انطلقت أمس أولى الجلسات النقاشية للحوار الوطني، المنعقدة بمركز القاهرة للمؤتمرات بمدينة نصر، بالمحور السياسي، والتي شهدت مناقشة لجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابي قضية «النظام الانتخابي في ظل الضوابط الدستورية وقانون مجلس النواب».
ورصدد عدد من السياسيين نقاط القوة للنظم الانتخابية في تطبيق نظام "القائمة المُطلقة"نظام "القائمة النسبية"، حيث أكد الدكتور صلاح فوزي، الفقيه الدستوري، أن تطبيق نظام القائمة المغلقة المطلقة بالانتخابات، يجنب الكثير من المشاكل ويسهل من عملية إجرائها، مشيرا إلى أنها تمثل أفضل سبيل قانوني لضمان تمثيل الفئات التي نص عليها الدستور من عمال وفلاحين وأقباط وشباب وذو إعاقة والمصريين بالخارج، والذين لا يضمنون فرص فوزهم حال خوض الانتخابات منفردين، منوها أن هناك صعوبة في تطبيق النظام النسبي بالقوائم الانتخابية، نظرا لأن توزيع المقاعد يحتاج ويتطلب عمليات حسابية معقدة، كما أنه يؤدي إلى كثرة الأحزاب وتعددها داخل البرلمان، بما يؤدي لصعوبة إيجاد أغلبية برلمانية مما يقود لإعاقة العمل التشريعي، كما أنه يفتح باب الطعون على مستوى الانتخابات البرلمانية.
وأوضح الفقيه الدستورى، أن الانتخابات وإعلان النتائج الحالية جاءت بتطبيق نظام القائمة المغلقة مع الفردي، موضحا أن لكل من الأنظمة مزايا وعيوب ولكن التمثيل النسبي يؤدي إلى خلق مشاكل ومزيد من القضايا ويمكن أن ترتب عليه تعطيل العمل التشريعي، خاصة وأن المقعد لابد أن يحدد بعدد معين من الأصوات، يسمى "خارج القسمة الانتخابي"، ووجود الأصوات الضائعة، مشيرا إلى أن نظام القائمة المطلقة لا يتضمن أي شبهة تحمل تعرض مع أي نص دستوري، موضحا أن القائمة المغلقة تعني نجاح القائمة بأكملها بالأغلبية المطلقة، مؤكدا أن هذا النظام ملائم لما نص عليه دستور 2014 والتعديلات التى جرت عليه في 2019، من حتمية استمرار تخصيص مقاعد للفئات المهمشة، واصفا إياها بالسبيل الآمن دستوريا الذي يبعد شبح عدم الدستورية عن قبة البرلمان، ويضمن لنا الوفاء بهذه النسب المقررة دستوريا لصالح المرأة والشباب وذوى الإعاقة والأقباط والمصريين بالخارج، فالقائمة المغلقة يعلن عن نجاحها بحصولها على الأغلبية المطلقة، وتبعدنا تماما عن إشكالية مخالفة الدستور حال أفرزت القائمة النسبية مجلس نيابي لا تتحقق فيه هذه النسب.
ويشير الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية، إلى أن تطبيق القائمة المغلقة المطلقة بالنظام الانتخابي هي الأفضل للدولة المصرية طبقا للظروف الحالية والدستورية، باعتبارها تساهم في تعزيز الحياة النيابية واستقرارها، خاصة وأن القائمة النسبية ستهدد بالطعن في عدم مشروعية النظام الانتخابي، موضحا أن القائمة المغلقة المطلقة تحقق أكبر تمثيل للشرائح، ويضمن الاستيفاء بالنسب المقرة بالدستور للفئات المستثناة، موضحا أنها تحقق تمثيل للشباب والمرأة والمصريين بالخارج وذوي الإعاقة، وغيرها من غير القادرين على المنافسة في خوض الانتخابات بمفردهم وهو ما يحقق التوازن في البرلمان، مشيرا إلى أن النظام النسبي قد يؤدي لخلل في تمثيل بعض الفئات ويقلل فرص تواجدهم، كما أنه يؤدي إلى تفتيت الأصوات ويخدم رؤوس القوائم فقط للشخصيات المتواجدة في مقدمتها، واصفا القائمة النسبية بتشابهها مع النظام الفردي.
فيما أكد اللواء محمد صلاح أبوهميلة، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهورى، أنه لا يوجد فى العالم كله نظام انتخابى مثالى، فكل نظام له إيجابيات وسلبيات، موضحا أن الثقافة السياسية للمواطن، والحالة الاقتصادية للمواطن والجانب الاقتصادى للدولة، الاستقرار السياسى الموجود، المشاكل المحيطة بك دوليا، الأحزاب وتعددها، فأى نظام انتخابى هدفه تقوية هذه الأحزاب، لكن هل من الممكن تكوين إئتلافات لدعم الأحزاب الناشئة؟ فالأحزاب التى تحظى بدعم شعبى كبير لا بد وأن تساعد الأحزاب الصغيرة فى إحداث زخم سياسى بالدولة، وإلا سنكتفى بعدد قليل من الأحزاب وتمثيلها بالبرلمان، لذا فإن من يضع قرارا للنظام الانتخابى لا بد أن يضع فى الاعتبار تقوية الأحزاب الناشئة بعدد مأمول فيه، حتى الوصول لنظام انتخابى يتناسب مع الحالة الانتخابية.
وشدد أبو هميلة، أن هناك الكثير من العوامل التى تفرض نظاما انتخابيا معينا، وهذه الأنظمة ليس من الضرورى استمرارها، فمن الممكن تغييرها فى الدورة المقبلة، ولابد من مراعاة وجود الأمية السياسية التى تتفشى فى المجتمع، مؤكدا أن حزب الشعب الجمهورى يرى أن النظام الانتخابى الأنسب فى ظل وجود نسبة للمرأة %25، وتمثيل مناسب لـ5 فئات أخرى، «الشباب وذوى الاحتياجات الخاصة، العمال والفلاحين، والأقباط»، فإن القائمة المطلقة المغلقة هى الأنسب وأى قائمة أخرى بها صعوبة كبيرة لتنفيذ هذه الشروط الدستورية سواء على مستوى الفردى والقائمة النسبية، مشيرا أن كثيرا من الدول التى يتشابه حالها مع وضعنا، اختارت فى البدايات ذلك النظام لضمان تمثيل تلك الفئات المستثناة، كما أن القوائم المطلقة تسهم فى خلق شخصيات عامة، وقامات فنية وتخصصية وكوادر لديها خبرات تفيد الدولة والبرلمان رقابيا وتشريعيا، خاصة أنها قد لا تملك شعبية كبيرة بدوائرها تمكنها من خوض الانتخابات بالنظام الفردى والحقيقة أن القوائم النسبية والفردية لا تفرز عناصر جيدة فى كل الأحوال يمكن الاستفادة منها.
وتابع: هذا النظام منع وساهم فى تحجيم استخدام المال السياسى خاصة مع اتساعها وتزايد عدد الشخصيات بها، ويسمح بتمثيل الأحزاب التى ليست لها قاعدة شعبية كبيرة تمكنها من المنافسة من خلال قوائم نسبية أو «فردى»، فنحن لدينا أكثر من 100 حزب ليس معروف منها سوى عدد قليل لا يتعدى الـ10 أحزاب، حيث سمحت القائمة الحالية بتمثيل 13 حزبا بمجلس النواب، و15 بمجلس الشيوخ، كما أن نجاح الائتلاف ساهم فى دخول هذه الأحزاب التى تواجه صعوبة فى وصولها للبرلمان حال خوضها الانتخابات بنظام آخر، قائلا: "إنه فى حال تطبيق القائمة النسبية فالأحزاب الكبيرة هى من ستسيطر على معظم المقاعد، لأنها موجودة بالشارع وذلك هو المعيار الرئيسى، مشددا على أن الأحزاب التى تنادى بالقائمة النسبية ليست لها قواعد شعبية، قائلا: «هناك حرص على أن يكون هناك تمثيل لتلك الأحزاب الصغيرة، فوجودها فى المجلس المقبل سيجعل الشارع يعرفها".
وأضاف رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهورى، أنه بالنسبة للنظام الانتخابى، فإن حزب الشعب الجمهورى مع اختيار الأحزاب فى النظام الانتخابى، ولكن الحزب يؤيد - فى ظل الظروف السياسية والاقتصادية الحالية - تطبيق نظام القوائم المغلقة فى انتخابات النواب والشيوخ، لأنه النظام الأفضل، خاصة فى الدول التى يأتى المجلسان بها بعد ثورات، فضلا عن أن نظام القوائم المغلقة يؤدى إلى تقوية الأحزاب، واختيار أفضل عناصرها لإثراء العمل البرلمانى إلى جانب تضمن منظومة عمل حزبى مرتب، خاصة بعدما عانينا من المستقلين الذين لا يملكون برنامجا حزبيا، لافتا إلى أنه من الممكن معالجة أى سلبيات فى القوائم المطلقة، مضيفا أن القوائم المغلقة أو المطلقة ستقضى على ظاهرة المال السياسى.
بينما قال الدكتور عمرو سليمان، المتحدث الرسمي باسم حزب «حماة الوطن»، إن الدعوة التي أطلقها للحوار الوطني كان بمثابة إحياء الحياة السياسية في مصر، لافتا أن دعوة الرئيس للحوار صائبة وفي توقيت هام، وخاصة أن الوضع الإقليمي يحتاج إلى تماسك وعمل من أجل المصلحة العليا للوطن، لافتا إلى أن مصر بها من الزخم السياسي والحياة السياسية التي تخطو نحو جمهوريتها الجديدة هو أمر حقيقي وواقعي ونصبو إليه رغم كم التحديات التي تواجهنا محليا وإقليمي، مشددا أن حزب حماة الوطن يرى أن النظام الحالي هو نظام استقرار للدولة فالدول تبنى بالتجارب والخبرات المتراكمة، لذا فإن القائمة المغلقة المطلقة بها تمثيل لمختلف الشرائح وتضمن تواجد الأحزاب الصغيرة، مشيرا إلى أن الحوار الوطنى تم تفعيله لتبادل الخبرات، وحتى لا نكون فى جزر منعزلة، بينما اليوم نحن على طاولة واحدة من أجل مصر، وتبادل الرؤى، والكلمة الأخيرة للرئيس، الذى يؤكد دوما أن «الاختلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية».