الكاتبة سماح أبوبكر عزت لـ «صوت الأمة»: الطفل كالإسفنجة يمتص كل ما يدور حوله
السبت، 27 مايو 2023 07:00 مأمل غريب
حياة كريمة أدخلت المكتبات إلى القرى.. وأطفال الصعيد يتفاعلون مع كل قضايا المجتمع
الكتابة مدخلى للحوار مع الأطفال.. والدراما والأعمال الفنية عامل مؤثر في علاج أغلب مشاكل الأطفال السلوكية
الاهتمام ببرامج الأطفال مادة خصبة لجذب الإعلانات.. وهناك موضوعات هامة لا يجب التفكير فيها بالمنطق التجاري فقط
أشكر "الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية" لإنتاجها برامج موجهة للأطفال دون النظر إلى العائد المادي
"حكايات ماما سماح رحلة سعيدة" يقدم مادة جاذبة للطفل يجد فيها المتعة واللعب والثقافة والقصة الشيقة
مشكلات الطفل في العالم العربي متشابهه.. وشكاوى الأباء في كل البلدان واحدة وسببها تعلق الأطفال بالموبايل ووسائل التواصل الاجتماعي
طالبت في الحوار الوطنى بعودة البرلمان الصغير والنشاط الصيفي إلى المدارس وإنشاء منصة إلكترونية خاصة بالأطفال
الكتابة مدخلى للحوار مع الأطفال.. والدراما والأعمال الفنية عامل مؤثر في علاج أغلب مشاكل الأطفال السلوكية
الاهتمام ببرامج الأطفال مادة خصبة لجذب الإعلانات.. وهناك موضوعات هامة لا يجب التفكير فيها بالمنطق التجاري فقط
أشكر "الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية" لإنتاجها برامج موجهة للأطفال دون النظر إلى العائد المادي
"حكايات ماما سماح رحلة سعيدة" يقدم مادة جاذبة للطفل يجد فيها المتعة واللعب والثقافة والقصة الشيقة
مشكلات الطفل في العالم العربي متشابهه.. وشكاوى الأباء في كل البلدان واحدة وسببها تعلق الأطفال بالموبايل ووسائل التواصل الاجتماعي
طالبت في الحوار الوطنى بعودة البرلمان الصغير والنشاط الصيفي إلى المدارس وإنشاء منصة إلكترونية خاصة بالأطفال
إعادة بناء هوية وثقافة الطفل المصري، القضية المهمومة بها الكاتبة المتخصصة في أدب وقصص الأطفال، سماح أبو بكر عزت، التي حققت نجاحات متميزة في مجال أدب الأطفال والكتابة لهم، وقدمت العديد من المؤلفات القيمة في هذا المجال وتكمنت من تقديم قصص متنوعة وثرية لعالم الأطفال، حيث تعد من أبرز الكتاب في مجال أدب الطفل والكتابة للأطفال، وأقامت العديد من ورش الكتابة للأطفال في مصر وفي بلدان أخرى، وحازت على العديد من الجوائز داخل مصر وخارجها، وحصدت العديد من الجوائز العربية والدولية.
وفي التاسع من إبريل 2022، استقبلها الرئيس عبد الفتاح السيسى، مؤكداً متابعته للأعمال الأدبية التي ألفتها الكاتبة سماح أبوبكر عزت، والتي حازت على إثرها على العديد من الجوائز المحلية والعربية والدولية، مؤكدًا أهمية أدب الطفل في التوعية الهادفة للأجيال المستقبلية بشكل مبسط ومستساغ بخصوص محاور الأمن القومي لمصر وسبل تحقيق التنمية المستدامة، فضلاً عن إذكاء الحس الوطني لدى الأطفال، ووجه الرئيس السيسى بحشد الطاقات الإبداعية في مجال نشأة الأطفال من مفكرين وعلماء وفنانين بهدف بلورة استراتيجية وطنية متكاملة لبناء شخصية وقدرات الأطفال من المهد.
وخلال لقائها مع الرئيس السيسى، أكدت سماح أبو بكر أن النجاح والتقدير الذي لاقته كتاباتها قد عزز من حرصها على تكثيف جهودها خلال الفترة المقبلة في مجال الأدب الوطني للأطفال، مشيرةً إلى مشروعها الأدبي الأخير تحت عنوان «حياة وكريمة»، وهي القصة المستوحاة من مبادرة «حياة كريمة»، والتي تعرض إنجازات وأهداف المبادرة بشكل مبسط وجاذب للأطفال.
سماح أبو بكر عزت، الحائزة على لقب "سفيرة حياة كريمة لشؤون الطفل"، تحدثت مع "صوت الأمة" عن رؤيتها لأدب الطفل، وكذلك البرامج الموجهة للأطفال، موجهة التحية والشكر والتقدير إلى "الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية" على تفكيرها في عمل وإنتاج برامج موجهة للأطفال، دون النظر إلى العائد المادي منها.
وإلى نص الحوار..
من وجهة نظرك.. كيف يمكن بناء ثقافة الطفل؟
أولا يجب أن يعيش الطفل في بيئة تحترم وجوده، بمعنى إشعاره أن له قيمة ودور في البيت، كذلك يشعر بأهميته لدى الأب والأم من خلال حديثهم معه، ويتعرفوا على رغباته، وليس مجرد تلبية احتياجاته من الأشياء الضرورية التي يحتاجها، ثم يتركونه وحده مع الموبايل والتابليت دون أن يجد من يتحدث معه، لذا يجب أن يشعر الطفل بأن له كيان.
ثانيا، تعويد الطفل على القراءة من سن صغيرة جدا، وهو السؤال الذي أقابله دائما.. كيف أعود طفلي على القراءة؟.. والإجابة بأن نبدأ بقراءة قصة للطفل منذ نعومة أظافره، فبمجرد أن يتعود الطفل على القصة من الجد أو الجدة أو الأب أو الأم، ومشاهدة الصور، هنا سيتعود على القراءة.
وأرى أن الثقافة ليست مجرد تلقين الاطفال معلومة يرددها، إنما هي أسلوب حياة، وذلك من خلال تعويده على أن له كيان داخل البيت، ومشاركته هواياته وتطلعاته، كأن نشاهد معه فيلم كرتون أو ماشابه، فيشعر أن هناك احتياجات ضرورية في الحياة، غير الأكل والشرب والمدرسة، وكل هذه الأمور تحتاج إلى وقت من الأب والأم، حتى وإن كان بسيطا.
هذا جيل الصورة والتكنولوجيا الحديثة.. في رأيك كيف يؤثر دور الدراما في بناء ثقافة الطفل؟
الدراما عامل مؤثر كبير جدا لدى الطفل، وأرى أنه يمكن معالجة أغلب مشكلات الأطفال سواء السلوكية أو غيرها من خلال الدراما والأعمال الفنية المختلفة، والقصص والحكايات إلى أخر فنون الطفل، لكن ما يشغلني هو كيفية التناول والتقديم بشكل لطيف وبسيط وجذاب، فللأسف صورة الطفل التي تظهر على الشاشة سواء في الأعمال الدرامية أو الفنية بشكل عام، وكذلك البرامج الإعلامية المختلفة، تظهر الطفل بشكل سيء وبصورة غير مناسبة إطلاقا، فأرى كثيرا استغلال الأطفال في القوالب الفنية المتعددة لإضحاك الجمهور ليس أكثر، عن طريق ترديده لكلام أو تصرفات أكبر من سنه، وهذا خطأ فادح، لأن الطفل يتأثر بذلك، ثم نتسائل أين الطفولة والأطفال؟!.. ونحن السبب، لأن الأطفال تقلد ما ترى، فنجد الأطفال تردد ما تسمع وتشاهد من أطفال مثلها في العمر، وهو لا يعي ما يقوله، فالطفل مثل الإسفنجة، تمتص كل ما يدور حولها، وتحديدا في أول 6 سنوات من عمره، خاصة أن هذا العمر يبنى ويشكل شخصية الإنسان، لذا علينا أن نكون حذرين في كل ما يقدم للطفل، وكيف تقدم؟.. وما هي الألفاظ والمصطلحات التي تستخدم؟.. لأن كل ما سبق تؤثر في الطفل ويتأثر بها، لذلك أرى أنه من الهام، الحرص على تقديم أعمال هادفة ولطيفة للأطفال.
من وجهة نظرك.. هل هناك فجوة بين لغة الخطاب الإعلامي الموجه للطفل بوسائل الإعلام في ظل التطور التكنولوجي؟
للأسف أعتقد أن هناك قصور ما، لكن إذا تحدثت عن نفسي، فأنا أقدم برنامج "حكايات ماما سماح في رحلة سعيدة"، ويذاع على القناة الأولى بالتليفزيون المصري، وقناة cbc ، وأحكي في كل حلقة قصة مختلفة للأطفال، لكن طريقة الحكي واستخدام المفردات جديدة، واستعين في الحلقات بعدد من الأطفال، ليس مجرد صورة داخل الحلقات أو لكونهم الفكرة الأساسية القائم عليها البرنامج، إنما لأبعث برسالة هامة إلى الأسرة والمجتمع والمؤسسات المسؤولة والمعنية بالطفل، مفادها أن علينا احترام الأطفال وإفساح المجال لهم للاستماع إلى أراءهم، لذلك خلال الحكاية أسألهم عن رأيهم وأعطي لكلا منهم الفرصة للتعليق أو التعبير عن رأيه وأحترم عقلهم، وأنا شخصيا كوني أجري ورش حكي كثيرة، فلدي الخبرة للتعامل السليم مع الأطفال.
هناك تقصيرا كبيرا في البرامج الموجهة إلى الأطفال، ولا أدري لماذا؟.. وفي الغالب من ضمن أسباب نقص المادة الإعلامية الخاصة بالطفل، اشتراط وجود راعي للبرنامج ومعلنين، وأرى ومن وجهة نظري أنه إذا تم الاهتمام ببرامج الأطفال من الممكن أن تكون مادة خصبة لجذب الإعلانات، خاصة أن الترويج الإعلاني لأي منتج متعلق بالطفل يتم استخدام الأطفال فيه، من أجل استخدامه كوسيلة ضغط على أبويه، كنقطة ضعف لدى الأب والأم، فكيف يقال أن برامج الأطفال ليست جاذبة للمعلنين؟.. كما أرى أن هناك موضوعات هامة لا يجب التفكير فيها بهذا المنطق التجاري فقط، لأن الهدف منها أسما بكثير.
ومن هنا أحب توجيه التحية والشكر إلى "الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية" على تفكيرها في عمل وإنتاج برامج موجهة للأطفال، دون النظر إلى العائد المادي منها، ولا أخفي سرا، أن برنامجي "حكايات ماما سماح رحلة سعيدة" تكلف تكاليف مادية باهظة في تصويره وإعداده وديكوراته وشكله الذي خرج به، لكن كان الهدف منه، أكبر من المصروفات التي تكلفها رغم ضخامتها، فقد كانت الرغبة في تقديم مادة جاذبة للطفل يجد فيها المتعة واللعب والثقافة والمعلومات العامة والقصة الشيقة التي تحمل معاني بسيطة وأهداف تربوية حديثة، هو الباعث الحقيقي وراء التغاضي عن ضخامة التكاليف المادية، خاصة أن القصة التي نقدمها للطفل في كل حلقة تختلف عما قبلها، نحكي فيها للأطفال موضوعات هامة بقابلها في حياته اليومية، وقد تسبب له مشكلات هو لا يعي مخاطرها، كأن نتحدث من خلال حكاية عن إدمان الأطفال للموبايل ووسائل التواصل الاجتماعي، وأخرى عن تقبل الأخر، وجميعهم موضوعات حديثة تهم الطفل، وأمور حياتية يعيشها الأطفال والأب والأم، وقد يكون الأباء أنفسهم يواجهون هذه الموضوعات مع أولادهم، وليس لديهم طرق سليمة يستطيعون من خلالها توجيه أطفالهم، فعلى سبيل المثال، حكيت للأطفال قصة بسيطة بطلها "موبايل هرب من الولد صاحبه"، بسبب أن هذا الطفل ممسك بالموبايل طول الوقت، هنا يتقبل الطفل للنصيحة، لأنها قدمت له بطريقة بسيطة ومرحة وبها تشويق وإثارة تشد انتباهه وخاطبت عقله وأثرت خياله، والأخيرة قضية هامة، بسبب العالم الافتراضي التي أصبح الطفل يعيش فيه طوال الوقت.
من وجهة نظرك لماذا يتأثر الأطفال في مصر بقنوات الكارتون العالمية ويعزف عن برامج ومسلسلات الأطفال المحلية؟
أرى أن الأطفال تبحث دائما عن الجديد والحديث، خاصة أنهم الآن جيل يختلف تماما عن الأجيال السابقة، لذلك يبحثون عن لغة الخطاب الحديثة التي تناسبهم، لذلك ينجذبون لكل ما هو جديد ومختلف، فنجد مثلا أنهم ينجذبون إلى الأفلام الكرتونية التي بها طرافة وخفة دم ومواقف مدهشة وغريبة وشخصياتها خيالية وذات ألوان جذابة، بالإضافة إلى أنها تعتمد على وسائل الإبهار المختلفة.
وفي الحقيقة، أنا سفيرة حياة كريمة لشؤون الأطفال، وأذهب إلى قرى أقاصي الصعيد، وأجد أن الأطفال هناك يتابعون البرنامج الذي أقدمه ويريدون المشاركة فيه، ويحكوا لي القصص التي تأثروا بها، وذلك بسبب أن العمل إذا قدم بإخلاص وحب وابتكار، يتفاعل معها الطفل ويرتبط بها، ولا أخفي سرا إذا قلت أنني يصلنى كم رسائل ضخم من الأباء والأجداد بأنهم يتابعون البرنامج، مما يعني أن الأسرة في مصر، تهتم بالأعمال الجيدة ،التي تلمسهم ويريدون منها المزيد، لذا يجب الاهتمام ببرامج الأطفال وصناعتها.
في رأيك ما الفرق بين الأجيال السابقة من الأطفال والجيل الحالي؟
هناك فرق كبير بينهما، فالطفل في السابق لم يكن حوله وسائل معرفة ولا عالم متعدد الصور يحيط به، يستطيع من خلاله التعرف على أي معلومة، ولذلك من سيخاطب الطفل بلغة "زمان" لن يثير اهتمام الطفل ولن يتقبل منه أي كلام، ومن خلال زياراتي لمختلف الدول العربية والأوروبية تقابلت مع نماذج مختلفة من الأطفال، وحاليا أنا سعيدة بأني أجري زيارات دائمة لقرى مصر، وأقابل أطفال لم يتحدث معهم أحد قبل ذلك، وأخر زيارة لي كانت لقرية القرنة بالأقصر مع المجلس القومي للمرأة، ضمن مبادرة لمناهضة الهجرة غير الشرعية، وهناك وجدت أن الأطفال لديها فهم، وعندما نعطيها اهتمام واحساس بأنهم يمكن الاعتماد عليهم، نجدهم يخرجون طاقة لا محدودة في حدود سنهم بالطبع، لكن من يتعامل مع الطفل على أنه كائن لا يفهم واكتفينا فقط بتوفير المدرسة والألعاب له، فهذا لا يصلح مع هذا الجيل، لأن الأطفال الأن تحتاج لمن يتحدث معها والتعرف على رأيه، لأنه لن يصدق بسهولة أي معلومة تقال له، كونه يمتلك وسائل أخرى يمكنه الاستعانة بها للتحقق من صحة المعلومة، لذا لم يعد الأمر سهلا في اكتساب المصداقية لدى الأطفال مثل زمان، لذلك على من يتحدث إلى الطفل أن تتضمن لغة خطابه على بوعي واحترام لعقله ورأيه حتى وإن أختلف الرأي، نصل إلى أرضية مشتركة وبدون فرض.
بمناسبة تعدد زياراتك لعدد من الدول العربية.. هل مشكلات الطفل العربي واحدة أم مختلفة؟
في رأيي، مشكلات الطفل في العالم العربي تتشابه إلى حد كبير، فدائما لدى الأباء شكوى من تعلق الأطفال بالموبايل ووسائل التواصل الاجتماعي، وهي الشكوى السائدة حتى في المجتمعات الأوروبية، لكن هناك اختلافات بسيطة تتعلق بالبيئة والمجتمع لكل دولة، لكن الطفل هو الطفل في كل مكان وبنفس التكوين، إنما البيئة التي يعيش بها هي من تشكله، والأهل وطريقة التعامل، هي ما يفرق في تكوين شخصية ووعي من طفل لأخر، وأشدد على أننا نشكل الطفل وفقا لما نريد، إما نهتم بها أو نهملها، وقديما قال العرب "الطفل أبو الرجل"، وكذلك قال المفكر الفرنسي فيكتور هوجو "كل طفل نعتني به هو رجل نفوز به في المستقبل"، هو نفس المعنى لكن الفرق بينهما أن الأول من فلاسفة العرب والثاني فرنسي، لذلك يجب تحديد الكيفية التي نتعامل بها مع الأطفال ورعايتهم دون "خنقهم"، والحد من الخوف عليهم بشكل مبالغ فيه، لنتجنب إخراج طفل بدون شخصية ولا كيان مهزوز ولا يستطيع التفكير.
إذا تحدثنا عن برنامجك "حكايات ماما سماح".. أيهما يحتاج إلى تنمية وعيه وهويته.. أطفال القرى والنجوع أم الطفل العادي في الطبقة المتوسطة أم الذي يتلقى تعليمه في المدارس الأجنبية الدولية في مصر؟
أرى أنهم جميعا في حاجة إلى تنمية وعيهم، وخلال زيارتي لأطفال بأحد قرى مركز ديرمواس في المنيا، حكيت لهم قصة بسيطة لطيفة عن الانتماء والوطن من خلال "سنبلة قمح" تفاعل الأطفال معها بشدة وتأثروا بها، وبعد أن كانوا يرددون رغبتهم في السفر خارج مصر قالوا "بلدنا أولى بينا"، لذا أرى أن زرع الوعي والهوية الوطنية لا يختلف بين الأطفال، إنما المختلف هو طريقة التناول وطريقة الخطاب، وأنا رسالتي هي تنمية وعي الأطفال، لذلك لا أتردد في السفر إلى كل محافظات وقرى مصر لأنه دورى، فالكتابة بالنسبة لي هي مدخل للحوار مع الأطفال.
في رأيك.. هل نحتاج إعادة التفكير في المناهج الدراسية للأطفال؟
بكل تأكيد نعم ثم نعم.. ولن أخجل إذا قلت أننى لي قصة تدرس في منهج التربية والتعليم بدولة الإمارات، لم تكتب للمنهج، إنما الدولة هناك تطلع على كل ما ينشر ومتعلق بالأطفال، فقد نشرت قصة مع أحد دور النشر في بيروت باسم "فأر في بيت تامر"، وفوجئت بهم يتواصلون معي لنشر القصة ضمن منهج الصف الأول، لأنهم وجدوا المبادئ التي يريدون غرسها في الأطفال تتوفر في القصة التي نشرتها، ولذلك فإن المناهج تحتاج إلى وسائل جذب للأطفال واستعانة بالقصص الموجودة، أو استكتاب كتاب قصص الأطفال بالمعاني والقيم والمبادئ التي نريد زرعها في النشء، وهنا أوضح أنه لا مانع من الاستعانة بالتربويين في وضع مناهج الأطفال، لكن هناك فرق بين من يكتب بشكل فني جذاب ومن يتناول بطريقة أكاديمية، الاثنين يعطون نفس المعنى، إنما الفرق في طريقة التوصيل.
بوجهة نظرك.. هل القرى الفقيرة تحتاج إلى حاكي القصة أم الكتاب؟
أرى أنه يحتاج إلى الاثنين معا، ونحن في حياة كريمة أدخلنا المكتبات إلى القرى، ومنها واحدة في ملوي بالمنيا، زرتها وكتب قصصا خصيصا لها، لأن البداية في كيفية دفع الطفل إلى حب القراءة من خلال حكي قصة له، ثم سؤاله عن نهايتها، هنا يبدأ إثارة شغف الطفل وحبه في الحدوته، ثم ندفعه إلى قراءة القصة وحكايتها إلى زملائه، فدائما عندما أحكي قصة لأطفال أسألهم ماذا عجبك في القصة؟ وماذا ستكون نهايتها؟.. وكثيرا ما كتبت قصصا غيرت نهايتها، لأن الأطفال اختاروا نهاية لم تخطر على بالي.
ما هي المقترحات التي قدمتيها خلال مشاركتك بلجنة الحوار المجتمعي للنهوض بثقافة الطفل؟
طالبت بعودة البرلمان الصغير، لأنه منبر هام لتعويد الطفل على أن يكون له رأي، ويسمع ويأخذ به في بعض الموضوعات، وأرى أنه إذا أعطينا المساحة للطفل في التعبير عن رأيه بشجاعة وصدق، ثقي بأنه سيكون لدينا طفل متوازن وغير منافق.
ثانيا أطالب بعودة النشاط الصيفي إلى المدارس مرة أخرى، ليكون بديل شرعي للموبايل ووسائل التواصل الاجتماعي، وتأثيراتها السلبية على الأطفال، فلماذا لا ينفذ المشروع حتى في مدرسة واحدة بكل إدارة تعليمية، يتم تخصيصها لأن تكون نادي صيفي للطفل، يذهب للعب والرسم والموسيقى وقراءة الكتب والقصص، ثم عمل مسابقات في كل نشاط على مستوى كل إدارة، وهذا سيعود بمنافع كبيرة على أطفالنا، منها شغل وقت الأطفال، ومنهم من ليس لديه المقدرة للاشتراك في نادي، بشرط ألا يشرف المدرسين على هذه النشاطات، لأنهم منهكين طول العام، إنما شباب متطوعين مثل متطوعي حياة كريمة، وذلك لعدة أسباب، أولا أنهم سنهم قريب من الأطفال، ثانيا هؤلاء الشباب صغير السن لديه "صبر وطولة بال أكتر".
ثالثا، أرى أنه أن الأوان لإنشاء منصة إلكترونية خاصة بالأطفال، عليها ألعاب ومواد فلمية تحكي تاريخنا وحضارتنا بشكل بسيط وجذاب وشيق، وقصص لطيفة، وكذلك تتضمن جزء للدعم النفسي للأطفال، وإعطاء النصيحة لهم، من خلال أطباء نفسيين ومتخصصين، خاصة لهؤلاء الذين يواجهون مشكلات قد لا يستطيعوا الإفصاح عنها للأهل، سواء بسبب الخوف أو لأي أمر أخر، وأيضا جزء من النصة يخصص لإعطاء المشورة للأباء للتعامل مع أولادهم في أي مشكلة بسيطة أو كبيرة، لأن في كثير من الأوقات لا يجد أولياء الأمور الطريقة المناسبة للتعامل مع الأولاد، مما يؤثر عليهم وفي بعض الأحيان يصاب الطفل بالأمراض النفسية والعقد والعنف...إلخ.
ومما لا شك فيه فإنه يجب أن تتشارك وتعاون وزارات الثقافة والتربية والتعليم والاتصالات، والمجلس القومي للأمومة والطفولة، ووسائل الإعلام، لإعادة بناء هوية وثقافة الطفل المصري.