مدارس التمريض المتخصصة

الأحد، 14 مايو 2023 05:46 م
مدارس التمريض المتخصصة
شيرين سيف الدين

 
من المؤكد أن الهدف الأساسي من التعليم هو رفع شأن الأوطان، فكلما زادت نسبة المتعلمين زاد تقدم الوطن، لكن الأهم هو أن يكون تعليما حقيقيا كي يساهم بشكل فعال في الارتقاء بالإنسان وببلده، ومن الضروري أن يكون هناك تركيزاً كبيراً في اختيار وتحديد المواد التي يدرسها الطلاب بحسب احتياجات كل دولة، كي يصبح المتخرج إضافة لوطنه لا عالة عليها، وأيضا كي تساعده دراسته في إيجاد فرصة عمل مناسبة.
 
وفي ظل الزيادة السكانية الرهيبة وزيادة أعداد من هم في سن التعليم تحديدا في مصر، فمن الضروري الاستفادة من تلك الطاقة البشرية وتوجيهها نحو ما يفيدها ويفيد المجتمع، لذا فمن الضروري أيضا أن تبدأ الحكومة المصرية في التوجه لزيادة المدارس الثانوية المتخصصة في المجالات التي لدينا عجز في العاملين في قطاعاتها  واحتياجنا لهم.
 
وعلى سبيل المثال مدارس التمريض، فقد كنت أشاهد منذ أيام برنامجا تليفزيونيا يتحدث عن وجود عجز في عناصر التمريض في المستشفيات الخاصة والحكومية المصرية وأيضا على مستوى العالم، وتذكرت حينها  طالبة أعرفها جيدا كانت تحاول منذ فترة أن تلتحق بمدرسة ثانوية متخصصة في التمريض فلم تجد سوى مدرسة خاصة واحدة على مستوى القاهرة، ولا تقبل إلا أعدادا محدودة من الطلبة، فقررت أن تكمل دراستها في ثانوية تجارية على أن تواصل السعي لتحقيق حلمها في الدراسة بأحد معاهد التمريض العليا مستقبلا، وبعد انتهاءها من المرحلة الثانوية بدأت رحلة التقديم في المعاهد العليا للتمريض إلا أنها لم تُقبل في أي من المعاهد الحكومية، فاضطرت رغم ضيق حال والديها إلى الالتحاق بمعهد خاص، كما بدأت الانضمام لدورات تعليم اللغة الانجليزية لمعرفتها بأهمية اللغة في سوق العمل، وهو ما يكلفها مصاريف دراسية ليست بالقليلة.
 
ومن هنا بدأ يراودني سؤال واستفسار حول إمكانية الاستفادة من تجربتها وجهودها الذاتية في تطوير نفسها وتحقيق حلمها، وتعميم الفكرة على مستوى أكبر وبجهود وخطوات حكومية بالتعاون بين وزارات الصحة والتعليم والتعليم العالي والمؤسسات والمعاهد الثقافية المهتمة بتعليم اللغة الانجليزية والكيانات الطبية الموجودة على أرض مصر.
 
إن الحاجة لممرضين وممرضات كبيرة جدا على مستوى العالم أجمع، لذا أتصور أن الاهتمام بزيادة أعداد خريجي معاهد التمريض المتميزين وذوي الكفاءة، أصبح أمرا مُلِحاً ومواكباً لاحتياجات المرحلة الحالية ومتطلبات سوق العمل ويجب أن يوضع على رأس أولويات تطوير التعليم.
 
واسمحوا لي أن أقترح على السادة المسؤولين فكرة التوسع في إنشاء مدارس ثانوية متخصصة في مجال التمريض تركز على تدريس العلوم الطبية ومواد الأحياء والكيمياء وكل ما يمت لمهنة التمريض بصلة مع التركيز على تدريس اللغة الإنجليزية، وإضافة مواد خاصة بالأخلاق والسلوك مع إتاحة فرص التدريب العملي للطلاب، وأيضا الاستعانة بالخبرات الأجنبية في هذا المجال، وأن يصبح لخريجي تلك المدارس الأولوية فيما بعد في الالتحاق بالمعاهد العليا للتمريض وذلك لتشجيع الطلاب على اختيار هذا المجال الدراسي، إن تنفيذ الفكرة سيجعل مصر دولة متميزة ومنافسة في هذا القطاع الحيوي، ما يجعل لديها أعدادا كافية من الخريجين الحاصلين على مستوى عالي من التعليم المتخصص يسد العجز الحالي داخليا، وخارجيا أيضا إذ يساهم التميز دائما في فتح أبواب العمل في دول العالم المختلفة، وبالتالي ستعم الفائدة على الدولة والمجتمع ككل.
 
أتمنى - وكلي ثقة أن هناك من يهتم في هذه المرحلة بالاستماع للمقترحات التي تصب في خدمة الوطن ويسعى لتنفيذ المناسب منها - أن يلقى المقترح قبولا وأن نبدأ في تعميمه في المحافظات كافة، على غرار المدارس الصناعية المتطورة التي تم إنشاءها مؤخرا بالتعاون مع كيانات اقتصادية كبيرة.
 
حقيقة لا أعلم إن كانت هناك إمكانية لاستبدال عدد من المدارس التجارية التي تُخرِج أعدادا كبيرة من الطلاب تفوق الحاجة إلى تخصصهم فيصبح مصيرهم إما البطالة والجلوس على المقاهي أو القبول بمهن لا تمت لتخصصهم بصلة، بمدارس للتمريض إن كانت ميزانية الدولة لا تسمح بإنشاء مدارس جديدة، وذلك تماشيا مع احتياجات سوق العمل، حيث إن المستجدات تفرض علينا إعادة النظر في الأولويات واتخاذ خطوات جديدة تتناسب مع  كل مرحلة وعصر.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق