تعانى أوروبا من حالة من عدم الاستقرار فى أسعار الغاز الطبيعى مرة آخرى مما ينذر بأزمة جديدة فى سوق الغاز الأوروبية، حيث فى 15 يونيو وحده، ارتفعت العقود الآجلة للمؤشر القياسى بنسبة 30% لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ أوائل ابريل.
ويحذر عدد من التقارير من أن سوق الغاز لا يستبعد احتمال حدوث أزمة طاقة جديدة فى أوروبا، بسبب ارتفاع أسعار الغاز بسبب سلسلة من الانقطاعات الطفيفة لمنشآت الغاز فى النرويج والإغلاق المخطط له لمنشأة معالجة رئيسية فى هولندا، وهو ما يؤدى بطبيعة الحال إلى تهديد واضح للصناعات فى اوروبا.
وأوضحت صحيفة "الاكونوميستا" الإسبانية فى تقرير لها أن رد الفعل هذا يظهر مدى حساسية سوق الطاقة فى أوروبا الآن ومدى هشاشتها فى مواجهة أى تهديد بتعطيل إمدادات الغاز إلى المنطقة، فى حين تجدر الإشارة إلى أن الإصدار يسلط الضوء على بعض الظروف المواتية، مثل مستوى ملء مرافق التخزين والطلب الآسيوى الضعيف، لا يزال تقلب سوق الغاز ثابتًا.
ونتيجة لذلك، فإن الافتقار الواضح للاستقرار فى سوق الغاز يعنى بالنسبة للدول الأوروبية استمرار سياسة المعدلات البنكية المرتفعة فى مواجهة محاولة تقييد التضخم داخل منطقة اليورو، فضلًا عن معوقات إعادة تأسيسها.
وأشار التقرير إلى أن عجز الطاقة فى أوروبا يبلغ 40 مليار متر مكعب من الغاز، وهى فجوة فى العرض مع عدم وجود بدائل متاحة، ومع اقتراب فصل الشتاء، يزداد الوضع خطورة، وتشير البيانات الأخيرة إلى انخفاض بنسبة 9.7% فى الطلب على الوقود بالدول الأوروبية الرئيسة، مثل ألمانيا وإيطاليا وهولندا وفرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة، فى مايو مقارنة بالعام السابق.
ومن المثير للقلق أن نشاط القطاع الصناعى فى منطقة اليورو يتقلّص، ما يثير مخاوف من أن بعضًا من الطلب المفقود قد لا يمكن استعادته بالكامل
فى الوقت الحاضر، يبلغ عجز الطاقة فى أوروبا نحو 40 مليار متر مكعب من الغاز الروسى، وهى فجوة فى العرض مع عدم وجود بدائل متاحة بسهولة فى السوق العالمية.
تعانى أوروبا بأكملها من عواقب الزيادة الكبيرة فى أسعار الطاقة بعد الرفض المعلن لموارد الطاقة الروسية، وإدخال حد أقصى للأسعار، وبالتالى، البحث القسرى عن مصادر جديدة. وقد أثر ذلك على رفاهية المواطنين مع ارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم المرتفع فى معظم البلدان والركود الحقيقى، حتى فى ألمانيا، وهى تقليديا أكبر اقتصاد فى منطقة اليورو بأكملها.
ويشير التقرير إلى أن البنك المركزى الأوروبى، الذى يكافح التضخم المستمر، لا يمكنه تجاهل "إشارات الإنذار" فى سوق الغاز، مع الأخذ فى الاعتبار أن سياسة التسعير الحالية تؤثر بالفعل على أداء الصناعة.
ويشدد التقرير على أن "التجار يقولون أن بعض الطلب يمكن أن يضيع بشكل نهائى، حيث أن العديد من المنتجين الذين أبطأوا الإنتاج لم يعودوا بعد إلى طبيعته".
فى هذا الوضع، قد يؤدى الطقس الحار المشابه للعام الماضى، والذى تسبب فى حرائق الغابات وجفاف الأنهار، إلى ارتفاع جديد فى الأسعار. تهديد آخر لسوق الغاز الأوروبى، وفقًا للنص، هو استعادة الطلب من الصين بعد رفع قيود كورونا، فضلًا عن برنامج المساعدة النشط لحكومتها فى هذا الصدد.
وتعانى الدول الأوروبية من أزمة طاقة بسبب القيود المفروضة على موارد الطاقة الروسية بسبب الحرب فى أوكرانيا، وقال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أن العقوبات وجهت ضربة خطيرة للاقتصاد العالمى بأسره، وأشار أيضًا إلى أن الغرب يهدف إلى جعل الحياة أسوأ لملايين البشر.
وقفزت الأخبار إلى العقود الآجلة لـ TTF فى السوق الهولندية مع تسليم لمدة شهر واحد، وهو المعيار فى القارة، وتجاوزت الزيادات نطاق 47 يورو، لتعود إلى أعلى مستوياتها فى أبريل، رغم أنها بعيدة جدًا عن 300 يورو فى الصيف الماضي. بعد فترة وجيزة، انخفضت القيم إلى أقل من 10% عند 41 يورو.
على الرغم من أن الحقل كان يعمل عند الحد الأدنى من المستويات على وجه التحديد بسبب المخاطر الزلزالية التى يسببها منذ عقود، إلا أن المجمع لديه أكبر احتياطيات غاز فى أوروبا، لذا فإن الإغلاق المعلن سيحد من احتياطى إمدادات القارة فى الشتاء المقبل.
وفقًا لما أوردته وكالة بلومبرج استنادًا إلى مصادر مجهولة، فإن الإغلاق سيدخل حيز التنفيذ أخيرًا فى 1 أكتوبر، لكن القرار الرسمى بإغلاق الحقل لن يُتخذ إلا فى اجتماع لمجلس الوزراء الهولندى المقرر عقده فى وقت لاحق من هذا الشهر.
ووفقا للتقرير، فإنه سيتم استخراج 2.8 مليار متر مكعب كحد أقصى من الغاز من حقل جرونينجن حتى أكتوبر، حيث يعمل حاليًا عند الحد الأدنى من المستويات، ويمكن التراجع عن قرار الإغلاق إذا كانت هناك أزمة طاقة أخرى أو شتاء شديد البرودة، والذى سيستغرق حوالى أسبوعين لإعادة فتح المخازن، وحان الوقت الذى سيتعين على الحكومة الهولندية التوصل إلى إجماع بشأن القرار.