ولد صالح يدعو لهما
السبت، 24 يونيو 2023 09:09 م
في كل عام يلفت نظري جلوس أولياء أمور طلاب الثانوية العامة على الرصيف أو يقفون حول لجان الامتحانات بغض النظر عن صعوبة الطقس ولهيب الشمس فوق رؤوسهم والقلق يبدو على محياهم، يشاركون أولادهم القلق العامر أو الفرحة الغامرة على حسب طبيعة الامتحان.
760 ألف طالب وطالبة أي ما يوازي 760 ألف منزل وعائلة يعيش معظمهم حالة من الضغط الهائل على مدار عام، ويتجلى هذا القلق بوضوح في لحظات انتظارهم أمام المدارس بالساعات لا يبرحون حتى يبلغوا مقصدهم ويخرج ابنهم منتصرا أو مهزوما حسب ما قدمه في الامتحان.
مشهد يستحق التأمل ويجعل العقل يتساءل هل شهادة الثانوية العامة هي نهاية طموحات الشباب، أم أنها بداية لخطوة جديدة على طريق حياتهم المهنية والعلمية وهو طريق طويل ومتعدد الفرص والمتغيرات؟ وهل التفوق في الثانوية العامة هو جل ما يريده الأب والأم لأبنائهم؟
دفعتني هذه التساؤلات التي دارت في عقلي إلى طرح سؤال على عدد من الآباء والأمهات من مختلف شرائح المجتمع مفاده ماذا تتمنون لاولادكم؟
كانت الأغلبية العظمى من الإجابات تدور حول تمني الصحة والعافية والصلاح والقرب من الله، وكان لسان حالهم يريد أن يقول "ولد صالح يدعو لنا بعد مماتنا ويراعي الله فينا خلال الحياة"، كما انتقل إلي من خلال تلك الاجابات إحساسا مبطنا من خوف الأب والأم من أن يضل ابنهم أو ينحرف عن الطريق المستقيم.
ولكن على أرض الواقع تختلف طريقة تربية وتعاطي الأهل مع أولادهم مع أمنياتهم، فيعرضون الأبناء لشتى أنواع الضغوط فيما يتعلق بالتعليم، وحتى ممارسة الرياضة حولها بعض الأهل إلى نظام صارم خانق وهي التي من المفترض أن يمارسها الطفل عن حب لكي تساعد على تحسن مزاجه وحالته النفسية ونموه بطريقة طبيعية.
ويبرز هذا التناقض ما بين بساطة الأمنيات التي طرحها الأهل وبين نمط الحياة التي يمارسونها في البيت وجود تذبذب في التفكير وتشوش لدى الأهل في التطبيق، فهم غير قادرين على التمييز بين ما تفرضه الطموحات الحياتية، وبين الأصح لتربية أولادهم ليخرجوا أصحاء للعالم وقادرون على مواجهة الازمات وتقبل المعطيات أيا كانت، وهذا النوع من طموح العائلات في ان يكون ابنهم متفوق دائما يجعله معرض للاصابة بكافة الازمات النفسية وقد تصل إلى الانتحار لأنه لم يستطع تحقيق طموح عائلته، وهذا أبعد ما يكون عن الأمنيات التي طلبها الآباء والأمهات لأبنائهم.
وربما يكون الحل لتنشئة طفل هادئ ناجح وقادر على الخروج من المحن وخلق الفرص مهما كانت الصعوبات هو تربيته على الثقة في الله وتقبل قدره، وهذا يأتي من خلال خلق قنوات للتواصل مع الله عن طريق العبادة وحفظ القرآن دون إجباره على العبادة.
والأمر الثاني هو تحميله المسئولية منذ صغره سواء من خلال الأعمال المنزلية البسيطة أو رعاية أخوته وكذلك ممارسة الرياضة فهي تأصل داخل الطفل الالتزام، ومن الضروري إيجاد قنوات للحوار مع الطفل منذ المراحل الاولى في طفولته و إحاطته بالحنان و الاستماع والتفهم.
ويحضرني في هذا الموضوع حديث للشيخ متولي الشعراوي عن تربية الأطفال، وهي نقاط واضحة ترسم معالم طريق لنجاح تنشئة الطفل، وقسم شيخنا الجليل مراحل التربية على ثلاث مراحل تشمل كل مرحلة سبع سنوات وجاءت السبعة الأولى بحسب الشيخ الشعراوي، من العام الأول للسابع، (أن تكون تربية فقط أي نعلمه فيها الصح من الخطأ مع الدلال، نعلمه الدعوة الحق ونصوبه نربي للخير وننبهه لأي غلط بدون عقاب).
بينما تأتي السبعة الثانية من عامه السابع 7 إلى 14 والتي تسمى بالتأديب: (يعني تربية وعقاب على الخطأ، ولكن عقوبات متنوعة ما بين الخفة والوسطية)
أمام السبعة الثالثة، وهي من عمر الـ14 عاما وحتى الـ21، هي المصاحبة: «تصاحبه، ولا تتركه يبقى لوحده لفترات طويلة ولا يصاحب أصحاب السوء، فهذه فترة المراهقة، وكل شيء فيها متقلب ومتغير ومن الضروري أن الأب يصاحب الولد والأم تصاحب وتقرب الفتاة، وبانتهاء هذه الفترة تكون انتهت فترة الطفولة ويستطيع التعامل مع كل معطيات الحياة).