دينا الحسيني تكتب: الحرية والمصلحة العليا.. هل يتعارض قانون "تداول المعلومات" مع ضوابط الأمن القومي؟
السبت، 03 يونيو 2023 08:52 م
الحق في معرفة ما يجري في المجتمع والاطلاع عليه هو حق إنساني أصيل، وحق مهني للصحفيين وجميع العاملين في مجال الإعلام، بل هو حق مكفول دستوريا استناداً إلى نص "المادة 68" التي تؤكد على ضرورة إتاحة المعلومات والبيانات والوثائق الرسمية للمواطنين، وبغياب المعلومة الصحيحة تنشط الشائعات والاكاذيب ومع توفرها يٌغلق الباب أيضاً أمام تقديم المعلومات الصحيحة، ولكن من زاوية أخرى قد تكون ناقصة أو مشوهة، خاصة في ظل الانفتاح التكنولوجي وزيادة عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم.
ولكن ماذا لو اصطدمت هذه الحرية بالأمن القومي ، وكان تداول المعلومات يمس العلاقات بين الدول؟
في مجتمع المعلومات، لم يعد من الضروري أن تكون الدول دولًا مجاورة لتهديد أمن بعضها البعض، إن تطوير أنظمة الأسلحة التي مكنتها من الوصول إلى مسافات طويلة، واستخدام تقنيات بسيطة لتدمير البنية المعلوماتية للدول وتخريب أنظمتها الإدارية والعسكرية، قد يجعل حرب المعلومات حربًا للجميع، يتفوق فيها من يمتلك المعلومات الموثقة، بل ويصل إليها أسرع، فالتوقيت الزمني في الوصول إلى المعلومة، علامة فارقة في حسم أي نزاع دولي.
في ظل القلق المتزايد من تهديدات الحروب الإلكترونية، سبق ونشرته رويترز تقريراً في مطلع عام 2014 أن المؤسسات العسكرية حول العالم تتسابق لاستقطاب المتخصصين في مجال الكمبيوتر، لأنهم يعتقدون أنهم قد يصبحون عنصرًا حيويًا في صراعات القرن الحادي والعشرين ، في حين أن هناك تمويلًا وفيرًا لاستقطاب قوى جديدة من المقاتلين "السايبريين"، وبالفعل في نهاية عام 2013 ، بادر الجيش الأمريكي بتعيين أول لواء إلكتروني "سايبراني"، ولم تكن الولايات المتحدة الاستثناء الوحيد ، بل عددًا من الدول الأوروبية والدول الآسيوية ودول الشرق الأوسط أيضًا. كما انضمت إليها روسيا والصين في إطار حرب الهيمنة الاقتصادية والعسكرية.
الموضوع قد يحتاج إلى التنظيم والتوازن بين حق المواطن العادي، وحق الإعلامي بحكم طبيعة عمله في الحصول على المعلومة ، وبين مقتضيات الأمن القومي وسلامة البيئة الداخلية، و يتم ذلك من خلال صياغة قوانين منضبطة تسمح بتوافر المعلومات والأرقام والبيانات الدقيقة، والتي توفر المعرفة اللازمة بالأمور الحيوية المتعلقة بالظروف المعيشية والتي تمس المواطن بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، تتحكم في موادها بفرض السرية والأمن للقضايا الاستراتيجية المتعلقة بالأمن القومي، والتي لا تهم المواطن العادي، وحجب المعلومات عنه لن يؤثر على تفاصيله المعيشية.
يطرح القانون على طاولة الحوار الوطني غدا ، ويتوقع أن يشارك في النقاش كافة التيارات السياسية والإعلامية، وعلى الرغم من الاتفاق على أهمية الملف، فإن الأهم هو أننا نتوصل إلى توافق يراعي التحديات الكبيرة التي تواجه مصر في الوقت الحاضر، فعلى الرغم من نجاح الدولة المصرية في إدارة ملفاتها الخارجية، تحقيق التوازن في سياساتها الخارجية وعلاقاتها مع الدول، وعلى الرغم من نجاح استراتيجيتها في مكافحة الإرهاب، إلا أنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة في أمنها القومي، الأمر الذي يتطلب حماية بعض المعلومات بدرجة أكبر من المعتاد.