الحوار الوطنى يفتح ملف الأحزاب والقانون 40 لسنة 77
أحزاب وسياسيين يتحدثون لـ «صوت الأمة» عن مطالبهم بقواعد دمج الأحزاب والحوكمة والتمويل (1)
السبت، 27 مايو 2023 06:00 مأمل غريب وسامى سعيد
الدكتور باسل عادل: الدولة لديها إرادة لتحقيق الانفتاح السياسي.. وإنشاء مفوضية لشئون الأحزاب ضرورة
رئيس حزب العدل: نرحب بدمج الأحزاب السياسية خاصة صاحبة الفكر أو الأيدلوجية الواحدة
رئيس حزب المستقلين الجدد: يجب أخذ كل التدابير لزيادة الفاعلية الحزبية لتساهم في التقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي
رئيس حزب العدل: نرحب بدمج الأحزاب السياسية خاصة صاحبة الفكر أو الأيدلوجية الواحدة
رئيس حزب المستقلين الجدد: يجب أخذ كل التدابير لزيادة الفاعلية الحزبية لتساهم في التقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي
كانت الدعوة الصريحة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى الحوار الوطني، مفتاح السر وراء رصد مشكلات الحياة السياسية في مصر، ووضع روشتة علاج لها من جانب السياسين والمتخصصين، بالشكل الشامل الذي يتناسب مع تدشين الجمهورية الجديدة، خاصة بعد انتهاء حرب الدولة ضد الإرهاب التي خاضتها على مدار 8 سنوات، وجنت ثمارها في إرساء قواعد الأمن والأمان، وإعادة بناء مؤسسات الدولة من جديد، والخروج من نفق "شبه الدولة" إلى رحاب الجمهورية الجديدة، والتي تؤمن القيادة السياسية أنها تبنى بتكاتف أبنائها، وتوحيد سواعدهم ووحدة صفهم، على مختلف أيدولوجياتهم وافكارهم السياسية، ماداموا لم تلوث أيديهم بدماء المصريين، الأمر الذي لاقى ترحيبا واسعا، من جميع القوى السياسية التي تهدف إلى المشاركة البناءة فى صنع مستقبل أفضل لمصر، ووضع رؤية وحلول واقعية ومشتركة للتحديات التي تواجه الدولة، والاتفاق على خطوط عريضة فى القضايا المختلفة.
الأحد الماضى، استكمل الحوار الوطنى جلساته، خاصة في محوره السياسى، واختير للجلسات الأربع المخصصة لهذا اليوم، قضيتين، كان لافتاً التوافق التام بينهما، الأول مناقشة قواعد تعزيز ودعم نشاط الأحزاب وإزالة المعوقات أمامها، تشكيل واختصاصات لجنة الأحزاب، والحوكمة المالية والإدارية داخل الأحزاب، فيما تركز القضية الثانية في مناقشة «قانون المجالس الشعبية المحلية»، ضمن موضوعات لجنة المحليات.
فمن خلال الحديث داخل الجلسات الأربع، اتضح ان المحليات هي احد العوامل المهمة لتقوية ودعم الأحزاب، خاصة أن المجالس المحلية تضم في عضويتها قرابة الـ55 الف عضو، وهم بمثابة كوادر جيدة للأحزاب، لذلك نظر البعض للمحليات على أنها رافد مهم من روافد تقوية ودعم الأحزاب في مصر.
وقال المنسق العام للحوار الوطني الدكتور ضياء رشوان إن هناك إجماعا بشأن إجراء انتخابات المجالس المحلية في أسرع وقت وهذا أول ما يجب رفعه للقيادة السياسية، لافتاً إلى أن المناقشات توصلت ايضاً إلى أن هذه المجالس المحلية تحقق غرضين، أولهما أنها مجالس ذات صفة رقابية في الإطار المحلي، وثانيها أنها مجالس تدريبية وإعداد كوادر للقيادة فيما بعد الأمر الذي نفتقده منذ عام 2008، موضحاً أن الأمر الثالث هو أن القوائم المغلقة أو النسبية كلها للجميع وليست للأحزاب فقط وإلا ستكون باطلة وفقا للدستور، لافتا إلى أن النقاش بشأن النظام الانتخابي للمجالس المحلية سيظل قائما، مؤكدا أن دوائر المجالس المحلية لم تسمح بوجود أي نوع من التقيد، موضحاً أن الأمر الرابع هو ضرورة أن يكون هناك تشريع مناسب وملائم للدستور، آملا بأنه يتم أخذ ما يفيد بشأن قانون المجالس المحلية من قبل مجلسي النواب والشيوخ، لافتا إلى أن هناك ضررا كبيرا في تأجيل انتخابات المجالس المحلية، فالانتخابات المحلية باتت ضرورة ملحة.
وفى جلسات "لجنة الأحزاب السياسية" ذهبت المشاركات إلى أهمية تعزيز وتدعيم وتطوير دور الأحزاب، في اقتراح السياسات ومناقشة القرارات وطرح البدائل المختلفة، والتواصل المباشر مع الجمهور، كما ناقش الحضور أهمية تعديل قانون الأحزاب السياسية وإعادة النظر في تشكيل ودور لجنة شئون الأحزاب، لضمان الحياد الكامل، فضلاً عن مناقشة موضوع تمويل الأحزاب، حيث اقترح البعض التوسع في الأنشطة التمويلية ولاستثمارية وتخصيص دعم مالى سنوي في بداية كل سنة مالية لكل حزب معتمد، لضمان استقرار انشطته واستقلاله، وكذلك السماح للأشخاص الاعتبارية بالتمويل على ان تخصم من وعائها الضريبى، مع السماح بالتبرعات.
ولإن موضوع الأحزاب، ومطالب الكثير من الحضور بتعديل "قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 77" كان الحديث الغالب في المحور السياسى للحوار الوطنى، فقد استطلعت "صوت الأمة" أراء الكثير من السياسيين والحزبيين عن المطلوب تعديله في القانون، ومقترحات كل منهم.
في البداية أكد الدكتور علي الدين هلال، المقرر العام للمحور السياسي بالحوار الوطني أن الباب مفتوح على مصراعيه لمناقشة الموضوعات والمقترحات الخاصة بتنمية الحياة الحزبية والسياسية في مصر، موضحا أن الدستور المصري يؤكد على التعددية الحزبية ونستهدف تعزير دور جميع الأحزاب، لافتاً إلى أن دور الأحزاب على مر التاريخ السياسي المصري لم يكن كبيرا أو مؤثرا بما يكفي، وأن الصفة الرئيسية للحزب والتي تميزه عن بقية المنظمات المدنية هي سعيه للوصول إلى السلطة، وأكد أن الديمقراطية تقوم على الأحزاب السياسية، وفقا للمصطلح الأكاديمي والدستور المصري الذي ينص على أن "نظام حكم يقوم على تعدد الأحزاب"، مشيرا إلى أن وجود أحزاب لها آراء مختلفة هو جزء من نظام الحكم وتفعيل الديمقراطية وهو ما يصب في صالح البلاد.
من جهته قال أحمد الشرقاوي، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، أنه لا يوجد خطوط حمراء في الحوار الوطني، والخط الأحمر الوحيد هو مخالفة الدستور فقط، وشدد على أنه لا يوجد حياة سياسية بدون أحزاب ولا أحزاب دون حياة سياسية، مشدداً على أن الحوار الوطني سيحدث تغيير، لكن نحاول ترتيب حجم هذا التغيير، كما سيحقق نقلة حقيقية تجعل مصر من الديمقراطيات الناشئة.
باسل عادل: القانون 40 لسنة 77 لا يؤسس تعددية حزبية نشطة
في البداية يقول الدكتور باسل عادل عضو مجلس النواب الأسبق، إن "هناك حكمة تقول حيثما توجد الإرادة توجد الوسيلة"، موضحا أنه بدون إرادة سياسية من النظام لن تتحقق أي آمال في التقدم السياسي، وبالنظر إلى الحوار الوطني الدائر الأن، والذى بدأ بدعوة رئاسية، فيمكننا القول أن هناك "إرادة ووسيلة لتحقيق الانفتاح السياسي".
ولفت عادل إلى وجود عدة ملاحظات على قانون الأحزاب السياسية، رقم 40 لسنة 77، فالقانون لا يؤسس حياة أو تعددية حزبية نشطة وسليمة، لعدة أسباب، أهمها أن المادة الأولى منه تتحدث عن حق المصريين في تكوين الأحزاب بلا أي كفالة قانونية لفترة (التأسيس)، فرحلة تكوين الحزب وجمع توكيلاته القانونية، ليس لها أي غطاء في القانون يضفي عليها الشرعية، لذلك فإن المقترح تعديل هذا المادة ليكون لوكيل المؤسسين تقديم إخطار كتابي إلى لجنة شئون الأحزاب بشروعه في تأسيس الحزب، وجمع توكيلات التأسيس من المؤسسين، وتلزم مكاتب التوثيق بقبول التوثيق بصحة توقيع طالب التأسيس، على أن يلتزم وكيل المؤسسين بتقديم توكيلات التأسيس في مدة غايتها سنة من إخطار اللجنة بالتأسيس، وإلا يعتبر الإخطار فقد صلاحيته، ولا يتاح لوكيل المؤسسين تقديم إخطار جديد إلا في مدة غايتها ثلاث سنوات من الإخطار الأول.
وأشار عادل إلى أن المادة الثالثة من القانون تبدأ بكلمه "تسهم" الأحزاب السياسية في التقدم السياسي، لافتاً إلى أن الكلمة هنا لا تتناسب ودور الأحزاب في المواد ٥، و١٤٦ من الدستور، وغيرهم من المواد التي تنص على أهمية التعددية الحزبية في الدستور، ويجب أن تستبدل كلمه "تسهم"، بـ "تقوم وتمكن" الأحزاب السياسية من دورها في التقدم السياسي.
وتناول أيضاً النائب السابق باسل عادل رؤيته للمادة الخامسة من قانون الأحزاب، التي تتناول قواعد النظام الداخلي للأحزاب (سياسي وتنظيمي ومالي وإداري)، وقال عادل إنها لابد وأن تنص على مواعيد إجرائية لموافاة اللجنة بكل الانتخابات الداخلية وإجرائها في مواعيدها، وقواعد التعيين والفصل ومتابعه الالتزام بالنظام الداخلي للأحزاب (للائحة الداخلية)، حتي لا يستبد رؤساء الأحزاب أو قادتها بالأعضاء، وتخضع العلاقة الداخلية الحزبية وأيضا المالية للمراجعة الدورية المنصوص عليها تفصيلا، بالإضافة إلى أن المادة السابعة تنص على أن تقديم الإخطار بتأسيس حزب جديد يقدم كتابة إلى لجنة شئون الأحزاب، مصحوبا بتوقيع خمسة الاف من أعضاءه، لافتاً إلى أن الملاحظة الأولى مرتبطة بآلية الحساب الاكتوارى المعتمدة لتحديد الخمسة الاف عضو، بالإضافة إلى ملاحظة إن هذه المادة لم تشرع قيام الأحزاب بالإخطار، فضلا عن أنها لم تؤسس أي شرعية قانونية لفترة جمع توكيلات التأسيس، كذلك لم تلزم الشهر العقاري بالتصديق على توكيلات التأسيس، وهنا من الممكن توقيف وكيل المؤسسين والشارع في تأسيس الحزب، بتهمة تأسيس جماعة خارج إطار القانون!"
وأوضح باسل عادل أن المادة 8 التي تنص على تشكيل لجنة شئون الأحزاب من مستشارين محترمين، لابد وأن تنص على إضافة مقابل لنفس عددهم من الشخصيات العامة المشهود لهم بالنزاهة، حتى لا تكون لجنة حكومية، وتكون لجنة تمثل "الدولة والمواطنين"، كما لا يجب أن يقتصر دورها فقط على قبول أو رفض تأسيس الأحزاب، بل يجب أن ترتقي إلى "مفوضية شئون الأحزاب"، ويكون لها إسهاماتها في تعزيز ودعم الحياة السياسية والتعددية الحزبية.
كما تحدث النائب الأسبق عن العديد من المواد التي برأيه في حاجة إلى تعديل، خاصة المادة 11 التي تتحدث عن موارد الحزب المالية.
عبد المنعم امام: بحاجة إلى تعديل تشريعي حتى نصل إلى مرحلة دمج الأحزاب
وشهدت الجلسات الحديث عن إمكانية دمج الأحزاب، وهو ما أيده النائب عبد المنعم إمام، رئيس حزب العدل، الرأي المنادي بدمج الأحزاب السياسية خاصة صاحبة الفكر أو الأيدلوجية الواحدة، مشيرا إلى أن هذا يستلزم عدة خطوات، وقال: "لا أعارض فكرة الدمج بين الأحزاب، وهذا أمر طبيعي، إنما يجب أن يحدث بناء على قناعة الأحزاب بعضها ببعض، لكن هناك عائق قانوني يقف أمام الدمج، فللأسف لا يوجد نص في القانون يلزم الأحزاب أثناء إصدار لوائحها بتقنين عملية الدمج، وبالتالي فكل تجارب الدمج التي حدثت، وأهمها حزب الجبهة الديموقراطية والمصريين الأحرار، وكذلك التجربة التي تم بناء عليها إنشاء حزب المؤتمر، فشلت على المستوى القانوني، لذلك نحن بحاجة إلى تعديل تشريعي حتى نصل إلى مرحلة دمج الأحزاب".
وتابع: "أرى من وجهة نظري أن هناك ضرورة إلى دعم الأحزاب، وهناك طريقتان متبعتان في العالم، الأولى من خلال أصوات الناخبين، بمعنى بمقدار عدد الأصوات التي حصلت عليها في أي عملية انتخابية، ستحصل على مقابل مادي، أو بالطريقة الثانية التي نطرحها وهي بالتمثيل النيابي أو الشعبي، بمعنى إذا استطاع الحزب الحصول على مقاعد في المحليات أو البرلمان أو الشورى، تدعمه الدولة بقدر عدد تمثيله أو مقاعده وبحق أقصى للتمويل، حتى لا تحصل الأحزاب الكبيرة على تمويل أكبر، كذلك يمكن للدولة دعم الأحزاب من خلال دفع إيجار وتكلفة مقرين، خطوة أولى لدعم الحياة الحزبية، وذلك لمدة دورتين انتخابيتان، يتم دعم كل الأحزاب رقم ثابت 100 آلف جنيه سنويا على سبيل المثال، ثم يقف هذا الدعم إذا لم يحقق الحزب أي تقدم أو تمثيل نيابي في أي من الانتخابات، وهذا مشروع قانون مقدم للبرلمان".