مصر تكسب رهان تثبيت العملة.. قرارات اقتصادية حاسة وانفراجه قريبة للجنيه المصري
السبت، 15 يوليو 2023 08:00 مهبة جعفر
خبير اقتصادى: زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية وزيادة المعروض من الدولار يعيد للعملة المصرية قيمتها تدريجيا
شهد الجنيه المصري خلال الفترة الماضية تأرجح بين الارتفاع والهبوط أمام العملات الأجنبية خاصة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية المتأزمة، التي كان آخرها الحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت على حجم التجارة العالمية وارتفاع التضخم في كافة دول العالم مما أثر على العملة ومن ضمنها الجنيه المصري الذي تتحدد قيمته أمام العملات الأجنبية خاصة الدولار بعدة عوامل، من خلال قوى العرض والطلب على الصعيدين المحلي والدولي، مدعومين بالجدارة الائتمانية للدولة ومؤسساتها المالية وكلما ازداد الطلب على العملة ازدادت قيمتها، والعكس صحيح.
وأعلن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء فى 17 مايو الماضى أن الجنيه المصري مقوم بأقل من قيمته، وأن أزمة العملة ستطالها الانفراجة مع زيادة الاستثمارات القادمة إلى مصر، وبها سيعود الجنيه إلى قيمته الحقيقية، ويتم سد الفجوة الدولارية في البلاد ويتوافق ذلك مع آخر تقرير لـ"جولدمان ساكس"، مؤسسة الخدمات الاستثمارية متعددة الجنسيات، الصادر في أواخر إبريل 2023 عن مسار العملة المصرية، الذي يرى أن الجنيه المصري مقوم بنسبة 25% أقل من قيمته العادلة بسبب التخفيضات المتعددة لقيمة العملة التي قامت بها الحكومة المصرية على مدار العام الماضي.
ونادرًا ما توجد عملة في العالم مقيمة بناءًا على القيمة العادلة لها، فأغلب دول العالم تتحكم بشكل مباشر أو غير مباشر في سعر الصرف وغالبًا ما تكون مقومة بأكثر أو بأقل من قيمتها، تبعًا لمتغيرات اقتصادية كثيرة من بينها مستهدفات السياسات الاقتصادية داخليًّا.
وأوضح تقرير حديث لمركز حلول للسياسات البديلة إن عاملين أساسيين يدفعان إلى تحديد قيمة الجنيه المصري بشكل كبير، وهما الميزان التجاري للبلاد "الفرق بين صادرات البلد ووارداته من السلع"، والذي بلغ العجز به نحو 6.4 مليار دولار في الربع الثاني من العام المالي الحالي، وقد يشهد الميزان التجاري تقلبات بسبب اعتماد الدولة المفرط على الواردات مقابل الصادرات، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية وبالتالي قيمة الدولار الأمريكي، وهي العملة الشائعة في التداول التجاري وتقييم الديون الخارجية، والعامل الثانى يتمثل في صافي الأصول الأجنبية "الفارق بين ما يملكه القطاع المصرفي من أصول بالعملات الأجنبية والالتزامات بالعملات الأجنبية تجاه غير المقيمين"، والتي بلغ العجز بها نحو 280 مليار جنيه بنهاية فبراير 2023.
واتخذت الحكومة عدة قرارات تستهدف منها تحسين سيولة العملات الأجنبية في السوق قبل التحرك نحو سعر صرف مرن، ومنها ملف الأطروحات الحكومية من خلال طرح عدة شركات في البورصة وإدخال القطاع الخاص كشريك أساسي في الاستثمار والإنتاج، فضلا عن قرارات التسهيل في التعامل مع المستثمر الأجنبي وخفض تكلفة تأسيس الشركات، والحد من القيود المفروضة على التأسيس، وكذا تسهيل تملك الأراضي، والتوسع في إصدار الرخصة الذهبية، وتعزيز الحوكمة والشفافية والحياد التنافسي في السوق المصرية، وتسهيل استيراد مستلزمات الإنتاج، وتخفيف الأعباء المالية والضريبية على المستثمرين، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي، وتوسيع اختصاص المحاكم الاقتصادية.
وأكد الدكتور أحمد مصطفي أستاذ إدارة الأعمال والخبير الإقتصادي أن ثبات الجنيه المصري أمام الدولار يعود في الأساس إلي أن الجنيه مسعر بالأساس بأقل من قيمته الحقيقة أمام الدولار، وسبب ذلك هو تداعيات الأزمات العالمية بداية من جائحة كورونا مروراً بظاهرة التغيُرات المُناخية وأعقبها الحرب الروسية الأوكرانية وغيرها من الأزمات التي كانت لها تأثيراً سلبيا على كافة إقتصاديات دول العالم، حيث أن سعر الدولار الحقيقي تصل قيمتُه إلى أقل من 30 جنيها.
وأكد مصطفى لـ"صوت الأمة" أن ما يؤكد ذلك سعر الدولار الذى يشهد على مدار الأشهر الماضية حالة من الاستقرار في سعر الصرف بالسوق الرسمي، حيث يستقر أمام الجنيه عند مستوى 30.90 جنيه للدولار حيثُ لدى البنك المركزي المصري سجل متوسطات سعر الدولار مقابل الجنيه المصري نحو 30.83 جنيه للشراء، و30.93 جنيه للبيع، مما كان له تأثيرًا على السوق "الموازية"، حيثُ أدى ذلك إلي زيادة المعروض من الدولار بها مما أدى إلي تراجع بأسعاره، مع توقعات بمزيد من التراجع في ظل ذلك الاستقرار بالسوق الرسمية علاوة على وضع متوسط سعر الدولار بـ أقل من 31 جنيها تقريباً "في حدود 30.5 جنيها"، وذلك في مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي المقبل 2023 / 2024.
وأختتم مصطفي قولُه بأن زيادة تدفق الإستثمارات الأجنبية خلال المرحلة المُقبلة ستكون أحد الأسباب الرئيسية في انخفاض قيمة سعر الدولار أمام الجنيه المصري ليصل إلى أقل من 30 جُنيهاً، لأنهُ فعليًا تم تقدير قيمة الجنيه أمام الدولار بأقل من قيمتُه الطبيعية بما لا يقل عن 10%، حيثُ تكمُن أهمية أن يقيم الجنيه بقيمته الحقيقية عبر التدفقات الاستثمارية من خلال رؤوس الأموال الأجنبية، سيكون لها مردودًا إيجابيا على الإقتصاد والمواطن المصري من خلال عدم وجود نقص في العملة الصعبة والتي ستكون سبباً في إضعاف قيمة الجنيه أمام الدولار ، والثاني إتاحة فرص التشغيل والتوظيف وتقليل نسبة البطالة من خلال المشاريع التي سيتم تنفيذها من جراء تلك الاستثمارات المُتدفقة .