الاقتصاد بخير.. إشادات دولية بالمشروعات التنموية وتدفق الاستثمار الأجنبي رغم الأزمات العالمية
السبت، 15 يوليو 2023 10:00 مهبة جعفر
مؤسسات دولية: الإجراءات الحكومية ساهمت في زيادة القوى الاقتصادية من خلال برنامج الأطروحات الحكومية ومشاركة القطاع الخاص في الاستثمار
يحظى الاقتصاد المصري بوضع قوي يساعده على تجاوز الصعاب والخروج من الأزمات بأقل الخسائر، وتساهم في زيادة ثقة المستثمرين في الدخول إلى السوق المصري ودفع أموالهم مقابل الاستثمار في عدة مجالات، واتخذت الحكومة عدة إجراءات من أجل المساهمة في زيادة قوي الاقتصاد من خلال برنامج الأطروحات الحكومية الذي يعتمد دخول القطاع الخاص بنسبة كبيرة في الاستثمار ووفقا لهذا فقد لقت القرارات إشادات دولية من قبل المؤسسات الاقتصادية الدولية.
فرغم محاولات زعزعة الثقة في الاقتصاد المصري ونشر الشائعات حول اداءه نجد إشادات دولية متعاقبة لمؤسسات مالية تؤكد صلابته وتشيد بمعدلات نموه، خاصة في ظروف دولية صعبة بدءا من جائحة كورونا وصولا لتداعيات الحرب الأوكرانية الروسية، والتي كانت وما زالت لها بالغ الأثر على اقتصاديات العالم الكبرى بالسلب، وخلاف ما يحيط الدولة المصرية من مخاطر وتحديات إقليمية جسيمة تحدث في المنطقة.
فأعلن رئيس الوزراء الياباني الإشادة بالاقتصاد المصري وأنه مؤهل لجذب الاستثمارات خلال مشاركته فى فعاليات منتدى الأعمال المصرى - اليابانى، موكدا على قوة البنية التحتية الهائلة والمناطق الاقتصادية الواعدة التى تمتلكها مصر، مضيفاً أن السوق المصرية أصبحت أكثر جاذبية للشركات اليابانية فى السنوات الأخيرة، مما أدى إلى زيادة الاستثمارات اليابانية فى مصر، وأشار إلى أن مصر مستعدة لاستقبال المزيد من الاستثمارات، نظراً لمقوماتها ومزاياها التى تجعلها جاذبة للاستثمار، والتى لا تتوافر فى اليابان، مثل العدد الكبير من السكان، ووجود نسبة عالية من الشباب، لافتاً إلى أن هناك أكثر من 50 شركة يابانية تعمل حالياً فى مصر، وأن حجم التجارة بين البلدين يصل إلى 1.3 مليار دولار. وقد زادت الاستثمارات اليابانية المباشرة فى مصر خلال العام الماضى، حيث تسهم الشركات اليابانية بشكل كبير فى تطوير المشروعات والبنية التحتية فى مصر، فضلاً عن إصدار سندات ساموراى، إلى جانب دعم نظام التأمين الصحى الشامل الموجه لجميع المواطنين المصريين.
أضاف "جون كاروبى"، رئيس الجانب اليابانى فى مجلس الأعمال المصرى - اليابانى، أن بلاده خففت إجراءات الحركة التى فرضتها جائحة «كورونا»، مما يسهم فى تحفيز حركة التبادل التجارى بين اليابان ومصر، مشيراً إلى أن مصر تعد واحدة من الدول المحورية الكبرى وأكثر الأسواق الاستثمارية جاذبية.
فيما توقعت وكالة (فيتش سوليوشنز) الأمريكية، استمرار زيادة أعداد السياح القادمين إلى مصر على المدى المتوسط خلال الفترة (2023 - 2027) لتصل إلى 15.2 مليون سائح، وذلك بمعدل نمو سنوي يبلغ 5.4% في المتوسط على أساس سنوي خلال فترة التوقعات، وبالتالي ستزداد عائدات السياحة الدولية، تماشيًا مع زيادة عدد السياح، من 14.4 مليار دولار في عام 2023 لتصل إلى 17.4 مليار دولار في عام 2027، مدعومة بتحسن الإنفاق الاستهلاكي في أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبالتالي زيادة العائد لكل زائر.
كما توقعت الوكالة أن تستمر حالة الانتعاش الذي يشهده قطاع السياحة في مصر منذ انتهاء عمليات الإغلاق؛ بسبب جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)؛ حيث نما عدد السياح بنسبة 117.5% في عام 2021 على أساس سنوي ليصل إلى 8 ملايين سائح مقابل 3.7 مليون سائح عام 2020، مع استمرار تدفق السياح خلال عام 2023؛ لمستويات أعلى مما كانت عليه قبل جائحة كورونا في عام 2019، نتيجة الاستفادة من الطلب على السفر "المكبوت" بعد عمليات الإغلاق، وانتهاء ذروة تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.
وأشار التقرير إلى توقعات زيادة أعداد السائحين إلى مصر بنسبة 11.6% على أساس سنوي مع وصول الأعداد إلى 13.1 مليون في عام 2023 مقابل 11.7 مليون في عام 2022، بما ينعكس على الإيرادات السياحية، التي من المتوقع ارتفاعها لنحو 14.4 مليار دولار مقابل 13 مليار دولار خلال الفترة ذاتها.
ووفقًا لجنسيات السياح القادمين لمصر في عام 2023، من المتوقع أن يتصدر الأوروبيون، بأعداد يتوقع وصولها لنحو 8.6 مليون سائح أوروبي في عام 2023، وهو أعلى من أعدادهم قبل (كوفيد-19)، والبالغة نحو 8.4 مليون سائح أوروبي في عام 2019.
وترى وكالة (فيتش) أن تظل أوروبا مصدرًا مهمًا للسياحة المصرية على المدى القصير إلى المتوسط، لاسيما في ظل الاستهداف المصري لتنوع الأسواق الأوروبية المصدرة للسياحة، فبجانب تصدر أسواق أوروبا الغربية في المملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا وفرنسا، يتم استهداف الأسواق النامية في وسط وشرق أوروبا سواء من روسيا وأوكرانيا وبولندا والتشيك، فيما تأتي السياحة الوافدة من منطقة الشرق الأوسط في المركز الثاني بين الأسواق الأكثر وفودًا لمصر بعد أوروبا، حيث يتوقع أن يصل أعدادهم إلى 3.3 مليون سائح من الشرق الأوسط خلال عام 2023، مقابل 3.2 مليون سائح في فترة ما قبل (كوفيد- 19) خلال عام 2019.
فيما أكد تقرير صادر عن"الأونكتاد"، أن مصر هي الوجهة الاستثمارية الأولى في القارة الأفريقية لعام 2022، وأبرز أن مصر وجهة استثمارية موثوقة بشهادة التقارير الدولية،و أنه على الرغم من التحديات التي تواجه الدولة المصرية والمتغيرات العالمية المحيطة، إلا أنها تمكنت من إتخاذ خطوات جادة في سبيل جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة مشروعات الاقتصاد الأخضر، باعتبارها ركيزة أساسية من ركائز التنمية المستدامة، وذلك من خلال اتباع استراتيجيات تتسم بالمرونة وتستفيد من المقومات والفرص المتاحة لتوفير بيئة جاذبة ومحفزة للاستثمار، ودعم دور القطاع الخاص، فضلا عن تيسير وتبسيط الإجراءات أمام المستثمرين، وتذليل العديد من المعوقات عبر الإصلاحات التشريعية والمؤسسية، إضافة إلى إقامة البنية الأساسية اللازمة، وهو ما وجد صداه في تعزيز مكانة مصر ومركزها كوجهة استثمارية جاذبة على المستوى الإفريقي والعربي، وتحسين نظرة المؤسسات الدولية لجهود مصر في ملف الاستثمار.
واستعرض التقرير تطور تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر منذ عام 2014، حيث بلغت 11.4 مليار دولار عام 2022، ليأتي ترتيبها الأول على مستوى القارة الإفريقية، والثاني على مستوى الدول العربية، وذلك مقابل بلوغ هذه الاستثمارات 5.1 مليار دولار عام 2021، لتأتي مصر في المرتبة الثانية إفريقيا والثالثة عربيا.
واحتلت مصر المركز الأول إفريقيا والثاني عربيا في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال الأعوام من 2016 حتى 2020، حيث بلغت 5.9 مليار دولار عام 2020، و9 مليارات دولار عام 2019، و8.1 مليار دولار عام 2018، و7.4 مليار دولار عام 2017، و8.1 مليار دولار عام 2016.
كما بلغت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر 6.9 مليار دولار عام 2015 لتحتل المركز الثاني إفريقيا والثالث عربيا، فيما بلغت 4.6 مليار دولار عام 2014 محتلة المركز الرابع إفريقيا والثالث عربيا.
ورصد تقرير الأونكتاد مناخ الاستثمار في مصر، حيث أشار فيما يخص المشروعات الخضراء إلى زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر بأكثر من الضعف، وأصبحت بذلك الوجهة الاستثمارية الأولى في إفريقيا والثانية على مستوى الدول العربية، مدعومة بالطفرة الكبيرة المُحدثة في المشروعات الخضراء، والتي نمت بأكثر من الضعف لتصل إلى 161 مشروعاً خلال عام 2022.
كما لفت تقرير الأونكتاد إلى أن القارة الأفريقية شهدت زيادة في أعداد المشروعات الخضراء بنسبة وصلت إلى 39% في عام 2022، مدفوعة بمضاعفة أعداد المشروعات الخضراء في مصر، بالإضافة لزيادة تلك المشروعات في دول أخرى مثل جنوب إفريقيا والمغرب وكينيا.
وأبرز التقرير إعلان مصر عن مجموعة من الحوافز لتعزيز بيئة الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث تعتزم استحداث حوافز ضريبية للمشروعات الممولة من الاستثمارات الأجنبية.
كما شملت تعليقات الأونكتاد وفقاً للتقرير إدراج "دليل شرم الشيخ للتمويل العادل" الذي أصدرته مصر خلال فعاليات "يوم التمويل" في ضوء رئاستها لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP27، ضمن أبرز السياسات والوثائق الصادرة لتوجيه وتعزيز سياسات الاستثمار في عام 2022 وتعزيز العمل المناخي من خلال وضع مبادئ لتقليل مخاطر الاستثمارات المناخية.
وأشار التقرير إلى إعلان شركة "رينيو باور" اعتزامها إنشاء مصنع هيدروجين أخضر بقيمة 8 مليارات دولار في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والذي يمثل واحداً من أكبر 3 مشروعات تنمية مستدامة في مجال الطاقة تم تبنيها خلال عام 2022 في الدول النامية، فضلاً عن الإعلان عن مشروع محطة تحلية مياه تعمل بالطاقة الشمسية بقدرة 400 ميجاوات في مصر ضمن أكبر 3 مشروعات في مجال المياه والصرف الصحي خلال عام 2022 في الدول النامية.
وفي ذات السياق أعرب "أجاى بانجا"، رئيس البنك الدولى، خلال مشاركته فى اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، عن حرصه على الاطلاع على التجربة المصرية فى مجال التنمية وبرنامج مبادلة الديون، ومناقشة إمكانية تطبيق التجربة فى الكثير من الدول النامية والناشئة.
وتوقع "البنك الدولى" أن ينمو الاقتصاد المصرى خلال العامين الماليين الحالى والمقبل بنسبة 4%، كما أكد أن مصر ستظل صاحبة النمو الأعلى فى منطقة الشرق الأوسط، بينما ارتفعت توقعاته بشأن نمو الاقتصاد المصرى لتصل إلى 4.7% خلال العام المالى 2024 - 2025، وذلك بسبب رواج ونمو قطاع الخدمات، خاصة السياحة وقناة السويس، وانتعاش قطاع الإنشاءات.
واوضح تقرير صادر عن "البنك الدولى" إلى أن مصر تحقّق تقدّماً كبيراً فى تحويل الغاز المصاحب لاستخراج النفط إلى صادرات غاز طبيعى، حيث زاد الاتحاد الأوروبى بشكل كبير وارداته من الغاز الطبيعى المسال من الكثير من الدول، بما فى ذلك "الولايات المتحدة الأمريكية، وأنجولا، والنرويج، وقطر، ومصر"، وعبر خطوط الأنابيب من "أذربيجان والنرويج"، ومن بين هذه الدول، حققت "الولايات المتحدة وأنجولا ومصر" فقط تقدماً كبيراً فى تحويل الغاز المصاحب لاستخراج النفط إلى صادرات غاز طبيعى بدلاً من حرقه.
وأشادت "كريستالينا جورجييفا"، المدير العام لصندوق النقد الدولى، خلال لقائها الرئيس عبدالفتاح السيسى، على هامش القمة العالمية للحكومات المنعقدة فى دبى، بأداء الاقتصاد المصرى وقدرته على التكيف والصمود فى ظل التحديات الاقتصادية التى أحدثتها جائحة "كورونا" والأزمة الروسية - الأوكرانية، كما أشارت إلى أن الدولة المصرية تسعى لتحقيق رؤيتها التنموية التى تحتل الصدارة فى جدول أولوياتها، بقيادة الرئيس السيسى، من خلال مواصلة تحسين المؤشرات الكلية للاقتصاد المصرى، وعلى هذا الأساس، يتطلع صندوق النقد الدولى إلى مواصلة العلاقات التعاونية المتميزة مع مصر، ودعمها فى تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.
وقال الدكتور خالد الشافعي، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية، إن إشادة مؤسسة "فيتش"، تعكس ثقة المستثمر الأجنبي في اقتصاد أي دولة، نظرا لارتباطها بمعايير منضبطة متعلقة بالوضع الاقتصادي الذي يُنبئ بحالة الاستقرار أو الاضطراب، مشيرًا إلى أن هناك سلسلة من الإشادات الدولية بالاقتصاد المصري لم تتوقف منذ إطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي عام 2018، متابعا أن تلك الإشادات لا تقتصر فقط على المستوى الائتماني والنقدي بل من جانب أيضًا المؤسسات المالية الإقليمية والدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لافتاً إلى أن الإشادات الدولية لازمت الاقتصاد المصري حتى في أوقات الأزمات، مثل تصنيف صندوق النقد الدولي لمصر بأنها الدولة الوحيدة القادرة على تحقيق معدلات نمو إيجابية في أزمة كوفيد 19، فضلًا عن استحواذ الاقتصاد المصري على الإشادات الدولية في ظل الأزمات العالمية المالية.
وأشار الشافعى إلى أن موافقة صندوق النقد الدولي على إقراض الدولة المصرية أو التعامل معها بشكل أو بآخر يعتبر في حد ذاته إشادة دولية، لأن صندوق النقد لا يُقرض أي دولة دون دراسات مسبقة، متابعًا أن الأزمات المتتالية العالمية أكدت مرونة الاقتصاد المصري وقدرته على التعامل والتفاعل مع الصدمات الخارجية، وجاء ذلك بعد دور وجهود الدولة في إقرار سياسيات الإصلاح الاقتصادي.
فيما أشار الدكتور مصطفي ابو زيد، الخبير الاقتصادي، إلى أن إمكانية دخول مصر مرحلة جديدة باستقبال حجم من الاستثمارات تتخطى الأرقام المعلنة خلال السنوات المقبلة، موضحا أن قطاع الصناعة سيستحوذ على نسب تتجاوز الـ40% من حجم الاستثمارات بجانب التكنولوجيا واللوجيستيات، وإنه بالرغم من الأزمات والصراعات العالمية والتوترات التجارية التى يشهدها العالم ومدى تأثير ذلك على الأوضاع الدولية والداخلية بسبب ارتفاع العديد من المؤشرات الاقتصادية.
وأوضح أبو زيد، تحتاج الفترة القادمة المزيد من الإصلاحات الهيكلية من أجل تطوير شركات قطاع الأعمال العام من خلال استحداث طرق وأساليب جديدة ومبتكرة فى العملية التصنيعية من المعدات والآلات والأجهزة الحديثة التي تواكب التطور العالمي، ويسهم ذلك بشكل كبير فى دعم التنمية الاقتصادية من أجل تنوع منتجاته، سواء للأسواق المحلية، وغزو المنتج المصرى إلى جميع الأسواق العالمية لزيادة حجم الصادرات، كما أن هناك حاجة ماسة أيضا إلى فتح المجال للقطاع الخاص للشراكة مع شركات قطاع الأعمال العام بما يضمن تطويرها فى الوقت ذاته حيث يتميز القطاع الخاص بالاستغلال الأمثل لطرق الإدارة الحديثة والحفاظ على مكتسبات العاملين فى قطاع الأعمال والحفاظ على حقوقهم ومدى الحفاظ على كيان القطاع العام الذى هو من ركائز التنمية الاقتصادية والمستدامة فى مصر.