دينا الحسيني تكتب: بحثا عن المصلحة الوطنية.. ما حدود تداول المعلومات أمام قضايا الأمن القومي وتأمين البلاد ؟
الإثنين، 12 يونيو 2023 07:00 م
أثارت جلسة الحوار الوطني أمس المتعلقة بقانون تداول المعلومات جدلاً بين النخب السياسية والثقافية والأكاديمية، بشأن حرية تداول المعلومات، استمع مجلس أمناء الحوار الوطني إلى الآراء والمقترحات المقدمة بشأن تنظيم تداول المعلومات، ما بين إنشاء مجلس وطني للمعلومات، وتأسيس مفوضيه، واقتراح آخر نعتقد أنه غير عملي عند تطبيقه على أرض الواقع، لأنه في بعض الأحيان قد تحتاج بعض الموضوعات المفاجأة على الساحة أو القضايا أو الحوادث إلى استجابة سريعة بالتوضيح، سواء كانت سلبية أو إيجابية.
صحيح أن جزء مهم من دورنا كصحفيين هو تزويد المواطن بالمعلومات الموثقة من مصادره الرسمية، وتوافر المعلومات يغلق الباب أمام الشائعات، خاصة الشائعات التي تغطيها حقيقة أو معلومات صحيحة في أجزائها، و هذا الأخير هو أخطر أنواع الشائعات، فمن السهل دحض الإشاعة التقليدية القائمة على الأكاذيب، بينما يصعب دحض الإشاعة التي يعتمد مروجيها على جزء من المعلومات الصحيحة، ولكن عندما تتعارض المعلومات مع المصلحة الوطنية، فإن المصلحة العليا للبلاد ستسود على أي سبق.
أما عن مطالب الحاضرين في جلسة النقاش بضرورة وضع تعريف مفهوم الأمن القومي، فلا داعي لذلك لأن هناك بالفعل العديد من التعريفات التي وضعها باحثون وعلماء وأكاديميون في جميع أنحاء العالم، وحددوا تعريف المفهوم وأبعاده وخصائصه، بدءًا من التعريف التقليدي الذي يعني حماية الدولة من أي هجوم أو اعتداء خارجي بالردع الأمني أو الدفاع العسكري، أو من خلال تطوير المفهوم ليشمل حماية اقتصاد الدولة وسياستها من أي اعتداء خارجي.
إذا ما نحتاجه فقط التوافق على محددات وضوابط للأمن القومي لترشيد فوضى المعلومات المتداولة على مواقع التواصل الإجتماعي، ولكن كيف نصل لصيغة موازنه بتفعيل قانون تداول المعلومات بما لا يتغول على الدولة أو يتغول حق المواطن في المعرفة ؟، ما نحتاجه ليس تعريفًا للأمن القومي، بل اختيار واحد من بين هذه التعريفات العديدة وفقًا لرؤية الدولة المصرية لقضايا الأمن القومي ، لأن أحيانًا ما تعتبره دوله ما أمن قومي لها، قد لا تراه دوله أخرى ذلك، والعكس صحيح، وهذا يعني أن العامل الزمني هو أحد العوامل التي تحدد توقيت نشر المعلومات وتوافرها أو حجبها إذا اقتضت المصلحة الوطنية ذلك، وما يتعلق بالأمور العسكرية والدبلوماسية، والعلاقات بين الدول، وأدوات السياسة الخارجية للدول من وجهة نظري فهي ليست محل معروفة ، وإخفائها عن الجمهور قد يكون سببًا للأمن والسرية، وحجبها لن يضر المواطن الذي لا يهمه فقط سوى المعلومات المتعلقة بشؤونه المعيشية في جميع الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، والتعليم والصحة وكل ما يتعلق بالمجتمع والأسرة.
وبخلاف ذلك، من الأرجح أن يترك زمام الأمور المتعلقة بتأمين الدولة من الداخل، وتأمين حدودها من أي مخاطر خارجية ، وطريقة إدارة العلاقات مع الدول، والتنسيق العسكري والدبلوماسي، وغير ذلك من الأمور الدفاعية التي فوض فيها الشعب القيادة السياسية لتولي شؤون الدولة، بما في ذلك هذه المهام التي تدخل ضمن نطاق "الأمن القومي" ما دام لها ضوابط محدده وتحت رقابة مجلسي النواب والشيوخ.