأ من مصر، وأرضا من صميم أرضها، ومن حقنا أن ترجع إلينا سيناء التى سطت عليها إسرائيل بغير حق، وبغير سند من شرع أو من التاريخ .